|
الصراع الاجتماعى فى السودان
عبدالغفار سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 17:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصراع الاجتماعى – الموقف و الموقع
عبدالغفار سعيد
الفلسفة السياسية تقول بوضوح أنه في الظروف الحاسمة للشعوب تتمايز الصفوف ويختار الناس أماكنهم ( في الصراع الاجتماعي ) وفق مواقفهم أو مصالحهم من القوي المختلفة ، بغض النظر عن ماقالوه من قبل وذلك في إطار (الموقف و الموقع ) من الصراع الاجتماعي. .. وهذا التمايز الذي يحدث أثناء احتدام الصراع الاجتماعي. . ليس غريبا ولا جديدا كما يظن البعض كذلك ليس هو ظاهرة خاصة بالسودان أو أي مكان آخر.
وفق تمايز القوي أحيانا وخلال الصراع .. تنحاز تنظيمات بأكملها وتختار موقعها ، لكل ذلك لا اري أي معني للكلام عن موقف (جديد لأفراد) ، فليس مدهشا او مستغربا من رئيسة الحزب الليبرالى مياده سوار الذهب التى تخلت عن مواقفها السابقة واختارت موقعا جديدا فى الصراع فى السودان منذ ان وقعت على وثيقة حوار الوثبة يوم 15 مارس 2017 ثم قبضت ثمن موقفها حينما تم تعيينها معتمداً برئاسة ولاية الخرطوم عن الحزب الديمقراطي الليبرالى وذلك فى يوم 9 يوليو 2017 . كذلك ليس مستغربا ان يبيع الابن ( أحمد محمد عثمان حامد كرار) ،الذى ارتضى ان يبيع راس مال ابيه الرمزى (البطولة ، الشجاعة ، التضحية من اجل البلاد ) فى سوق نخاسة السياسة ، بوظيفة وزارية ، فذلك اختياره لموقعه من الصراع الاجتماعى المحتدم فى السودان بتعينه اليوم الاربعاء الموافق 29 اغسطس وزيرا فى حكومة اللصوص. المدهش حقيقة هو البكائيات الكثيرة التى ظهرت خلال اليوم وشملت جمع من اطياف المجتمع ، منهم شباب صغار السن ، و كاتبات وكتاب مخضرمين ومشهورين ، الجميع يتباكى لا اعرف على ماذا؟ مع ان ميادة حددت مواقفها منذ مارس العام الماضى ، و تاريخ الصراع الاجتماعى فى السودان وغيره يحدثنا عن ان الحراك فى ظاهر وباطن المجتمعات يؤدى الى تمايز الصفوف ، واختيار الناس لمواقعها. الصراع الاجتماعي موضوع قديم وجديد كما قلت، هو قديم لأنه ظهر بظهور الحياة الإنسانية عبر كل مراحلها التاريخية.وجديدا لأنه اكتسى طابع الديمومة والاستقرار. فالظاهرة المحورية إذن فى المجتمعات هي التعارض والصراع الموصول بالمصالح والقوة والهيبة والثروة والسيادة . يشهد مجتمعنا السودانى نسبة للتطور الشائه النكوصي الرث لونا آخر مغايراً ، حيث نجد أن التناقض يظهر أساسا ما بين الريف والحضر وبين الصفوات ( جمع صفوة) أكثر منه بين الطبقات ( جمع طبقة).
راس المال الرمزى: جاء ذكر راس المال الرمزى اعلاه ، عندما تحدثنا عن أحمد محمد عثمان حامد كرار و الذى قلنا انه باع راس المال الرمزى لوالده الشهيد البطل ، فما هو راس المال الرمزى؟ ورأس المال الرمزي هو مثل أي ملكية أو أي نوع من رأس المال - طبيعي ، اقتصادي، ثقافي ، اجتماعي - يكون مدركاً من جانب فاعلين اجتماعيين تسمح لهم المقولات المعبرة عن إدراكهم بمعرفتها والإقرار بها ، ومنحها قيمة. كما يلعب مفهومى الشرف و العار دورا مهما فى المجتمعات التقليدية القبلية كراس مال رمزى، ذلك لان الشرف والعار في مجتمع القبائل يعد شأنا اجتماعيا يخص المجتمع بأسره، بل يؤدي دورا في تحديد علاقات الجماعات بعضها ببعض. يلعب رأس المال الرمزى دورا كبيرا فى مجتمعنا ، و رأس المال الرمزي هو تلك الموارد المتاحة للفرد نتيجة امتلاكه سمات محددة كالسيرة الحسنة و السمعة الطيبة و الهيبة كالشرف و التى يتم تقييمها من جانب أفراد المجتمع . يمكننا ان نقول ان اهم مظاهر رأس المال الرمزى فى المجتمع السودانى هو النفوذ الطائفى ، الدينى و القبلي. رأس المال الرمزي يتأسس على القبول أو الاعتراف أو الاعتقاد بقوة أو بسلطة من يملك مزايا أكثر، أو شكلاً من الاعتراف بالشرعية، أو قيمة معطاة من الإنسان. ويرتبط هذا المفهوم بمبدأ السلطة ومبدأ التميُّز أو الاختلاف (في الخصائص) ومبدأ الأشكال المختلفة لرأس المال. ويدخل في مختلف الحقول وفي مختلف أشكال السلطة أو الهيمنة، أو في أشكال العلاقات. ويرتبط رأس المال الرمزي بأهمية الموقع الذي يشغله الفرد في الفضاء الاجتماعي من جهة ، وبالقيمة التي يضفيها الناس عليه من جهة أخرى، وتتعلق هذه القيمة بأنظمة استعدادات الأشخاص وتصوراتهم المتوافقة مع البنى الموضوعية القائمة.
#عبدالغفار_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة 27 نوفمبر تنعى فقيد البلاد الدكتور أمين مكى مدنى
-
الحركة الشعبية جنوب السودان بين صناعة الوهم و تدمير الذات !
-
الاخوان المسلمون يكملون اصطفافهم فى مواجهة الشعب ، ما العمل
...
المزيد.....
-
هل تمهد زيارة المقداد إلى مصر لمشاركة سوريا في القمة العربي
...
-
مصدر عسكري سوري: إصابة 5 عسكريين في عدوان إسرائيلي من شمال ش
...
-
من أجل المناخ.. شاهد كيف يلوث نشطاء البيئة أحد أشهر نافورة ف
...
-
السودان.. تأجيل توقيع الاتفاق السياسي
-
سوريا.. الدفاعات السورية تتصدى لعدوان إسرائيلي فوق حمص وإسقا
...
-
داود الشريان يكشف عن المبلغ الذي دفعه في مسلسل عادل إمام لعر
...
-
وسائل إعلام: واشنطن ستدفع دول مجموعة السبع لاتخاذ إجراءات ضد
...
-
رومانيا.. أندرو تيت يفوز باستئناف لاستبدال السجن بالإقامة ال
...
-
المحاولات مستمرة لإنقاذ الطفل السوري -صالح- من البئر على عمق
...
-
مصرع 18 شخصا على الأقل في عواصف قوية تجتاح الولايات المتحدة
...
المزيد.....
-
فَنُّ النَقْد السِيَاسِي 3/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
النضال ضد الشعبوية في أوروبا (*) (النص كاملا) ترجمة مرتضى ال
...
/ مرتضى العبيدي
-
العقبة – شرم الشيخ إدعاءات المهزوم
/ معتصم حمادة
-
العدد 64 من «كراسات ملف»: «اتفاقات أبراهام» ومعضلة اندماج إس
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
ديكتاتورية البروليتاريا بين الطموح النبيل والواقع المرير
/ أسعد منذر
-
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، استقلالية الانطلاقة ومركزي
...
/ أسامة خليفة
-
الفساد، والفئة البرجوازية الكبيرة وعلاقتها براس المال الاجتم
...
/ مؤيد احمد
-
غبش الصورة .. تمثلات الجميل في السؤال الفلسفي
/ محمد الميالي
-
موسى فرج وسحرة السلطة
/ د. صالح الطائي
-
بعد عشر سنوات: دروس من الثورة المصرية
/ ديجان كوكيك
المزيد.....
|