خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 10:23
المحور:
الادب والفن
في قلب الصراع، حيث يتشابك العنف والفوضى، تنبثق قصص لا تُروى، قصص عن عنفوان يتحدى الفناء، عن قوة تتغلغل في أعماق الروح لتزهر في أرض تبدو للوهلة الأولى جرداء من الحياة. حرب غزة، بعنفها ودمارها، لم تكن مجرد فصل من فصول العنف المستمر في الشرق الأوسط، بل كانت ساحة تظهر فيها ألوان من الإنسانية الباسلة التي لا تنحني أمام آلة الحرب.
مع كل قذيفة تنفجر، ومع كل بناية تنهار، كانت هناك أرواح تصمد، تتحدى حدود الخوف والضعف. هذا العنفوان ليس مجرد بقاء فحسب؛ بل هو صرخة في وجه التحديات، هو تمسك بالحياة في أشد لحظات اليأس، هو نبتة تنمو بين شقوق الخراب، تستمد قوتها من صلابة الجذور.
في غزة، لا تنحصر المعركة في ميادين القتال؛ بل تمتد إلى القلوب والعقول، إلى الإرادة التي ترفض أن تُسحق تحت وطأة الدمار. هناك، في كل بيت مهدوم، وفي كل زقاق مدمر، تسكن حكايات عن رجال ونساء وأطفال، رفضوا أن يكونوا ضحايا صامتين، وبدلاً من ذلك اختاروا أن يكونوا أبطال قصصهم، يخطون في كل يوم صفحة جديدة من صفحات الصمود.
الفوضى التي تجتاح الشوارع، والتي تمحو معالم الحياة اليومية، لم تستطع أن تمحو الأمل. فهذا الأمل هو الذي يحمل في طياته قوة الحياة نفسها، هو الذي يدفع هؤلاء إلى الاستمرار، إلى النهوض من تحت الركام، إلى بناء ما تهدم، حتى لو كان مجرد حجر واحد في كل مرة.
إنه عنفوان يتجاوز حدود الجسد والفكر، عنفوان يخلق من الفوضى نظامًا خاصًا به، نظامًا يرتكز على القيم الإنسانية العليا: الكرامة، والشجاعة، والإرادة الحرة. وفي هذا النظام، لا مكان للاستسلام أو للهزيمة، بل هناك دائمًا مساحة للقيام من جديد، مهما كانت الجراح غائرة.
في خضم كل هذا، يبقى السؤال قائماً: كيف يمكن لعالم شهد هذه الفوضى، وشهد هذا العنفوان، أن يغض الطرف عن تلك الأرواح التي تتوهج في قلب الظلام؟ كيف يمكن لهذا العالم أن يتجاهل تلك النبتة التي تواصل النمو، رغم كل الظروف القاسية؟ إن حرب غزة ليست مجرد قصة دمار، بل هي قصة عنفوان يرفض أن يخبو، حتى في أحلك الأوقات.
في النهاية، يظل الأمل هو الشعلة التي تضيء الطريق. حرب غزة، رغم كل ما خلفته من جروح وآلام، لن تكون نهاية القصة. بل ستكون بداية جديدة، لرحلة تتطلب الشجاعة والإيمان، ولروح تظل تحلم بمستقبل أفضل، حتى في قلب فوضى الدمار.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟