أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام ابو شاويش - قبلَ الموتِ بخَفْقَة//قصة قصيرة














المزيد.....

قبلَ الموتِ بخَفْقَة//قصة قصيرة


بسام ابو شاويش

الحوار المتمدن-العدد: 7452 - 2022 / 12 / 4 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


كان بحاجة لكسرةِ حُبّ بعد أن كادت عاطفتُهُ أن تجفَّ وكادت حياتُهُ أن تتحولَ الى صحراءَ قاحلة لا زرعَ فيها ولا ماء.

جحافلُ الحزنِ احتلَّتْ قلبَهُ وأدْمَتْ روحَهُ حتَّى كادَ أن يتحوَّلَ الى بقايا انسان. كتلةٌ هلاميةٌ لا ملامحِ لها تتحركُ كمخلوقٍ لم يكتملْ نموُهُ.

اليأسُ يبسطُ على قلبِهِ حُكْمًا عُرْفيًّا فيمنعُهُ منَ القيامِ بواجبهِ.

هذا القلب باتَ عاجزًا عنِ الحُبِّ والكُرْهِ وممارسةِ أيِّ نوعٍ مِنَ المشاعرَ الأُخرى.

قلبُهُ تحوَّلَ إلى قطعةِ خردةٍ قديمةٍ متهالكةٍ لا تصلحُ لشيءْ.

كان عاجزًا عنِ الاستمرارِ.

لا يَمْلكُ إلاَّ أن يجلسَ هادئًا مستكينًا بانتظارِ مَلَكِ الموتِ الذي تأخَّرَ كثيرًا.. بلْ كثيرًا جدًّا...

يُدركُ أنَّهُ في ربعِ السَّاعةِ الأخيرِ مِنْ حياتِهِ أو موتِهِ وأنَّهُ لا يريدُ لربعِ السَّاعةِ هذا أنْ يطولَ كثيرًا.

التَّمَزُّقُ الدَّاخِلي يُعَذِّبُهُ.

قرَّرَ منذُ زمنٍ بعيدٍ أنَّهُ لمْ يَبْقَى من الحياة شيئا. لقد شبعَ منها حتَّى الثمالة ولا يريدُ المزيدَ.

لقدْ قرَّر أنَّه آنَ أوانُ المغادرة.

لكن مَلَكَ الموتِ على ما يبدو قد نسيَهُ تمامًا أو ربَّما يريدُ أن يباغتَهُ.



بالأمسِ داهمتْهُ الكوابيسُ.

رأى نفسه على حافَةِ هاويةٍ تفغرُ فاها لالتهامه.

ثمَّة نارٌ عظيمةٌ في القعْرِ، يشعرُ بلهيبِهَا على وجهِهِ.

دائِمًا،كان يكرهُ الوقوفَ على الحَوَافِ.

يشعرُكأنَّه يتحركُ على خيطٍ مشدودٍ بينَ هاويتَيْنِ.

يتهادى ببطءٍ.

ببطءٍ شديدٍ.

تَزِلُّ قدمُهُ فيهوي.

تخرجُ من حلقِهِ صرخةَ رُعبٍ فظيعةٍ. يستيقظُ متعرقًا. يبسملُ ويُحَوْقلُ ويلعنُ الشَّيطانَ.

عبثًا يحاولُ العودةَ للنومِ.

يحملقُ في علبةِ الحُبوبِ المُنوِّمَة.

يحدِّقُ في الظُّلمةِ التى تكتنفُهُ.

ثمَّةَ ظلمةٌ أشدُّ تُزَنِّرُ روحَهُ بِزِنَّارٍ مِنْ شَوْكٍ.

علبةُ الحبوبِ المنوِّمةِ تُغريهِ.

هيَ تدعوهُ بإلحاحٍ.

يحاولُ ترتيبَ أولوياتهِ في اللحظاتِ الأخيرَةِ.

يبتسمُ ساخرًا مِنْ نفسِهِ.

مضَى زمنُ ترتيبِ الأولوياتِ.

مَنْ سوفَ يبكيه..?

مَنْ سوفَ يذكُرُهُ بخيرٍ?



قرَّرَ أنْ يكتبَ رسالتَهُ الأخيرة.

مجرَّدْ كلماتٍ قليلةْ.

الشَّخصُ الوحيدُ الذي سوفَ يبكيهِ بصدقٍ لأنَّهُ صديقُ العمرِ ورفيقُ الدَّربِ... سوفَ يرسلُ لهُ بضعَ كلماتٍ على هاتفِهِ المحمولِ.

رسالةٌ قصيرةٌ مِنْ سَطْرٍ واحدٍ أو سطرَيْنْ.

أمسكَ الهاتفَ المحمولَ.

لاحظَ أن أصابعَهُ ترتعشُ.

أضاءَ الشَّاشة الصغيرة وكتبَ:

أخي محمد.. لقد قررتُ أن أذهبَ الى حيث لا أحدَ يعودُ...أدعُ لي اللهَ أنْ يسامحَني.



قبلَ أن يضغطَ على زرِّ الإرسالِ ظهرَ وجهٌ أمامَهُ: وجهُ امرأةٍ جميلةٍ خيِّلَ إليه أنَّه يعرفَها...تأملَها مَلِيًّا ثمَّ ضغطَ على الصورة لتظهرَ أمامَهُ صفحتُها على الفيس بوك.

نسيَ أنْ يرسلَ رسالتَهُ الأخيرة لصديقِهِ وظَلَّتِ الرِّسَالةُ معلقةً تنتظرُ لمسةً مِنْ إصبعِهِ على زرِّ الإرسالِ.

انهمكَ تمامًا في قراءةِ ما نشرتْهُ صاحبةُ الصورةِ في الأيامِ الأخيرة.

اكتشفَ أنَّها تعيشُ معاناتُهُ ذاتُها، بل أكثرَ وأعظمَ من معاناتِهِ ومعَ ذلكَ تكتبُ وَتتحدَّى الظروفَ والواقعَ وكلَّ القسوة المحيطة بها وسَتنتصرُ.

فكَّرأنها قويّة الشَّخصِيَّة. بل هي أقوى منه.

أرسل لها طلبَ صداقة وانتظرَ. دقائق وقبِلَتْ الطَّلَبْ.

كتبَ لها تعقيبًا على آخر منشورٍ كتبتُهُ. كان تعقيبُهُ مختلفًا وملفتًا.

هاتفتْهُ صباحًا لتبدأَ قصةُ حبٍّ ناعمة ولذيذة أعادتْهُ للحياةِ بعدَ أنْ كادَ يُقْدِمُ على الغَيابِ إلى الأبدِ.

كانا كائنَيْن متشابهَيْنِ لدرجةٍ غريبةٍ...كأنَّهما توأمَانِ...روحُهُ تآلفتْ مع روحِهَا. انصهرَا معًا في كائنٍ واحدٍ. شعرَ أنَّه يتغيرُ وأنَّه يحبُّ الحياةَ ويريدُ أن يعيشَها بكلِّ ما فيهِ من شغفٍ...وشعرتْ أنَّا أخيرًا عثرتْ على ضالتِها. وجدتْ توأمَ روحِها فمنحَتْهُ كلَّ ما في قلبِها مِنْ حُبٍّ.

وهوَ يكتبُ السُّطورَ الأولى مِن روايتِهِ قرَّرَ بيقينٍ:

"نعمْ، الحُبُّ يفعلُ المعجزاتِ".

وهي تكتبُ الكلماتِ الأولى في آخرِ قصائِدِهَا قررتْ بيقينٍ:

"نعم، الحُبُّ يفعلُ المعجزات".



#بسام_ابو_شاويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذيان
- عن حيفا وريتا وأشياء أخرى
- لماذا تعاقبني الآلهة..!؟
- ولو بعدَ حين...
- أُكتبي ريتا/ رسالة للشاعرة ريتا عودة
- آن الأوان أن يحكي شهريار


المزيد.....




- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...
- الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام ابو شاويش - قبلَ الموتِ بخَفْقَة//قصة قصيرة