|
شعوب خام وشعوب ناضجة
داليا عبد الحميد أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 5775 - 2018 / 2 / 2 - 14:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الرابط بين الشعوب هو الإنسان سواء كان حاكم أو مواطن حيث نري الفارق في المكان الذي ولد فيه محرك له أكثر من جيناته الوراثية فالمكتسب من الواقع والظروف يشكل قدراته بعد أن صهرها وأخذها في مسار ما .. كيف ذلك ؟ الفرق الجوهري بين الإنسان المتحضر والمتخلف هو المكتسبات من البيت والشارع والتعليم والإعلام والعمل والسوق ونوعية طموح كل إنسان محدد بمدي نضجه أو أن ما يحركه نحو الأفكار والأشخاص والأشياء فقط غرائزه من التغذية والتماثل والتملك
النضج للشعوب خبرات متراكمة نتاج إختبار حر فيه الإختيار من متنوع نابض ومبني علي الثقافة المعرفية أي يسبقه التعلم من مصدر لا مشوه ولا وهمي ولا جامد اما إذا كانت الثقافة العامة تربي للإنغلاق والغرور الفج وتصر علي خلو وحذر الواقع من المعلمين والأساتذة أصحاب التجارب الناجحة و عقلهم الشجاع الذي يبسط للأقل منه ولا يمل ولا يمنع ولا يحتكر المعرفة ولا يحتقر الأقل فهذا الواقع يؤسس للتقزيم والتشوه وتدمير أي مجال للنضج
إذا كان الواقع متعمد فيه منع المعرفة المتجددة ورافض للتنوع ولا ينتصر للأفضل فالإختيار والفوز مجرد متاهة دائرة مفرغة إستفتاء مباراة لتصل لحرب تزييف للوعي تقزيم للعقل وليس إنتخاب وتنافس يوصل للنضج وتمدد العقل وثراء الوعي والإستفادة من كل تجربة
خطوات النضج العام للشعوب تربية حديثة تعليم حديث وخبرات شخصية من عمل به طموح وظيفي متجدد آمن قائم علي معايير علمية أو عمل خاص وينمو قائم علي قانون للجميع فوق الجميع
النضج هو توازن بين العقل والعاطفة النضج إستخدام أمثل للقدرات وإمتلاك القدرة علي تنميتها بإستمرار الذكاء يسرع النضج فيمكن للتجارب ان تكون قصيرة او بعيدة وغير ذاتية والإستفادة منها تكون في تعظيم النضج والنضج هو الإنتقال من مرحلة الخام للفعل وليس رد الفعل أو المفعول به والنضج ليس هو تحمل المسئولية المبكر عن الذات أو الآخرين النضج ليس إخفاء للعيوب ولا تضخيم للمزايا النضج هو إدراك الواقع زمان ومكان والحجم الحقيقي للأمور والأشخاص النضج قبول للجميع بالحقوق والوقاية والتفاوض والتعاون والتنافس بالنضج لا نكون مستباحين ولا منغلقين بالنضج نصل أو نعود لحجمنا الحقيقي النضج وعي الإستخدام والقيمة وصول لإدراك الكيف قبل الكم في الأشياء
وعكس النضج العام هو شعوب خام تابعة فاسدة مهدرة القيمة عشوائية تتحرك بإستخدام الغرائز والشهوات وبدون حقوق كيف تتكون الشعوب غير الناضجة؟ -من إنعدام الأمان يصبح الجري وراء تغذية الإحتياجات الأساسية للحياة علي أنها أهم ما يعيش من أجله الإنسان وخاصة دون تهذيب ثقافي وأمان إجتماعي للأساسيات لا يحدث الكفاية والترقي -ثم التسابق للتماثل والتقليد لنيل الرضي المجتمعي وتلغي الفردية والحرية الشخصية -وأخيرا الإنسياق وراء شهوة التملك حيث هي التي ترفع من المكانة أو هي محدد المكانة في الوسط الغير ناضج ويصبح كل الأشخاص كالأشياء ملكية
فمن الطبيعي أن نجد التربية والعلاقات محورها عالم بلا حقوق متساوية تحت مسمي الحماية حيث مناخ البقاء في البدائية والتطور هو التدجين والقولبة وغير قابل للنضج حيث تحكم العاطفة بالعقل وتحريك والسيطرة علي الفرد والجمع باللعب علي الغرائز تخويف ونفاق وتجبر وليس نضج -فالذي همه يغذي احتياجاته الأساسية فقط بدائي خام -والذي يقلد محيطه دون تقييم وقيمة له مدجن تابع للقطيع -أما الذي يلهث وراء تباهي التملك ولا يفرق بين الأشياء والأشخاص لا تعد خبراته نضج ولا يصلح للمسئولية العامة عن غيره ويعد فاسد ومفسد
النضوج ليتبلور لثقة في تكوين الذات للفرد في واقع بائس يحتاج لخبرات شخصية متفاعلة مع قامات من الكتب والأشخاص والتجارب حولنا في البيت والتعليم والإعلام والعمل يعطونا في البدايات الأمان والتقدير ومجالات الطموح والدعم ويؤمنون بالجيد فينا ..
التحكم في الشهوات والغرائز داخل الإنسان يرجع إلي الثقافة خارجه وتأكيدها يعود إلي القانون في الدول المتخلفة الثقافة تشجع علي الطاعة مقابل المساعدة والطمع لنيل الحقوق والقانون مع القوي وليس مع وقف الأذي للضعيف ولا مع تنظيم وتساوي الحقوق
اول دائرة من دوائر القيود الإجتماعية والنفسية تتكون داخل الأسرة دائرة الإعتمادية ونمو القدرات في شكل رعاية وحماية ودعم الخروج منها للإستقلال ثم التعاون ثم التنافس مطلوب لنضج الإنسان وتكوين ذاته الخروج من الأسرة لتكوين اسرة مباشرة هو مثل الخروج من قيد لقيد اكبر او الخروج من دائرة الحقوق لدائرة المسئوليات نحو الغير دون النضج وقبل تحمل مسئولية الذات وكذلك لا يمكن للإنسان تكوين اسرة أفضل بالمال فقط وقتها يكون الزواج تفريغ لرغبة في الجنس والإنجاب ولكن الاهم هو النضج ليعرف معني نضج ورقي العلاقات بين الجنسين حيث المشاركة والمساواة في الواجبات دون إلغاء للحقوق لطرف علي حساب طرف آخر وتربية الأطفال تستلزم نضج المسئولية وليس تغذية احتياجات بلا ثقافة او تملك كالأشياء أو تماثل وتقليد ومحاكاة لأسرته الاولي وعائلته الأكبر وجيرانه واصحابه الأسرة هي اول مكان يخبرنا بوجود دولة أو ان الجميع يتبع القبيلة وحلقة من حلقات التحكم والوصاية البدائية الأبدية فالحقوق مصانة للجميع وخاصة كل افرادها الصغار والضعاف والفرد غير متروك ومجبر علي تحمل الوصاية الفاسدة أو المريضة ثقافة وقانون فلا تحرك الغرائز في المجمل ناحية الجمود والتعصب فلا تحافظ علي تخلفها وفشلها وتتمسك بالتمييز والإحتكار ولا تبني العلاقات بأنواعها علي رابط التقليد الشكلي والفساد وتكون المساعدة بمقابل باهظ والمسئولية للمحكوم والحقوق للحاكم فتعود علي الإنسان بتقييده او تشويهه لا نضجه ورقيه
ودائما يردد الحاكم للمحكوم ان الشعوب المتخلفة غير مؤهلة للحقوق والخطأ ناتج أنها تربي علي الخوف من استخدام العقل دون وصاية عليه وان الحرية الشخصية والمساواة وحقوق الإنسان تهدم الأخلاق وروابط المجتمع وتصنع الفوضي فتنهار الدولة والوطن وأن الحاكم هو وحده الذي يستحق كامل الحقوق والحريات وغير مساءل والمحكوم هو المساءل عن الفشل وذلك ميزان فاسد ومتخلف فالميزان الصحيح هو الحقوق المتساوية ومحاسبة الجميع بميزان واحد لصالح تطورها وليس سجنها فما يهم الحاكم هو الثبات علي الحال لأنه في صالحه هو فقط في الدول المتخلفة الحاكم هو غير المؤهل للعدل والتطور وليس المحكوم فالمحكوم نتيجة وليس السبب وتأهيل المحكوم مسئولية الحاكم وصلب وظيفته وعمله
النضج أن ننتقل بالمعرفة للفهم والإدراك وشغف المعرفة وعكسه أن ننتقل بالمعرفة للزيف حفظ وتكرار وكراهية وخوف من المعرفة
الشعوب نتاج نظام سياسي ثقافة وقانون
التعدي علي المشاعر سببه تخلف الثقافة التعدي علي الحقوق سببه تخلف القانون
القيود المتخلفة الاجتماعية والنفسية نتخلص منها بمنظومة التحضر بالثقافة والقانون
الدول المتخلفة تحتاج لنضج شعوبها أكثر من إمتلاك المال والسلاح القتالي ليتحقق لها الأمان والتقدم وليس فقط الأمن والإستقرار
#داليا_عبد_الحميد_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دائرة الإصلاح الديني الجهنمية
-
التعليم المصري عقبة بن نافع وتاريخ الخلافة
-
من أكثر كذب وقذارة الدول المتقدمة أم المتخلفة؟
-
جمهوريتنا إمتداد من الخلافة العربية الإسلامية
-
التشوه الإنساني في العالم الثالث
-
فخ السلطة الدينية وتجديد الإرهاب الديني
-
القتل الديني
-
جربت أن ...
-
بين التعليم المرفوض المفروض والمرجو
-
الموت الديني الإكلينكي
-
أفلام علقت بالواقع
-
الأديان الإبراهيمية والتاريخ والقتل
-
برقيات للعام الإقتصادي من هنا وهناك
-
لا خوف من الفشل
-
لإيجاد عسكري أقرب للعلمانية !؟
-
فصل الدين عن المال والسياسة
-
المرأة والديانة المسيحية بين التدمير والتنوير
-
التجربة الإسرائيلية أم التجربة السعودية ؟!..
-
التعارف
-
مبحث بين إيجاد السعادة وجلب السرور
المزيد.....
-
نجاة وفيق صفا.. 3 نقاط عن استهداف وسط بيروت بضربة إسرائيلية
...
-
اكتشاف كيفية تصدي بروتين في الجسم لفيروس نقص المناعة البشرية
...
-
جزء من الدجاج لا ينصح بتناوله
-
واشنطن تحذر من تكرار سيناريو غزة في لبنان
-
اختبار جديد قد يحدث ثورة في التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر
-
مادة غذائية -تساعد- على حرق دهون البطن وخفض ضغط الدم
-
اكتشاف يحل لغزين كونيين حيرا علماء الفلك لسنوات
-
في خضم احتدام السباق الرئاسي .. أوباما يدعم حملة هاريس الانت
...
-
?? مباشر: فرنسا والولايات المتحدة تشددان في مجلس الأمن على ض
...
-
وزير خارجية جيبوتي للحرة: حل الأزمات الأفريقية تحتاج لحلول م
...
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|