|
حارة في مستنقع الأوراق الساقطة ( قصة سريالية)
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8064 - 2024 / 8 / 9 - 11:24
المحور:
الادب والفن
يوم عادي لـ سوسن، وهي امرأة متزوجة تعيش في ضاحية هادئة، تتابع روتينها اليومي المتكرر - الاستيقاظ، الإفطار، الذهاب إلى العمل. وهي في طريقها إلى العمل، تشعر سوسن بأنها تسير في مسار مختلف تمامًا، بدلاً من الطريق المألوف عندما تصل إلى مكان عملها، تكتشف ان الطريق قد تحول إلى مستنقع مظلم وضبابي، أشياء غريبة بدأت في الحدوث - الجدران تتحرك، الأشياء تختفي وتظهر مرة أخرى. سوسن تبدأ في الشك في صحتها العقلية وفي ما إذا كانت تستيقظ من حلم أم مازالت تحلم هذه الصورة كانت مستهل حلمي الجديد بعد ان ملئت معدي بشراب احمر خلته نبيذ احمر لكنه لم يكن كذلك، كان البائع يتخذ طريق المستنقع ملاذا لبسطيته، يبيع عليها ما يشاء، ومنها النبيذ الأحمر المغشوش بالحبوب كاملة الدسم لذا دخلت حلمي دون ان اتمتع ولو بنفس من سيجاري نمت متلفعا لحافا احمر لعلي احفل بأحلام حمراء يبدو هذا هو تأثير الحبوب، فاجأتني سوسن بحكايتها وانا في حلمي، هذا تحول مفاجئ يجعل الحلم ينزلق إلى عالم سريالي خطير وغامض ، يزيد إحساسًي بالغموض والتناقض، أشياء مثل الأحلام، الرؤى، الهلوسة، أو قوى خارقة للطبيعة عندما تأتي في حلمي تجعلني اتخيل نفسي شيئا آخر. هذا يمكن أن يجعل الواقع يبدو مرنًا وغير مؤكد من وجهات نظر شخصيات ثانوية أو حتى غير طبيعية تستخدم تقنيات مثل الفلاش باك أو الفلاشفورورد أو تداخل الأحداث الماضية والحاضرة والمستقبلية عناصر متناقضة أو متضادة، الجمع بين أشياء متناقضة أو متضادة في نفس السياق يؤدي الى هلامية الموقف، مثل الجمال والقبح، الحياة والموت، الرعب والسعادة، يخلق إحساسًا بعدم اليقين في حارة يعيش معظم سكانها بسلام وحولهم مستنقع للأوراق الساقطة من أشجار الخريف، حدثتني سوسن عن الحارة بطريقة ما تبدو عادية وبسيطة في البداية، ولكن تدريجياً تبدأ في التشوه والتحول إلى سرد مظلم وغريب، السكان يشكون في صحتهم العقلية ويتساءلون ما إذا كانوا يحلمون أم لا، الأصوات غريبة، الأشياء تختفي وتظهر مرة أخرى، تغييرات في الإضاءة والألوان، الحارة مكان هادئ وبسيط على سطح الارض، لكن تحت السطح هناك طبقة من الغموض والرعب جميلة وقبيحة، حياة وموت، في نفس المكان السكان يواجهون أشياء متناقضة ومربكة في حياتهم اليومية وجود شخصيات غريبة أو كائنات سحرية تتفاعل مع سكان الحارة ، بطريقة متناغمة ومقنعة جعلت هذه الشخصيات والكيانات الغريبة الحارة مكانا بائسا يشكو سكانها عقدة الخوف من المركبات التي هي مصدرا للغموض والتشويق ،أوراق الشجر تتحرك بطريقة منتظمة وميكانيكية، كأنها تُشغَّل بآلية خفية بطريقة متناسقة وهندسية، متجاهلة قوانين الجاذبية، جدران المباني تتنفس وتتحرك بشكل خفيف، الظلال تتحرك، الابعاد، الألوان تتغير وتتدرج بطريقة موسيقية والمناظر البصرية تبدو منحرفة أو مشوشة أصوات همهمات وطقطقات غير مفسرة تأتي من الأماكن المهجورة غير المألوفة، الرياح و الماء تبدو مختلفة وغريبة الأصوات غامضة ، حشائش وأعشاب تنمو بسرعة خارقة وتغطي المكان بشكل مفاجئ إضاءة المكان تتحول من ساطعة إلى خافتة بطريقة غير متوقعة، الحيوانات المخيفة التي تتصرف أو تتكلم مثل البشر أشباح و كائنات بخصائص غير بشرية، كائنات لديها قدرات خارقة أو أعضاء جسدية غريبة، الناس يمتلكون شخصيات متعددة أو متناقضة ،الشخصيات المجتمعية تتجاهل أو تحلل قواعد الواقع والمنطق، الأفراد ذوي الأشكال أو الأبعاد المبالغ فيها أشخاص يظهرون بتعبيرات وجه أو سلوكيات غير طبيعية الكل يحمل تناقضات أو ثنائيات متضادة الأفراد المنعزلون عن المجتمع العادي الفنانون الادباء يتصرفون أو يفكرون بطرق مختلفة تمامًا عن الآخرين كأنهم يواجهون صراعات داخلية أو مشكلات نفسية معقدة هنا تذكرت سوسن طريقة سريالية مثيرة للاهتمام لتفسير قضية المستنقع وكيف يسيطر على سكان الحارة، بدأت بتصوير المخلوقات، ، مثل القوى الروحية أو الكائنات الأسطورية وهي تستخدم وسائل خارقة أو غريبة للتلاعب بسكان الحارة، مثل القدرات النفسية أو التحكم في العقول وهي تؤثر على الواقع والمنطق بطرق مختلفة، التلاعب بالزمان والمكان أو إحداث تشوهات غريبة ،طرق السيطرة مبتكرة وملفتة للنظر، مع إضفاء جو من الغموض والرعب على العملية، إظهار سكان الحارة وهم يحاولون فهم ما يحدث وكيفية مواجهة هذه المخلوقات الغريبة، سكان الحارة يشعرون بالخوف والحيرة والعجز إزاء هذه القوى الخفية هذا اضفى طابع من التوتر والاضطراب النفسي على ردود فعل سكان الحارة تجاه هذه التجربة السريالية ، خلق هذا جوًا مشحونًا بالغرابة والإثارة، مع إبراز الطبيعة الغامضة والمربكة للسيطرة التي تمارسها مخلوقات المستنقع على سكان الحارة وخلق إحساسا بعدم اليقين والتوتر ، الشخصيات الفاعلة في الحارة في تذبذب بين الخوف والفضول تجاه مخلوقات المستنقع تتنازع بين الرغبة في الهروب والحاجة إلى فهم ما يحدث، برزت النزعات العقلانية والغريزية داخل الشخصيات، مثل الجدل بين المنطق والخرافة، وضع الشخصيات في مواقف صعبة تستدعي اتخاذ قرارات أخلاقية معقدة، إظهار الشخصيات وهم يتساءلون عما إذا كان التعاون مع مخلوقات المستنقع هو الخيار الصحيح أم لا، تصوير الشخصيات وهم يناقشون الالتزامات الأخلاقية تجاه المجتمع مقابل الحاجة للبقاء على قيد الحياة إبراز الصراع بين الشخصيات الرئيسية حول كيفية التعامل مع هذه التهديدات الغامضة تصوير الخلافات والتوترات بين الشخصيات نتيجة للضغوط النفسية والاجتماعية ،إظهار الشخصيات التي تشعر بالعزلة أو عدم الثقة في الآخرين بسبب هذه التهديدات، تصوير الشخصيات وهم يتساءلون عن طبيعة الواقع وحدوده المعرفة الإنسانية يواجهون أسئلة فلسفية نقاشات عميقة حول الحياة والموت والغرض. والعجز والتهديد الوجودي الناتج عن مواجهة قوى خارقة للطبيعة، من خلال التركيز على الأبعاد المختلفة للصراع الداخلي، يمكن ان تنشا شخصيات معقدة ومتعددة الأبعاد وانتهازية، مما زاد من عمق الهوة واقعيا، ممكن أن يكون ارتداء أقنعة سريالية من قبل سكان الحارة له تأثير على الأقنعة التي تلبسها مخلوقات المستنقع في هذا السيناريو. هناك عدة طرق يمكن أن يؤثر بها ذلك ويعكس قلق وخوف سكان الحارة وشعورهم بالتهديد من تلك المخلوقات، هذا قد يؤدي إلى إثارة ردود فعل عدائية أو دفاعية من قبل مخلوقات المستنقع ،الأقنعة السريالية قد تعكس أيضًا محاولات سكان الحارة إعاقة التواصل والتفاعل بينهم والمخلوقات ، تخلق حواجز بصرية وتعيق فهم الطرف الآخر والتعبير عن النوايا هذا يزيد من الشك والغموض في العلاقة بين الطرفين وتؤثر على تفسير سكان الحارة لها ، إن تفاعل الأقنعة السريالية التي يرتديها سكان الحارة مع الأقنعة التي تلبسها مخلوقات المستنقع قد يكون له آثار نفسية واجتماعية وثقافية معقدة على طبيعة هذه العلاقة الغامضة. هذا يخلق فرصًا إبداعية لتعميق الصراع والتوترات بين الطرفين استمرار استخدام الأقنعة السريالية وتعزيز الخوف والتحيزات يؤدي إلى تصعيد التوتر والصراع المباشر بين الطرفين وتندلع مواجهات وصدامات عنيفة نتيجة لسوء الفهم والخوف المتبادل يؤدي إلى تدمير العلاقة وانقطاع التواصل بشكل كامل، في النهاية، يعتمد مسار تطور هذه العلاقة على قدرة الطرفين على تجاوز الحواجز والخوف والتحيزات، يبدو أن هناك محاولات من شخصيات المستنقع لاستغلال سكان الحارة الفقراء وجذب ولائهم من خلال نشر العفن والفساد. هذا أمر مقلق ولا بد من التصدي له بطرق مسؤولة ومنصفة وقانونية، شخصيات المستنقع كونهم ينتمون الى كائنات فضائية خطرة، تضيف تعقيدات جديدة إلى هذه المشكلة، الناس الفقراء في الحارة عرضة لهذه الممارسات المؤذية. بعد هذا السرد الطويل بدأت أتساءل في حلمي، السيطرة لمخلوقات المستنقع على ساكني الحارة هل هي بتخادم أجنبي ام ظروف محلية...؟،هناك عدة احتمالات ممكنة لتفسير سيطرة مخلوقات المستنقع على ساكني الحارة قد يكون هناك تدخل أجنبي من جهات أخرى غير محلية وراء هذه السيطرة. قد تكون هناك جهات خارجية تستخدم هذه المخلوقات للسيطرة على المنطقة لأهداف سياسية أو اقتصادية، قد تكون هناك ظروف مناخية مثل وجود مستنقعات وأراضي رطبة في المنطقة يوفر البيئة المناسبة لنمو وتأثير هذه المخلوقات، في الحقيقة صدعت راسي سوسن في تحليلاتها العميقة والطويلة لكنها مازالت تسير نحو مستنقع الأوراق الساقطة ،قررت ان اصحو من حلمي مصدعا لم اجني شيء من اللحاف الأحمر ،ارتجلت شيئا من شعر عنترة (هاجَ الغَرامُ فَدُر بِكَأسِ مُدامِ حَتّى تَغيبَ الشَمسُ تَحتَ ظَلامِ وَدَعِ العَواذِلَ يُطنِبوا في عَذلِهِم فَأَنا صَديقُ اللَومِ وَاللُوّامِ ).
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتصاب الزيتون واشجار أخرى(قصة سريالية)
-
المطار ( قصة سريالية)
-
سيرة ذاتية لغشاء البكارة ( قصة سريالية)
-
قبلات سوداء واصابع مبتسمة ( قصة سريالية)
-
رؤوس مقطعة في سوق البالة (قصة سريالية)
-
طبيب امراض تناسلية(قصة سريالية)
-
الحاضرية الوجودية والظلم الاجتماعي
-
الحاضرية الوجودية و الفلسفات المعاصرة
-
الحاضرية الوجودية وفلسفة الاخلاق
-
الحاضرية الوجودية والنقد الأخلاقي لعولمة التفاهة
-
الحاضرية الوجودية وترحيل الزمان
-
الحاضرية الوجودية ومفهوم المواطن المستقر والعبودية الطوعية ف
...
-
الحاضرية الوجودية وحوار الفلاسفة والطرشان
-
الحاضرية الوجودية و عناصرالحداثة عند امبرتو ايكو
-
الحاضرية الوجودية والاحلام
-
الحاضرية الوجودية والدوافع الغريزية للابداع
-
الحاضرية الوجودية والنهج الراسمالي الجديد
-
الحاضرية الوجودية والمثقف المزيف
-
الحاضرية الوجودية والنقد الجذري للرأسمالية
-
الانسانية والانسانوية والحاضرية الوجودية
المزيد.....
-
فنان مصري: -الزعيم- تقاعد واعتزل الفن دون رجعة
-
من إلغاء جولتها الفنية إلى طلاقها.. جنيفر لوبيز تكشف كيف -ان
...
-
غزة.. عزف الموسيقى لمواجهة البتر والألم
-
لعبة التوقعات.. هل يفوز عمل غير غربي بجائزة نوبل للآداب 2024
...
-
اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي
...
-
تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن
...
-
الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا
...
-
سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس
...
-
فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة
...
-
-دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|