خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 14:26
المحور:
الادب والفن
في مرج البحرين، تتراقص الأرواح كأجنحة نور في فضاء لا متناهٍ، حيث يلتقي المالح بالعذب، وتلتقي الموجة بالشاطئ، في عناق سرمدي يتردد صداه في قلب الكون. هناك، حيث تتجلى حكمة الخالق بأبهى صورها، يُحاك نسيجٌ من الأسرار القديمة، مخفي بين طيات الأمواج، مثل لوحة تتماوج بألوان الليل والنهار.
تخيل أيها القلب، مياهاً مالحة تحتضن أخرى عذبة، في حضنٍ لا يُرى، ولا يُلمس، لكن يُحس بعمق لا يستطيع وصفه إلا من يغوص في عمق ذاته. كأنهما عاشقان لا يعرفان الفراق، يحتفظ كل منهما بمذاقه الخاص، بينما يتبادلان الأحلام والهمسات في سرية تامة. في هذا المشهد السحري، تجد النفس تجليًا لمعنى الوحدة في التنوع، والاندماج في التمايز.
هنا، تلتقي مياه العذوبة التي تجري في عروق الأرض، تحمل معها حكايات الجبال والسهول، بمياه البحر المالحة التي احتضنت غروب الشمس وأسرار الليل. هنا، يسكن السؤال الأبدي: كيف يصير المالح والعذب نغمة واحدة دون أن تفقد النغمتان هويتهما؟ كيف يحتفظ كل منهما بجوهره، بينما ينصهران في رقصة كونية، كرقص الضوء والظل على وجه الماء؟
مرج البحرين ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو انعكاس لحياة الإنسان نفسه. هو رمز للصراع الأبدي بين ما هو محسوس وما هو متخيل، بين المادة والروح، بين الرغبة والرضا. إنه مكان يولد فيه الإبداع من رحم التناقض، حيث يزهر الجمال في الحد الفاصل بين الموجتين. في هذا الحد، تنمو بذور الحكمة، وتتفتح زهور البصيرة، معلنة أن السلام الحقيقي لا يأتي من التجانس المطلق، بل من قبول التنوع، والاعتراف بأن الاختلافات هي ما يجعل للحياة نكهة ومعنى.
في مرج البحرين، نرى رمزًا للوجود الإنساني، حيث نلتقي نحن، بكل تناقضاتنا وأحلامنا وأوجاعنا، في بحر الحياة اللامتناهي. هناك، نتعلم أن القوة تكمن في القدرة على الاحتفاظ بجوهرنا بينما نسمح للآخرين بالاقتراب، أن نكون كمرج البحرين: ملتقى للقلوب والأرواح، حيث يتحد العذب والمالح ليصنع سيمفونية الخلق المستمرة.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟