أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق














المزيد.....

خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 7362 - 2022 / 9 / 5 - 04:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على الرغم من أنّ "الديموقراطيّة" فُرِضَت فرضا على العراق، الّا أنّها وعلى الرغم من حاجتنا الماسّة اليها لبناء بلدنا لم تستطع أن تلبّي أبسط شروطها، لخوض عمليّة سياسيّة حقيقيّة طيلة تصديرها لنا منذ الإحتلال الأمريكي للبلاد الى اليوم، هذا إن كان للديموقراطيّة حضور في المجتمع والدولة. كما ومن الضروري جدا عدم إضفاء الديموقراطيّة على شكل النظام السياسي العراقي الحالي كونه يؤمن بصناديق الإقتراع، كون صناديق الإقتراع لوحدها ليست دليلا على ديموقراطيّة نظام ما. فهناك الكثير من الأنظمة وتحت ظروف سياسيّة معيّنة تذهب الى صناديق الإقتراع لتأكيد شرعيّتها، وهذا ما ذهب اليه النظام البعثي وهو يؤسس ما يسمّى بالمجلس الوطني عام 1970، ولم يذهب العراقيّون الى صناديق الإقتراع لإنتخاب "مندوبيهم" الّا في العام 1980 ، أي بعد تولّي الدكتاتور صدام حسين السلطة. ومن أهم قرارات المجلس الذي تغيّر إسمه الى مجلس النوّاب العراقي بعدها هو توصيّة أعضاءه بالإجماع على تولّي الدكتاتور السلطة مدى الحياة ... !!

إذا أعتبرنا ومن خلال التجربة القاسيّة التي مرّ بها وطننا وشعبنا ، والمحن اللذان مرّا بهما خلال العهد الدكتاتوري يعود لإفتقارنا لديموقراطيّة حقيقيّة، وأنّ النظام البعثي هو المسؤول عن جميع الكوارث والأزمات التي مرّ بها العراق نتيجة حروب الدكتاتور العبثية والحصار الظالم على شعبنا، فإننا بالحقيقة ننظر الى النصف الخالي من الكأس فقط. أمّا النصف الآخر من الكأس وهو الأهم والمملوء فهو تجاهلنا من أنّ الدكتاتور ونظامه كان لهما عمقا شعبيّا لدى قطّاعات لا بأس بها من شعبنا، سواء كان هذا العمق عن قناعة أو عن خوف من سطوة السلطة وبشاعة جرائمها. كما لا يجب أن نغفل إصطفاف الكثير من المثقفين العراقيين والعرب، الى جانب السلطة الدكتاتورية وتزيين وجهها القبيح، وعلى الضد من مصالح شعبنا وتطلعاته للعيش بأمان وكرامة.

إذا نظرنا الى العراق اليوم وهو يمرّ بأزمة سياسيّة هي إمتداد لأزماته السياسيّة منذ إعتماد "الديموقراطيّة" التي أنتجت نظام المحاصصة الطائفيّة، وأعتبرناها أي "الديموقراطيّة" مسؤولة عن كل الجرائم السياسيّة والإجتماعية والإقتصاديّة التي حصلت وتحصل لليوم، فأننا بالحقيقة ننظر الى الجزء الخالي من الكأس، أمّا الجزء الآخر من الكأس وهو الأهم والمملوء فهو تجاهلنا للعمق الشعبي لأحزاب المحاصصّة الطائفيّة القومية. هنا قد يقول البعض بخطأ هذا الإستنتاج وقد يكون على حقّ، الّا أنّ من حقنا أن يُثبت لنا هذا البعض سبب حصول نفس القوى السياسيّة المسؤولة عن دمار البلد على أصوات الناخبين العراقيين وهم يذهبون الى صناديق الإقتراع كل مرّة؟ سيقال أنّ القانون الإنتخابي غير عادل، هذا صحيح جدا. وأنّ المفوضيّة المستقلّة للإنتخابات غير مستقلّة وغير نزيهة، هذا صحيح جدا. وأن المال السياسي يستخدم لشراء ذمم الناس، وهذا لا ريب فيه. وأنّ المحكمة الإتحاديّة تتحرك وفق أجندات حزبية، وهذا ما لا شكّ فيه. وأنّ للسلاح والفتاوى الدينية دوراً في توجيه الناخبين، وهذا ما لا يختلف عليه إثنان. كل ما ذكرناه أعلاه تعتبر وسائل أو آليات للديموقراطيّة، أمّا العناصر الأساسيّة للديموقراطيّة والتي نفتقدها بالعراق، فهي غياب حريّة التعبير من خلال غياب أو تقنين الحريات الأساسية، وتغييب أو تقنين المشاركة السياسيّة لأحزاب وحركات من خارج منظومة أحزاب المحاصصة الطائفيّة القومية.

عهد الدكتاتورية كانت السلطة بيد البعث ولم تكن هناك قوى سياسيّة داخليّة قادرة على التغيير، لا من خلال الآليات الديموقراطية لعدم إيمان السلطة بها ولا من خلال إستخدام وسائل العنف، لقوّة السلطة وأجهزتها القمعيّة وأذرعها المسلّحة كالجيش والشرطة وفدائيي صدام والجيش الشعبي. ويبدو اليوم أنّ التاريخ يكرر تجربة النظام البعثي من جديد، فالقوى السياسيّة غير المؤمنة بنظام المحاصصة الطائفية القومية، غير قادرة على التغيير من خلال صناديق الإقتراع، لعدم توفر العناصر الأساسيّة للديموقراطية أي حريّة التعبير وإستخدامها في توسيع قواعدها الجماهيرية، وبالتالي رفض القوى المهيمنة على مقاليد السلطة سنّ قوانين تسمح في أن يكون العراق ديموقراطياً بحق. وهي ليست قادرة على التغيير من خلال إستخدام وسائل العنف لقوّة السلطة وأذرعها المسلّحة كالجيش والشرطة الإتحادية وقوات حفظ النظام والحشد الشعبي والميليشيات المسلّحة والعصابات والمافيات التي تديرها الأحزاب النافذة أيضاً. ولا عجب في ذلك، فالبعث وأحزاب المحاصصة وجميع الأحزاب والحركات السياسية العراقية هي نتاج مجتمعنا الغارق بالصراعات الطائفية والقومية.

الصراع السياسي الأخير بالعراق كان أحد أطرافه التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر وهو رجل دين، ويقال أنّ السيستاني هو من هدّأ الموقف بطلبه من الصدر بإصدار أوامره لأنصاره بالعودة الى بيوتهم، والسيستاني رجل دين أيضاً. وهناك من يثمّن مواقف الطرفين لنزع فتيل الأزمة وتهدئة الشارع، وهذا يعني أنّ لرجل الدين في العراق دوراً أكبر من المشاركة السياسية لتعزيز الديموقراطية وسيادة دولة القانون. فمجلس النواب العراقي "المنتخب" ورئاسة الوزراء ومعها الجمهوريّة، لا مكان لهم في تهدئة الشارع عند إحتقانه. أنّ تثمين مواقف رجال الدين في مواقف سياسية كما في المشهد السياسي الأخير من قبل أحزاب ومنظمات ومثقفين وإن كان فعلا لنزع فتيل الأزمة وتهدئة الشارع، يعتبر تنازلاً طوعياً من هذه الأحزاب والحركات عن الديموقراطيّة ونتائجه كارثيّة على المدى البعيد، هذا إن كانت هناك ديموقراطية فعلا بالعراق .....

منح رجال الدين الحق في حسم الأمور السياسيّة اليوم، يعني تفرّدهم بجميع القرارات السياسيّة بالبلاد مستقبلا، وهنا تكمن الخطورة التي على الأحزاب والحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني المؤمنة فعلا ببناء نظام ديموقراطي حقيقي الإنتباه لها، خصوصا وأنّ العراق تحت الوصاية الإيرانيّة وتدار شؤونه من طهران....



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار ولاية الفقيه وصل حدود النجف الأشرف
- أقليم كوردستان ليس جزءا من الحلّ
- مبنى البرلمان العراقي لا يمثّل سلطة الشعب ولا القانون
- بين منهاج حزب الدعوة الأسلاميّة وتسريبات المالكي
- السيّد الصدر .. من المخجل جدّا جدّا
- الصدر والمشروع الأيراني في العراق
- السيد مقتدى الصدر: أن كان هذا نصرا فلا أهلا ولا سهلا به
- رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب
- الشعوب الأوربية تغامر بمنجزاتها التاريخية
- من أوراق أنتفاضة تشرين الخالدة..... أنتُنَّ اللواتي لَكُنّ ك ...
- أولويات الأسلام السياسي في العراق من وجهة نظر ميليشياوية
- وقاحة السفير الأيراني في بغداد وخيانة شيعية للعراق
- قضية الكورد الفيليين الموسميّة بين الإرادة والضمير
- بيت الشيوعيين .. بيت الشعب
- الأطار التنسيقي الشيعي وقصف أربيل ... بيان منحاز لأيران
- الطاقة هي محرّك الأزمة الروسية الأمريكية وليس أوكرانيا
- حتّى لا يطير الدخّان*
- مستقبل أغلبية الصدر السياسية
- عاش الشَع ..
- الإستعمار الإيراني للعراق أخطر اشكال الإستعمار


المزيد.....




- خيام نازحين تحترق، وقتلى وجرحى في قصف إسرائيلي طال محيط مستش ...
- غوتيريش يحذر من إمكانية -جريمة حرب- مع تزايد الاستهدافات الإ ...
- حزب الله يتوعد بتحويل حيفا إلى كريات شمونة بعد هجومه -النوعي ...
- -صدمت واشنطن-.. دبلوماسيان يعلقان على ظهور صورة السيستاني في ...
- بعثة مشتركة تزود مستشفيَين في شمال غزة بالإمدادات
- المتهم بمحاولة اغتيال ترامب -مصدوم- من التهمة الموجهة إليه
- الخارجية الروسية: نقل الولايات المتحدة منظومات -ثاد- إلى إسر ...
- دراسة مفاجئة عن عواقب شرب الحوامل للقهوة!
- الحمض النووي يحل لغز مكان دفن كريستوفر كولومبوس
- وزير الخارجية البريطاني يشارك في اجتماع للاتحاد الاوروبي لأو ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق