أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)















المزيد.....

الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


هذه القصة السريالية حول عالم اتخيله في حلمي وليست واقعية، لكن لا تزال مرتبطًا بالواقع بطرق مقلقة. في هذا الواقع، تم القضاء على الصعوبة والتحدي والمعاناة من حياة الناس كليا، في المقابل، فقد الناس حريتهم وأصبحوا مجرد أدوات للإنتاج والاستهلاك. وهو سيناريو يبدو مثاليًا، حيث لا يوجد جهد أو كفاح - كل شيء متاح بسهولة. لكن تحت هذا السطح الناعم، هناك نظام مقيد يقمع كل محاولة للتمرد أو التطور الفردي. الناس في هذا العالم ليسوا أحرارًا بل مجرد عبيد مرتاحين، منتجين ومستهلكين بكفاءة لصالح النظام العالمي الجديد.
القصة بدأت مع حلمي وانا في قيلولتي في ظهيرة آب، لا يوجد تأثير للنبيذ الأحمر في حلمي، سأتتبع شخصية واحدة وهي انا، ومجموعة من الشخصيات الثانوية لا اعرفها، تحاول الهروب من نظامنا الارضي، مدركة أنه على الرغم من الرخاء الظاهري، فإن استمرار المعاناة والتحدي يعني أيضًا غياب الحرية والإنسانية الحقيقية. سيحاولون استعادة ما فقدوه من حرية وكرامة، حتى لو كان ذلك على حساب راحتهم الجسدية والمادية، يتساءلون عما إذا كان الرخاء السهل والجهد البسيط هو حقًا المثالي، أم أن التضحية والنضال هما الثمن الذي يجب ندفعه للحفاظ على إنسانيتنا الحقيقية، في حلمي بعد ان وصلت سطح القمر بجهود استثنائية اسعفني الدفع النفاث لكائنات من نار، وصلت شرفة موقعي الذي وهو فندق رتبته احد عشر نجمة على عدد الأقمار التي اراها من حولي، اطل على وادي عبقر القمري ، واد يسكنه الجن القمريون اهتموا به بشكل جيد زرعوه أصناف الورد ونباتات الظل المعمرة، رأيت سلاسل و قيود، لتمثيل القيود الفعلية والرمزية المفروضة على حرية الأفراد أسوار و حواجز، لتمثيل الحدود والفواصل بين المجتمع المنظم عالم الجن والعالم الخارجي المجهول ،عالمنا نحن المهاجرين أنماط منتظمة ومتكررة، كالخطوط المتوازية أو الشبكات المتداخلة، لتمثيل الطبيعة الروتينية والرتيبة للحياة في هذا النظام أرقام أو رموز كمبيوترية، لتمثيل الطبيعة الرقمية والآلية للتحكم في الأفراد أشكال هندسية منتظمة، كالمكعبات أو الأسطوانات، لتمثيل الصرامة والجمود الهيكلي للنظام ظلال ثقيلة وواضحة، لإضفاء جو من القتامة والكآبة على المشاهد غياب الألوان الحية والساطعة، استخدام ألوان بارزة ورمادية تعكس الطبيعة الباهتة والكئيبة لعالم الجن صور أو رموز لوسائل ترفيهية مصطنعة، لتمثيل كيف يتم تخدير الأفراد وإلبهائهم في هذا الواقع المقيد باستخدام هذه الرموز المتنوعة، يمكن للمشاهد بناء لغة بصرية قوية ومخيفة تعكس الطبيعة المقيدة والمفقودة للحرية في مجتمع الجن القمري الرأسمالي، بالتأكيد، هناك بعض الاشكال الإضافية التي تمكنوا من استخدامها لتعزيز فكرة النظام في حلمي السريالي، بشكل أكبر استخدموا رموز السلطة والإذعان وصور لأشخاص يُراقبون أو يُعاقبون ورموز الموت أو الاختفاء، صور للمراقبة بالتكنولوجيا المتطورة، رموز الطاعة والانصياع ،صور للنظام البيروقراطي المعقد، صور للاستهلاك والمادية ،الهدف منها خلق لغة بصرية قوية وفعالة لتعزيز فكرة النظام المقيد والمجتمع السريالي المنظم في هذا الحلم، باستعمال نظارتي بدت بعض الألوان باهتة حيث يمكنني خلق جو بصري قاتم ومقيد يتماشى مع الطبيعة السريالية والمخيفة لهذا العالم المصور في حلمي، الجن حاذقين في استعمال الألوان لقد ادخلوا لمسات من الأحمر الغامق حول العيون والفم لإظهار التوتر والقلق تحت الضغط، استخدموا الأبيض والأزرق الباهت للمباني والأثاث لتعزيز الشعور بالبرودة والنظام، ضافوا لمسات من البني والرصاصي للخلفيات لإبراز الجو المكتئب والخانق.
من منظور سريالي، يمكن اعتبار الهجرة الى سطح القمر جوار الجن المستقر نزعة للهروب من واقع قاسٍ ومحبط إلى عالم أكثر نظاماً وضبطاً، حيث الفرد يتخلى عن حريته مقابل توفير الحماية والأمن. هناك شعور بالسيطرة والسلطة التي يوفرها الجن للفرد، مما يجعله يستسلم لهم رغم إحساسه بالقمع، هاجرت في حلمي مع من هاجر الى سطح القمر، كانت رحلة صعبة الكثير من المهاجرين غرقوا في بحر الظلمات والكثير كانوا ضحية الحيوانات الفضائية المفترسة والمتوحشة، انا ومجموعة بسيطة أنقذنا بأعجوبة، كنا على شفا هاوية، انقذتنا سفينة فضائية امبريالية، في حلمي رغم التعب والمخاطر اقنعت نفسي انه يمكن اعتبار هذه الهجرة الى مستقر ناتجة عن عجزي عن مقاومة الواقع المؤلم الذي اعيش فيه. فالفرار إلى هذا النظام المقيَّد قد يكون السبيل الوحيد للبقاء والتكيف مع بيئة قاسية وغير عادلة. في هذه الحالة، يكون الاستسلام ليس نزوعًا سريالياً بقدر ما هو آلية للتكيف مع واقع مزري، هكذا فسرها حلمي، ووجد ان النظر إلى هذه الظاهرة من منظورين، كهروب سريالي من الواقع المحبط أو كفشل في مقاومة الظروف القاسية ولعدم وجود مرجعية سريالية. في هذا السيناريو يشعر الشخص الثوري بتعاطف مع النظام المستقر، على الرغم من قناعاته الفكرية بالتحرر والاستقلالية. هذا التناقض الداخلي يثير العديد من الأسئلة والتأملات الممكنة، يثير إمكانية وجود تناقضات داخل الشخصية الإنسانية، والتحدي المستمر في التوفيق بين المثل العليا والاحتياجات الأساسية. وربما يكون فهم هذه التناقضات خطوة مهمة هو تحقيق التوازن والاستقلال الحقيقي إن استخدام التعاطف مع الأفراد الذين يعيشون تحت أنظمة استغلالية اليوم قد يكون له آثار سلبية قوية في هذا السياق ويتطلب حذرًا وحكمة، فلا ينبغي أن يُفهم على أنه ضعف أو تخلٍّ عن المبادئ. ولكن إذا تم ذلك بعناية، فإنه قد يكون أداة قوية لتمكين هؤلاء الأفراد في إحداث تحول نحو العدالة والكرامة الإنسانية على سطح القمر بالتفاهم مع الجن باعتبارهم اشخاص منبوذين أيضا، من وجهة نظرحلمي، لا يمكنني التعويل على مثل هذه الأقوال للمفكرين الثوريين لفهم هذه الظاهرة بشكل واقعي. فالأمر يتطلب نهجًا علميًا وموضوعيًا مبنيًا على البحث والدراسة المنهجية للعوامل البيئية والاجتماعية التي تشكل هذا السلوك لا يوجد حل سحري أو سريالي، بل هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات نضالية وسياسية واجتماعية متكاملة إذا كان هذا هو السيناريو الفعلي، فإن الأمر يبدو أكثر تعقيدًا مما كنت أعتقد في حلمي. في هذه الحالة، إن الطرق التي اقترحتها قد لا تكون كافية أو مناسبة، نظرًا لأن الحكومات قد تكون متواطئة في الحفاظ على هذه الممارسات وتؤيدها كونها تحافظ على استقرار النظام وقد استفاد الجن القمريون من هذه الممارسات الأرضية وروجوا لمستوطنتهم على سطح القمر لأغراض تجارية وفرضوا شروطهم على المهاجرين، قيلولتي قصيرة وحلمي تجاوز الساعة ايقظني صوت بائع السمك، يبيع اسماكا بحرية ،في الحقيقة انا احب الأسماك البحرية كوجبة رئيسية لكني لا اعرف ان هناك اسمكا في بحر الظلمات، طلبت قطعة من سمك الماكر يل اعرفها اسماك صغيرة ومفيدة لكن القطعة التي طلبتها تجاوز وزنها الكيلوغرامين احشائها ملفوفة بورقة للحفاظ عليها من التعفن مكتوب عليها( شكرا لمهاجري القمر) ،وضعت يدي على راسي التمسه للتأكد من سلامتي، ترنمت بأبيات ل- ابن سهل الاندلسي( يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا قدر لعيني بمَنْ أُحِبُّ لِقا ويا مجيرَ المحبّ من فَرَقِ الفراقِ عجلْ وأذهبِ الفرقا ).



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت قبل الموت ( قصة سريالية)
- حارة في مستنقع الأوراق الساقطة ( قصة سريالية)
- اغتصاب الزيتون واشجار أخرى(قصة سريالية)
- المطار ( قصة سريالية)
- سيرة ذاتية لغشاء البكارة ( قصة سريالية)
- قبلات سوداء واصابع مبتسمة ( قصة سريالية)
- رؤوس مقطعة في سوق البالة (قصة سريالية)
- طبيب امراض تناسلية(قصة سريالية)
- الحاضرية الوجودية والظلم الاجتماعي
- الحاضرية الوجودية و الفلسفات المعاصرة
- الحاضرية الوجودية وفلسفة الاخلاق
- الحاضرية الوجودية والنقد الأخلاقي لعولمة التفاهة
- الحاضرية الوجودية وترحيل الزمان
- الحاضرية الوجودية ومفهوم المواطن المستقر والعبودية الطوعية ف ...
- الحاضرية الوجودية وحوار الفلاسفة والطرشان
- الحاضرية الوجودية و عناصرالحداثة عند امبرتو ايكو
- الحاضرية الوجودية والاحلام
- الحاضرية الوجودية والدوافع الغريزية للابداع
- الحاضرية الوجودية والنهج الراسمالي الجديد
- الحاضرية الوجودية والمثقف المزيف


المزيد.....




- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...
- الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)