أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - القوادة-البكر-















المزيد.....

القوادة-البكر-


نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)


الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


"ماتسيبنيش يا بابا..أبوس ايدك ماتسيبنيش"
صرخات استنجاد..بكاء..تكرار مدوى أليم:
"ماتسيبنيس يا بابا"
مشهد مؤثر فى مسلسل(أعلى نسبة مشاهدة) تستغيث فيه البطلة برجل غريب ..تصورت للحظات أنه أبيها.
فتاة كادت أن تنهى حياتها، لولا هذه اليد الغرببة التى انتشلتها وأنقذتها!
أيدى رجل استبدلت وجهه بوجه أبيها للحظات،
أب لا وجود له فى هذه اللحظة، سوى فى خيالها الذى تمناه!!
انهيار تام بعد أن أغلقت فى وجهها كل أبواب الدنيا؛ فمن فضائح منتشرة لها على مواقع التواصل الاجتماعى.. إلى اكتشاف أحباء مزيفين وخيانات..حتى أهلها،
"ملجأها الوحيد"؛ بدلا من احتضانها ورعايتها، تخلوا عنها ولفظوها!
فلم تجد لسانا يتحرك من أسرتها للدفاع عنها،
الكل واقف مشلول الأيدى ..معقود اللسان، متفرجا شاهدا على ظلمها فى صمت!!
تخلصوا من مسؤوليتهم تجاه ابنتهم، بدلا من تحملها، فلم تجد لها طريقا آخر للنجاة، سوى "التخلص من حياتها"..
وحينما استفاقت من صدمتها، ومما كانت تنتوى القيام به، قررت أن تهلك نفسها بنفسها، وأن تختار طريقا آخر مجهولا وملغما عوضا عن الموت!!
فارتمت مرغمة فى أحضان رجل، لا تعرف طبائعه ولا حتى هويته، بعدما كاد الموت أن يغتال روحها!!
اختارت أن تستنفذ كل ما تبقى لها من طاقة الحياة!
وانصاعت لما أمرها هذا الرجل بفعله:
"التقطى صورا هنا وصورا هناك "
"خذى هذا الدواء"
"اظهرى فى فيديو لايف، لتعلنى عن تطبيق جديد".
وهى كالموتى ..شبه غائبة عن الوعى..تمتثل لأوامره وتنفذها بالحرف!! وللأسف تم هذا الزواج بموافقة خالها ومعاونته!!
هذه الفتاة التى رفعت ضدها قضايا تمس الشرف والسمعة، كانت مجرد فتاة خجولة، حساسة، مطيعة لأهلها ..بارة بهم..ولم يكن أحدهم يحسن معاملتها فى المقابل، خاصة الأم؛ التى ظلت تحط من قدرها، وتنتقص من قدراتها وحقها؛ فتشعرها دائما أنها لا تستحق من الدنيا هداياها مثلما تستحقها أختها الكبرى، أو الأخت الأصغر منها!
نشأت هذه الإبنة وهى جائعة للإهتمام الذى لم تنله يوما من أمها..كانت دائما فى احتياج نهم للتشجيع والتقدير.
ومع أول كلمة حب وأول احتفاء بها، استسلمت وامتثلت!!
فلم تكن هذه حفاوة عادية، ككلمة مديح تنتظرها من أحدهم، بل آلاف من المعجبين الذين يتمنون التقاط الصور بجانبها!
ولأول مرة تشعر أنها "محبوبة"وأنها "مرئية"، لا كما كانت تعاملها أمها بجفوة وتجاهل وصفات سلبية تنعتها بها طوال الوقت؛ فتواجه الفتاة أمها فى أحد المشاهد، لتعلن عن تاريخ إساءة معاملتها:
"مش أنا بنتك "الفاشلة"..مش انتى دايما كنتى تقولي عليا انى وحشة، وماليش لازمة، وبضرب لاخمة..وأنا صدقتك..
ده انا حتى بستغرب لما حد بيقوللى كلام حلو"
تخيل أن تصبح الأم_ وهى المنبع الاساسى للأمان والرحمة والمديح والاحتواء (الغير مشروط)_مجرد شبح تخشى الابنة أن تلتقيه، وتتشكك فى قدراتها وإمكانياتها بدلا من أن تعزز ثقتها بنفسها، وتبنى ما أهدره الآخرين فيها!!
كل ما أرادته هذه الفتاة هو" الاعتراف"؛ الاعتراف أنها ذات أهمية وتستحق الحب!!
وبين ليلة وضحاها بضربة حظ، أو ربما
"بخطة قدرية محكمة" ..وصلت لأكبر مما صور لها خيالها
وأبعد كثيرا مما أرادته!
فمن أمنية بسيطة تمنتها تجاه زميلها؛ وهى أن يبادلها فقط "ذات الشعور"، أو حتى يلتفت إليها، أصبح الكل يسعى لأن يلفت انتباه تلك الرقيقة المحبوبة، التى اشتهرت بخفة دمها على التيكتوك!!

الابنة التى لفظت من بيتها، وطردت من أذرع حنونة تحتوى ضعفها وسقطاتها، تلقفتها أيادى عبثت بجسدها وتوجهاتها، بل وأفسدت حياتها وجعلتها سببا فى فساد حياة أخريات وسمعتهن!
الفتاة الرقيقة التى كانت تخجل حتى من أن تشير بالسلام لأحدهم، أصبحت تدير بيتا للدعارة "الالكترونية"_دون علمها_
ولذلك اخترت(القوادة البكر) عنوانا لهذا المقال؛
فهى لا تدرى كيف تتم العملية التى تحصل من خلالها على أموال طائلة. فتاة بكر؛ بكارة النية والنفس وحتى العقل الساذج الذى يصدق ما يقال له دون مراجعة، ويمتثل لأوامر الكبار مهما كانت نواياهم!
فتاة، كانت مطيعة، ودودة وبارة بأهلها، أصبح الكأس لا يفارق أصابعها التعيسة، ولا تتوقف عن الظهور ورفع الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى !!
الفتاة التى حرمت من احتواء أقرب الأقربين، احتوتها الجريمة بامتياز، واحتضنها الفساد بأذرع ترحابة!!
وقبل أن تتطور الأمور وتلقى بنفسها إلى التهلكة ..لجأت لأهلها فأذلوها وأهانوها..بدلا من أن يحتووها!
وأخيرا، اعترف الأب بذنبه، بعدما وقفت ابنته لا حول لها ولا قوة أمام المحكمة ليعلن بندم:
"ياريتنى كنت خدتك فى حضنى يا بنتى..ماكانش كل ده حصل!"
استفاق بعد أن دمرت حياتها كليا وحكم عليها بالسجن والحرمان من "الحرية"!
نحن مرآة آباءنا وأمهاتنا؛
فإن وجدت سلوكا لا يرضيك فى أحد أبناءك؛ سل نفسك:
هل أخطأت فى حقه؟! هل فرقت فى المعاملة بينه وبين إخوته؟ هل منحته الحب والاهتمام الكافى الذى يستحق؟ هل كنت مستمعا جيدا وحاضنا أمينا لمخاوفه وتشككاته؟! هل كنت له منصفا عادلا؟! هل أحببته دون قيد أو شرط؛حبا استثنائيا خالصا ؟!
فهذه الفتاة التى ارتمت فى أحضان (التيكتوك) واللايك والشير، عوضا عن حضن أمها التى لم تكن تحنو عليها أو تشعرها بأهميتها وقيمتها؛ شبيهة أيضا بأبناء ارتموا فى مستنقعات الإدمان بأشكاله؛ سواء مخدرات أو إباحيات أو حتى ممن لديهم اضطرابات "طعام"، بحثا عن سد فراغ قلوبهم، لا عقولهم..واشتهاءا للحب والاحتضان، لا إدمانا للذة أو رذيلة. كلهم ضحايا آباءهم وأمهاتهم..ضحايا الحرمان من الأمان والاحتواء والاهتمام..ضحايا التجاهل الذى أدى ببطلتنا إلى الخوض فى علاقات مع أشخاص مؤذيين؛ كانوا سببا "ثانويا" بعد أهلها، فى هلاكها.
احذروا انتم أيضا من أن تصبحوا يوما "سببا رئيسيا " فى ضياع أبناءكم!
احتضنوهم قبل أن ينوب عنكم غيركم!
احتووهم قبل أن تتلقفهم أيادى الضالين؛ فيعيثوا فى نفوسهم فسادا!
أرجوكم انتبهوا
انتبهوا قبل فوات الأوان!



#نور_فهمي (هاشتاغ)       Noor_Fahmy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة النساء أم ثورة الإنسان؟!
- كتابات آخر موضة!
- بين العهر والحج -رحلة-
- الأستاذ -إله-
- ورم الجنس (مقال)
- بردا وسلاما على المبدعين (مقال)
- براءة الرب (مقال)
- علاقة(إحسان عبد القدوس) بمسلسل -أزمة منتصف العمر-
- وجه لا يشبه صاحبه!
- شاهينية الهوى
- (منتهى اللذة..منتهى الألم) مقال
- آيات سينمائية..تلاوة امرأة
- حرية موقوتة (نص نثرى)
- انتحار عارية (قصة قصيرة)
- سمعة الكترونية (قصة قصيرة)


المزيد.....




- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...
- رحال عماني في موسكو
- الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج ...
- أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور فهمي - القوادة-البكر-