|
دمه عليهم وعلى بنيهم
أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني
(Ashraf Dabain)
الحوار المتمدن-العدد: 7933 - 2024 / 3 / 31 - 20:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
#أشرف_عبدالله_الضباعين كاتب في التاريخ والفكر المسيحي لمن لا يعرف عن ماذا أتحدث فالمقال يتحدث عن اليهود تحديدًا الجيل الذي كان موجودًا تحت الاحتلال الروماني والذي كان معاصرًا للسيد المسيح له المجد... أي قبل ألفي عام. تقول الرواية الإنجيلية: "فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا، بل بالحري يحدث شغب، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلا: «إني بريء من دم هذا البار! أبصروا أنتم!» فأجاب جميع الشعب وقالوا: «دمه علينا وعلى أولادنا»" (متى 27: 24-25) "فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم" (مرقس 15: 15) "فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم" (لوقا 23: 24). اذا قالها الشعب اليهودي في ذلك اليوم دمه علينا وعلى أولادنا. فهل يحمل يهود اليوم على عاتقهم دم بريء قُتل على الصليب بدون سبب فقط لأن أجدادهم طالبوا الحاكم الروماني أن يحكم على يسوع الناصري بالموت؟ من وجهة نظري لا يهود اليوم يهودًا إلا في عنتريتهم وطقوسهم، ومشكوك جدًا في انتسابهم ليهود الأمس، لأن يهود قبل ألفي عام كانوا يحملوا سمات أهل هذه المنطقة وجيناتهم وعاداتهم، فمن أين جاء اليهود السود واليهود ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر؟ نعم معظم اليهود مشكوك في نسبهم ليهود الأمس لكن طالما هم يقولون عن أنفسهم يهودًا ويؤمنون باليهودية فإذا دمه عليهم وعلى أولادهم. هذا النص على قِصَرِهِ "دمه علينا وعلى أولادنا" لا يتكرر في الأناجيل الأخرى وارتبط لاحقًا بالانتقام الذي جرى بتدمير القدس في عام 70 م. يصف اوريش لوز عالم لاهوت بروتستنتي ألماني المقطع بأنه حدثٌ وضعه متى، فقد يكون من وجهة نظره حدثًا وهميًا ولوز هو الوحيد الذي شكك بهذا المقطع. بعض الكتاب، ينظرون لهذا المقطع كجزء من جدال متى المعادي لليهود رغم أنه يهودي المولد والديانة قبل أن يؤمن بالمسيح، ويرون هذا النص بأنه شكل بذور لمعاداة السامية التي ظهرت لاحقًا. وشاركه بهذا التحليل علماء آخرين منهم هوارد كلارك ونيكولاس رايت بل وصل الأمر بالبعض أن وصف الآية بأنها شكلت ضررًا على اليهود واستخدامها كذريعة لمعاداتهم، ووصل الأمر عند بعض علماء الكتاب المقدس في الغرب ومن معظم الطوائف بأن هذا المقطع استخدم بطريقة غير صحيحة وتشويه صارخ لمعناها الأصلي، منوهين بأن المقطع كان يشير بالتأكيد إلى سقوط القدس سنة ٧٠م لا أكثر! بل كتب رئيس أساقفة كانتربيري اللاهوتي الأنجليكاني روان ويليامز عن هذا المقطع في إنجيل متى بأنه جُعِل أداة لأكثر قراءة خاطئة وأكثرها فسادًا من قصص العاطفة التي شوهت سجل الكنيسة. مُشيرًا لقراءة مختلفة تمامًا لهذا النص عما تم في القرون المسيحية الأولى! وفي عام ١٩٦٣م انعقد المجمع الفاتيكاني الثاني لبحث موضوعات عديدة، وفي الدورة الثانية منه قدّم كاردينالا ألمانيًا وثيقة تعتبر الصورة التمهيدية للوثيقة التي صدرت فيما بعد وتعلن عن تبرئة اليهود من دم المسيح. وتنادي الوثيقة التمهيدية باعتبار الشعب اليهودي جزءًا من الأمل المسيحي، وأنه لا يجوز أن ننسب إلى يهودِ عصرِنا ما ارتُكب من أعمال أيام المسيح، معللا كلامه بأن كثيرين من اليهود لم يكونوا يعرفون شيئاً عما حدث، ولم يوافق بعض قادة الشعب على فعل سائر الكهنة. وقد اعترض على الوثيقة عدة أساقفة، لما فيها من اعتبارات سياسية، وأوضحوا أن ذلك ليس حقاً للمجمع ولا غيره، وطالبوا بتأكيد نصوصٍ كتابية تتحدث عن تورط اليهود ككل منها ما جاء في سِفر الخروج: " أنا الرب إلهك، إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء" (الخروج 20/ 15) وقد قال بطرس لثلاثة آلاف من اليهود: " يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم " (أعمال 2/ 36). إلا أن الوثيقة تم تعديلها وصدرت عام ١٩٦٥ كوثيقة تبرئة اليهود. ولكن الوثيقة النهائية الرسمية أقرت بدور اليهود وبراءة الرومان، وبرأت الأجيال اليهودية اللاحقة من تولي وزر هذه الجريمة، كما أنها حاولت حصر الجريمة في أقل عدد ممكن من كهنة الشعب اليهودي فنصت على: " فإن ما ارتكب أثناء آلامه، لا يمكن أن يعزى إلى جميع اليهود الذين كانوا عائشين أنذاك، ولا إلى يهود أيامنا هذه". وتعود الوثيقة للحديث عن آلام المسيح المصلوب، فتقول: "ما حصل للمسيح من عذاب لا يمكن أن يعزى لجميع الشعب اليهودي .. فإن الكنيسة كانت ولا تزال تعتقد بأن المسيح قد مر بعذاب وطعن بحربة بسبب ذنوب جميع البشر، ونتيجة حُبٍ لا حدَّ له". ولاقت الوثيقة معارضة شديدة من قبل عدة شخصيات دينية موضحين تعارض هذه الوثيقة تعارضاً صريحاً مع النصوص الإنجيلية، المصرحة بدور اليهود بقتل المسيح على الصليب، ومنها قول بولس: " اليهود الذين قتلوا الرب يسوع، وأنبياءهم، واضطهدونا نحن" وكيف يبرأ اليهود من دمه؛ ويوحنا يقول على لسان قيافا رئيس الكهنة: " أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تنكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة كلها .. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه " (يوحنا 11/ 47 - 53). واليهود هم الذين أتوا بشهود الزور. ولما وجد بيلاطس أن لا جرم عليه، قال: " إني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم، فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا " (متى 27/ 24 - 25) ثم كيف للكنيسة الكاثوليكية أو لجماعات بروتستنتية أو علماء لاهوت أن يبرئوا اليهود وكل نسلهم الحقيقي وغير الحقيقي من دم المسيح، وهم أنفسهم قد قالوا لبيلاطس: " دمه علينا وعلى أولادنا"... هم من حملوا أنفسهم المسؤولية وليس آخر. أما أنا كمسيحي وكاثوليكي لا أتفق ولا أوافق على ما جاء في الوثيقة الصادرة عن المجمع الفاتيكاني الثاني ولا على إعلان براءة اليهود من دم المسيح، وإلى أن يعود المسيح ثانية هم وبيلاطس البنطي يتحملون مسؤولية هذا العمل.
#أشرف_عبدالله_الضباعين (هاشتاغ)
Ashraf_Dabain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عربنا وعربكم
-
متى يخون المنصتون
-
التشوه النفسي في الواقع السياسي
-
بربر وأمم وعجم
-
للآثار الأردنية يوم
-
الاختلاف حين يكون خطرًا
-
جدلية التدين
-
الحل الصعب والحل الأصعب
-
اليوم العالمي للكتاب
-
أزمة عامة
-
بشر مهددون بالانقراض
-
خيرُ سفير
-
إفلاس كوداك، درس في الإدارة
-
لا بحر في بيروت لغادة السمان
-
التراث في خدمة الإنسانية
-
القطيع
-
واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في 2021
-
خطوات فارقة
-
ثقافة الإدارة في 2022
-
تحديات نشر الكتاب وتوزيعه في المملكة الأردنية الهاشمية
المزيد.....
-
من بينها هزّ الفنجان.. تعرّف إلى إتيكيت شرب القهوة العربية
-
رأي.. بشار جرار يكتب عن حادثة جسر الملك حسين: من يقطع الجسر؟
...
-
كاتس يهدد بـ-تحطيم- السلطة الفلسطينية و-حلها-
-
مراسلتنا: سلامة يمثل أمام القضاء اللبناني وسط احتجاجات وتداب
...
-
-السحر انقلب على الساحر-.. المأكولات البحرية تختفي من مؤائد
...
-
سوريا: مقتل 14 شخصا وإصابة العشرات في غارات جوية إسرائيلية ع
...
-
-ياغي الخارق-.. الصين تحت رحمة أقوى إعصار خريفي منذ 73 عاما
...
-
روسيا.. تحديد 13 هدفا بروتينيا جديدا لعلاج الأمراض العصبية
-
عائلة الجازي: مساع لاستعادة جثمان منفذ عملية معبر الكرامة لد
...
-
مراسلتنا: 4 جرحى بقصف إسرائيلي جنوب لبنان
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|