محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)
الحوار المتمدن-العدد: 8004 - 2024 / 6 / 10 - 22:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حل البرلمان الفرنسي والدعوة الى انتخابات تشريعية مبكّرة من قبل ماكرون لا يبدو لي قرارا متسرّعًا بقدر ما هو خطّة مُعدّة بهدف خلط أوراق اليمين الفرنسي و كبح جماح تصاعد شعبيته .
فمع الازمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة في فرنسا والخيارات الليبرالية المتطرفة لماكرون وفرض تمرير قانون التقاعد والمواجهات مع السترات الصفراء و ملف الهجرة و السياسة الخارجية المتعنتة تُجاه الشرق .... الخ تراجعت شعبية ماكرون و تحالفه كثيرا امام تنامي المد اليميني في اوروبا عموما و فرنسا خصوصا من ناحية و إعادة تموقع اليسار و أقصى اليسار في المشهد السياسي الفرنسي ( وهو ما عبرت عنه الانتخابات الاوروبية أمس اليمين المتطرف في حدود 40% اليسار تقريبا 15% و اليسار الراديكالي 9% مقابل 15% لحزب الرئيس ) .
هذه النتائج ستعيق بشكل كبير سياسات ماكرون الاوروبية في السنتين الباقيتين في عهدته المكبّلة بفقدانه وتحالفه للاغلبية في الجمعية الوطنية اثر الانتخابات التشريعية الاخيرة ، فينهي ولايته محشورا ومعزولا في الداخل والخارج حتى تنتهي تجربته السياسية والحزبية تماما .
لذلك كان خيار الدعوة للانتخابات التشريعية المبكّرة في عملية ابتزاز للناخب الفرنسي وخاصة من معسكري الجمهوريين و اليسار حتى ينتقص من قيمة تنامي شعبية اليمين و اليمين المتطرفة يكسر تتالي انتصاراته من ناحية و السعي الى تعديل تركيبة الجمعية الوطنية بحثا عن أغلبية نيابية يُسند بها بقية عهدته الرئاسية .
اما في أسوأ السيناريوهات فقد يتمكن اليمين من مواصلة نهج الانتصارات ويحقق اغلبية برلمانية ليجد نفسه في سدة الحكم في وضعية تعايش صعبة مع ماكرون في ظل الازمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة ليتحمل وزر أزمة الحكم المباشر لتتآكل شعبيته إعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة التي لن تتزامن المرة المقبلة مع التشريعية التي تغيرت دوريتها من خلال هذه الانتخابات المبكرة وهو ما ينتقص اكثر من زخم مترشحي اليمين و اليمين المتطرف المفترضين للرئاسية .
وتبقى في كل الاحوال حركة جريئة من ماكرون الذي يعلم جيدا انهيار شعبيته وشعبية مشروعه امام تصاعد المد اليميني الخطير على فرنسا واوروبا ، لخلط الأوراق و خلق واقع سياسي مستقبلي أقل سوءا وسوادًا مما يعترضه الآن .
#محمد_نجيب_وهيبي (هاشتاغ)
Ouhibi_Med_Najib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟