|
الماركسية , تاريخها , أقسامها , مباحثها
علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)
الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 18:54
المحور:
الارشيف الماركسي
الماركسية ذلك المذهب المتكامل الذي استُخْلِص من أفكار ماركس وأنجلز وتطور ومن ثم تحقق تطبيقيا علي يد لينين وأصبح آيديولوجية سياسية على يد ستالين , وهي تهدف إلى تقديم تفسير فلسفي علمي واقعي للعالم والمجتمع والإنسان , وتسعى الماركسية إلى أن تكون برنامجا فكريا للطبقات المستغَلة في كفاحهم لتغيير العالم بغية القضاء على الاستغلال والوصول إلى أعلى مراحل الاشتراكية (الشيوعية) وتحقيق العدالة والرفاهية على يد طبقة البروليتاريا وحزبها وذلك عن طريق بث الوعي الواقعي المستند إلى العلم والواقع في تفسير العالم . ومن الخطأ الفادح القول بأن الماركسية انتهت بسقوط الاتحاد السوفياتي ، فالذي انتهى آنذاك تجربة سياسية واحدة من تجارب الماركسية أما الماركسية بوصفها نظرية لتغيير لوجود والعالم فمن غير المعقول أن تنتهي طالما أنها تستند إلى معطيات العلم . أسبابها ظهورها التاريخية 1.شيوع الفقر والحرمان وغياب العدالة في توزيع الثروات وقد بلور ذلك كله . ٢ القراءات الخاطئة لتاريخ العالم والبشرية نتيجة سيطرة الغيبيات والآيديوجيات مما دفع الماركسية لاتباع المنهج العلمي الجدلي في قراءة التاريخ . ٣ شيوع النظرة بعدم الايمان بواحدية العالم ووحدته وفصل أجزائه عن بعضها وفصل البنى الفوقية عن البنى التحتية. مما أدى ذلك كله إلى : 1ـ ظهور الأفكار الاشتراكية في دول أوربا . 2ـ ظهور الأمميات الاشتراكية 3ـ بروز الحركة العمالية في عدد من بلدان أوربا 4ـ الانتفاضات العمالية في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا . 5ـ رفض استبداد الرأسمالية واحتكاراتها لقيمة ما ينتجه ملايين العمال لصالح أصحاب رؤوس الأموال . أصولها الفكرية : الماركسية ثمرة أهم الفلسفات والنظريات الاجتماعية والاقتصادية التي توصل لها الفكر الغربي , وهي : (الفلسفة الألمانية ، والفكر الاجتماعي الفرنسي ، والفكر الاقتصادي الإنكليزي ) ، فهي نتاح : 1ــ الفلسفة الألمانية ممثلة بفلسفة هيجل (1770ـ1831) الجدلية وفلسفة فيورباخ (1804ـ1872) المادية . 2 ــ الاشتراكية الفرنسية ممثلة بأفكار فورييه (1772ـ1837) وكابيه (1788_1865) وغراسوس بابوف الفرنسي (1760_1797), وسان سيمون (1760ـ1825) . وأوغست بلانكي (1805_1881) 3 ــ الاقتصاد السياسي الإنكليزي ممثلا بأفكار آدم سمث (1723ـ1832) وريكاردو (1772ـ1823) وسيسموندي (1773ـ1824) وتومسون (1785ـ1833) وروبرتس (1805ـ1875) وبرودون (1089ـ1865). أفادت من النظريات العلمية الآتية : بما أن الماركسية تمثل آخر الفلسفات العلمية المعاصرة فقد أفادت في تأسيس أفكارها وقوانينها من آخر ما توصل إليه العلم ، مثل : 1 ــ قانون حفظ المادة الذي ينص على أن المادة لا تفنى إلى الأبد ولا تستحدث من لا شيء فهي موجودة سرمديا ؛ أزلا وأبدا بحسب ما أثبته لومونوسوف . ٢ – قانون الخلية الذي ينص على أن الكائنات جميعا تتكون من خلايا تتشكل من المواد العضوية الموجودة في الطبيعة غير الحية نفسها , بمعنى أن الإنسان جزء من هذه الطبيعة . ٣ نظرية التطور لدارون التي تنص على الكائنات تتطور وتتغير أشكالها وهيئات أجسامها بحسب ملائمة أجسادها للطبيعة وبحسب قانون الصراع من أجل البقاء . وفيما بعد من : ٤ ــ تجارب بافلوف النفسية التي أكدت على عدم وجود روح أو عقل بل أن السلوك الحيواني جميعا مشروط بالفعل ورد الفعل ؛ مشروط بالحاجة البايولوجية أولا . ٥ النظرية النسبية لآينشتاين التي أكدت على عدم مطلقية المفاهيم ونسبيتها وترابطها مثل الزمان والمكان وما تلاها من نظريات فيزياوية . عناصرها أو مكوناتها : الماركسية مذهب نقدي يتوجه لقراءة العالم والتاريخ والاقتصاد لذلك توزع التنظير الماركسي على دراسة الطبيعة والمجتمع والاقتصاد بواسطة ثلاثة علوم , وهي : 1 ــ المادية الجدلية (الديالكتيكية) , تهدف لتحليل الطبيعة بصورة عامة استنادا المعطيات العلم والفطرة السليمة لذا تنص على مادية العالم وتغيَّره المستمر ، ومنهجيا تعد ثمرة الجمع الخلاق بين مادية فيورباخ بعد تخليصها من طابعها الميتافيزقي وجدل هيجل بعد تحويله إلى جدل مادي . 2ــ المادية التاريخية , وتهدف لتحليل المجتمع والطبقات ودراسة التاريخ الاجتماعي للإنسان دراسة علمية واقعية جدلية وتنص على أن المجتمع شكل تاريخي لوجود الناس وهو خاضع لقوانين التغير ، والمادية التاريخية هي نتاج ماركسي خالص فهي بحق علم الاجتماع الماركسي الخالص . 3 ــ التحليل الاقتصادي : يهدف لدراسة العلاقات الاقتصادية بين الناس والطبقات وأثرها في تكوين الثقافة والأفكار الذين يمثلان صورا فوقية لعلاقات الإنتاج وثمرة لتفاعل وسائل الإنتاج وقوى الإنتاج ، وهذا المكون كان نتاج تشذيب النظريات الإقتصادية السابقة وتوجيهها علميا . المادية الديالكتيكية وهي الجمع بين القول بمادية العالم والمنهج الجدلي في دراسته . لقد مرَّ أن الفلسفة الماركسية تؤمن بمادية العالم انطلاقا من علمية هذا المبدأ ومطابقته الفطرة السليمة وتؤمن أيضا بوحدة العالم انطلاقا من مبدأ أن عالمنا واحد يمكن معرفته وليس هناك عوالم خارجية غيبية وتؤمن أيضا بصيرورته وأن الطبيعة لا تنفك متغيرة انطلاقا من الفطرة والملاحظة الدقيقة ، وهذا ما تدرسه المادية الجدلية , لذا تنص على : واحدية العالم وأنه كلّ مترابط بكل أجزائه من أصغر جزء إلى أكبر المجرات ومن الفرد الواحد الى المجتمع وهذا من أسياسيات الدرس الماركسي . التغير الدائم والحركة الصيرورية المستمرة , والموت والحياة ليسا منفصلين بل هما وجهان لديمومة الطبيعة , الموت يسكن الحياة والحياة تسكن الموت وهكذا . الشعور والعقل والعاطفة نتاج الفكر والفكر نتاج الدماغ والدماغ نتاج المادة في أعلى درجات تنظيمها وتفاعلها . اعتبار المادة أولا ثم يأتي الإحساس والفكر ، فالأرض (المادة) موجودة منذ خمسة مليارات سنة أما الانسان (الفكر) فقد ظهر منذ مليون سنة فقط . المادة موجودة منذ الأزل بدليل قانون عدم فنائها إلى الأبد وعدم توليدها من لا شيء بحسب دراسات لومونوسوف . المادة قديمة وخالدة وليس هناك غير المادة . ولا وجود لأي مطلق يعلو على الوجود ولا غيبيات ولا غوامض بدليل أن هذه أسرار هذه الغوامض تكتشف باستمرار , وإن وجد شيء لا يمكن تفسيره فالعلم والمعرفة البشرية ممكن أن تتوصل إلى معرفته كما حصل في تاريخ العلم . الهدف من الفلسفة معرفة القوانين التي تشمل الوجود مجتمعا مثل قوانين الجدل ومقولاته التي ذكرناها . الفلسفة لا بد أن تكون علمية تفيد من مكتشفات العلم لكي تكون صادقة وهادفة فلابد أن تكون رؤية وبرنامج عمل للإنسان فليس كل فلسفة نافعة . الفلسفة المثمرة هي التي تجعل الإنسان يعرف ماذا يريد ويعرف موقعه من هذه الحياة . والفلسفة النافعة أيضا هي الفلسفة العلمية التي تستند إلى معطيات العلم وتؤمن بمادية العالم وتتخذ من الجدل منهجا لفهمه . والمعرفة عملية انعكاس الواقع وعرضه في الفكر الإنساني ، وهي مشروطة بقوانين التطور الإجتماعي ، وترتبط ارتباطا لا ينفصم بالممارسة واللغة وهدف المعرفة بلوغ الحقيقة الموضوعية . والحقيقة ليست غيبية ولامطلقة إنما هي مطابقة الشيء أو الفكرة للواقع . وتنظر الماركسية للحياة على أنها شكل من أشكال حركة المادة ، هو أعلى الأشكال الفيزيقية والكيماوية . كل الفلسفات قبل الماركسية لا سيما المثالية منها كانت مضللة وخاطئة لأنها لم تستند إلى معطيات العلم وأسلوب الجدل . كل الفلسفات السابقة على الماركسية هدفت لتفسير العالم فقط أما الماركسية فهي الوحيدة التي عملت على تغييره كما قال ماركس . لا وجود للمادة بدون حركة ولا حركة بدون مادة فهما متلازمان ولا وجود للسكون المطلق والحركة خاصية المادة الأساسية فليس هناك محرك . الزمان والمكان ليسا موضوعين فارغين كما اعتقد نيوتن بل هما شكلان لوجود المادة يدلان على علاقات التجاور والتعاقب . يتم الانتقال من الكم إلى الكيف ( مثال السد) بواسطة تغيرات تدريجية ومن ثم القفزة التي تأتي بعد مراحل متدرجة بطيئة . قوانين الجدل : أهم ما في الفلسفة الماركسية هو منهجها الجدلي الذي يؤمن بأن التناقض والحركة لا تتوقف أبدا في مناحي الحياة والطبيعة كلها ، والجدل الماركسي هو ذاته الجدل الهيجلي لكنه ينطلق من المادة وليس من الروح كما عند هيجل ويشتمل على ثلاث خطوات : الشيء , ثم نقيضه ، ثم نقيض النقيض ، فكل الأشياء لا تشذ عن هذه القاعدة أبدا ، وتفسير الجدل ينص على أنه لا وجود للثبات فالشيء بحركته المستمرة يصل إلى نهايته أو موته ؛ إلى مرحلة ولادة شيء جديد من رحمه إذ ذاك يتولد عنه نقيضه الذي يتضمن هو الآخر عناصر إيجابية من الشيء الأصلي وهذا النقيض الجديد سيدخل من خلال الحركة أيضا في صراع داخلي فيتولد عنه نقيض النقيض ، وهكذا في كل مظاهر الطبيعة وبسرعات مختلفة بحسب خصائص الأشياء وطبيعتها ، وقوانين الجدل هي : 1 ــ تغيير الكم إلى الكيف وبالعكس . 2 ــ وحدة المتناقضات وصراعها . 3 ــ قانون نفي النفي . وهذه القوانين قوانين عامة تخضع لها الذرة الصغيرة مثل ما يخضع لها المجتمع ، والقانون عامة ظاهرة تتكرر بثبات دائم وباطراد وأوضح القوانين هي قوانين الطبيعة بسبب ثباتها أما القوانين الوضعية فهي محاكاة بشرية لتلك . مقولاتها أو المفاهيم : المقولة تمثل مفهوما عاما مستخلصا من حالات مفردة يجمع متشابهاتها وخواصها المشتركة ويجردها من خصائصها الفردية لغرض شمولها بقانون عام يجمعها مثل مفهوم الشجرة المستخلص من ملاحظة عدد من الأشجار وتجريدها من خصوصياتها ، ويمكن الاستمرار بهذا التجريد والاستخلاص حتى نصل إلى مفاهيم مجردة وعامة ، والمقولات مساعد مهم جدا لدراسات خصائص الأشياء عامة وهي الطريق الوحيد لاستنتاج المشتركات بينها ومعرفة هوياتها ، وهذه خاصية الإنسان وحده دون الحيوان , ومن المقولات التي تستند عليها الطروحات الماركسية : الزمان والمكان ، فهما تجريد لعلاقات التجاور والتفاوت بين الأشياء وهما نسبيان يوجدان حيث توجد المادة . المادة والحركة ، وهما تجريد لموجودات الطبيعة الكثيرة وعلاقاتها الداخلية والخارجية إذ لا مادة دون حركة ولا حركة دون مادة . الضرورة والصدفة ، وهما تجريد لعلاقات التلازم وعدمه بين الأشياء فقد يفسر الحادث على أنه صدفة لكنه في الوقت ذاته خاضع لظروف معينة . الحرية والضرورة ، وهما تجريد للخيارات والالتزامات بين الناس , وهما نسبيان فنحن مثلا نستشعر باننا أحرار لكن في الوقت نفسه فإن هذه الحرية تخضع لمتطلبات الضرورة . النظرية والتطبيق ، وهما تجريد للعلاقة بين الأفكار والعمل وهما مترابطان فالنظرية تحدد شروط التطبيق فيما يغير التطبيق بالنظرية بحسب الظروف المحيطة . البنية الفوقية والبنية التحتية ، ويعكسان علاقة السياسة والأخلاق والفن والعلم والدين والفلسفة بوصفها بنى فوقية بالحياة المادية للمجتمع وبعلاقات الإنتاج بوصفها بنى تحتية تحدد مسارات تلك الثقافات وتشكلها بحسب التكوين المجتمعي . وكل طرف من أطراف هذه المقولات لا يمكن بل يستحيل أن يوجد بمفرده وبمعزل عن الطرف الآخر ، فالطرفان متلازمان بصورة جدلية , الأول يحل في الثاني والثاني يحل في الأول بصورة جدلية مستمرة . أنواع الحركة : الوجود بطبيعته وجود مادي أي موجود خارج وعينا , وقابل أن يُعرَف , وهو موجود بأشكال مختلفة ؛ أشعة , ذرات , أشياء كبيرة , إنسان , نباتات , حيوانات , كواكب ونجوم ومجرات , وهو موجود ولا غير ذلك , بل لا معنى للسؤال عن بدايته ونهايته وخالقه , فهو خالد لم يخلقه أحد , وهو موجود خارج وعينا وليس نتاج تصورات ذاتية كما يذهب باركلي فهو موجود خارج وعي الإنسان وسابق عليه بملايين السنين , فالوعي الذي يدرك الوجود متأخر جدا عن وجود الكون ، وهو بكل أجزائه مترابط تماما ، فهناك وحدة في الطبيعة وداخل هذه الوحدة هناك حركة مستمرة دائما ، وأنواع الحركات : ميكانيكية آلية خاصة بالأجسام . كيميائية خاصة بمكونات الخلايا . فيزيائية خاصة بمكونات الذرة . كونية بين الكواكب والنجوم والمجرات . مجتمعية خاصة بالمجتمع البشري وتؤكد هذه الحركات بأن المادة لا تنفك عن الحركة بل أن الحركة شكل رئيس من أشكال وجود المادة فلا مادة بدون حركة مثلما يتصور القدماء ولا حركة بدون مادة ، أما السكون الذي يترآى لنا أحيانا ، فهو سكون نسبي كسكون راكب القطار مثلا . . المادية التاريخية المادية التاريخية هي ذاتها المادية الجدلية لكنها مطبقة على المجتمع , تؤمن بواقعية التاريخ وضرورة دراسته على وفق المنهج الجدلي لفهمه فهما علميا ، وعليه فهي تنص على : الإنسان كائن مادي أولا فهو مكون من المادة الطبيعية أما تفكيره فهو نتاج دماغه الذي يمثل هو الآخر مادة عالية التنظيم مشروطة بالتفاعل مع البيئة تطورت بعد وجود الطبيعة وعبر ملايين السنين . والانسان أيضا كائن اجتماعي فهو نتاج تفاعل الذات مع المجتمع , فالإنسان لا يكون إنسانا خارج المجتمع بل هو حيوان لا يمتلك من الإنسانية إلا الشكل . الدين والأخلاق والفلسفة والفن نتاجات عليا للدماغ مشروطة بالتفاعل المجتمعي وتعكس تصور الانسان للوجود وتأتي بعد حاجات الأكل والشرب والتنفس والجنس وكلها ثمرات تفاعل الانسان مع المجتمع والحالة الاقتصادية وهي مرهونة بظرفها التاريخي فهي لا تدل على وحي أو خوارق غير طبيعية بل هي وظائف اجتماعية طبقية. لا يكتسب الانسان انسانيته وسلوكه الانساني إلا بوجود الآخرين وبممارسة اللغة والعمل وتفاعله معها , فالإنسان بوصفه انسانا لا ينمو إلا في وسطه الانساني . حتمية انتصار البروليتاريا بالنضال المتواصل بوصفها المرحلة الأخيرة من مراحل تحقيق العدالة لإحلال الفكر العلمي وتحقيق الانسانية الحقة , فلا بد أخيرا أن يصح الصحيح . حتمية زوال الدولة بصعود البروليتاريا فلم تعد لها وظيفة آنذاك , فنشوء الدولة كانت نتيجة طبيعية لسيطرة طبقة معينة , وحين تزول الطبقات في ظل الشيوعية فإن الدولة حتما ستزول . وبما أن الفلسفة طبقية وحزبية تمثل وعي طبقة معينة لذا فإن تاريخ الفلسفة يخضع لوضع الطبقات المسيطرة ورضاها بحسب المراحل التاريخية ووضع المجتمع والاقتصاد والطبقات , فقد كانت الفلسفة اليونانية ترى أفضلية الرجل على المرأة (خاصة أفلاطون) إذ كانت تعبر عن المجتمع العبودي فيما مثلت الفلسفة في العصر الوسيط عصر الاقطاع حين كانت الكنيسة تعطي الشرعية للمستغلين وتبرر الظلم الذي ران على قلوب الملايين , ومثلت الفلسفة البرجوازية سيطرت الفكر البرجوازي في العصر الحديث التي مازالت مستمرة . الدين والفلسفات المثالية سلطة مريحة وأداة قد تستغلها الطبقات البرجوازية المتسلطة لتهوين العزائم والرضا بالقضاء والقدر لإسكات الناس وترويض رفضهم واحتجاجهم . ترى الماركسية أن الأخلاق شكل من أشكال الوعي الاجتماعي وهي متغيرة بتغير ظروف المجتمعات وطرق معيشتها , فليس هناك قيم أخلاقية ثابتة أو منعزلة عن الناس والمجتمع لذا فلكل طبقة أخلاقياتها , ولكل مرحلة تاريخية أخلاقياتها أيضا . أما الخير والشر فهما مقولتان أخلاقيتان تعبران عن تقييم أخلاقي لظواهر اجتماعية ولسلوك إنساني والخير ما يعتبره المجتمع (أو تعتبره طبقة معينة) أخلاقيا ويجدر أن يحتذى، ويصدق العكس على الشر . والضمير مركب من الخبرات العاطفية القائمة على أساس فهم الانسان للمسؤولية الأخلاقية لسلوكه في المجتمع ، وتقدير الفرد الخاص لأفعاله وسلوكه , وليس الضمير صفة ولادية . تنكر الماركسية القول بأن إرادة بعض الأفراد الأفذاذ هي التي تسير التاريخ وتصنع الأحداث والمعارف وتصمها بالرجعية , فالتاريخ تسيره حركة المجتمع الواعية , لذلك ينتقدون القديس أوغسطين وكانت وهيوم وماخ والوجوديين الذي أولوا الإرادة الفردية دورا كبيرا في صناعة التاريخ . المراحل التاريخية للبشرية بحسب الماركسية بما أن الماركسية تؤمن بأن حياة البشر وثقافتهم مرهونة بأساليب الإنتاج وهذه متوقفة على قوى الانتاج وأساليبه والعلاقات الانتاجية ومرهونة أيضا بطرق معيشتهم لذا فإن الاستقراء التاريخي لتطور البشرية أثبت أنها في الأعم الأغلب مرت بأدوار تاريخية بحسب وسائل الإنتاج وأساليبه فكل مرحلة تاريخية كانت نتيجة طبيعية لعلاقات الانتاج وكما يأتي : المشاعية البدائية , حيث العشائر والأسر والقرابة وحيث الملكية المشتركة لوسائل الانتاج ( الفأس والرمح ...) والصيد وغياب السلطة القسرية وبروز سلطة المرأة . العبودية , برزت أولى أشكال الملكية لوسائل الانتاج ( أصبحت أدوات المعدنية ) وتربية المواشي والزراعة فظهر الرقيق الذين لا يملكون عملا ومن ثم تم استعبادهم ووظهر تقسيم العمل , وعندما غاب الحرص نتيجة الاستبداد ضعفت الدولة فكانت نهبا للبرابرة , فانتهى هذا النظام ليحل بدلا عنه الاقطاع . الاقطاع : ظهرت الصناعات ( النسيج والورق والبارود) واصبحت ملكية وسائل الانتاج بيد أسياد متنفذين لكن بدرجة أقل من نظام العبودية بحيث أن الإقطاعي لا يستطيع قتل العبد مثلما كان في السابق . الرأسمالية , وهنا الانتاج الآلي الكبير والملكية الخاصة لوسائل الانتاج أيضا واصبحت العلاقة بين العمال والأسياد تقوم على الاستغلال القسري الاقتصادي . الاشتراكية : الملكية الجماعية لوسائل الانتاج حيث الطابع التعاوني . الشيوعية : حيث انعدام الطبقات وزوال الدولة والعمل كل بحسب قابليته وحاجته . أنواع النضال البروليتاري يعد النضال الاقتصادي وهو أبسط أنواع النضال ويتجسد في بث الوعي بأمور الانتاج والسلع والاستغلال والقيمة وفائض القيمة . يأتي بعد ذلك النضال السياسي وهو يحتاج إلى إعداد عقائدي , ويتجسد في المظاهرات والاحتجاجات والتحشيد الجماهيري من أجل الثورة البروليتارية . ثم يأتي بعد ذلك النضال الفكري أو الآيديولوجي الذي يحتاج إلى نظرية فلسفية ورؤية شاملة ويتجسد في التنظير للمرحلة الاشتراكية وتبيان سلبيات البرجوازية وفكرها . التحليل الاقتصادي لا يمكن في الأحوال كلها فصل الجانب الاجتماعي عن الجانب الاقتصادي في الحياة ، فالاقتصاد يعكس حياة المجتمع وحياة المجتمع تعكس صورة العلاقات الاقتصادية . ومصطلح الانتاج يعني علاقة البشر بالطبيعة , وهذه العلاقة تحددها قوى الانتاج (الآلات والبشر) ويعني أيضا علاقة البشر ببعضهم التي يعبر عنها بعلاقات الانتاج , وقوى الانتاج وعلاقات الانتاج تحدد جميعا الانتاج , والعلاقة بين القوى والعلاقات علاقة جدلية حيث يؤثر أحدهما في الآخر , فالقاعدة ( قوى الانتاج) تؤثر في البنية الفوقية( علاقات الانتاج) والعكس صحيح . أصل التفاوت بين الناس يكمن في حيازة البعض لأدوات الإنتاج واحتياج البعض الآخر لها مما يجعله خاضعا للطرف الأول , وقد بدأ التفاوت حين أنفصل الرعاة عن الفلاحين وصاروا طبقة مستقلة بحاجة إلى منتجات الفلاح ومن ثم انفصل المهرة عن الفلاحين حين أصبحوا طبقة خاصة بصناعة الأدوات الزراعية , بعد ذلك أنفصل جزء من هؤلاء للتفكير فقط بوصفهم معلمين أو مرشدين أو موجهين فانفصل العمل الذهني عن العمل اليدوي , وهذا الأمر ينطبق على كل الطبقات والفئات . مما تقدم نلحظ الجنبة العلمية في الفلسفة الماركسية ووقوفها ضد الفلسفات المثالية الذاتية (باركلي) والموضوعية جميعا (أفلاطون وهيجل) وضد الفلسفات المادية السابقة عليها (ماديو القرن السابع عشر والثامن عشر وماخ ) لآليتها وقصورها في فهم المادة وضد الفلسفة الوضعية لكونت والوضعية المنطقية (فتجشتين وكارناب وشليك ) وضد الفلسفة الوجودية بكل فروعها والفلسفات الشكية واللا أدرية والعدمية وضد الفلسفة التوماوية الجديدة . الماركسية بعد ماركس بعد وفاة ماركس وانجلز ظهرت تيارات تستقي من أفكارهما , ومن أهم تلك التيارات : الماركسية المستقيمة عند كل من برنشتاين ت 1932وبليخانوف ت 1928وكاوتسكي ت 1938وماركسية روزا لوكسمبرغ قتلت عام 1928 . الماركسية اللينينة ( توفي لينين 1924) الماركسية الماوية الصينية تجارب سياسية : وقد نجحت الماركسية في الصعود إلى سدة الحكم في أكثر من دولة عبر تجارب ماركسية في روسيا بعد ثورة اكتوبر 1917 والثورة الصينية عام 1949.والثورة اليوغسلافية 1945 بقيادة تيتو والثورة الكوبية عام 1961 أهم مؤلفاتها المعتمدة في هذا الملخص : مؤلفات الرواد , ماركس , انجلز , لينين , ستالين . كتاب المادية الديالكتيكية لمجموعة من المؤلفين السوفيت كتاب المادية التاريخية لمجموعة من المؤلفين السوفيت كتاب الاقتصاد السياسي لمجموعة من المؤلفين السوفيت أصول الفلسفة الماركسية بوليتزر ورفاقه عرض موجز للمادية الديالكتيكية سبوتونيك وياخوت . عرض موجز للمادية التاريخية سبوتنيك ورفيقه . أسس الفلسفة الماركسية أفاناسييف موسوعة الفلسفة , اشراف روزنتال ويودين قاموس الفلسفة , جماعة من الكتاب السوفيت . موجز تاريخ الفلسفة , جماعة من الأساتذة السوفيت الأسس العلمية لنظرية المعرفة روجيه غارودي تطور الفكر الماركسي , إلياس فرح .
#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)
Ali_Huseein_Yousif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كورونا , صراعٌ مع الإنسان وتوظيفٌ سياسي للأزمة
-
الفلسفةُ , أسسها , مباحثها , أقسامها
-
المعنى من التطابق إلى التشتت
-
كيفية كتابة بحث في العلوم الانسانية
-
التداولية , ملمح تعريفي
-
نحو تداولية الخطاب المعاصر أو ترويض الخطابات
-
مقتل الحسين كما صورته كتب التاريخ والتراجم
-
الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث
-
الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال
...
-
موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
-
ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
-
توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً
-
جماليات السرد في رواية (النوتي) لحسن النجار
-
معاناة الشعوب فعلا سرديا , قراءة في رواية جمهورية باب الخان
...
-
الحقيقة المؤجلة
-
صورة الوطن بين روايتي موسم الهجرة إلى الشمال وكش وطن , مقالة
...
-
اللغة والعرفان
-
الفلسفة والجنون ... غرائب من حياة الفلاسفة
-
الموضوع والمحمول بين الفلسفة واللغة
-
مسألة العلة في الفلسفة تمثلات وإشكالات
المزيد.....
-
بلاغ السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة
...
-
بيان اللجنة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي FNE التوجه
...
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
الفصائل الفلسطينية تواصل خوض معارك ضارية ضد القوات الإسرائيل
...
-
الانتخابات البرلمانية لحكومة إقليم كوردستان؛ إفلاس سياسي وتع
...
-
العدد 574 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 573
-
الفصائل الفلسطينية: حرب الابادة بحق اهلنا في شمال غزة ارهاب
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|