|
طبيعة سريالية(قصة سريالية)
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 12:24
المحور:
الادب والفن
في حلم هذا ،كان هناك نقاش امتد الى ساعات متأخرة من منتصف غفوتي كان النقاش يدور حول صور التناقض بين الطبيعة والإنسان، الطبيعة تعمل بطريقة مقصودة ومتناسقة، بينما الإنسان يعمل بطريقة عفوية وغير متوقعة كنت في سفرة سياحية لاحد البلدان المجاورة، يتمتع هذا البلد بطبيعة ساحرة في حلمي هناك غفوت من تعبي لان النبيذ الأحمر ممنوع هناك رغم ان زراعة العنب الأحمر مزدهرة و ذات إنتاجية عالية لكن الناس يعملون منه( قمر الدين )وهي حلويات تصنع من الفاكهة المجففة السيجار ممنوع في الغرف المغلقة توجد غرفة في المطار او بين أحضان الطبيعة ، كل شيء يبدو هادفًا ومترابطًا ، موسم الربيع تنبت الزهور، الشمس تشرق كل صباح، النهر يجري بانتظام، هناك إحساس بالغرض والنظام الكوني في المقابل، سلوك الإنسان يبدو عشوائيًا وغير مترابط، قد يضحك بلا سبب، أو يبكي بشكل مفاجئ ،أفعاله وأفكاره تتقلب بسرعة وبطريقة غير متوقعة هناك إحساس بالتفرد والانفصال عن النظام الطبيعي هذا التباين بين الطبيعة والإنسان يخلق إحساسًا سريرياليًا ، كأن الإنسان كائن غريب منفصل عن محيطه الطبيعي، وربما يشير هذا إلى أن الإنسان في سعيه للتفرد، قد فقد الترابط مع الكون من حوله، في حلمي هذا طرحت تساؤلات حول مكان الإنسان في العالم الطبيعي وعن طبيعة الوجود البشري، هل الإنسان جزء من النظام الطبيعي أم منفصل عنه؟ هل عفويتنا تمثل هبة أم لعنة؟ الطبيعة تبدو وكأنها كائن ذو نية وغرض مقصود، على عكس الإنسان العفوي، الطبيعة تلعب لعبة فنية متناسقة، بينما الإنسان هو مجرد "أداة" في هذه اللعبة، يُجبر على المشاركة رغم إرادته العفوية الإنسان بسلوكه المتقلب والعفوي، يبدو وكأنه لا يعرف قواعد هذه اللعبة الكونية من هذا المنظور ، تبدو الطبيعة وكأنها تمارس هذه اللعبة على الإنسان، رغم إرادته وعفويته، الطبيعة تحرك الإنسان كدمية في مشهد كوني مترابط ومقصود، بينما الإنسان لا يملك القدرة أو الوعي الكافي للخروج من هذه اللعبة إنها لعبة سريالية تنطوي على تناقض بين الغرض المدرك للطبيعة والعفوية الإنسانية، وربما تثير هذه الفكرة تساؤلات حول مكان الإنسان في هذا العالم الطبيعي وحقيقة وجوده الإنسان قد ينظر إلى الطبيعة وكأنها لوحة فنية متكاملة، ذات تناسق وإيقاع خاص هذا التصور السريالي للطبيعة قد يدفع الإنسان إلى البحث عن المعنى والجمال الكامن وراء هذا التناسق الإنسان قد يبني تصورًا سريالياً للطبيعة كعالم خيالي وساحر، مليء بالمفارقات والظواهر الغامضة هذا التصور قد يجعل الإنسان يُسقط خياله وأحلامه على الطبيعة، وينظر إليها كمكان للاستكشاف والاكتشاف، الإنسان قد يُسقط على الطبيعة صفات إنسانية، وينظر إليها كشخصية ذات نية وغرض مقصود هذا التصور السريالي قد يجعل الإنسان يتفاعل مع الطبيعة كشريك في لعبة كونية أكبر منه الإنسان، قد يرى في الطبيعة انعكاسًا لحالاته النفسية والانفعالية هذا التصور السريالي قد يجعل الإنسان يرى في الطبيعة تجسيدًا لمكنونات نفسه وعواطفه هذه التصورات السريالية للطبيعة قد تنشأ لدى الإنسان بسبب حاجته إلى إضفاء المعنى والهدف على العالم الطبيعي الذي يعيش فيه، وقد تساعده هذه التصورات على اكتشاف جوانب جديدة في علاقته مع الطبيعة، رغم عفويته وانفصاله الظاهري عنها الطبيعة تتفاعل بطرق سريالية مع التصورات التي يبنيها الإنسان عنها الطبيعة تتفاعل بتقديم مشاهد وتكوينات بصرية مذهلة وجذابة للإنسان الطبيعة تخلق تناغمًا وإيقاعًا في الألوان والأشكال والأنماط، مما يعزز هذا التصور الطبيعة تقدم ظواهر غامضة وغير متوقعة، تثير حيرة الإنسان وتفجر خياله ،الطبيعة تخلق مفارقات وتناقضات تدفع الإنسان إلى البحث عن المعنى الخفي الطبيعة تُظهر سلوكيات ونماذج تفاعل تبدو وكأنها ذات نية وغرض ،الطبيعة تستجيب للإنسان بطرق تعزز إحساسه بأنها شريك فاعل في لعبة الكون ،الطبيعة تعكس حالات المزاج والانفعالات البشرية بطرق رمزية وتجريدية الطبيعة تتفاعل مع الإنسان بشكل يوحي بأنها تتجاوب مع حالاته النفسية والشعورية من خلال هذه التفاعلات السريالية، تساعد الطبيعة الإنسان على بناء هذه التصورات المتخيلة عنها، تستمر هذه العملية التفاعلية في تغذية وتعزيز هذه التصورات السريالية لدى الإنسان رغم عفوية الانسان وطبيعته السريالية لازالت الطبيعة تمارس عنفوانها بقصدية مدمرة هل هذا تحدي ام لعبة هذا التناقض بين عفوية الإنسان وسريالية تصوراته للطبيعة، وبين عنفوان الطبيعة وقصديتها المدمرة، يمثل تحديًا كبيرًا للإنسان في علاقته مع الطبيعة، لكن في الوقت نفسه، يمكن النظر إليه على أنه لعبة كونية أكبر من الإنسان حيث يواجه تحدي فهم وتفسير هذا التناقض بين سريالية تصوراته وعنفوان الطبيعة هذا التحدي يدفع الإنسان للبحث عن معنى أعمق لعلاقته مع الطبيعة وللتوفيق بين مختلف جوانبها ،التحدي يتمثل في كيفية التعامل مع عنفوان الطبيعة وقوتها المدمرة، رغم ميل الإنسان للتصورات السريالية من منظور أوسع، يمكن النظر إلى هذا التناقض على أنه جزء من لعبة كونية أكبر من الإنسان الطبيعة بقوتها العنيفة والمدمرة تمثل قوى كونية تتجاوز إمكانات الإنسان وتصوراته السريالية هذه اللعبة الكونية تدفع الإنسان للتواضع وإدراك حدود قدراته، وتحفزه على البحث عن تفسيرات أعمق لعلاقته مع الطبيعة بشكل عام، يمثل هذا التناقض تحديًا كبيرًا للإنسان في فهم علاقته مع الطبيعة، هذه اللعبة تدفع الإنسان نحو التواضع والبحث عن معاني أعمق لوجوده في العالم الطبيعي هناك عدة طرق سريالية للفهم والتعامل مع عنفوان الطبيعة النظر إلى الطبيعة كمصدر للإلهام الفني والشعري واستكشاف جمالها إنشاء أعمال فنية وشعرية تصور الطبيعة بطرق خيالية وتجريدية استخدام الرمز والتشبيه لربط ظواهر الطبيعة بالعالم الداخلي للإنسان تفسير ظواهر الطبيعة كرموز ذات معان خفية وأبعاد روحية وبالتالي بناء قصص ميثولوجيه وأساطير تُفسر طبيعة الكون والقوى الكونية الربط بين ظواهر الطبيعة والقوى الأرواحية الانغماس في تجارب حسية مباشرة مع الطبيعة بطرق تجريدية وحدسية استخدام الحواس والخبرات الشخصية لاستكشاف عناصر الطبيعة بشكل مفتوح البحث عن التجارب الشعورية والإلهامات المباشرة في التفاعل مع الطبيعة، التأمل في طبيعة الوجود والكون من خلال علاقة الإنسان بالطبيعة البحث عن المعاني والدلالات الروحية للظواهر الطبيعية التوصل إلى رؤى فلسفية وجودية من خلال التفاعل مع عنفوان الطبيعة ،هذه الطرق السريالية للفهم والتعامل مع الطبيعة تسمح للإنسان بتجاوز الإدراك المادي والعقلاني للطبيعة، وتفتح له آفاقًا أوسع للخيال والتأمل الروحي والفني، هي طرق تساعده على التعايش مع عنفوان الطبيعة بطرق أكثر إنسانية وشمولية ، لقد كان للطبيعة وعناصرها حضور بارز في أشعار الشعراء الصوفيين في المنطقة، وقد تمظهر هذا التأثر بعدة أشكال، من أبرزها ،استخدام رموز طبيعية مثل الشمس، القمر، النهر، البحر، الجبل كرموز للجمال الإلهي والحقيقة الأزلية ،توظيف هذه الرموز للتعبير عن المعنويات والتجربة الصوفية تشبيه الحقيقة الصوفية بظواهر طبيعية مثل النور، الماء، النار استعارة الصفات الطبيعية كالجمال، الخصب، الحركة للتعبير عن المعاني الروحية ،وصف حالات الاتحاد مع الطبيعة والذوبان فيها كتجربة روحية ،تصوير الانسان كجزء من الطبيعة ومنصهر فيها النظر إلى الطبيعة كمظهر للجمال والقدرة الكونية قراءة الآيات الكونية في تجليات الطبيعة، استخدام دورة الفصول والحياة الطبيعية كرموز للتجدد الروحي والخلود ربط الموت والفناء بالحياة الطبيعية والتجدد المستمر هذه هي بعض الأشكال البارزة لتأثرالانسان بالطبيعة وتوظيفها في التعبير عن رؤاه الروحية والصوفية ،لذا كان للشعراء الصوفيين رؤى سريالية متميزة في أشعارهم هذه الرؤى السريالية ساعدت الشعراء الصوفيين الإيرانيين على التعبير عن تجاربهم الروحية والوصول إلى المطلق والباطني بطريقة مبتكرة وفريدة فتحت عيني على صوت عصافير الغابة كوخي كان هناك ،احضرت قهوتي اشعلت غليوني تحت شجرة سامقة وتذكرت اقتباسا من جلال الدين ارومي("لقد جعلت من هذا العالم عبئاً وانت مستغرقٌ فيه. ارتفع فوق العالم. فهناك رؤية أخرى.")
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساعتي بعقرب واحد قلق (قصة سريالية)
-
إعادة التدوير فلسفية (قصة سريالية)
-
قمر مكعب واصابع مثلثة (قصة سريالية)
-
حروب رمزية (قصة سريالية)
-
بريكنك باد، ستيت كوم (قصة سريالية)
-
بحث مكثف عن الجمهور(قصة سريالية)
-
تحت ظلال شجرة الباوباب (قصة سريالية)
-
مقهى المتقاعدين عن الادب (قصة سريالية)
-
الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)
-
الموت قبل الموت ( قصة سريالية)
-
حارة في مستنقع الأوراق الساقطة ( قصة سريالية)
-
اغتصاب الزيتون واشجار أخرى(قصة سريالية)
-
المطار ( قصة سريالية)
-
سيرة ذاتية لغشاء البكارة ( قصة سريالية)
-
قبلات سوداء واصابع مبتسمة ( قصة سريالية)
-
رؤوس مقطعة في سوق البالة (قصة سريالية)
-
طبيب امراض تناسلية(قصة سريالية)
-
الحاضرية الوجودية والظلم الاجتماعي
-
الحاضرية الوجودية و الفلسفات المعاصرة
-
الحاضرية الوجودية وفلسفة الاخلاق
المزيد.....
-
الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار
...
-
-الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع
...
-
“المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس
...
-
المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
-
بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل
...
-
حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
-
عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و
...
-
عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
...
-
كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ
...
-
الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|