|
الخراب القادم، أو درس التخريب بمفهوم -مظفر النواب- (6)
حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 04:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل ما يحدث لحزب الاصالة و المعاصرة اليوم هو علامة على بداية نهاية نفوذ الهمّة، و بما يعني تعويضه بمركز نفوذ آخر، ستتضح جيدا ملامحه فيما بعد، على علاقة بمخطط المغرب اليهودي و انتقال العرش. فقط للإشارة و التنويه، فإن القادم او الوافد الجديد اوسخ من سابقه و لأسباب و سياقات ذاتية و موضوعية، و كما تدل على ذلك كافة المؤشرات و التقارير الداخلية و الخارجية، و كما يعبر عن ذلك المزاج العام بكافة تمظهراته سواء سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا و اقتصاديا و حتى مناخيا..؟! هي لعنة مُطبقة حولت و ستحول الحياة "المغاربة" الى جحيم حقيقيّ، و اطلقت رصاصة الرحمة كذلك على كافة ابواق الاصلاح و الانتهازية، و حولت كثيرا من دعاة هذا الطرح الى معتقلين سياسيين، او افراد و كيانات اعلامية و حزبية مغضوب عليها، رغم الخدمات التي قدمتها ولا تزال لمنظومة السلم الاجتماعي و الامن السياسي، متجلية في الحفاظ على ذاك السقف القار للخطاب السياسي المعارض في علاقته مع تقلبات السياسة و المجتمع و الاقتصاد منذ زمن ما سمي بالربيع. لكن و بالعودة الى مختلف السياقات التي انتجت هذا الوضع المأزوم، و هو نتاج للازمة البنيوية المستمرة و المتأصلة داخل نظام الحكم و منظومة الحكم منذ عقود، فإن هذا لا يعني ان المشكل هو في الوافد الجديد، كما يروج قدماء الانتهازيين، و بيادق الحرس القديم، او ان هناك مثلا، حسب رئيس الحكومة الاسبق "بنكيران" من يريد شرا بالملكية و بالبلاد. المشكل بكل بساطة في النظام الذي انتهت صلاحيته، و بدا في التخلي مكرها، عن ابرز اوراقه الضامنة لاستقراره سياسيا و اجتماعيا و روحيا كذلك. هنا نجد ان موجة الربيع التي ادت الى صعود الاسلام السياسي و تنزيل حكمه بدرجات متفاوتة، قد اجبرت النظام على تقديم بعض التنازلات الصورية، و سمحت ببعض الهمس و اللمز، بخصوص أدوار الامارة و مكانتها، و تداخلات ذلك مع الخطوط العريضة للوافد الجديد القديم، باعتباره كذلك ذا مرجعية دينية تحظى او كانت تحظى، بثقة فئة عريضة من الناخبين، و هذه الثقة كانت عاملا مساعدا في ايصال الاخوان الى "الحكومة"، و لم تكن بأي شكل العامل الرئيس او الاساس، حيث أن شرعية "الحكم" مع الاخوان مثلا، لم تتضرر، كما لم تتضرر بعد الاخوان، و التطبيع، و موجات الغلاء و الازمات الاجتماعية و القطاعية. إن هذا هو السؤال الأهم و الأبرز في اشكالية الحكم و نظام الحكم و شرعية الحكم، و مصداقية "الديمقراطية" كاداة، و طبيعة التعاقد، الذي ينظم فعليا العلاقة بين الراعي و الرعية. نجد منذ البداية ان صانع "البام"، كان اشرس المعارضين لمشروع الاسلام السياسي في فترة ما قبل الربيع العربي، و كان مصرا على تفكيكه بالطرق الامنية الاستئصالية العنيفة كذلك، مع امتلاكه لمطلق الصلاحيات، لولا تدخل عامل آخر خارجي في الغالب، و قاهر، هو الارادة الأمريكية، و هكذا تم استعمال الاخوان في حلحلة اشكالية التغيير بالمغرب، دون تغيير، و قبِل المعسكر المحافظ من الحرس القديم على مضض، بالاخوان على رأس الحكومة، و على حساب حزب البام، الذي احتوى في ظرف وجيز اغلب خردة اليسار، و الانفصاليين التائبين من الصحراء، و بارونات الكوكايين و الحشيش في الريف.. و هنا حيث يصرح الأمين العام السابق للبام، بكل وقاحة، بأنه قد طُلب من حزبه الانسحاب من بعض الدوائر لتمكين الاخوان من المقاعد و بالتالي اغلبية توصل الى تشكيل و رئاسة الحكومة، من طلب منكم ؟ يتسائل الصحفي الذي اجرى اللقاء بالصوت و الصورة، و لا جواب واضح طبعا.. هنا نقف عند كاريكاتورية المشهد السياسي المتولد عن هذا العبث، او صراع "النفوذ" في مركز الحكم و اطرافه، و كيف ان نفس الاخوان، تحولوا اليوم الى اداة و إن هزيلة لمعارضة الوافد الجديد ممثلا في حزب الاحرار الحاكم، مع التاكيد على صدقية الاتهامات القديمة لل "بام"، كونها صارت اليوم موضوع متابعات قضائية وصلت الى اعتقال احد قيادييه و ايداعه السجن على خلفية ما يعرف بملف "اسكوبار الصحراء" . لقد كان النظام في عهد مضى ضامنا للدولة، و استمرار الدولة، و استقرار الدولة، او كان رأسه هو الدولة(بتعبير الحسن الثاني).. "انا الدولة"، و كانت هياكله (المخزن) هي الدولة، فيما سمي بالعهد الجديد، او ما انبثق عن ما سمي بالانقلاب الأمني الذي قاده "الهمة" مطلع الالفينات. و هنا بالذات تحول النظام الى عبئ على الدولة، و على نفسه، و هي المرحلة المتقلبة التي سبق و عبّر عنها الخطاب الاصلاحي الذي روج له كثيرا "توفيق بوعشرين" و "اخوانه"، عن الملكية كضامن لاستمرار و استقرار الدولة، قبل الوصول الى المرحلة التي شخصها "مونجيب" قبل حوالي ثلاث سنوات بقوله في احدى مداخلاته المصورة بأنّ (العمق الامني للنظام صار يشكل عبئا على نفس النظام). و لأن ملامح المرحلة هي تعبير عن سياسات و توجهات كبرى، فقد كان من البديهي اقبار اغلب وجوه الاصلاح التي قاومت مد الاستباحة الشاملة، دفاعا عن متعهديها طبعا، في الداخل و الخارج، و هكذا تم اقبار بوعشرين و غيره، بسنوات محترمة من السجن، كما تم الاحتفاظ بالبعض الاخر كمهرجين تحت الطلب، و مناضلي سخرة، و ادوات لتنشيط العمل السياسي، و تأديب من يغرد خارج سرب "المرحلة الجديدة" و اهم شعاراتها "تمغرابيت"، و هي التفعيل الاجتماعي للمعنى السياسي للسلطة (تمخزانيت) كمدخل نحو "التهويد" الشامل بمساعدة طفح التمزيغ و الحداثوية المتصاعدين، او ما معناه و مردوده الفعلي هو "مسخ المسخ" . يمكن رصد ملامح هذا التغيير الكبير تحديدا في بداية المناوشات بين الاسلام السياسي و امارة المؤمنين، في الفترة التي سبقت اسقاط حكم الاخوان، و حيث كان "بنكيران" من الذكاء و الدهاء لكي يقود صراعا باردا مع "الامارة" مرتديا جبة الدفاع عنها و عن خياراتها، فقد كانت الامارة تحارب نفسها بنفسها، او تقدم تنازلات كثيرة، قاتلة، كانت بدورها املاءات تمهيدية للدور القذر الجديد بعنوانه الابرز .. "التطبيع" ! هنا و خلال خطاب 2017 .. بدأ الحديث عن "امارة المؤمنين بكل الديانات"، و هو ما رحب به اليهود ترحيبا، و عن حرمة الجهاد، و صناعة النكت ال لا تضحك احدا حول الموضوع، و عن تحليل سماع الموسيقى، و هو ما يحرمه الامام مالك بشكل واضح، باعتبار ان المرجعية هنا كما هو مصرح به، هي الاسلام السني المالكي. ان بداية ما يعتبر هرطقات فقهية من منظور نفس الفقه و نفس التصنيف المذهبي، و بغض النظر عن خلفياتها الذاتية كتعبير عن ازمة نفسية ستتوضح معالمها و اسبابها فيما بعد بكل وضوح، كانت اشارة لاقتراب الهاوية، بالمعنى الموضوعي، و السقوط الكبير، و الاختراق الأكبر الذي كانت الامارات رأس الحربة المحرك له في اكثر من بلد و على مستويات متباينة، و بالموازاة مع ظهور شعار "تازة قبل غزة"، كان ظهور او صعود "غلمان الامارات"، ضدا على "بلطجية الهمة"، و من اخنوش الى الشرعي و القجع و الحاخام اليهودي، الى منظري المسخ العرقي و الحداثوي و الديني و السياسي، وصولا الى لحظة الاعتراف الصهيوني بسيادة المغرب على الصحراء و التطبيع العسكري المباشر المعلن مع اسرائيل. هنا انتهى دور "الحاكم" و جهازه التنفيذي المباشر، ليأتي دور "سماسرة" الدعارة اليهودية في اوسخ نسخها، و هي لعبة غير آمنة لأحد، و باعتبار أن للقوادين و السماسرة الجدد شيئا من عقل او قرار، و هذا ما نستبعده بطبيعة الحال في الآن و الاستقبال، و لسبب واضح للعيان، مختصره ان هذه الادارة أو الدعارة اليهودية تستوجب في تل ابيب نفسها قبل "مواخيرها" خوض حروب و افتعال ازمات، لإدارة الأزمة و تصريف التناقضات..
ما الحل ؟ لا يوجد ! ما الثمن، او ضريبة هذا البقاء و البغاء اليهوديَّيْن في سن اليأس ؟ مأساة تنتظر كثيرين، و درس في التخريب .
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن العظيم ..
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (5)
-
هل باعت إيران المقاومة ؟
-
الصهيونية و الصفيونية وجهان لعملة واحدة
-
اوهن البيوت بيت العنكبوت
-
ازرع كل الأرض مقاومة
-
فَحْمُ الغرب
-
شذرات .. في جينيالوجيا بعض المتصهينين
-
طوفان الأقصى، نتنياهو يرقص رقصة المذبوح
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (4)
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (3)
-
سعار الوطنيّة، و الدفاعِ عن الوطن
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- .. (2)
-
الخراب القادم، او درس التخريب، بمفهوم -مظفر النواب- ..
-
فلاديمير بوتن، ضبع الصهيونية، مازال عند وعده لاسرائيل بعدم ا
...
-
ايران، روسيا و اسرائيل
-
مأساة كائن شقي
-
خطيئة اليسار
-
يهود، عبيد و أوباش
-
الحداثة، من الماوراء إلى الوراء
المزيد.....
-
سفير بريطانيا في الأردن يوضح سبب وقف العمل بنظام -التأشيرة ا
...
-
مشاهد توثق الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (فيديو)
-
تونس.. رفض جميع مطالب الإفراج عن المرشح الرئاسي العياشي زمال
...
-
مجلس الأمن يجدد عقوباته على السودان
-
جرة أثرية يتجاوز عمرها 3 آلاف عام تُرمم وتعود للعرض بعد تحطم
...
-
روسيا تحذر الغرب من استهدافها بصواريخ بعيدة المدى من أوكراني
...
-
رئيس أركان الجيش الجزائري يستقبل مدير عام شركة -روس أوبورون
...
-
تونس.. الخميس انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في الخارج
-
مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي يداهم منزل موظفة في RT وي
...
-
المغرب يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|