محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 7744 - 2023 / 9 / 24 - 15:45
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
تكمن خطورة العبث بجهازك العصبي المركزي في أنّه يسوقك إلى غمٍّ كيميائي (آثار انسحابية) قد تطول إقامته شهوراً طويلة، وفي أحيانٍ أخرى قد يصل ذلك إلى سنوات من جحيم العذابات العصبية، وما أصعبها.
ومن الطبيعي أن يكون الجهاز العصبي المركزي حساساً جداً، فهو قائم على توازنات دقيقة بين الاستثارة والهدوء(غابا وغلوتاميت)، الحرارة والبرودة، الإقدام والإحجام، وهذه التوازنات هي التي تستقبل بها الحياة، وتشعر من خلالها بالبهجة أو الشقاء.
ومن سخط على هذه التوازنات فله السخط، ذلك أنه بسعيه لزيادة البهجة على حساب التوازنات الطبيعية يخلق لنفسه رصيداً عصبياً هو لا بد دافعه من راحة باله وروحه. فلقد خلق الله كل شيء بقَدَر. خلقَ كل شيءٍ فقدّره تقديراً. ومن نكون أنا وأنت لنتجاوز مقادير هذا التقدير.
إن التشنج من حين إلى آخر وخوض القلق والهم هو أمر صحّي، وسرعان ما تتجاوزه إذا استعنت بالصبر والصلاة، أما أن تتفادى أي قلق وأي خوف وأي عذاب قصير عن طريق العبث بجهازك العصبي المركزي، فأنت تحكم على نفسك بعذاب مؤجل قد يقيم عندك إقامة تشقى بها طويلاً.
إن يوماً من العذاب العصبي يجعلك تكره أشهراً من اللذة العصبية المؤقتة التي كنت تفرضها على دماغك بتجاوز مقاديره الطبيعية. فالمخدّرات والمهدئات والمهلوسات والكحول وكل ما من شأنه العبث بإعدادات دماغك ونواقله العصبية، كلّ ذلك كان سيئه على دماغك مكروهاً.
أخي الإنسان. إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. والصابر Sober الذي يستقبل الحياة بشجاعة وبجهاز عصبي أعزل إلا من إيمان وحب وثقة بالله هو الذي سيفوز براحة البال في النهاية.
أما بالنسبة للقلق في دار الالتواء التي نعيش فيها فهو من الضرورات. شيء من القلق ضروري، وهو ليس دائماً وليس غولاً يلتهمك مثل الآثار النفسية لانسحاب المهدئات بل هو قلق يمكن الاستعانة بالله عليه ومن فضله ولطفه أن يمر يسيراً على من يسر الله له.
أما في الدار الآخرة، فهناك خمر لا غول فيه، ولا ينزف الناس عنه ولا يصدعون، وهو خمر لا لغو فيه ولا تأثيم. أي أنك تستقبل الحياة الآخرة بجهاز عصبي جديد بإعدادت أكثر مرونة، وستحظى عندها بشراب بهيج لا يسبب آثاراً جانبية ولا انسحابية ولا سكراً قبيحاً وإنما ثملٌ محمود بإذن الله ونعيم مقيم على أعصابك ونفسك.
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟