|
دخشوشة المعلم كرشة...
عبد الغني سهاد
الحوار المتمدن-العدد: 7695 - 2023 / 8 / 6 - 22:19
المحور:
الادب والفن
مابين متاجرالعولمة ودخشوشة المعلم بوكرشة فروق شاسعة..كما الفرق بين جيل جديد يظهر واخر قديم يحتضر ..في الطريق الطويل ..داخل اسولر المدينة العتيقة ..زنيقة طويلة وعريضة محاطة بمحلات تحارية عشوائية .ومقاهي ضيقة تقليدية ..وحوانيت للمأكولات..الشعبية ..البيصارة ....الحوت ..الحريرة..البربوش..الزنقة..يسميها السكان ( طريق بوطويل )..البعض يسميه الدرب الطويل ..كان يشرف على الساحة الكبرى لباب الرخاء..باب دكالة يفتح المدينة من الشمال..اطفال كنا نهرب من المدينة القديمة خارج السور نحو الخلاء..الفارق بيننا ..وبين الحي الاستعماري..(الاوروبي )..نشاهد عروض الفروسية في المناسبات الوطنية..كعيد الغرش..او ذكرى المسيرة الخضراء. لكن .لم يعد اليوم ذكر لذلك الحراك القديم ولا للفروسية المحيدة .. اخر عرض شاهدناه. حين سقط في الخطارة الكبرى احد الفرسان ..رفقة فرسه..مات الفرس ..وتعوق الفارس..بعيدا عن اسوار المدينة ..كنا نتفرح على خيمة السيرك عمار..نرابط على جنباته..رؤوسنا الصغيرة تراقب فيما بين اعمدة الحواجز الحديدية..عمليات بيع الحمير الهزيلة..من طرف لصوص المدينة..لمشرفي السيرك..كان منظر تلك الحمير البلدية يحزننا..حميرنا المسروقة عذاءا لاسودهم..المبنجة..السيرك عمار كان يقام امام مركز وزارة البريد..ايام كانت للبريد وزارة.كنا نسمي المركز( البوسطا )..سياراتها وشاحناتها انيقة بلون اخضر خبري..اليوم حولناه الى مركز شركة اتصالات المغرب..الاماكن الخضراء.تحولت الى محلات تجارية كبرى واسواق الماركات العالمية..زارا...وووالخ..اهمها ..مطعم الماكدونالد...يسير الزمن بسرعة الريح..في كل الاتجاهات..انتشرت المقاهي والحانات. واسواق السوبيرماركت..والسناكات..وانتشرت في الافق ادخنة بيضاء وروائح شهية للطعام المحلي والمستورد..ان كنت من الفقراء..فلا عيب ان تكون كذلك..عليك ان تلزم مكانك..فتاكل في محلات بوطويل ..عند المعلم بوكرشة..او مولات الحريرة ..الحاجة.(يدة )./وان كنت من الطبقة الوسطى ..يا اسطا ..امامك المطبخ العالمي. العشوائي في زوايا جامع الفنا..او مطاعم الماكدو.. ولكنك ان كنت من النخبة فما عليك..سوى الخروح الى فنادق حدائق النخيل ..ذات الشهرة العالمية..فالمدينة تالقت من مدة قصيرة واصبحت عالمية..ايقونة من ايقونات العولمة..الامر الذي لم بستوعبه المعلم عبد الله ..الذي يسمي نفسه( بوكرشة).ولا علاقة له بالمعلم كرشة في قصيدة زقاق المدق..لنجيب محفوظ..ففي زنقة بوطويل ..ذلك الزقاق الطويل ..في المدينة العتيقة..سجينة الاسوار..!!..يحق له ان يسمي نفسه بما يشاء..فهو من جيل المسيرة الخضراء و حاصل على شهادة ..الباكالوريا ..شعبة العلوم وديبلوم المطبخة في فليير الحلويات...ولما تعطل بعد خلاف له مع مشغله الاجنبي في فندق من خمسة نجوم .فتح دخشوشته في زقاق (بوطويل) ..يعرض فيه مرق العدس..و الفاصوليا (اللوبيا )..والتقلية ولحم الراس.._يقدم وحباته لزبنائه الفقراء ..بجودة عالية وبثمن قليل ..8..دراهم لطبقي العدس واللوبيا ..و10.دراهم للتقلية ولحم الراس ..راس البقر..وليس راس الضأن..!!بالفطرة المعلم بوكرشة ماهر في امور الطبخ.التقليدي..روائح العطرية طهيه تبهر ..وهي دعايته الوحيدة..تجرك روائخ الثوم والتوابل من بعيد ..لتجلس في الدخشوشة..وتسأل عن ثمن الموجود من الاطعمة..!!وهو يقدم كل التسهيلات للزبناء والزوار..لا يساومك .في الثمن ..ادفع ما شئت..وان كنت خاويا فاضبا (..لا لوم علبك...جيب الفلوس غدا او بعد الغد ..والله لا يحاسبنا ....!!!!)..جل زبناء المعلم بوكرشة من عينة واحدة معلمين وموظفين صغار وطلبة وطالبات ..وفي الاواخر.بدأ يتردد عليه ..الgوار ليلا ..اي السياح الاجانب ..! لكن المعلم له بعض المثالب الشخصية .فهو يرفض الزواج..وعيونه زائغة مع الفتيات ..وكثير الثرثرة معهن ..لكنه عموما رجل طيب مع الجميع..لا يتدخل في امور الاخرين ..كل الاشباء جميلة في عيونه الحزينة.. وهو يتطلع الى تحقيق حلمه في تغيير هذه الدخشوشة ..من حين لاخر يضيف مقاعد وطاولات بلاستيكية جديدة بيضاء..واكواب طويلة مزركشة..وصحون مستوردة..باشكال جديدة منها المربعات والمستطبلات..يحلم ان يصبح يوما صاحب متجر كبير للعدس والتقلية..له فروع موزعة على عواصم العالم ..!! احيانا عندما يشعر المعلم بوكرشة..بكساد اطعمته ..يكيل الشتم والسباب ..للماكدو..والسناك..والبيتزا...والشوارما..وكل الاطعمة المستوردة من اعالي البحار.. (ياولاد العاهرات..تاكلون السموم..باثمان عالية.. وتتركون العدس واللوبيا العظيمين في بوطويل بثمن زهيد..وفيه الحدبد والباس الشديد..!!...) التفت الي مرة وهو يهمس.. (استاذ..والله ..هذا الماكدو...حالف حتى يقضي على النسل فينا..!!)) واشار..الى مابين فخديه...قائلا.!! ( اهل بوطويل ...ما باقيش....يقيموه ..!!)..
ع.س 2009 …...
#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقمة عيش... الجزء2
-
نزع الاقنعة.....!!!
-
لقمة عيش...(1)
-
خطاب الرايس
-
بلا اعجاب۔۔۔المقبور۔۔
-
قراءات خاصة۔䑉
-
حسب رواية موريس ۔۔۔
-
في البئر عاشق۔۔䑉
-
في كهوف شمهروش
-
هي الأيام...
-
تاجر القمع....
-
بلا جدوي...
-
لم يبق لنا سوى حب هذا الكلب..
-
حريق ...في طريق الوحدة.
-
عندما قال فلوبير ..انا ...مدام بوفاري
-
بعض الناس ...صناديق
-
من سيعيد تربية الاخر ..الشعب ام الحكومة ؟
-
الحرطاني في معرض الفنون الجميلة ..
-
الكأس الاخيرة
-
بنت الشيطان ...
المزيد.....
-
كاتبة هندية تشدد على أهمية جائزة -ليف تولستوي- الدولية للسلا
...
-
الملك الفرنسي يستنجد بالسلطان العثماني سليمان القانوني فما ا
...
-
بين الذاكرة والإرث.. إبداعات عربية في مهرجان الإسكندرية السي
...
-
شاهد: معرض الرياض الدولي للكتاب 2024
-
السفير الإيراني في دمشق: ثقافة سيد نصرالله هي ثقافة الجهاد و
...
-
الجزائر.. قضية الفنانة جميلة وسلاح -المادة 87 مكرر-
-
بمشاركة قطرية.. افتتاح منتدى BRICS+ Fashion Summit الدولي لل
...
-
معرض الرياض للكتاب يناقش إشكالات المؤلفين وهمومهم
-
الرئيس الايراني: نأمل ان نشهد تعزيز العلاقات الثقافية والسيا
...
-
-الآداب المرتحلة- في الرباط بمشاركة 40 كاتبا من 16 دولة
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|