|
ولو بعدَ حين...
بسام ابو شاويش
الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 13:34
المحور:
الادب والفن
كتب: عمر رمضان صبره منذ عام 2016 لم اقرأ الا بعض الروايات، وكان اهتمامي بالقراءة منصبا على كتب القانون والتاريخ. ومنذ عدة أيام اطلعت على مكتبتي فإذا بها أكثر من 100رواية أدبية لروائيين فلسطينيين وعرب وعالميين، وقد أحببت أن اقرأ بضع روايات ثم أكتب انطباعي عنها. الرواية الثانية لكاتب فلسطيني هو بسام ابو شاويش في روايته (ولو بعد حين أو موت مؤجل) التي تتحدث عن فترة تاريخية قبل قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين حتى اجتياح بيروت 1982. يفتتح الكاتب روايته بإهداء مميز "إلى الذين قالوا: لا.. عندما هتف الجميع: نعم.. تحية وحب...". علما أن الرواية صادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية الطبعة الأولى عام 2020 مذيلة بلوحة فنية على غلافها للفنانة التشكيلية المقدسية احسان القواسمة وعلى الغلاف الأخير كلمة لوزير الثقافة. قسم الروائي روايته بين شخصيات يهودية واخرى فلسطينية واصفا واقع كل شخصية من ديفيد اهارون اليهودي بداية الرواية ليصف احداث قيام الجيش النازي في ألمانيا وما فعله بهم وتجربته الشخصية في الاختباء واغتصاب الجيش لأخته وقتل أمه وأبيه دون أن يستطيع حمايتهم ثم دفنهم.. وكيف هرب وهو متخف بالصليب في رقبته إلى أن وصل فرنسا ثم بريطانيا حتى مشاركته في الحرب ضد النازية، وحصوله على وسام الشجاعة الملكي البريطاني، وانتقاله الى البارات وقتله زنجيا إثر عراك على عاهره، حيث خطت علامة في وجهه من ضربة موس الحلاقة من الزنجي، إلى هجرته لفلسطين، ومشاركته في المجازر الصهيونية ومنها مذبحة دير ياسين، ووصوله إلى أعلى المناصب في الجيش، وحتى قتله في جنوب لبنان. إن شخصية صلاح الياسين الذي سيذهب للدراسة في عمان، وقيام الكابتن ديفيد اهارون بقتل أبيه وعائلته كلها وهو مختبئ في حظيرة الحيوانات دون ان يستطيع الدفاع عنهم من عصابات الهاغناه، من قبل الكابتن ديفيد الذي ميزه من العلامة التي على خده وكأنه يقوم بجرائم القتل كما فعل به النازيون. وقد عبرت الشخصية كما في صفحة 91 إذ يقول "كان أبي ـ المختار ـ الذي جاوز الستين.. شاهدته يتوسل للضابط أن يرحم النساء والأطفال... تأملت وجه الضابط متفحصا.. ثمة جرح غاثر بامتداد خده الأيمن.. بدا شديد البشاعة.. وجه رشاشه إلى صدر والدي وأطلق صليه كانت كافية ليتكوم والدي على الأرض جثة هامدة.. أمر جنوده بإطلاق النار على الجميع... سمعته يقول بعبرية ركيكة أعرف بعض مفرداتها ... اقتلوهم جميعا ...لا نريد أسرى". وقد تحدثت الرواية عن قضايا اجتماعية ووطنية وسياسية والأهم بناء التنظيمات بالإضافة لمقاومة المحتل الغاصب. يترك الكاتب الحرية الكاملة لشخصيات روايته لتعبر عن أحلامه وواقعه وتطلعاته ومستقبله. قدم الروائي في روايته أحداثا كثيرة منها رؤية الشيوعيين للقضية الفلسطينية، ودفاع صلاح الياسين عن الشيوعيين والاتحاد السوفيتي. حيث كانوا يعتقدون أن الاتحاد السوفيتي لن يعترف بقرار التقسيم ولا بدولة اليهود، حتى أنهم لم يصدقوا كيف اعترف بقرار التقسيم، وهذا بحاجة لدراسة تاريخية موضوعية حول الحزب الشيوعي، حتى اعترافه بتقسيم فلسطين وقبولهم دولة اليهود. وهذه التجربة تحدث حولها الكاتب منير شفيق باستفاضة في حواراته الصحفية. كذلك تحدثت عن الملك المصري ونزواته الجنسية فكان قاسيا عليه، لتركه جنوده محاصرين مع الأسلحة الفاسدة التي وصلتهم والهزائم التي كتبت بها، والصراع بين الإخوان المسلمين والملك ما بين الولاء والصراع مع الملك ومن ثم الرئيس جمال عبد الناصر والفراق معهم، ومن مقتل رئيس الوزراء النقراشي حتى المرشد حسن البنا ويختتم "والمسألة اتسعت لتأخذ أبعادا جديدة لم تكن بالحسبان". إن ما أحزنني في الرواية هو تذكير الكاتب لنا بالصراعات العائلية والحزبية والانشقاقات الفلسطينية قبل النكبة ووثوق بعض القيادات ببريطانيا. ختاما إن نقد الرواية أو الكتابة عنها لا يغني عن قراءة النص الأصلي فهي ممتعه القراءة بين التاريخ والحبكة الروائية وشخصيات عامة وخاصه، رواية تستحق القراءة والتمتع بها ما بين الرومانسية والحزن والألم والظلم والقهر. لقد اختتم الكاتب روايته بقتل ديفيد بن اهارون الجنرال بالجيش الإسرائيلي بعد أسره في جنوب لبنان من قبل نضال ابن صلاح الياسين ومايكل الزنجي الذي تطوع في حرب لبنان من أجل أن ينتقم لمقتل والده وقد فرح صلاح الياسين لمقتله بعد أن عرف أن ابنه هو من قتله، فعند وداع ابنه نضال ليتعلم الطب بإيرلندا قام ابنه بتمزيق صورة ديفيد اهارون. الرواية هي قراءة تاريخية لقضيتنا قبل النكبة وما بعدها، عبر شخصياتها التي جزء منها واقعي وجزء مجبول بنسيج الخيال والجمال والرومانسية والحزن. فقد اختتم الكاتب روايته في دمشق عام 1988 وقد نشرها عام 2020 كما قلنا سابقا 270 صفحة. رواية جميلة تستحق القراءة كلماتها ذات السهل الممتنع وحبكتها الرواية المنضبطة والمترابطة تجعلك تقرأها حتى النهاية. السيرة الذاتية للكاتب والروائي ابو شاويش: من مواليد مخيم النصيرات في قطاع غزة عام 1961، هجرت عائلته عام 1948 من قرية برقة قضاء غزة. تلقى دراسته الأولية في مدارس المخيم، والثانوية في مدرسة خالد بن الوليد الثانوية. سافر إلى سوريا لإكمال دراسته الجامعية حيث درس في معهد الجمهورية بدمشق برمجة كمبيوتر. تطوع في حركة فتح خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وتنقل في مواقع الحركة في لبنان بين البقاع وبيروت والجبل والجنوب. انتقل إلى اليمن حيث واصل العمل في صفوف الحركة في قوات شهداء صبرا حتى توقيع اتفاق أوسلو والعودة إلى أرض الوطن عام 1994. عمل في السلطة الوطنية الفلسطينية ضابطاً في الاستخبارات العسكرية إلى أن تقاعد مبكراً عام 2008. ويكتب المقالات السياسية والثقافية في الصحف والمجلات. وهو عضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين إنتاجه الأدبي: 1 رواية (أنا آتيك به! الحقيقة الكاملة لاختفاء التلحمي) الصادرة عن مكتبة كل شيء في حيفا 2019. 2 رواية (ولو بعد حين أو موت مؤجل) الصادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله 2020. 3 رواية (بورتريه قديم) الصادرة عن مكتبة سمير منصور في غزة 2021. 4 المجموعة القصصية (زمن الكاتيوشا) الصادرة عن مكتبة كل شيء في حيفا 2018، وتضم 28 قصة. 5 المجموعة القصصية (موت على الضفة الاخرى) الصادرة عن مكتبة سمير منصور في غزة 2018، وتضم 19 قصة. بدايات الكتابة: يعرف الكاتب نفسه عن بدايته للكتابة وفق حوار سابق مع الصحفية سماح عادل فيقول: "شغفي بالكتابة بدأ من ثمانينيات القرن الماضي، كنت في العشرينيات عندما أصابتني سوسة الكتب وكنت قد قرأت لمعظم الكتاب العرب وخصوصا المصريين، قرأت أعمال “نجيب محفوظ ويوسف إدريس والعقاد وطه حسين والحكيم” ومن العرب “الطاهر بن جلون، الطاهر وطار” ومن لبنان “توفيق يوسف عواد” ومن سوريا “حنا مينا” وآخرين كثيرين. ناهيك عن الأدب الروسي والعالمي، إن بذرة الكتابة بدأت مع الأدب الروسي ومع “دوستيوفسكي” تحديدا، تأثرت به جدا وكنت ومازلت اعتبره مثلا أعلى". أما عن بداياته بالكتابة فيقول الكاتب بالحوار ذاته "أول محاولة لي للنشر كانت قصيدة صغيرة نشرتها في بريد القراء في مجلة “الهدف” التي كانت تنطق باسم “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. كانت تلك محاولة ساذجة لكنها أفادتني كثيرا، فقد اكتشفت أنني لا أجد نفسي حقيقة إلا في النثر، خصوصا القصة القصيرة وفيما بعد الرواية.
#بسام_ابو_شاويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أُكتبي ريتا/ رسالة للشاعرة ريتا عودة
-
آن الأوان أن يحكي شهريار
المزيد.....
-
الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار
...
-
-الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع
...
-
“المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس
...
-
المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
-
بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل
...
-
حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
-
عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و
...
-
عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
...
-
كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ
...
-
الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|