|
صعود الهرمونات ( قصة سريالية)
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8083 - 2024 / 8 / 28 - 20:47
المحور:
الادب والفن
في قصر مُظلم على قمة جبل شاهق، تسكن استر وتستو في حالة صراع دائم، استر بجمالها الرقيق وأنوثتها الساحرة، تمثل القوة الغامضة للنساء وقدرتهن على الجذب والإغراء، في المقابل، تستو، بقوته البهيمية ونزعته العدوانية، يمثل هيمنة الرجال وسطوتهم ،تدور المعركة الأزلية بينهما حول السيطرة على التوازن الهرموني للبشرية، تطلق استر سهام إغرائها السحرية لإخضاع تستو، بينما يستخدم تستو قوته الجبارة لسحق أنوثة استر، لا ينتهي هذا الصراع الرهيب إلا بظهور شخصية ثالثة هجينة تجمع بين الرقة و الأنوثة والقوة والصرامة، لتحقق التوازن الهرموني في ذلك القصر المُظلم على قمة الجبل الذي بدأت فيه ترتسم هذه المعركة الأزلية بين قوى الجذب والصدام، بين الأنوثة والقوة، اي بين الاستروجين والتستوستيرون، صراع تاريخي لا ينتهي إلا بانبثاق كيان جديد يجمع بين الصفات المتناقضة ظهرت شخصية الثالثة فجأة في ليلة حالكة السواد، وسط رياح عاتية تهز القصر المُظلم، كانت كشبحً غامضً يتحرك بمرونة بين الاستروجين والتستوستيرون، لا ينتمي بالكامل لأحدهما ولا يخضع لسيطرة أي منهما امتزج في هيكله العظمي الضخم قوة التستوستيرون ومتانته، مع نعومة الاستروجين وأنوثته، شعره الأسود الكثيف يتدفق بأنثوية، بينما عضلات جسده الممشوقة تنبئ بقوة بهيمية، وجهه الجميل محفور بملامح قوية وحادة، تجمع بين الرقة والجلد تراقب هذه الشخصية الهجينة الصراع بين استر وتستو بحذر ، ثم تتدخل بحركات سريعة وحاسمة، تُرجح كفة الميزان لصالح احدهما دون أن تنحاز بالكامل لأي منهما، تستخدم الحكمة والتوازن للمصالحة بين قوى الاستروجين والتستوستيرون، وتفرض السيطرة على القصر المظلم جلست هذه الشخصية الهجينة على العرش، ممثلة انتصارا للتوازن الهرموني والتنسيق بين الجنسين، حاكمة على قصر الصراع الأزلي في حديقة القصر كانت هناك رموز بارزة كالورود الحمراء الجذابة التي ترمز إلى قوة الاستروجين وقدرته على الإغراء والجذب وهناك الورود السوداء الشوكية ترمز إلى عنف وبربرية التستوستيرون، يرتدي الاستروجين قناعًا ناعمًا مزينًا بالزهور يخفي وجهه الحقيقي، بينما يرتدي التستوستيرون قناعًا معدنيًا قاسيًا، يختبئ خلفه كالوحش، يستخدم الاستروجين سهام الإغراء والخدع السحرية كأسلحته بينما يستخدم التستوستيرون السيوف والرماح والمدافع الضخمة كأدوات للقوة والتدمير يتخذ الاستروجين من الاشجار الكثيفة والأزهار المتفتحة مقرًا له بينما يتحصن التستوستيرون في القصر المُظلم على قمة الجبل الشاهق لكن الهرموفروديت حل هذا الصراع بان جعل الهرمونين يتلذذان بحضوره رغم قساوته المخفية بين نهديه في الحقيقة كان هذا في حلمي السريالي قبل حوالي ساعة من الان، البارحة كنت متأخرا في نومي ارقتني قصيدة غزلية، صحوت على ازيز مكبرات صوت تبين انه صوت المؤذن قرب بيتي ، صوت صفير مع الاذان...! ،ارقني اكثر حاولت ان ارجع الى نومي تذكرت انه وقت الالهام تيممت بحفنة تراب أمرني حلمي قال نم اريد ان اراجع حلمك من خلال دلالته الرمزية من خلال هذا الصراع السريالي بين الاستروجين والتستوستيرون كما كنت اروي لك في حلمك، يمكن استخلاص ان التوازن والتنسيق بين القوى المتناقضة هو المفتاح للنظام والانسجام في الكون، الاستروجين والتستوستيرون يمثلان قوى متضادة ولكن متكاملة في تركيبتنا البيولوجية والنفسية، صراعهما الأزلي يؤدي إلى والاضطراب ،ظهور الشخصية الهجينة المتوازنة هي الحل لهذا الصراع، فهي تجمع بين قوة الذكورة ورقة الأنوثة، وتفرض السيطرة عليهما دون أن تنحاز لأي منهما الرسالة هي أننا بحاجة إلى هذا التوازن الهرموني والجنسي في حياتنا الشخصية والاجتماعية، عندما تتحقق هذه الوحدة والانسجام بين الهرمونين، سيسود السلام والتنظيم في عالمنا الشخصية الهجينة تمثل الحكمة والاتزان اللازمين لحل الصراعات الأبدية في الطبيعة والبشرية على حد سواء، هي الحاكم العادل الذي يحقق التناغم في الكون في حلمك السريالي، إذا سيطر هرمون الاستروجين بشكل مفرط على شخصية القائد فان عقلية الاستروجين تميل للخداع والمناورة السياسية بدلاً من الحكمة والموضوعية سيتخذ قرارات متقلبة وانفعالية بدافع من رغبته في الإغراء والجاذبية، يركز على الزخرف والشكليات بدلاً من الجوهر والفعالية في إدارة الوضع، يميل إلى استخدام الأساليب الناعمة للتأثير والإقناع بدلاً من القوة والحزم، يبني نظامًا سياسيًا متقلب ومتغير يعكس مزاجه المتقلب ،بالمقابل إذا سيطر هرمون التستوستيرون بشكل مفرط ، فقد نرى عقلية التستوستيرون تميل للقوة والعنف والاستبداد في الحكم يتخذ قرارات متسرعة وعنيفة بدافع من رغبته في السيطرة والهيمنة يركز على البناء العسكري والشكليات القوية بدلاً من التنمية الاجتماعية والاقتصادية يميل إلى استخدام القمع والترهيب لفرض السلطة بدلاً من الإقناع والتفاوض يبني نظامًا سياسيًا قمعيًا واستبداديًا يعكس طبيعته المتوحشة ويكون هذا واضحا في البنى الفاشلة، إن التوازن والتنسيق بين قوتي الاستروجين والتستوستيرون هو المفتاح لقيادة سليمة وحكيمة، الشخصية الهجينة المتوازنة هي الأمل الوحيد لإنقاذ هذه البنى من الانهيار إن التوازن بين قوتي الاستروجين والتستوستيرون سيظهر في شخصية القائد هرموفروديت ،يكون له تأثير حاسم على استقرار هذه البنى وإمكانية إنقاذها من الفشل، لا شك أن ارتفاع مستوى التستوستيرون لدى الرجال يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تخلف عقليتهم وسلوكياتهم هذا التأثير يحمل رموزًا وتداعيات سلبية يتعين التنبه لها هناك ارتباط بين ارتفاع مستوى التستوستيرون لدى الرجال وميلهم للبحث عن شريكات نسائية لديهن مستويات مرتفعة من الهرمون الأنثوي، لذا يبحث القادة ذوو التستوستيرون المرتفع عن شريكات نسائية تتناسب معهم هرمونيًا وفسيولوجيًا، بما يحقق لهم الانسجام والتفاعل ، مع ذلك، هذا الميل يحمل مخاطر تتعلق بالسيطرة والهيمنة داخل العلاقات ،هذه الآثار الديناميكية تشكل مسارًا متسارعًا نحو الانهيار السريالي للبنى، حيث تتفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض وتتصاعد بشكل متكامل يؤدي ذلك في النهاية إلى انهيار البنى بشكل كامل في هذه النقطة بالتحديد، سالت حلمي هل تختلف طبيعة الأحلام لدى الأشخاص ذوي الهرمون المرتفع بشكل كبير عن الأشخاص العاديين...؟ اجابني بدقة بالغة هناك بعض السمات البارزة لأحلام هؤلاء الأشخاص، الأحلام عندهم تتميز بعناصر غريبة وغير منطقية، تحتوي على مشاهد وصور لا يمكن تفسيرها بالمنطق العادي تظهر عناصر غير واقعية وخيالية بشكل مبالغ فيه، مثل الكائنات الجنسية الغريبة والمشاهد الخيالية البورنوغرافية الشاذة الأحلام تحتوي على رموز وأشكال مجردة ذات دلالات رمزية مختلفة قد تكون غير مألوفة وصعبة التفسير بالمعايير العادية تعبر عن المكبوتات والرغبات الغريزية، أحلام مشوشة وغير منطقية تتميز بحركة وديناميكية عالية، مع تغيرات متسارعة في المشاهد والأشخاص هذه الحركية العالية تعكس نشاط هرموني مرتفع لدى هؤلاء الأشخاص الصور والأحاسيس الجسدية المكثفة الأحلام تحتوي على صور وأحاسيس جسدية قوية ومكثفة و تعكس الحالة الهرمونية المرتفعة قد تظهر مشاهد عنف، أو مشاعر قوية كالخوف والغضب في مجملها، تعكس أحلام هؤلاء الأشخاص حالتهم الهرمونية المضطربة وتسعى للتعبير عن مكبوتاتهم ورغباتهم الخفية بطريقة سريالية وغير منطقية لكن يمكن أن تتصارع هرمونات الجنس الثالث مع الاستروجين والتستوستيرون في محاولة لإعادة التوازن الهرموني وقد يتحد البروجستيرون مع الاستروجين لتقليل تأثيراته المفرطة، بينما تحاول الأندر وجينات التغلب على التستوستيرون المتزايد، هذا الصراع قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة وآثار جانبية مثيرة للاهتمام على صحة الوطن في النهاية، يمكن أن تتجلى صراعات هرمونات الجنس الثالث مع الاستروجين والتستوستيرون في حياة الشخصيات اليومية بطرق إبداعية وملفتة للنظر قد تعاني الشخصيات من نوبات مفاجئة من الغضب أو الحزن أو السعادة، تعكس الصراع الداخلي بين هرمونات الجنس المختلفة، قد تشهد الشخصية تحولات غير متوقعة في وزنها أو مظهرها الجسدي، مما يعكس تأثير هذه الهرمونات المتصارعة قد تعاني الشخصيات من اضطرابات في النوم أو انخفاض غير متوقع في مستويات الطاقة، نتيجة لعدم التوازن الهرموني قد تواجه الشخصيات صعوبات في الأداء الجنسي، مما ينعكس على علاقاتها ،قد تتذبذب قدرة الشخصيات على التركيز والإنجاز بشكل غير منتظم، تبعًا لسيطرة هرمون معين في لحظة معينة قد تنشأ توترات وصراعات بين الشخصيات نتيجة لردود الفعل المختلفة على التغيرات الهرمونية، في كل من هذه التوترات التي لا يمكن حلها الا بالاستعانة بهرمونات الجنس الثالث لتحسين الأداء الوظيفي للعقل وكذلك تحسين نوعية الأحلام وهذا يتطلب نهجًا متكاملًا يركز على الجوانب الفسيولوجية والنفسية والبيئية للفرد ومكبرات الصوت ،صحوت من حلمي السريالي الساعة تجاوزت العاشرة صباحا تناولت فطوري البسيط اشعلت سيجاري احتضنت فنجان قهوتي الصباحية ،على انغام ربابة تأن من بعيد، يبدو اني مازلت في صحرائي اتخذت وضع اللوتس مع وسادتي وانشدت لابي نؤس(دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ).
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهروب (قصة سريالية)
-
طيران اسطوري ( قصة سريالية)
-
حكاية دجاجة (قصة سريالية)
-
طبيعة سريالية(قصة سريالية)
-
ساعتي بعقرب واحد قلق (قصة سريالية)
-
إعادة التدوير فلسفية (قصة سريالية)
-
قمر مكعب واصابع مثلثة (قصة سريالية)
-
حروب رمزية (قصة سريالية)
-
بريكنك باد، ستيت كوم (قصة سريالية)
-
بحث مكثف عن الجمهور(قصة سريالية)
-
تحت ظلال شجرة الباوباب (قصة سريالية)
-
مقهى المتقاعدين عن الادب (قصة سريالية)
-
الهجرة الى سطح القمر (قصة سريالية)
-
الموت قبل الموت ( قصة سريالية)
-
حارة في مستنقع الأوراق الساقطة ( قصة سريالية)
-
اغتصاب الزيتون واشجار أخرى(قصة سريالية)
-
المطار ( قصة سريالية)
-
سيرة ذاتية لغشاء البكارة ( قصة سريالية)
-
قبلات سوداء واصابع مبتسمة ( قصة سريالية)
-
رؤوس مقطعة في سوق البالة (قصة سريالية)
المزيد.....
-
“المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس
...
-
المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
-
بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل
...
-
حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
-
عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و
...
-
عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
...
-
كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ
...
-
الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على
...
-
مهرجان نوفا للموسيقى: قصص لم تُروَ من قبل ناجين من هجوم حماس
...
-
لأول مرة.. الكشف عن مخطوطات قديمة من مكتبة خان القرم
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|