أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي حسين يوسف - اللغة والكتابة وسرديات الأصل















المزيد.....

اللغة والكتابة وسرديات الأصل


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 17:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قيل إنَّ اللغةَ إلهامٌ من اللهِ ، وقد ذهب إلىّ ذلك الرأي : هيراقليطس (ت ٤٧٠ ق م) وابن جنّي (ت ٣٩٢ هـ) وابن فارس (ت ٣٩٥ هـ) والأب لامي في كتابه (فن الكلام) ودوبولاند في كتابه (التّشريع القديم) ، لكنّ هناك من يرىٰ خلاف ذلك ، فاللغة من وضع البشر واصطلاحهم ، وقد ذهب إلىٰ ذلك الرأي ديموقريطس (ت ٣٧٠ق م) ، ومن المعاصرين آدم سمث وريد وستيوارت ، وقد ظهر اتّجاه ثالث يرى أنّ اللغة ترتدّ إلىٰ غريزة خاصّة قد انقرضت منذ أزمان بعيدة ، وقد ذهب إلىٰ ذلك الرأي رينان وماكس مولر ، وهناك رأي آخر يرىٰ أنّ اللغة مقتبسة من أصوات الطبيعة ، ومن أشهر القائلين بذلك العلّامة وتني ، واللغة بحسب هذا الرّأي الأخير أمّا : محاكاة لأصوات الطبيعة كأصوات الحيوانات ، وسميَ هذا الإتجاه بنظريّة (البو ـ وو) ، أو محاكاة الأصوات معانيها ، بمعنىٰ التّشابه بين الصّوت ومعنى الحرف ، وسُميَ بنظريّة (الدّنگ دونگ) ، أو أنّها أصوات تعجبيّة أو عاطفيّة وسُميَ هذا الاتّجاه بنظريّة (بوو ـ بوو) ، أو أنّها استجابة صوتيّة للحركات العضليّة وسُميّ هذا الاتجاه بنظريّة (يو_هي_هو) .
وقد شاع بين الباحثين القدامىٰ أنَّ اللغات بصورة عامّة ترتدّ إلىٰ ثلاث مجاميع سُميت بأسماء أولاد النّبيّ نوح ؏ , وهي : السّاميّة نسبة إلىٰ سام والحاميّة نسبة إلىٰ حام والآريّة أو اليافثيّة نسبة إلىٰ يافث , وفيما بعد ظهرت تقسيمات أخرى متعدّدة لا مجالَ هنا لذكرها .
وقد انقسمت السّاميّة علىٰ قسمين ؛ شرقيّة وتضمّ : البابليّة والآشوريّة والأكديّة ( المسماريّة) ، وغربيّة شماليّة تضمّ الكنعانيّة والآراميّة ، وغربيّة جنوبيّة وتضمّ العربيّة الجنوبيّة (المعينيّة والسبأيّة والحضرموتيّة والقتبانيّة والحبشيّة ) والعربيّة الشماليّة منها بائدة وتضمّ اللحيانيّة والثّموديّة والصّفديّة ومنها باقية وتشمل لغة الحجاز ولغة تميم ، فاللغة العربيّة الحاليّة علىٰ هذا الأساس تعود إلىٰ العربيّة الشّماليّة التي هي جزء من العربية الغربيّة التي تعود بدورها إلىٰ اللغة الساميّة .
أمّا الكتابة العربيّة فهي الأخرىٰ ظهرت بشأنها نظريّات كثيرة لكنّ النقوش والأدلّة التاريخيّة تشير إلىٰ وجود نوعين فقط من الخطوط في بلاد العرب وهما : الخطّ المسند أو الحميريّ في الجنوب عند أهل اليمن , والآخر هو الخطّ النبطيّ في الشّمال عند العرب والأنباط وكلاهما مختلفان عن بعضهما جداً , وقد اختلفت الآراء حول أيّ منهما يمثل أصلاً للخط العربيّ الذي نكتب به الآن .
الباحثون المعاصرون يرجحون أنَّ الأبجديّة العربيَّة ترتد إلىٰ الأبجديّة النبطيّة التي نشأت وتطوَّرت من الأبجديّة الآراميَّة ، فقد انتقلت الأراميّة إلىٰ شبه الجزيرة العربيَّة عبر الأنباط الذين طبعوها بطابعهم حتّى صارت لها هويّة مميّزة في جنوب الشّام .
فيما يرى المؤرخون القدامىٰ رأياً مختلفاً حول نشأة الكتابة العربيّة فقد كادوا يتفقون علىٰ أنّ أصل الكتابة العربيّة هو الخطّ المسند حيث تشير إلىٰ أنّ الخطّ الحميري (المسند) انتقل من اليمن إلىٰ العراق في عهد المناذرة ، فقد تعلّمه أهل الحيرة ، ثمّ تعلّمه أهل الأنبار ، ثم انتقل إلىّ الحجاز ، عن طريق التّجارة والأدب ؛ فقد ذكر ابن خلدون في مقدمته إنّ الخطّ العربيّ ازدهر في دولة التبابعة في اليمن ، وهو المسمىٰ بالخط الحميريّ ، ثمّ انتقل منها إلىٰ الحيرة في العراق بفعل النسب بين آل المنذر والتبابعة في العصبيّة , ومن الحيرة أخذه أهل الطّائف وقريش .
وذكر الحلبيّ في كتابه (السّيرة الحلبيّة) إنّ أوّل من كتب بالعربيّة من ولد إسماعيل هو نزار بن معدّ بن عدنان وذكر المسعوديّ : إنّ أوّل من وضع الكتابة العربيّة هم بنو المحصن من بني مدين ، وكانت أسماؤهم (أبجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت) ، فلمّا وجدوا حروفًا ليست في أسمائهم الحقوا بها وسموها الروادف وهي (الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين) ، والتي مجموعها (ثخذ ضظغ)، فتمت بذلك حروف الهجاء . وقيل بل هم ملوك مدين وإنّ رئيسهم (كلمن) ، وأنهم هلكوا يوم الظلّة ، وأنّهم قوم نبيّ الله شُعيب .
وبعد مراحل من التّطور ضُبطت الحروف العربيّة بتسعةٍ وعشرين حرفاً مع الهمزة ، قيل إنّ اثنين وعشرين حرفاً منها يعود لأصل ساميّ وهي : أ ، ب ، ج ، د ، هـ ، و ، ز ، ح ، ط ، ي ، ك ، ل ، م ، ن ، س ، ع ، ف ، ص ، ق ، ر ، ش ، ت ، أما الستّة أحرف الأخرىٰ فقد أضافها العرب فيما بعد ، وهي : ث ، خ ، ذ ، ض ، ظ ، غ . ومن ثمّ جُمعت كلّها بكلمات هي : أبْجَدْ ، هَوَّزْ ، حطِّي ، كَلَمُنْ ، سَعْفَصْ ، قَرَشَتْ ، ثَخَذْ ، ضَظَغْ .
وقد رتبت الحروف العربيّة ترتيباً شكليّاً يعتمد علىٰ التشابه ويعود هذا التّرتيب إلىٰ اللغوي نصر بن عاصم الليثيّ الكنانيّ (ت ٩٠ هـ) .
ثمّ رتبت ترتيباً صوتيّاً بحسب مخارج الحروف وابتدأ من الحلق ، ويرجع إلىٰ الخليل بن أحمد الفراهيديّ (ت ١٧٠ هـ ) وهي كالآتي : ع ، ح ، هـ ، خ ، غ ، ق ، ك ، ج ، ش ، ض ، ص ، س ، ز ، ط ، ت ، د ، ظ ، ذ ، ث ، ر ، ل ، ن ، ف ، ب ، م ، و ، ي ، أ.
وكان العرب يكتبون الحروف بلا إعجام أو تشكيل ، وكانوا يميزون بين الحروف المتشابهة بالسليقة والسّياق ، ولما كثر اللحن والتّحريف في تلاوة القرآن وضع أبو الأسود الدُّؤَلي بطلب من الإمام عليّ بن أبي طالب ؏ علامات الاعراب بلونٍ مختلف ، فجعل للفتحة نقطة فوق الحرف ، وللكسرة نقطة أسفل الحرف ، وجعل للضمّة نقطة من الجهة اليسرىٰ ، وكانت نون التّنوين تكتب فاستبدلها بنقطتين تبعاً لحركة الحرف , ومن بعد ذلك قام نصر بن عاصم ويحيىٰ بن يعْمُر باستكمال التّنقيط .
وقام الخليل بن أحمد بإبدال الشّكل الذي وضعه الدؤليّ ، فالضمة وضع لها واواً صغيرة ، ووضع للتنوين اثنين , والفتحة وضع لها خطّاً صغيرًا فوق الحرف ، وجعل للتنوين اثنتين ، ووضع للكسرة خطّاً صغيراً تحت الحرف ، وجعل للتنوين اثنين .
وبفعل انتشار الدّين الاسلاميّ والفتوحات والتّبادل الثّقافيّ اعتمد الحرف العربيّ في لغات كثيرة منها : السّنديّة ، والأورديّة ، والعثمانيّة ، والكرديّة ، والملاويّة .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيرةُ المفهوم من جزئيّات الّلغة إلى كليّات الوجود
- الفلسفة المثاليّة , شاعريَّة اللغة ووحدة الوجود
- جرير والفرزدق , صراع أدبي أم أخلاقي
- الأنساق الثقافية ، التكوّن والتّأثير
- كن حكيما
- حدود العقل
- المشاكسة بوصفها انعكاسا للصراع الطبقي
- براهين وجود الله بين الفلسفة والدين
- أدبيات كورونا
- تجربة يحيى السماوي من منظار آخر , قراءة في كتاب (مرافئُ فِي ...
- التحليل النفسي وأثره في دراسة الأدب
- اللسانيات والتحول الشامل
- القراءة من السياقية إلى العودة للتحليل النفسي
- الأبعاد التاريخية والسياسية للطائفية في العراق
- النحو العربي ولا واقعية المفاهيم
- رأيٌّ في نَشأةِ المُجتمعِ والدَولةِ واللغةِ
- اللغة والتفكير من الصوت الطبيعي إلى المفهوم المجرد
- شرط الفلسفة وضرورات التفلسف
- الناقد وشرط المعرفة بتاريخ الأدب ومذاهبه
- التفكير النقدي , ماهيته , أركانه , متطلباته


المزيد.....




- عمره مئات السنين.. كيف أصبح هذا الحي القديم رمزا مهيبًا في ا ...
- فواز جرجس لـCNN عن الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران: علينا ت ...
- الجيش الإسرائيلي يرصد حوالي 20 قذيفة صاروخية أُطلقت من لبنان ...
- لأول مرة منذ مقتل نصرالله.. وزير الخارجية الإيراني يصل إلى ل ...
- الجيش المصري يتدرب لتدمير مقاتلات F-35 ودبابات ميركافا
- الملك تشارلز يؤدي رقصة -الساموا- خلال حفل استقبال جاليات الك ...
- في اليوم 364 للحرب: إسرائيل تصعد هجماتها الجوية في غزة والضف ...
- غارة اسرائيلية تقطع الطريق الدولية بين سوريا ولبنان
- مجلس الأمن يدعم غوتيريش بعدما اعتبرته إسرائيل -شخصا غير مرغو ...
- -فايننشال تايمز-: رد إسرائيل على الهجمات الصاروخية الإيرانية ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي حسين يوسف - اللغة والكتابة وسرديات الأصل