أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل














المزيد.....

قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 01:14
المحور: كتابات ساخرة
    


(خاطرةٌ مردودٌ متنُها على قائِلها إن كانت مجانفةً للصَّواب)
هرولتُ حينَ الْعَشِيِّ كي أتسامرَ مع أصحابِي، فتَقرفصتُ جَنبَهم مُرَفرِفاً بيديَّ لهمُ، ومُكفكِفاً بهما عن جلبابي. وكنتُ قد ألزمتُ نفسي حينَ أبدأُ المُحادثةَ معَهم بوصايا هدايةٍ لخطابي. قبسُ وصايا تُنجيني من خَسارةِ صديقٍ منهم فأفقدَ بذلكَ منهمُ الودَّ والترحاب. وصايا تَمنعُ الخوضَ بقضايا ملتهبَةٍ، سواءٌ أكانَ الخوضُ باقتضابٍ أم بإطناب، وتحتَ ايةِ انفعالاتٍ أو دوافعٍ أو أسباب، وخيرٌ ليَ الإنصاتُ بصَمتٍ لهم، وخيرٌ لي حَوْكُ الهوى ولَوْكُ لعابي. كانتِ الوصايا صارمةً تحظرُ الكلامَ ولو هَمساً تحتَ ثيابي. وهاكَها يا ذا عزٍّ بوجيزِ حرفٍ بلا اسهاب..
يُمنَعُ الحديثُ عن (النفاقِ)، وعن بَسَمَاتِ الكذبِ وعن رذائلِ الكَذَّابِ، فقليلٌ من أصحابي ماهرونَ بصناعةِ البَسَماتِ عند كلِّ جواب.
ثمَّ كذلكَ عنِ (الإسلام)، وخاصةً عن قضيةِ دَوَّارةٍ في فلكِ (الحجاب)، وويلكَ إن رَميتَهم بشهابٍ أسودٍ من (النقاب)، فبعضُ أحبابي نساؤهم سافراتٌ، وسيعبَسُونَ منكَ باكتئابٍ وربَما بارتعاب، وقد يظنونك مُتَطرِّفاً من جماعة الإرهاب.
ثمَّ عن فلسطين، فثلَّةٌ من الأحباب لا يعرفُ ما اسمُ عاصمةُ بلدهِ، ونراهُ ما برحَ منهمكاً بِعَدِّ دراهم السُّحت في صَحوٍ وفي ضباب، وتراهُ يَحسَبُ أن (أزأزَةَ) اللُّبِ بانكِباب، هي العلامةُ الفارقةُ لأولي الألباب، ويظنُّ أنَّ سيماهُم ظاهرةٌ في أفواهِهم لا في وجوهِهم وبلا احتجاب.
ثمَّ كذلكَ عنِ (العلمانية)، فبعضٌ مِنهم تراهُ مُتديِّناً مِن هامةِ رأسهِ حتى الكِعاب، ومُلتَزماً بعُرى دينٍ مُفصلٍ وفقَ شهواته تفصيلاً بانسياب، ومسطورٍ عندَهُ في قراطيسٍ وأمِّ كتابِ. ولو ترى على عقيقِ خاتمِهِ منقوشاً" إنِّي أنا الوليُّ المغيثُ وما سوايَ من وهَّاب".
ثمَّ تَجَنَّبِ الحديثَ عنِ (الشيوعية)، فإنَّ منهم الدّرويشُ "الماركسيٌّ" بالفطرةِ وليس باكتسابِ، وتراهُ ما إنفكَّ يُحبُّ العامِلَ والفلاحَ ويَكرهُ لوحةَ "الكافيارَ" ودَوحةَ الكباب. وترى خاتمَهُ أحمراً قانٍ، رمزَ الحزمِ وسيادةَ المبادئِ وقطعِ الرِّقاب.
ثمَّ خِتامَ الوصايا مِسكٌ؛ إيَّاك أن تَذكرَ (الرأسمالية) بسوء، فأكثرُ أصحابي متيمٌ بالغربِ أكثرُ من "مارلين مونرو" الحاضرةِ بخُصرِها رُغمَ طولِ الغياب، وأشدُّ من شقراء السُّويد الأميرةِ "مادلين" وإذ تُصيِّرُ الفكرَ في سراب، بل وتراهُ هائماً بالغربِ أكثرُ من ملكِ إنجلترا "تشارلز" ذي العينينِ بلا أهداب.
تقرفصتُ حذوَ أصحابيَ أحبابي هُنيهَةً قابضاً على جَمَراتِ أعصابي، ثمَّ رأيتُني أنهضُ وأعضُّ شفتيَّ وأجرُّ أذيالَ جلبابي، فما من حديثٍ بينَ يديَّ إلا ورأيتُ الوصايا تزجُرُهُ برهاب، فخرجتُ من مجلسِهم رُغمَ أنهم أصحابي، وأنهم في الحيِّ هم ملاذي، وإنَّهمُ ما فَتِئُوا يُمطِروني بأندى القُبَلِ وأنبلِ الألقاب.

ثم سرتُ والشارعَ الطويل مُتَقَلِّباً باضطراب، أفركُ بينَ سبابتي وإبهامي نصفَ عُودٍ من ثقاب، سَرَيْتُ الى حيثُ لا أدري أين يكونُ ذهابي، سرتُ وأثداءُ لساني تعصرُ باحتلاب؛ أمِن أحدٍ يَدُلُّني على مَجلسِ سَمَرٍ، اللسانُ فيهِ يَنطلقُ بذرفٍ سلسٍ خَلَاب، وبسجيَّةٍ غيرِ مُتزلِّفةٍ لوجوهٍ مزدحمةٍ بأنياب، وبعفويةٍ غيرِ مُتكلِّفةٍ يَتَغَنَّمُ بها لُبابي ويَتَنَغَّمُ معها جلبابي. أوَمِن مجلسٍ على ظَهرِها مَوجود، هوَ خالٍ مِن كلِّ ارتياب.
ثم بَصُرتُ هِرَّةً مُتقرفصةً، لعلَّها حاملٌ في شهرها الأخير بلا احتساب، فتبسَّمَتْ ليَ الهِرَّةُ بسمةَ "ميوٍ" واحدةٍ بانشراحٍ وبإعجاب، فتَقرفصتُ من فوري حذوَها وسطَ الطريقِ بلا ترددٍ وبلا وصايا ملزمةٍ في الخطاب، فتسامرنا معاً سَمَرَ عاشِقينِ بَعدَ بُعْدٍ واغترابِ، حتى إشراقة الفجرِ ونحن مُتَقرفصون على كومةٍ من تراب، وكانَ مِن بينِ أيدينا ومِن خلفِنا أخوةٌ لنا منصتونَ بلا طنينٍ ولا وَنينٍ ولا سِباب. كان الأخوةُ حشداً أنيقاً مِن بَقٍّ وحشداً وثيقاً من ذُباب.
لقد تَسامرنا بهمسٍ آسرٍ ساحرٍ يعدلُ دُررَ الجبالِ والهضاب.
-ميو؟
-إمممم، ميو، ميو...



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِلمُ مِيكانيكا المِسْبَحَة
- وإنَّما زينَةُ الحَواجبِ العَوَجُ
- بَقيةٌ مِن سِيجار
- همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-
- اسبينوزا الحَنين
- الصحافة بظرافة
- [ إنتخاباتٌ بينَ الشَّاةِ والفتاتِ ]
- بَغداديات؛ تَحْتَ مَوْسِ -عَادِلَ- الحَلاق
- النبي الأمين وغزة فلسطين
- رَقيُّ ديجيتالٌ رَقميٌّ
- عن رحيلِ -كريم العراقي-
- [ أنَا وَصَدَّامُ وَمُظَفرُ النُّواب ]
- [ مِن عَليِّ الجَنابي إلى عَليِّ السُّودانيّ مع التَّحية ]
- أنا والشَّيخُ محمَّدُ الغَزالي
- - بلْ لا قيمةَ للفَهمِ بلا أَدَب -
- عَصفُ الغَيْبِ وريحُ الشَّيبِ
- الشِّعرُ الحرُّ أبنٌ غيرُ نجيب
- تجَّارُ الجَمالِ الزَّائِف
- ما الأمرُ بِنُمُوٍّ بلِ إنقِلاب
- وأولئِكُمُ القَوْمُ العَبَث


المزيد.....




- غزة.. عزف الموسيقى لمواجهة البتر والألم
- لعبة التوقعات.. هل يفوز عمل غير غربي بجائزة نوبل للآداب 2024 ...
- اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي ...
- تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن ...
- الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا ...
- سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس ...
- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...
- كريستوفر نولان يستعد للعودة بفيلم جديد ومات ديمون مرشح للبطو ...
- بيسكوف: الإهانات الموجهة لبوتين -جزء من الثقافة الأمريكية-


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل