|
رواية مطارح سحر ملص
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 7623 - 2023 / 5 / 26 - 10:22
المحور:
الادب والفن
رواية مطارح سحر ملص ( لم تكتب روايتها برؤية بيضاء ) قراءة نقدية للكاتب سليم النجار الواقعية مثلما في معجم النقد الأدبيّ للثنائي جوال قارد تامين وماري كلودهيبار ؛ لفظ يتصل معناه العام بكل شكل من أشكال الفنون التي تروم محاكاة الواقع وترفض التقاليد لأنها تنتج أشكالا متحجرة . وتّتصل هذه الرواية التي كتبتها سحر ملص فب زمن معاصر بل شديد المعاصرة بمفهوم أساسيّ هو الواقعية النصية او واقعية الإحالة على النصوص الذي خاض فيه فليب هامون ؛ في مقالته الخطاب الضاغط ” من المؤلّف الجماعي ” أي ” الأدب الواقعي ” . وهذا المفهوم قريب في دلالته من مفهوم التناصّ ؛ بل إنّ التمييز بينهما هي مهمّة عسيرة ؛ لأن الواقعية النصّية ترتبط بما استدعاه الأديب من نصوص أخرى ؛ ترد بصفة واضحة ولا تظهر متراصفة مظبوطة بتاريخ نشرها ؛ كما فعلت الكاتبة سحر ملص في مفتتح روايتها 🙁 الشيخ درويش ١٩١٢)١. هذه الأفتتاحية تأتي وفق نظام منطقيّ متدرّج . ولكنّ النصوص الروافد والاقتطاعات والمنتخبات تتداعى تداعيا حرّا وتندفع من أعماق النصّ في دفقات سريعة ومتداخلة لأن فعل الكتابة ذوّب المتنافر في محرق النص اللاحق للمكان 🙁 تألقت روح الباشا ؛ شعر بإنه يدخل في عالم يحري من الخَدر والألق .. والدفء أرخى رأسه على الاريكة .. أغمض عينيه وراح يحلم بديك الجن .. بينما ظلت الجمرات تتوقد حتى ترمدت وسط رائحة الأعشاب وأرواح البشر الهائمة ص٢٢٢)٢. ويرى هامون انّ الرواية الواقعية تجعلنا نشاهد الواقع ( نافذة شرفة ؛ وجهة نظر ) ؛ واحيانا يطلعنا الراوي أو الشخصية العارفة على أسرار او أحداث أو غيبية ؛ او بوح : ( ” لم أذق في حياتي أجمل من تلك الليلة والعالم السحري الذي سحبني العبد سلطان إليه وسط القبو على أضواء الشموع … ص٢٠٢)٣. وقد صنّف هامون الواقعية النصية إلى أصناف ثلاثة : اولها الواقعية النصيّة وهي المتمثّلة في إعادة إنتاج ملفوظ ملفوظا آخر سبق آخر أن قاله كاللغة الواصفة والإحالة والمحاكاة الساخرة والمعارضة . وامّا الصنف الثاني من الواقعية فهو الواقعية الرمزية وأمّا الصنف الثالث من الواقعية فهو الواقعية الوصفية والواقعية التي تعنينا في رواية ” مطارح ” هي الواقعية النصّيّة أي واقعية الإحالة على النصوص وليست فقط الواقعية السائدة بمعنى الألتصاق بهموم الواقع الاجتماعي والطبقات الفقيرة والتزام بالتصوير القريب من الواقع 🙁 وعندما اصبحت في العاشرة من عمري صرن أساعدها في صناعة الجبن ص١٦٠)٤ . وإن كانت هذه الرواية حافلة بالواقعي يتكثَّف فيها المرجعَّي إلى حد التوهم بوجود نوع من التصوير الفوتوغرافي للواقع : ( احتار في امره ثم شاهد بائعاً جوالاً يلتف الناس حوله يسألونه عن أشياء كثيرة ؛ فقصده قائلا : لديك فليفل حب قتيل الهوى ؟ ص٦٣) ٥ . تحفل الرواية بالنصوص وبمقاطع كاملة ؛ تتحدث فيها عن تاريخ مدينة المدن السورية ؛ وهذا التناص التاريخي مندسّ في كلّ الفصول بصفة مكثَّفة تعبِّر عن الخليفيّة التاريخية للكاتبة وتثير في المتلقي مخزونه حول الناريخ السوري الاجتماعي والعربي الإسلاميّ والكوني مثل حكاية الحكواتي ؛ الذي يروي قصة ذاهب النساء للحمام ؛ ويصف الرواي هذا الجو الدرامي : ( أطالتا المكثوث في الحمام وخرجتا في الليل ؛ فذهبت الأميرة إلى مخدع الأمير ” فليفل ” الذي كان ينتظر زوجته في السرير ص٢١٨) ٦ . في سياق هذا الوعيّ بالتحولات العميقة كتبت سحر ملص روايتها أن التّمرد هو وقود المرحلة ؛ بمعنى أن تتصور نفسها في مرحلة تاريخية تسطيع الولوج لهذا الواقعي ؛ التي كانت لغتها الروائية لغة هذا التاريخي الاجتماعي . وأن مناوأة أساليب الكتابة السّائدة في ذلك التاريخ . بالنسلة إلى الكتابة الروائية الجديدة شرط وجود من أجل خطاب روائي جديد بَشَّرت الروائية ببعض ادواته وأسالبيه ولغته ؛ بل ببعض ( مواد الخام ) فمن أبرز الأساليب التي دعت لها سحر ما يمكن تسميته ب ( الأسلوب التّلغرافي) ؛ الّذي يعتمد على الاقتصاد بالتعبير ؛ والنصوير عن قرب ؛ وكأنك أمام عرض سينمائي . والروائية وظفت هذه التقنية ؛ كتقنية جديدة في الرواية – في الأردن – ليكون عملها الروائي نبض الواقع المعيش وحركته حتّى أنّ الأمر لديها يقتضي فتح الكتابة على اليوميّ وجعلها مادّة خاما لعمل فني لا يتطلب غير التشكيل والصّقل . سحر ملص في روايتها ” مطارح ” تطرح المعنى كإشكالية وجودية صعبة التأطير والفهم والتجديد ؛ والأفهام والتأويلات ؛ ولارتباطه بدقيق الأفكار ؛ وخفايا النفوس ؛ وتعلقه بفهم العَالمَ بكل ما في من التناقضات . وقد تعددت وتشعبت تعريفات المعنى ؛ بسبب التناولات المختلفة له ؛ إلا أن سحر ملص في روايتها ” مطارح ” حَفَرتْ للمعنى مفهوم آخاذ في التشكيل ؛ أي تسرد التاريخ الاجتماعي ؛ تكون كاميرا الواقع حاضرة بشكل أساسي في النص ؛ وهي – البطل الحقيقي للنص
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته
-
الرواية النسوية في الأردن
-
قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
-
رواية أغثني
-
رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي
-
رواية جدائل الصبر للكاتبة إيمان كريمين
-
سليماني شهيد القدس ،غزة ناكرة للجميل
-
هفاف الخوف شعر أحمد عارضة
-
الدم الفلسطيني في غزة ليل الفضائيات
-
اليسار الفلسطيني فهلوة الفكر وسذاجة الحكاية
-
رواية حكاية صابر للأسير محمود عيسى
-
حماس حقيبة بلا يد
-
فتنة الموقف في رواية كويت بغداد عمان
-
سماسرة الجهل
-
حمار الحراسة حين يغفو!
-
الثقافة العربية بين حانا ومانا
-
مفكرون بلا حدود
-
الإعلام بين الإنحياز والموضوعية
-
الإخوان المسلمين على طريق جهنم
-
غسان كنفاني رعد ونحن بلا أمطار
المزيد.....
-
وفاة الفنان المفاهيمي الروسي إيليا كاباكوف
-
السينما العربية تتألق بثلاث جوائز مهمة في مهرجان كان
-
الفرنسية جوستين ترييه تفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان ال
...
-
مهرجان كان: المخرجة الفرنسية جوستين ترييه تفوز بالسعفة الذهب
...
-
مهرجان كان: السعفة الذهبية لمخرجة فرنسية وجائزة التمثيل لترك
...
-
تحركات جديدة ضد فيلم -كليوباترا- المثير للجدل في مصر
-
حفل توقيع كتاب - الأستاذ.. سيرة ومسيرة محمد صبحي -
-
الفنان المصري محمد فؤاد يوجه رسالة جديدة بعد انتقادات بشأن ت
...
-
المغرب يعتزم تعميم تدريس الإنجليزية ابتداء من المستوى الإعدا
...
-
الإغاثة الزراعية تدعو لتعزيز ثقافة الري لترشيد استهلاك الميا
...
المزيد.....
-
لعبة الصبر / قصص قصيرة
/ محمد عبد حسن
-
مسرحية -لسانها-
/ رياض ممدوح جمال
-
الموت لا يزال أرواحًا في أعمال (لورانس دوريل -رباعيات الاسكن
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
الخطاب التاريخي المضمر في رواية "حتى يطمئن قلبي" للكاتب ال
...
/ حبيبة عرسلان – أسماء بن التومي
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة طلال
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
كتاب حكايات وذكريات الكاتب السيد حافظ كيف تصبح كاتبًا مشهور
...
/ السيد حافظ
-
نقد الخطاب المفارق، السرد النسوي بين النظرية والتطبيق
/ هويدا صالح
-
رواية للفتيان قمر من سماء عالية
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
التاريخ السياسي للحركة السريالية (1919-1969) بقلم:كارول رينو
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رواية للفتيان عينان في الماء طلال
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
المزيد.....
|