أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمزة رستناوي - مجتمعات بني إسرائيل















المزيد.....

مجتمعات بني إسرائيل


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 10:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنظر مجتمعات الكتاب المقدس في الديانات التاريخية الثلاث "اليهودية – المسيحية – الإسلام " إلى تاريخ الإنسان على هذه الأرض إلى أنه تاريخ كفر و هداية, تاريخ أقوام كفرت بنعم الله و أشركت و فسقت فأذاقهم الله سوء العذاب , أي أن تاريخ الإنسان على هذه البسيطة هو تاريخ الأنبياء *
و تلك نظرية نجدها واضحة في أسفار العهد القديم و مستعادة في المدَّونة الرسمية المغلقة للقرآن الكريم ,مع احتكار بني إسرائيل لما يزيد عن ربع مساحة هذه المدَّونة, و لكن السؤال
لماذا بني إسرائيل دون غيرهم من قبائل و شعوب الأرض؟!
ولماذا أنبياء بني إسرائيل دون سواهم من أنبياء الشرق القديم ؟!
سأحاول تبني بضع إجابات على هذا السؤال المحوري
1- إن ذكر بني إسرائيل و تخصيص أنبيائهم هو للعبرة فقط كي تتعظ قريش والقبائل العربية بتجارب الأمم السابقة و تتجنب نفس المصير.
صحيح أن المدونة الرسمية المغلقة للقرآن الكريم و مجموعة مدونات الحديث ذكرت أقواما آخرين كقوم نوح و عاد و ثمود و أصحاب الأيكة الخ...و لكن اللافت و المهيمن هو حضور بني إسرائيل و أنبيائهم , و العبرة تكون أكثر فائدة عندما نخصص الجماعة المخاطبة و تاريخها السُّلالي"عرب الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي و تاريخهم"؟!
فالخطاب النبوي المكي و المدني "القرآن" يستخدم صيغة المخاطب "يا أيها الناس كثيرا" و بني إسرائيل ليسوا إلا جزءاً صغيراً من الناس , حيث تكررت صيغة "بني إسرائيل" أربعين مرة مقابل سبع مرات فقط ل"بني آدم "مثلا رغم شمولية الأخيرة؟!
2- ربما معاصرة و مجاورة يهود المدينة لدعوة النبي محمد, و احتكاكه اليومي بهم ,و محاوراته لهم ,و محاججتهم له, قد ترك أثراه في الخطاب النبوي المدني بشكل خاص, و اللافت للانتباه أن عددا قليلا جداً من يهود المدينة آمن بالدعوة المحمدية ,بالمقارنة مع الأعداد الهائلة من القبائل العربية في مكة و يثرب و البادية التي دخلت في الدين الجديد.
فالمساحات المتزايدة من الخطاب النبوي في طوره المدني المعنية ببني إسرائيل أثرت بشكل عكسي في يهود المدينة ,فانكفأوا عن الدين الجديد و ناصبوه العداء ,بل فشلت كل المحاولات التي بذلها النبي محمد في تحيدهم في صراعه مع قريش




3- إن أهل الكتاب عامة, وخاصة يهود المدينة ,كانوا يمثلون الطبقة المثقفة في الجزيرة العربية ,و بالتالي فإن الاستطراد في ذكر أخبار بني إسرائيل سوف يعطي مشروعية على الخطاب النبوي, و يجعل الدين الجديد يبدوا نداً حقيقيا لدين بني إسرائيل ,مما يرفع أسهمه و يزيد رأس ماله الرمزي في نفوس عرب الجزيرة المتأخرين حضارياً
4- هناك إجابة مفادها أن الله أصطفى بني إسرائيل لنفسه و فضلهم على البشر من دون سبب ,فمحبة الله و أفعاله لا تحتاج إلى علة "لا يسأل عما يفعل و هم يسألون" , فالله أحبهم و فضلهم رغم فسقهم و فجورهم و إعراضهم عنه , فهم أبناء الله ,و هم شعبه المختار, ألم يخاطب زعيمهم موسى" و اصطنعتك لنفسي"
ثم إذا كانت أحكام الله و أعماله في خلقه لا تحتاج إلى تعليل ,ألا يعني أنها لا ترقى إلى أي هدف, و لا تصدر عن أي حكمة, ألا يدخل هذا في باب الفوضى و العبث و يضرب عرض الحائط بنظرية العدل الإلهي.**
إن وجود عبارات المحبة و التفضيل في أسفار العهد القديم مبرر تماماً, حيث أن العهد القديم كتاب يخص بني إسرائيل و يهتم بشأنهم
فالرب هو اللذي " لصق بكم و اختاركم " سفر التثنية 7:7
" و لكن..الرب أحبكم" سفر التثنية 7:8
هذا عدا الوعود المجانية لهم و لنسلهم بفلسطين و سوريا الطبيعية,لنقرأ على لسان إبراهيم "إن الإله الذي أخذني من أرض ميلادي,هو الذي كلمني و أقسم لي قائلا : لنسلك أعطي هذه الأرض" تكوين 7:24
فمن المعروف في تاريخ الأديان أن يختار شعب من الشعوب إلها له, و لكن لم يحدث قط ,إلا مع بني إسرائيل أن اختار إله من الآلهة شعباً خاصاً به , فالرب هو الذي لصق بهم و اختارهم ***
و يبدو ذلك منسجماً من وجهة نظر يهودية , فهذه المحبة و هذا الاختيار العنصري يدعم مصالحهم و يحافظ على تماسك مجتمعهم, و ليس الأمر كذلك من وجهة نظر إنسانية و أخلاقية .
ولكن السؤال المحوري
لماذا يفضل الله " رب محمد و المسلمين و البشرية " بني إسرائيل, و هم لا يستحقون أي تفضيل وفق ميزان العقل و العدل الإلهي
" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم و أوفوا بعهدي أوف بعهدكم و إياي فارهبون " البقرة40
"يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم و إني فضلتكم على العالمين" البقرة47 مكررة في السورة نفسها آية122

و نأتي إلى سؤال آخر هو, بما ذا أنعم الله على بني إسرائيل
"و إذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سؤ العذاب يذبحون أبنائكم و يستحيون نسائكم و في ذلكم بلاء من ربك عظيم" البقرة49
" و إذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم و أغرقنا آل فرعون و أنتم تنظرون" البقرة50
"و إذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده و أنتم ظالمون ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون" البقرة52-51
" و ظللنا عليكم الغمام و أنزلنا المن و السلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفسهم يظلمون" البقرة57

لماذا يفضلهم الله و هم من قتل الأنبياء و عصا أوامر الله و عبد العجل من دون الله و أفسدوا في الأرض؟!
و إذا كان تاريخ البشرية في مجتمعات الكتاب المقدس, هو تاريخ إبادة و عقاب جماعي مقدَّر عليها , فالمتدينين المسلمين لن يترددوا في القول أن يهود الآن قد جمعهم الله في فلسطين كعقاب إلهي للعرب و الفلسطينيين الضالين, و هؤلاء ما عليهم سوى الصلاة و الزكاة و الصيام و قيام ليلة القدر و الدعاء ليستحقوا معونة الله و مؤازرته بعد أن تخلى الله عنهم و اصطفى بني إسرائيل؟!
دعونا نناقش قضية بني إسرائيل خارج إطار مجتمعات الكتاب المقدس , و ننظر إلى الأمر من وجهة نظر تاريخية علمية موضوعية قائمة على الأدلة و علم التاريخ
سيفاجئنا علم التاريخ " وليس التأريخ" بأن بني إسرائيل ليس لهم أي وجود مادي سواء في فلسطين أو خارج فلسطين , حيث لم يرد ذكرهم في أي وثيقة أو رسالة أو رقم أو هيكل أو معبد سوري أو مصري أو رافدي
و يبدو أنهم موجودون فقط داخل جماجمنا
وإذا كان القرآن كتاب الله المغلق – حسب المتصوفة – و الكون كتاب الله المفتوح, فبما ذا نفسر غياب بني إسرائيل عن كتاب الله المفتوح؟!
"يبقى هناك احتمال لوجودهم كظاهرة هامشية في التاريخ , كقبيلة بدوية مهاجرة في سوريا الطبيعية و مصر,و لكن دهائهم و سلبية الآخرين من مسلمين و مسيحين مكنهم من التغلغل إلى وعي و وجدان و تراث ما يزيد عن نصف سكان المعمورة!!
هذه مجتمعات بني إسرائيل
مجتمعات تحول فيها الإنسان إلى وعاء فارغ يُلقي فيه الوعاظ و المتبجحون و الجُّهال كل ما في جعبتهم من خرافات و مسلمات وأقاصيص
مجتمعات تنكر الله في القلب و العقل و تعبد الصحائف و الأموات
مجتمعات تسجن الله في دور العبادة و شهر رمضان و مكة , كما سجن يعقوب المُكنى بإسرائيل ربه " يهوه" في قفص
____________________________________________________________________-
*قد ينظر آخرون إلى تاريخ الإنسان من وجهة نظر حضارية" اكتشاف الأبجدية, تشريع حمو رابي,النظم الديمقراطية و شرعة حقوق الإنسان..."
و قد ينظر آخرون إلى أنه تاريخ السيطرة أو التعايش مع الطبيعة لخ...
أو تاريخ الصراع بين بني البشر
** للمزيد راجع القياس البياني و إشكالية التعليل-بنية العقل العربي لمحمد عابد الجابري
***للمزيد راجع كتاب الأدمغة الفارغة لجورجي كنعان



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تابوت لماري
- الحيوية الإسلامية و البحث عن إمام
- لماذا أنا مواطن على مذهب السلوكيين
- المستوطنون
- نحو لاهوت اسلامي جديد-الخروج من القوقعه-
- .سوريا:بين الديمقراطية و نظرية الفصوص
- بين ثقافة الوعظ و صدمة الواقع
- نظرية الحب والإتحاد في التصوف الاسلامي
- جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف
- غرباء في عقر دارنا
- لماذا أحتفل؟!
- أحاديث الرفاق
- أولاد الحداثة الجديدة في مضارب بني غبار
- أرغون و القراءة التاريخية للنص القرآني
- من سلطة العشيرة الى عشيرة السلطة
- الشيطان وطلب اللجوء السياسي
- تخلف دوت كوم
- الرجل القائد للجماعة و صلاة الجمعة
- خدمة بلا علم
- التيار الفلسفي في وحدة الوجود


المزيد.....




- الشعب الايراني ينتظر لقاء قائد الثورة الاسلامية
- استرجع ذكريات الطفولة مع تردد قناة طيور الجنة من هنا مع طريق ...
- بينها منشآت نووية ونفطية ومكتب المرشد الأعلى.. خريطة تظهر أه ...
- قائد الثورة الاسلامية: الشهداء أحياء وذكراهم باعثة على الحرك ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان: المقاومة ستظل حاضرة وجاهزة للدف ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان: مجاهدونا قصفوا منطقة الثغرة وخل ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان: إستهدفنا موقع -البغدادي- للإحتل ...
- مصادر إعلامية: المقاومة الإسلامية في لبنان نفذت اليوم 33 عمل ...
- قائد الثورة الاسلامية يؤم غدا صلاة الجمعة بطهران +فيديو
- ضابط ميداني بغرفة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان: العبوا ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمزة رستناوي - مجتمعات بني إسرائيل