|
دراسات في الإقتصاد السياسي حول خصخصة ممتلكات الدولة
عبد الزهرة العيفاري
الحوار المتمدن-العدد: 1582 - 2006 / 6 / 15 - 11:56
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الخصخصة ـ إجراء اقتصادي استخدمته طائفة من الدول الأوربية في حالات معينة. وذلك عندما قررت نقل بعض ممتلكاتها إلى أيدي القطاع الخاص. كما أممت مؤسسات خاصة أيضا. وقد اقترنت تلك الإجراءات بمبررات أملتها ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية . ولا تزال تحتفظ تلك الدول بقطاع عام في مجالات الطاقة الكهربائية والمواصلات والأراضي و ما في باطنهـا….الخ
التجربـــة المهلكة !!!! آلا آن اصطلاح الخصخصة وجد انتشارا سريعا و واسعا في " العالم الاشتراكي" السابق وذلك على اثر سقوط الاتحاد السوفيتي (على يد قادته) . فقد جرت عملية الخصخصة فيه ضمن سياسة "البيريسترويكا" سيئة الصيت بقيادة غورباتشوف ومجموعته. وقد اشتد نهب ممتلكات الدولة والتعاونيات تحت هذا الاسم في الزمن الذي اعقبه يوم سيطر المتطرفون في معادات الاشتراكية والنظام السوفيتي عموما. على ان الخصخصة عمليا كانت تعني تحويل ممتلكات الدولة الاشتراكية من المصانع والمزارع والبنايات الحكومية وكذلك جزء كبير من الثروات الطبيعية ومؤسسات المواصلات الاستراتيجية كالطيران ونسبة كبير من السكك وغيرها إلي ما يسمى بالقطاع الخاص وهو القطاع الذي ظهر فجأة لحساب الشخصيات المتنفذة في الحزب والدوائر الحكومية وقادة النقابات وعناصر أخرى انتظمت في عداد المافيات والاحتكارات المحلية وذلك على حساب خزينة الدولة والمجتمع . إن مجريات الامور في الاتحاد السوفيتي السابق أظهرت أن الخصخصة عبارة عن عملية ذات مهمة خاصة ومستعجلة شأنها شأن البيريسترويكا . ولكن اذا كانت البيريسترويكا استهدفت اسقاط السلطة السوفياتية وحزبها ( القائد ) فإن الخصخصة كانت موجهة لحرمان الدولة من القدرة المالية والاقتصادية وخلق طغمة مالية ( اليغارشيا ) تتولى السلطة المالية وهي ذاتها اذن ستتولى ، كـتحصيل حاصل ، السلطة السياسية وستقرر شكل ارتباطات البلد برأس المال العالمي . وهي مهمة مكملة لمهمة البيريسترويكا . اما ماذا يعني كل هذا باللغة الدبلوماسية ؟هذا يعني الغاء نظام سياسي معين ثم تحجيم النشاط الإداري والأمني للنظام "الجديد" و ليكون أداة مطواعة للإدارة الأجنبية . وأخيرا دمج الطبقة الاجتماعية الجديدة في روسيا بالاحتكارات الكبرى واستخدامها كجزء من الجندرمة العالمية تشترك في منع أي نشاط تقدمي ليس في بلادها وحسب بل وفي اســقاع اخرى ، ناهيك عن استخدام خبرا ت رموزها في تكريس معاداة الاشتراكية في بلادهم وفي العالم . ومن الطبيعي بعد هذا العرض يصبح واضحا : ان الخصخصة المطلوب تنفيذها في البلدان النامية لا تبتعد كثيرا ، من حيث الجوهر ،عن هذا المخطط !!! ثم يتضح لماذا تلح بعض الأوساط المالية الأجنبية على ذلك !!. في الواقع ، أن "إسقاط " دولة ما مهما كانت شديدة البأس والقوة يتطلب شروطا وظروفا مساعدة كثيرة . وكما تتحد ث التجارب إن من بين الشروط الرئيسة : سحب القوة الاقتصادية الضاربة من أيدي تلك الدولة وجعلها صفر اليد ين بحيث لا تقوى على الإدارة الفعالة لمعالجة شؤون البلاد. ولهذا الغرض أيضا جعل الدولة مضطرة إلى إعلان عجزها عن توفير التخصيصات السنوية لأغراض خطة التنمية والتطوير ( مثلا ) أو رفع مستوى رواتب الموظفين والجيش والشرطة أو دفع خدمة الديون الخارجية. وهذا العجز إنما يتحقق بطرق شتى ولكن تأتي الخصخصة للقطاعات الاستراتيجية بالدرجة الاولى . وبما أن الخصخصة تنقل الثروة والخيرات الطبيعية العائدة تقليديا للقطاع الحكومي وتضعـها في أيدي الطغمة المالية والتركيبة التجارية ثم تسحب الكلمة الحاسمة من الدولة فيما يتعلق بالادارة فبهذا إذن تصبح امور الإنتاج والتبادل والتوزيع رهن المضاربات والتلاعب و ستجد الدولة نفسها محرومة ليس فقط من إمكانيات التخطيط والبرمجة والرقابة الاقتصادية بل وتعجز عن عمل أي شيء يذكر في صالح الطبقات الوسطى والجمهرة الفقيرة من الناس المعوزين. وكتحصيل حاصل سوف يسود الاستغلال ويستفحل الغلاء وتنتشر البطالة مع ما تفرزه هذه الأشياء من مشاكل اجتماعية وأخلاقية وجرائم منظمة. كما تجب الإشارة إلى أن للخصخصة أخطاراَ مباشرة على العلاقات الخارجية للدولة أيضا. ذلك لأن الدولة ذات الخزينة الخاوية سوف يكون موقعها ضعيفا بين الدول. وأخيرا في أغلب الأحيان تتبع هكذا دولة سياسة ديكتاتورية تجاه شعبها لقمع الحركة الوطنية إذا ما أعربت هذه الأخيرة عن عدم الرضا إزاء سياسة حكومتها. على اننا امام هذا الموقف الشديد و الواضح تجاه خصخصة ممتلكات الدولة ذات الطابع الاستراتيجي ينبغي الاقرار بأن خطة التنمية الاقتصادية تفترض التعامل مع المؤسسات الانتاجية الرأسمالية الخصة بصورة متفتحة . وبالمناسبة ان القطاع الخاص يتمسك دائما بمبدأ حسابات الجدوى الاقتصادية عند تأسيس وادارة مؤسساته التجارية . فاذا كانت هناك مؤسسات صناعية او زراعية اواية مؤسسة في فروع اخرى لا تتصف بالربحية او انها في تعثر دائم لأي سبب كان فالقطاع الخاص سرعان ما يقدم على معالجة الامر اما بتغيير الخط الانتاجي او تحديث التكنولوجيا او بالتحول الى فتح مصلحة اخرى قد تختلف جذريا عن المهنة السابقة لصاحبه . وفي هذه الخاصية تكمن كل الفائدة في القطاع الخاص . انه قطاع عملي . يفتش عن النمو والاستزادة من المنافع والارباح . ولفترة سابقة لم تكن بعيدة شهدت البلدان النامية موجة سياسية اتجهت حكوماتها بموجبها الى نشر ما سمي بالقطاع العام . وهي عملية معاكسة للخصخصة . حيث قامت الحكومات بامتلاك مؤسسات صناعية وببناء اسواق تجارية كبرى لها وتأميم البنوك والسيطرة على التجارة الخارجية وبسط احتكارها على المواد الانشائية الاساسية كالحديد والسمنت ....الخ ...الخ . ومن الطبيعي ان يستلم ادارة تلك المؤسسات والمصالح مدراء بيروقؤاطيون بعيدون كل البعد عن فهم الاسواق وحاجة المستهلكين واذواقهم ثم بدأ التلاعب بمصائر الاقتصاد الوطني وانتشرت السوق السوداء واستشرى الفساد الاداري والمالي . ومما يذكر بهذا الخصوص ان انتشرت نظريات وتنظيرات مفتعلة في وقتها حول التوجه الاشتراكي ، و طريق التطور اللارأسمالي وما الى ذلك . والملاحظ ان عددا لا يستها ن به من الدول اعتنقت هذه السياسة بالرغم من بعدها الشاسع عن اية مطامح اشتراكية . بل وان حكاما يعتبرون من اشد السياسيين مناوأة للاشتراكية رأوا في ذلك التوجه مصلحة طبقية فريدة . الامر وما فيه ان دخول الدولة في الاسواق المحلية واحتواءها للحلقات المركزية لاقتصاد البلاد كان يعني هيمنة الحكومة على حركة الاسواق وعلى نمط معيشة الناس وبالتالي التصرف بارزاقهم وبمقدراتهم الشخصية ومن ثم تسخير الاقتصاد لصالح تشديد قبضة السلطة الغاشمة على البلاد . وهكذا نجد ان المصلحة الاقتصادية تقتضي اعدة الحق الى نصابه . والحق ــ برأينا ــ هو اعادة الوضع الطبيعي الى الاسواق واعطاء القطاع الخاص الفرصة للمساهمة في اعادة العافية الى الاقتصاد عموما والاتجاه المبرمج علميا للتنمية والغاء البطالة من حياة البلاد . فالخصخصة اذن تكون جائزة بل وضرورية اذا ما اخذ القطاع الخاص مجاله الطبيعي دون المساس بالموارد الطبيعية والاستراتيجية العائدة للدولة .
الخصخصة في ظل العولمة
واليوم حيث يسير العالم تحت ضغط عولمة الاقتصاد العالمي وما يتصل بها من سطوة للشركات متعددة الجنسية، فان الخصخصة ستكون أداة إضافية لنهب منظم للثروات الطبيعية للبلدان النامية. إما آلية هذا النهب فإنها تتم بواسطة الجسور الواصلة بين الشركات المذكورة ورأس المال المحلي في ظروف الضعف الاقتصادي للدولة. ذلك أن رأس المال الوطني يتحول من قوة وطنية إلى قناة تجري عبرها ثروات البلاد بالتدريج إلى الخارج . وحسب اللغة الاقتصاديـةان الثروات تلك لا تستعمل لنشر الرفاه العام في بلادها بل تستخدم لاغناء وزيادة جبروت تلك الشركات الخارجية وإملاء خزائنها مع ترك قدرا ضئيلا من الفتات لـلفئات التجارية المحلية. ولهذا بالذات نجد أن المؤسسات المالية والتجارية العالمية تحاول أن تفرض الخصخصة على البلدان النامية وخاصة ذات الثروات الطبيعية الكثيرة . نعم هذه واحد فقط من "بركات" العولمة. أما إذا توسعنا في تعداد سلبياتها فسوف نشاهد أنها ستمتد إلى مخاطر أخري ومن بينها نشر الإعلام المعولم الذي يستهدف قبل كل شيء الانقضاض على عقول الشباب والأطفال قبل غيرهم وذلك ليتم عزلهم منذ نعومة أظفارهم عن أجواء وطنهم ومجتمعهم وعن بيئتهم العائلية لغرض "الاعتماد" عليهم مستقبلا. عدا أن الخراب الفكري يسهل كثيرا امرار الخراب الاقتصادي وبدون حصول مقاومة تذكر. وفي هذا السياق نجد أن المحاولات جارية لتنفيذ لعبة الخصخصة إضافة إلى" ليبرالية الأسعار" آو"العلاج بالصدمة" ومما يهم العراق بهذا الصدد أن "بعض الأوساط" الاجنبية كلفت الاقتصادي الروسي غيدار أحد العناصر الحزبية الكبيرةالسا بقـــةوهو أيضا أحد أبطال "الديمقراطية"!!! الجديدة ومبتدع "العلاج بالصدمة" و "ليبرالية الأسعار"أي السياسة التي حطمت الاقتصاد الروسي حتى الأساس ، وذلك لنقل "تجربة" تخريب روسيا إلى بلاد الرافدين لنفس الغرض وقد زار بغداد فعلا ليقدم وصفة "التقدم" و"الازدهار" في ظل التبعية الأجنبية!!!!وفي ذلك تناغم مفضوح مع المقال الكوهيني المنشور في مجلة "الثقافة الجديدة ". مع ان المقال غريب على المجلة المذكورة. ا لا ان ذلك الغيدار قفل راجعا بخفي حنين وبسرعة لم تتوقعها الاوساط التي انتظرت منه ان يعبد لها الطريق للنفوذ الى ارض النفط لعلها تظفر بحصة منه بعد خصخصته بعد ان نهبت النفط الروسي . الامر وما فيه ان تلك الاوساط المتربصة لم تفهم العراق والعراقيين . كما لم تكن تفهمهم من قبل . ان العراق ( والحمد لله ) يملك علماء اقتصاديين وسياسيين ، بغض النظر عن اختلافاتهم حول بعض الاتجاهات السياسية ، الا انهم مستعدون دائما للمضي يدا ً بيد للدفاع عن مصالح البلاد . وإكمالا للأفكار الواردة بخصوص الخصخصة تنبغي الاشـارةالى أن الاقتصاديين من ذوي الاختصاص بالتخطيط والإدارة خاصة قد يؤيدون الخصخصـة لبعض المشاريع والمؤسسات . ولكن ذلك التأ ييد يجب ان يكون مقرونا بشروط على جانب كبير من الأهمية . والشرط الأساسي لهذه العملية ( عملية الخصخصة )هو أن لا تمس قدرات الدولة الاقتصادية بل وان يكون لها أيضا تأثيرا إيجابيا على مجمل الاقتصاد الوطني . ثم يجب أن تكون الخصخصـة ، كما يرى علم التخطيط الاقتصادي ، قابلة للتراجع . ونعني بذلك حق الدولة في إرجاع المشاريع التي يتم بيعها لأفراد من القطاع الخاص في حالة عجزهم عن تحقيق تطويرالمشروع موضوع البحث لأي سبب كان . وأخيرا إذا ما تمت خصخصة مشا ريع ما على طريقة الأسهم ثم حصل بعد ذلك رغبــة لدى بعض المساهمين في شراء اسهم من بعضهم البعض لأغراض تكثير أسهمهم في المشروع فيجب أن تكون الأموال المدفوعة للشراء من مجمل الأرباح الناجمة من تشغيل تلك المشاريع وذلك لضمان اهتمام المساهمين في ارتفاع إنتاجيتها وزيادة الأرباح فيهــا . وأمام هذه المهام الحرجة نجد – نحن العراقيين- في أنفسنا الأمل في أننا سنجتاز هذا الامتحان الصعب وسوف نحافظ على ترواتنا الطبيعية مصالح وطننا ومجتمعنا و رأسمالنا الوطني ، وذلك بفضل حكومتنا الوطنيــة وعلمائنا الاقتصاديين والحقوقيين ورجالات العراق من السياسيين بأحزابهم ومنظماتهم النقابية وحتى رجال الأعمال عندنا فانهم جميعا قادرون على رسم السياسة السليمة للبلاد بعيدا عن تلك "النصائح" الاجنبية المشبوهة التي لا تنتج سوى الخراب والتفتت.
القطاع ا لحكومي وقطاع رأس المال الوطني
تفترض القوانين الاقتصادية العلمية في البلاد اتباع سياسة التوازن بين القطاعات والفروع الإنتاجية وكذلك اتخاذ العقلانية في توزيع المهام التنموية بين القطاع احكومي والقطاع الخاص الذي يعتمد على الرأسمال الوطني. على أن القطاع الخاص ينبغي أن يتلقى العون والمساعدة من جانب الدولة بصورة دائمة وفعالة ، عن طريق حمايته من ابتزاز أو مزاحمة رأس المال الاحتكاري الأجنبي. ولكن ماهي الفروع الاقتصادية التي ينبغي أن يزاولها القطاع الحكومي أو كما يسمى أحيانا القطاع العام ؟ لقد مر العراق خلال السبعينات من القرن الماضي في ظل الطغيان البعثي ــ العفلقي والدكتاتور المخلوع صدام بعمليات تخريب ليس فقط في مجال المجتمع والعنصر البشري بل في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات وغيرها…. وغيرها. ومن الاعمال التخريبية إن النظام جعل القطاع العام في الصدارة وكأنه في نزاع مع القطاع الخاص بحيث استحوذ على التجارة الخارجية وعلى جزء كبير من التجارة الداخلية والهيمنة على حركة السوق المحلية وكما دمر الزارعة وفرض الخاوات على التجار والكسبة واشاع الاعدامات في أوساط التجار واصحاب رأس المال الوطني التقليدي . وهنا يجب أن نذكر شيئا مهما بهذا الشأن وهو أن ذلك النظام الغاشم كان يتوخى من إجراءاته تلك تقوية مركزه وتسلطه عن طريق جعل القطاع الخاص وارزاق السكان عموما ( كما اشرنا توا ً ) خاضعين له و لأهواء الطاغية وازلامه. بينما المصلحة الاقتصادية كانت تقتضي تقيد الحكومة بمساعدة ومساندة القطاع الخاص وضمان مصالح التجار الصغار والكسبة ورفع قدراتهم في العملية الإنتاجية . أما القطاع الحكومي فله ميادين محددة يستطيع بل ويجب عليه أن يشغلها . وهي ميادين الثروات الاستراتيجية والتكرير النفطي والموانئ والمواصلات الجوية والسكك وما شابه. وكذلك الفروع التي يعجز القطاع الخاص عن إدارتها أو تمويلها . على أن خدمات الهياكل الارتكازية ومقاولات التعمير والنقل والتصريف والاعمال ذات العلاقة بالاستثمارات الحكومية المذكورة فهي الأخرى يجب أن تترك للقطاع الخاص لتتحرر الدولة من أعبائها أولا ثم أن الموظفين الحكوميين أنفسهم لا يصلحون لمثل هذه الأعمال كما لا يصلحون لتولي أعمال التجارة والأسواق. وعلى ذكر الأخطاء الفكرية التي سادت في السبعينات حول توسيع القطاع العام على حساب رأس المال الوطني فيجب أن لاتعود مرة أخرى .. كما لا يصح اتخاذ الخصخصة لإلغاء القطاع العام . وهذه مهمة يمكن حلها فقط بواسطة التخطيط العلمي وعلى يد الأخصائيين البعيدين عن الأهواء والعواطف الذاتية .
حول الإنفاق الحكومي والخصخصة
قبل كل شيء ينبغي الاعتراف – في ضوء ما تقدم – بان الخصخصة تبعد الدولة عن مهامها المناطة بها. ومن أولى المؤشرات بهذا الخصوص إن الخصخصة تنفي الإنفاق الحكومي (كليا آو جزئيا). وإذا قيل أن الضرائب فيها تعويض عن ذلك فهذا كلام غير مقبول وغير معقول أيضا وفيه تعسف للمواطنين . بينما بقاء ملكية الدولة على مشاريعها الاستراتيجية مع الرفع المستمر للإنتاجية فيها يعني ضمان الرفد المستمر للخزينة وبالتالي يصبح بإمكان الدولة الاستمرار بالأنفاق على مشاريع البناء والتعمير وتطوير المدينة والريف على حد سواء والدولة في هذه الحالة سوف لن تضطر أن تـثـقـل كاهل الشعب بالضرائب. ومن المعروف أن الإنفاق الحكومي الذي يتم عادة في ضوء التخصيصات السنوية يعتبر أداة مكينة لتحريك الأسواق الداخلية . ذلك أن المشاريع الاعمارية والزراعية أو المتعلقة بالري والمواصلات والمدارس والمستشفيات والحدائق العامة والبنايات الحكومية وغيرها من الهياكل الارتكازية تعتمد كلها عادة على خزينة الدولة ومدا خيلها الأساسية . إن فهم دور الإنفاق الحكومي والتنمية يتجلى في الآ لية التي يراها كل من لديه إلمام بالمعارف الاقتصادية والسوقية. الأمر وما فيه أن تنفيذ التخصيصات وفق أبوابها المخططة بما فيها دفع الرواتب والأجور للجيش والشرطة والمعلمين والموظفين الآخرين سوف يؤثر إيجابيا ومباشرا على الطلب الفعال في الأسواق مما يدفع بدوره أصحاب المصالح ورؤوس الأموال الوطنية في الصناعة والزراعة والتجارة والمواصلات إلىالانتاج الاكثر لتكثيف عرض السلع و الخدمات . وبناء على هذه الآلية سوف تزدهر كافة الفروع الإنتاجية وتنحسر البطالة ويختفي الركود وترتفع الأرباح والمد أخيل لدى الناس مما يساعد مرة أخرى على تحريك الاسواق اكثر فاكثر… وسيتحقق إشباع حاجات الناس من السلع الاستهلاكية والمواد المنزلية وسيأخذ الرفاه العام في ربوع البلاد يتصاعد بدون انقطاع. ومن هنا أيضا نستطيع أن نتصور أهمية وجود القطاع العام في المشاريع الاستراتيجية على أن الدولة في هذه الحال ستندمج مصالحها أكثر فأكثر بمصالح رأس المال الوطني مما يشكل مصدرا إضافيا لتوطيد مواقع الدولة سياسيا في الخارج واحلال الاستقرار والأمن في داخل البلاد. ومقابل هذا يمكن تصور المأساة الاقتصادية والاجتماعية التي سوف تحيق بالبلاد لو جرى عكس ذلك وتمت الخصخصة الشاملة لممتلكات الدولة كما تمت في الدول الاشتراكية السابقة "مثلا". ولكن نعود ونقول لنا كامل الثقة بان الاختصاصيين العراقيين والأحزاب الوطنية سوف يضعون الأمر في نصابه آخذين العبرة من سلبيات الخصخصة التي أدت إلى خراب بلدان كانت قوية بالأمس القريب.
#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكافحة البطالة والتنمية في عراقنا الجديد
-
مسودة مشروع برنامج اقتصادي لعراقنا الجديد
-
lمشروع برنامج اقنصادي
المزيد.....
-
الذهب يواصل صعوده في مصر.. أسعار الذهب اليوم تسجل ارتفاعاً ج
...
-
روسيا تقترح نظاما جديدا لدول البريكس يكسر هيمنة الدولار
-
لبنان ـ مبادرات إغاثية تحت ظروف صعبة في بلد اقتصاده شبه منها
...
-
السبت الموافق 12 أكتوبر 2024 .. سعر الدولار أمام الجنيه المص
...
-
منافس الفئة الاقتصادية.. مواصفات هاتف Samsung Galaxy A24 وس
...
-
بيانات تظهر النتائج الاقتصادية التي حققتها الولايات المتحدة
...
-
السياح الروس يحولون وجهتهم من الشرق الأوسط إلى آسيا
-
الأخضر هيطير!! .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري في ج
...
-
ماكرون يدعو إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة في غزة ولبنان
-
ماكرون يتحدث مجددا عن -صادرات الأسلحة لإسرائيل-
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|