أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - محاكمة الكاتب في (( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )) للروائي العراقي : كريم عبد الله . بقلم الروائي و الناقد : حسن الموسوي .















المزيد.....

محاكمة الكاتب في (( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )) للروائي العراقي : كريم عبد الله . بقلم الروائي و الناقد : حسن الموسوي .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 7801 - 2023 / 11 / 20 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


محاكمة الكاتب في (( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )) للروائي العراقي : كريم عبد الله .
بقلم الروائي و الناقد : حسن الموسوي .

يأخذ الروائي كريم عبد الله من خلال روايته ( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )على عاتقه دور المؤرخ ,ليروي لنا أحداث من تاريخ العراق الحديث ,فمن أجواء حرب الثمان سنوات و هي الحرب التي اندلعت بين العراق و ايران للفترة من 1980 إلى 1988,و سمّاها الغرب ,حرب الاحتواء المزدوج, أي انها لاستنزاف البلدين ,الجارين, المسلمين ، مرورا بحرب الخليج الأولى, و الانتفاضة الشعبانية ,و انتهاءً بالغزو الأمريكي للعراق.
الرواية تاريخية بامتياز, حيث أخذ الكاتب على عاتقه مهمة سرد أحداث تاريخية ,و لكن من مكان واحد, ألا و هو مستشفى للأمراض العقلية و النفسية، و كيف تعامل كل من كان في ذلك المكان من أطباء ,و عاملين ,و مرضى, مع هذه الأحداث .
يعتبر العنوان العتبة النصّية الأولى ,و يعرف على أنه ثريا النصّ ,
و سيزيف ,هو رجل استطاع بذكائه أن يخدع إله الموت ثانتوس ,حيث طلب منه سيزيف أن يجرّب الأصفاد, و ما ان وضع إله الموت الأصفاد في يده, حتى كبّله سيزيف, و بذلك استطاع أن يحمي الناس من الموت .
أن حياتنا اليومية تشبه إلى حد كبير أسطورة سيزيف ، ذلك الرجل الذي يحمل صخرة كبيرة فوق كتفه من أجل الوصول إلى قمة الجبل ، و قبل ان يصل إلى مبتغاه ,يسقط إلى أسفل الوادي, ليسقط من جديد ، ومن ثم يعيد المحاولة من جديد .
الغلاف هو العتبة النصية الثانية ، و نجد فيه صورة لرجل عاري تماما ,و هو يجلس على دائرة كبيرة, و يحمل في يده كتابا ، و في داخل الدائرة الكبيرة ,نجد رجلا عاريا ايضا ,و هو يحمل دائرة صغيرة ,و هذه إشارة إلى صخرة سيزيف .
المقدمة هي العتبة النصية الثالثة حيث يقول الكاتب { نحن لا ندّعي بأننا نمتلك الحقيقة ، الحقيقة التي تكلّمنا عنها ، و إنما سولت لنا الخيانة التي سكنت في تلافيف العقل أن نقولها } ص 5.
وقد كتبت هذه المقدمة بطريقة الانزياح كون أن الروائي هو شاعر أيضا.
تدور احداث هذه الرواية في مستشفى للأمراض العقلية و النفسية ,و يكشف الكاتب الممارسات الشنيعة التي يمارسها كادر المستشفى بحق النزلاء المرضى .
و من السمات الرئيسية للمجانين ,انهم يتحررون من عقدة الخوف ,حيث لا قوانين تحاكمهم, و لا مستبد يفرض سطوته عليهم ، لذلك نراهم يعبرون عن رأيهم بكل جرأة دون خوف من أحد .
يتطرق الكاتب الى مسألة مهمة تمثلت بضرورة الانتماء إلى الحزب الحاكم في تلك الفترة ,و بعقلية رجعية ,فإما تكون معنا او انت ضدنا ، و بالتالي فإن الذي يتم وضعه في خانة الضدّ فإنه سوف يكون في غياهب العدم ، و هذه الطريقة لا تجعل للأحرار مجالا للتفكير, أو على الأقل البقاء في الحالة الوسطية ، حيث يقول الكاتب { انها الفرصة الأخيرة بالنسبة لكم ، لقد أخذتم الوقت الكافي للتفكير ، الآن ,و الآن فقط ,حددوا طريقكم .. مع أو ضدّ } ص 45 .
نجد في هذه الرواية السمات الرئيسية للدولة البوليسية التي تحاول بشتى الطرق أن تخضع الجميع إلى سلطانها ، فنجد الممرضة نوال و هي تمارس الغواية من أجل الإيقاع بـ جواد الممرض المؤمن ,و حين يرفض الاقتراب منها تهدده بالدليل القاطع الذي يثبت خيانته للوطن حسب زعمها ، حيث يقول الكاتب{ قبل أيام يا جواد وجد صديق لك في الردهة كتابا يتحدث عن الثورة الإسلامية، كان هذا الكتاب في درج مكتبك } ص 130 .
الرواية فلسفية ,و فيها افكار متجددة, حيث يقول الكاتب { لا أجد تفسيرا مقنعا لوجودي في وسط هذا الكون المظلم ، و لكني أعي جيدا بأن ورائي, يوجد قبر أعد لي منذ ولادتي } ص 155 .
و هذه التساؤلات هي التي شغلت تفكير الفلاسفة و المنظرين ، فنظرية الوجود و العدم هي من الثنائيات التي حيرت أصحاب الألباب, و لم يجدوا تفسيرا مقنعا لها .
و يواصل الكاتب تساؤلاته الفلسفية من خلال شخوص روايته ,حيث يقول{ في دائرة صماء أدور وحدي ، مبعثر الأفكار ، مشدوها ، متى بدأ هذا العالم ؟ متى ينتهي ؟ أقف على سطح كرة تتدحرج ، لا أدري متى تتوقف ؟ } ص 221 .
يتحدث الكاتب و ضمن مفهوم الروائي بوصفه مؤرخا عن الانتفاضة الشعبانية التي اعقبت انسحاب الجيش العراقي من الكويت ,و ما أعقب ذلك من تداعيات ألقت بظلالها على المشهد السياسي للعراق, حيث يقول الكاتب{ كانت محافظات الجنوب مشتعلة ، سقطت جميعها بأيدي أهلها، كانت العشائر ترفع الرايات الملونة ، السود ، الخضر ، الحمر ، البيض ، زيادة على رايات العشائر المختلفة الألوان ، لكن تبقى راية واحدة هي المسيطرة على هذا الفضاء الكرنفالي ، راية سوداء كتب عليها يا لثارات الحسين } 171 .
و من الجدير بالذكر ان الألوان التي ذكرت في هذه القطعة تمثل مجموع ألوان العلم العراقي .
يصل الكاتب من خلال روايته التاريخية إلى الغزو الأمريكي للعراق, و ما جرى في مستشفى الأمراض النفسية و العقلية ، وما رافق ذلك من تصفية لكل رموز النظام السابق .
الشيء الملفت للنظر, أن لا أحد فكر في تصفية المرضى ,كون أن الجرائم الشنيعة قد تم ارتكابها من قبل بعض الكوادر العاملة في المستشفى, و هم من الأصحاء طبعا ,و هذه مفارقة تستحق أن نقف أمامها بتمعن .
الرواية فن زمني بامتياز ، و الزمن من العناصر المهمة في كتابة الرواية ,و على الكاتب أن يتوخى الحذر عند كتابته للزمن, و ان لا يغفل أي شيء من عادات ,وتقاليد كانت سائدة في تلك الحقبة الزمنية التي يتكلم عنها ,مثل شكل النظام السياسي القائم ,و المودة ,و تسريحة الشعر ,و نوعية السيارات .
و من خلال سرد الأحداث يستطيع القارئ أن يتصور تلك الحقبة الزمنية حتى و ان لم يكن قد عاشها .
و الرواية مكانية أيضا , و يعرف المكان على أنه الفضاء الذي تدور بداخله كل المشاهد ,و الصور ,و يسمى بالحيز المكاني .
و يقوم الكاتب بوصف كل شيء يتعلق بذلك الحيز المكاني ,من أبنية ,و شوارع, و علامات دالة حقيقية ، و للمكان دلالات مهمة يذكرها الكاتب حسب المستوى العام لطريقة سرده للأحداث .
و للمكان اهمية خاصة في كتابة الرواية ,و أحيانا يكون المكان بمثابة بطل الرواية.
من أجمل الأشياء في قراءة أي رواية, هو أن يجد القارئ شيئا مختلفا عما قرأه من قبل .
و هذا ما وجدته في الفصل الأخير من الرواية ,حينما قامت الشخصيات بمحاكمة المؤلف على الادوار التي اضطلعوا بها ، فالكل غير راض عن دوره ، أما المؤلف فقد دافع عن وجهة نظره ,و ربما هو لم يقصّ علينا كل ما في جعبته من مذكرات مجنونة .
بقي ان أشير إلى أن هذه الرواية هي من إصدارات مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع .و تتكون من 355 صفحة. و من القطع المتوسط .
و قد أشرف عليها لغويا الدكتور عبد الحسن خضير عبيد المحياوي.



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجر
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عسلٌ منبوذ المرارة
- سيّدةُ الليل الأنسيّة
- الكاتب كريم عبد الله بين النفحة الصوفية و شعرية الألم . بقلم ...
- صدر عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع في بغداد الكتاب ال ...
- سيّدةُ السوتيان الأحمر
- سولاف سيّدةُ التين
- سيّدةُ الجسدَ البلّوريّ
- سيّدةُ الشوكولا بتلتو*
- سيّدةُ اللوز
- رسائلَ عشقٍ إلى درويشٍ مجنونٍ مِنْ سيّدةِ الياسمين
- جذورُ العشق
- الاشواق تنفض لواعج الظمأ - قصيدة مشتركة بين الشاعر : كريم عب ...
- القطةُ العمياء
- لا قطارَ عودة يمرُّ على سواحل اللوعة
- أحداث المتن الروائي في رواية: ما لم يقله سيزيف في مذكراته ال ...
- البحث عن المصير في رواية ( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجن ...
- لا أدري كمْ لبثتُ في عشقك هذا ؟! .
- روحٌ عاشقة
- معراجُ الروح الملكوتية
- كلَّ شيءٍ عاجزٌ دونَ رؤيتك


المزيد.....




- انطلاق معرض جدة للكتاب بالسعودية
- حيثُ ينمو الليمون ويكثرُ الشِعر
- تردد قناة توم وجيري للأطفال الجديد 2024 على النايل سات واستم ...
- الفيلم الكوميدي -حادث عائلي غريب-.. رعب اجتماعي غير مضحك
- -معلقة 45-... فحول الشعر العربي في برنامج تلفزيوني
- “زويا تقابل والدها”.. موعد عرض مسلسل المتوحش ح 14+ القنوات ا ...
- الروائي والعاصمة لأبو السعود الخياري خطوة جديدة في مشروع الن ...
- قرار رسمي بعودة اتحاد كتاب المغرب إلى -الكُتاب العرب-
- مناداة لجسدٍ متهالك
- ليست فرعونية فقط.. أسوان المصرية في التاريخين القبطي والإسلا ...


المزيد.....

- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين
- سعيد وزبيدة . رواية / محمود شاهين
- عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء... / محمد الحنفي
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد / الحسين سليم حسن
- الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال ... / ياسر جابر الجمَّال وآخرون
- رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- زمن التعب المزمن / ياسين الغماري
- الساعاتي "صانع الزمن" / ياسين الغماري
- الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء ... / السيد حافظ
- مسرحية - زوجة الاب - / رياض ممدوح جمال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - محاكمة الكاتب في (( ما لم يقله سيزيف في مذكراته المجنونة )) للروائي العراقي : كريم عبد الله . بقلم الروائي و الناقد : حسن الموسوي .