|
الهروب (قصة سريالية)
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8082 - 2024 / 8 / 27 - 11:34
المحور:
الادب والفن
مشروبي لهذا الحلم كان مزيجا من زيت النعناع وحبوب القرنفل المشوية، سيجاري لم اغيره ،مفعول زيت النعناع سريع جدا، داهمني حلمي بسرعة جنونية، في سجن غامض معزول عن العالم الخارجي ، اكتشفت أنه تم إجراء تجارب غريبة على النزلاء دون علمهم، مما دفعني إلى التخطيط للهروب، بدأت محاولاتي الأولى للهروب، لكن السجان كان دائما خطوة واحدة أمامي تم الكشف عن وجود تكنولوجيا متطورة في السجن، مثل أجهزة مراقبة متطورة وأبواب آلية ،بدأت مع السجناء الاخرين في التعاون وتطوير خطط محكمة للهروب ،كانت هناك مواجهات عنيفة وصراعات داخلية ، في النهاية نجحت في الهروب من السجن بعد سلسلة من الأحداث المثيرة والمفاجآت، امام سكان الكواكب الأخرى، تمكنت من الكشف عن هذه التجربة السرية والهروب منها ،أرسلت نتائج الاختبارات الى السجناء الاخرين عن طريق كتاب سريالي يطير في الهواء لا يرصده احد الا من كان سجينا منذ عقود لقد كنا نعيش في بيئة مقيدة أو تحت التجارب الاجتماعية والسياسية، فكرت ان تكون الصحراء مكان للهروب نحو حرية أكبر وتحقيق الذات بعيدًا عن القيود المفروضة ، يكون الهروب إلى الصحراء مدفوعًا برغبتي في مواجهة تحد كبير وإثبات قدراتي على النجاة والتكيف في بيئة قاسية، بغض النظر عن الهدف المحدد، المثير للقلق ان محاولة السيطرة والتلاعب بالبشر من قبل جهات خفية لا يؤدي الى الهروب من سجن بل احيانا حتى الهروب من الجنة ، في عالم مثالي كالجنة، حيث الحياة مريحة وكاملة ولا يوجد أي عوائق أو مشاكل بمرور الوقت يبدأ السكان في الشعور بأن هناك شيئًا مخفيًا أو غير طبيعي في هذا العالم المثالي، يبدأ السكان في اكتشاف أن هناك قيودا وقواعد صارمة ومراقبة مستمرة في هذا العالم ،يشعر السكان بالملل والروتين وفقدان الحرية الحقيقية، على الرغم من أن كل احتياجاتهم مُلبَّاة، الا حاجة واحدة تشعرهم بالضيق والامتلاء، في الحقيقة لا اريد ان اصرح بها ،الا انها تشكل تقييدا هائلا للحرية الشخصية وتثير تساؤلا يصعب الإجابة عليه، جنات الأرض تشكل تحديا لهذه الاشكالية ،لأكن جريئا وانا في حلمي لا توجد دورة مياه صحية في الجنة، نحن ناكل ما اشتهت انفسنا ونشرب من انهار خمر ونمارس حياتنا العاطفية بكل فعالية لذا نحتاج الى دورة مياه لكي نكمل دورة الارتياح الطبيعية، بدأت محاولاتي في التمرد والبحث عن طرق للهروب من هذا العالم السجن ،هل انجح في اختراق النظام والهروب من هذا السجن اكتشفت أن هذا المكان المزيف كان في الحقيقة سجن للتحكم بالبشر والسيطرة عليهم في النهاية، سأنجح في الهروب والحصول على الحرية والكشف عن الحقيقة المخفية ، يمكن أن تكون هناك عواقب متنوعة للهروب من هذا السجن المُزعوم ، اكتشفت أن القوى التي تسيطر على هذا العالم المزيف هي جهات قوية وخفية للغاية ،ويواجه السكان تهديدات من أجل إجبارهم على البقاء أو إسكاتهم ، ابلغوا السكان عن الصعوبات والتهديدات في العالم الخارجي و سيفقدون الرفاهية والأمان الذي كانوا يتمتعون به في العالم المزيف بعد الهروب في السجن يصارع السكان الشعور بالضياع وعدم الانتماء يواجهون صعوبة في التكيف مع الحرية والواقع يعانون من عدم الثقة والرفض بسبب الشكوك حول ماضيهم وتصرفاتهم ، الهروب من هذا الواقع الصعب لم يصبح خيارا بل واقعا ، تبدأ العملية في إنشاء عالم خاص بي داخل ذهني، حيث اشعر بالراحة والأمان والحرية هذا عالم متخيل لكنه يصبح أكثر واقعية ووضوحًا بالنسبة لي، ، اريد الهروب إلى عالم آخر تمامًا الى عالم صحراوي سريالي ، لأجد الراحة والحرية التي لم اجدها في عالمي الذي كنت أعيش فيه ، هذا الهروب السريالي إلى عالم صحراوي سيؤدي إلى انفصالي عن محيطي الاجتماعي الحقيقي، هذا الانعزال والانسحاب يخلق توترًا وصعوبات في علاقاتي مع الآخرين، هذا التطور له عواقب هامة على حياتي الشخصية وقدرتي على الحفاظ على علاقات راسخة في النهاية، إذا استمريت في الهروب إلى عالمي الصحراوي ، فإن كل علاقاتي ستتدهور بشكل كبير، قد افقد الدعم والصلات الاجتماعية الأساسية واصبح منعزلا تمامًا، هذا الانعزال والانفصال عن الواقع سيزيد من مشاكلي ويعرقل قدرتي على العودة إلى حياة طبيعية، إنها دائرة مفرغة من الانسحاب والعزلة في النهاية لكن الهروب قد تم عبر صحراء مترامية الاطراف ،شاهدت في رحلتي كائنات سريالية مثيرة للانتباه والغموض، مثل آلات غريبة الأطوار تتنقل عبر الرمال بطرق غير طبيعية، آليات ذاتية الحركة تنبعث منها أصوات وإشارات غامضة كائنات لها أجساد مركبة من خلطات غريبة غيوم متحركة ذات أنماط غير عادية وألوان متغيرة ،موجات رملية تتحرك بطرق غير متوقعة تكوينات هندسية، أضواء أو ظواهر جوية غامضة تضيء المنظر بطرق تحريف المنظور والأبعاد تجعل الأشياء تبدو مشوهة أو مشوشة انثناءات في الأفق تخلق إحساسًا بعدم الاستقرار، تداخلات غريبة بين العناصر المادية والفضاء المحيط. هذه المشاهد خلقت إحساسًا بالغرابة والاضطراب وعززت الشعور بالغرابة والتجريد تجسد الحركات والتشوهات السريالية فقدان القدرة على السيطرة على البيئة المحيطة وتعبر عن بالعجز والاضطراب في مواجهة القوى الغامضة ،الرموز الصحراوية تسهم في خلق جو من الغرابة والتجريد والتحول الذي يعكس حالة الشخص النفسية والوجودية باستطاعتي تحدي المخلوقات السريالية التنانين الزرق التي تتغذى على دماء البشر، بالطبع لا يمكنني أن اتحدى بشكل حقيقي أو واقعي مخلوقات سريالية خيالية مثل النسور أو التنانين الزرق ، هذه الكائنات تمثل تجسيديات مجازية لقوى غامضة وخارقة للطبيعة، مع ذلك من منظور تفسيري رمزي، يمكن النظر إلى هذا التحدي كتمثيل لحالة الصراع النفسي الداخلي لشخصيتي الهاربة، إنه صراع داخلي للبقاء والاستمرار في وجه القوى المخيفة والمجهولة يمكن القول إن هذا التحدي يمثل مسارًا رمزيًا في تجاوز الرعب والفوضى الداخلية، والسعي للاستقرار والتوازن النفسي، إنه صراع وجودي وروحي بالدرجة الأولى من خلال هذه الاستراتيجيات الرمزية، يمكنني التغلب على المخلوقات السريالية في رحلتها، إنها رحلة داخلية لاكتساب القوة الشخصية والإدراك المتزايد، والتحول والمواجهة لتحقيق المعنى والتوازن النفسي والروحي، ساعدتني بعص الاساطير في تجاوز رحلة الصحراء والعثور على الواحات المائية المفقودة ومنها اسطورة السراب الخادع التي تظهر في الصحراء كبحيرات مائية وتختفي عند الاقتراب، ساعدتني هذه الأسطورة على عدم الانخداع بالمظاهر الخادعة والبحث بعناية عن المصادر المائية الحقيقية وكذلك أسطورة الإله الصحراوي المخادع، تروي هذه الأسطورة عن إله صحراوي يضلل المسافرين بوعود الماء والظل ثم يتركهم يتيهون في الصحراء، ساعدتني هذه الأسطورة بالذات على عدم الانخداع بالوعود الكاذبة والحفاظ على اليقظة والتركيز في البحث عن الموارد الحقيقية، باستلهام هذه الأساطير السريالية والاستفادة من حكمتها، تمكنت من تجاوز تحديات الصحراء والعثور على الواحات المائية المنشودة، وتطوير حواس حادة للتمييز بين الحقيقة والخيال التي كنت افتقدها في سجني السابق حصلت على حريتي ،مكنتني من زيادة حذري في مواجهة التحديات المتنوعة التي واجهتها في رحلتي عبر الصحراء هكذا صحوت من حلمي مشرئب العنق وانشد لابي العلاء المعري(غير مجد في ملتي واعتقادي نوح باك ولا ترنم شاد وشبيه صوت النعي إذا قيس بصوت البشير في كل ناد)
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طيران اسطوري ( قصة سريالية)
-
حكاية دجاجة (قصة سريالية)
-
طبيعة سريالية(قصة سريالية)
-
ساعتي بعقرب واحد قلق (قصة سريالية)
-
إعادة التدوير فلسفية (قصة سريالية)
-
قمر مكعب واصابع مثلثة (قصة سريالية)
-
حروب رمزية (قصة سريالية)
-
بريكنك باد، ستيت كوم (قصة سريالية)
-
بحث مكثف عن الجمهور(قصة سريالية)
-
تحت ظلال شجرة الباوباب (قصة سريالية)
-
مقهى المتقاعدين عن الادب (قصة سريالية)
-
الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)
-
الموت قبل الموت ( قصة سريالية)
-
حارة في مستنقع الأوراق الساقطة ( قصة سريالية)
-
اغتصاب الزيتون واشجار أخرى(قصة سريالية)
-
المطار ( قصة سريالية)
-
سيرة ذاتية لغشاء البكارة ( قصة سريالية)
-
قبلات سوداء واصابع مبتسمة ( قصة سريالية)
-
رؤوس مقطعة في سوق البالة (قصة سريالية)
-
طبيب امراض تناسلية(قصة سريالية)
المزيد.....
-
فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..إما أن نَنتَصر أو ن
...
-
مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
-
خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و(
...
-
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا
...
-
إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص
...
-
رحال عماني في موسكو
-
الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج
...
-
أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
-
شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم
...
-
عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|