أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم زاروبي - مشهد صباحي من باريس














المزيد.....

مشهد صباحي من باريس


سليم زاروبي
عالم فلك فلسطيني متخصص في دراسة فيزياء الكون

(Saleem Zaroubi)


الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 15:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


ركبت، كعادتي منذ أن ابتدأت زيارتي المطولة لباريس منذ شهر، القطار الذي يقلني إلى مكتبي في الجامعة التي أحل ضيفا عليها. جلست في القطار أقرأ مقالا، ولا أنظر إلى من هم حولي منغمسا في شؤوني وأفكاري. في الحقيقة هذا ما يفعله عادة أغلب الناس في المدن الكبيرة، ينغمسون في شؤونهم، ويحيطون أنفسهم بفقاعات تعزلهم عن محيطهم، وكأن هناك قانونا رياضيا يقول إنَّه كلما كبرت المدينة كلما ضاقت الفقاعات التي يعيش بها أفرادها.

سمعت فجأة من خلفي صوت رجل يتحدث بصوت عال إلى جميع الركاب بالفرنسية. نظرت إلى الوراء فإذا برجل في الثلاثينيات من عمره، يقف من خلفي وبيده جيتاره، كان قد دخل القطار في المحطة السابقة. بعد أن رأيت هذا الرجل، عدت إلى مقالي متجاهلا ما يقول لسببين، أولهما أن هذا مشهد عادي في القطار الباريسي، فكثيرا ما يركبه المغنون الذين يطلبون المال، أو المبشرون بالدين، أو غيرهم من الشخصيات التي لا تثير الاهتمام بشكل خاص. السبب الثاني هو أني لا أعرف الفرنسية، ولا أفهم عادة ما تقوله هذه الشخصيات الطريفة، والغريبة في ذات الوقت. لكن هذا الصباح كان الرجل يتحدث بطبيعية تامة وصوت عذب وودود، لهذا أنصتت له قليلا فلم أفهم سوى كلمتين: شانسون، وهو الاسم العام لنوع من الأغاني الفرنسية، وفلسطين!

ثم بدا هذا الرجل بالغناء بصوت عذب على عزف موسيقى الجيتار، كانت الأغنية الأولى من أغاني الشانسون، استمعت إليها باستمتاع، بقدر ما يستطيع أجنبي لا يعرف معاني الكلمات التي تقال أن يستمتع. بعد أن أنهى هذه الأغنية، قال جملة أو اثنتين فهمت منهما كلمتي فلسطين والقدس. ثم ابتدأ يعزف أغنية فيروز "إليك يا مدينة الصلاة"، ويغنيها، والناس تنصت بهدوء وتعاطف واضح مع الأغنية على الرغم أنهم أصبحوا الآن من لا يفهمون كلمات الأغنية. لا أعرف لماذا لكنه عندما وصل إلى جملة "الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان" شعرت بتأثر كبير، وغرغرت عيناي بالدموع، وتذكرت أطفال غزة وأهلها والكارثة التي يمرون بها أمام أعيننا وأعين العالم أجمعين.

نظرت من حولي مرة أخرى، فإذا بالوجوه اللامبالية قد تبدلت، وتحولت إلى وجوه حزينة تتابع غناء هذا الرجل. اختفت حينها الفقاعات الضيقة التي أحاط المسافرون بها أنفسهم، وأصبحنا لوهلة قصيرة نعيش تجربة مشتركة تربطنا بما هو أكبر منا بكثير.

خطر ببالي وأنا أفكر في هذا المشهد المؤثر، أن قضيتنا أصبحت مغناة للناس جميعا في كل مكان، وأننا نعيش لحظة نادرة في العالم، تحولت فيها القضية الفلسطينية من قضية محلية إلى رمز المطالبة بالعدالة والإنسانية والاحتجاج ضد الظلم والاستبداد.



#سليم_زاروبي (هاشتاغ)       Saleem_Zaroubi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة على الأرض بين الانقراض والانبعاث
- إعادة تشغيل شريط الحياة
- دور العلم في حياتنا
- مشروع -الشمس الاصطناعية- الصيني والاندماج النووي
- من دروس الغربة
- بين الفوقيّة والدونيّة
- فاخورة مسمار
- عام على الكورونا: استنتاجات أولية
- نيوتن: عملاق الثورة العلمية
- بطل من ذلك الزّمان -- من وحي كتاب -المتفائل: سيرة حياة اجتما ...
- بين الحقيقة والنظرية: البابليون، خسوف القمر والكورونا
- أسامينا!
- هزاع المنصوري : الأرض كروية وقد رأيتها بأم عيني!
- كنه النظريات العلمية
- جاليليو و الثورة العلمية
- خمسينية الشتاء (فترة السعود)
- الخيار واضح: إما الإنسانية وإما الصهيونية!
- الفاشية هنا!
- المرأة هي المستقبل
- الثورة العلمية الغربية وعلماء العرب


المزيد.....




- شاهد حرائق غابات تجتاح كاليفورنيا.. والتضاريس الصعبة تعقد جه ...
- مشتبه به في إطلاق نار ما زال طليقًا وسط مطاردة ضخمة بولاية ك ...
- العراق يعلن الاتفاق مع الولايات المتحدة على جدولة انسحاب قوا ...
- رغم التوغل الأوكراني.. إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع في ...
- تفرير من الكونغرس يسمي المسؤول عن الانسحاب -الفوضوي- للقوات ...
- الأردن يعلن إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة السفر والشحن
- هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟
- الديمقراطيون قد يخسرون البيت الأبيض بسبب اللاتينيين
- لماذا يعود السكان إلى خيرسون رغم الخطورة؟
- الاستقرار العالمي في خطر


المزيد.....

- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم زاروبي - مشهد صباحي من باريس