|
الثقافة مجموعة الغايات العليا للنهوض
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 8091 - 2024 / 9 / 5 - 11:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُشكل الثقافة في قيام الدول وبناؤها أساساً هاماً في استقرار الشعوب، وتشخص بأن لها حدود ومعالم، وماضٍ وحاضر، وآمال وطموحات تسهم في تمليك شعوبها الثقة والعلم في صناعة الواقع وتقدمه، وعلى ترسخ حسن العلاقات بين الدول المختلفة، والكيانات الحادثة، التي باجتماعها ومواقفها وتحضرها تزدهر الأمم، ويعلو البناء،والحكومة المخلصة تشرف في إدارة شؤونها، وترفع راية عزتها و نهضتها و تشكل الثقافة العمق الوجداني في حياة الشعوب والأمم، وإذا كانت التنمية في جوهرها تعمل على تعزيز مستويات العيش المشترك بين الناس، والنهوض بحياة الأفراد في المجتمع، فإن الجهود التنموية لا يمكنها أبدا أن تنفصل عن التكوينات الثقافية للمجتمع ، والثقافة تؤدي دورا محوريا في العملية التنموية ، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان في الميدان التنموي المعاصر بالنسبة للباحثين والمختصين . ان الدولة بتكامل سمات ثقافتها التي تعني كيان قائم، فاعل، ومنظومة حضارية لتحكيم مصالح الأمة فتكون اعمالها متقدمة ومنظمة ، وذلك من خلال الحكومة المدركة لمصالحها التي تشرف عليها، وتتابع إدارتها للمؤسسات السياسية والثقافية المختلفة، ولا ترقي الحضارات، وتتقدم الشعوب إلا من خلال الدولة ونظام حكومي واعي و الاستقلال السياسي الكامل الغير منقوص، ان للثقافة التي تعني مجموعة من السمات المادية والفكرية والعاطفية ولغة وتاريخ وتراث وانتاجات فكرية وعاداة وانماط فكرية وسلوك تلك الدول التي تتميز بها باتجاهاً عاماً ينعكس على ارتقاء الأذواق والتقدم الحضاري، والتمثيل الصادق لعادات المجتمع وتقاليده وعقائده وديانته، وتراثه و واقعه بما يكشف النقاب عن الآمال والطموحات، التي تأخذ كلَّ أمة من خلالها مركزها ومكانتها، وتقدير الشعوب الأخرى لها، وذلك هو التطور المشاهد في فعاليات المجتمع الدولي، الذي يعبر عنه ويكشف عن بعض تفاصيله: الإعلام والمؤتمرات، وتوصيف مقدار السبق والبروز، وحدود التقدم الحضاري الذي أخذت الدول الناهضة تنشده وتسعى إليه؛ حتى لا تتراجع من المقدمة إلى المؤخرة، أو من الأمام إلى الخلف. لا احد يشك من كون ان الثقافة هي قوة مؤسسة وداعمة في البناء، وتوطين البشرية المستدامة، وخالقة المجتمعات المسلمة القائمة على مبدأ المساواة والحقوق والواجبات، إضافة إلى إسهامها في الحفاظ على النمو الاقتصادي وبالتالي القضاء على الفقر. ولهذا فإن الثقافة تُعد اليوم لها الركيزة الأساسية لتنمية المجتمعات، وبناء القدرات، وتعزيز الروابط والعلاقات بين القطاعات التنموية المختلفة، لأنها تحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية وبيئية وإذا أردنا تحقيق الأهداف التنموية الوطنية المستدامة علينا العناية بالثقافة ودعمها، وتمكين الصناعات الإبداعية، التي تُعد اليوم الملاذ الآمن للاقتصادات الواعدة في المستقبل، ولن تتمكن من ذلك سوى بتقييم واقع هذه الصناعات وكيفية النهوض بها في ظل التطور الهائل في منظومة التقنية وتنمية الابتكار، ويمكن للتكنولوجيا الرقمية الحديثة الدور الأسرع بعد ما أصبحت أداة رئيسية مكتشفة في العقود الاخيرة للتعبير الفني والثقافي والإبداعي و تحديات الفجوة الرقمية وتبدو وكأنها تتجاوز الجوانب التقنية، ومن ثم توضع في منظورها الاختلافات الاقتصادية والاجتماعية . اذاً للثقافة كما يقول الفيلسوف الألماني عمانويل كانت مجموعة من الغايات الكبرى التي يمكن للإنسان تحقيقها بصورة حرة وتلقائية، انطلاقا من طبيعته العقلانية وهي أعلى ما يمكن للطبيعة أن ترقى إليه . لا تقف فعاليّة الثّقافة في مساراتها المحلية بل تتجذر وتأخذ فعاليتها وتقوى في قلب المجتمعات العابرة للقارات، أي في عمق الحياة الثقافية للعالم على مختلف تشعباتها وامتداداتها. ويتم هذا التفاعل الثقافي في المستوى العالمي بتأثير التكامل الفعال بين التنوعات الثقافية والبيولوجية في العالم، وهو نوع من التفاعل الذي لا يمكن أن تنفصم عراه. وقد تشكل هذا التكامل الثقافي من خلال عمليات التكيف الثورية المستمرة بين الإنسان ووسطه الطبيعي عبر التاريخ ، من المخاطر التي تهدد هي إن أية ثقافة أو لغة تتعرض للانقراض أو تهدد بالزوال هي خسارة للبشرية وللإرث البشري وأن وعي البشر يتشكل من خلال المعطيات اللغوية أولا. من هنا اختلاف الوعي البشري وتنوعه الذي هو مصدر غني للبشرية ،لكن هناك وعيًا بذلك الخطر ودلالاته المستقبلية، ونحن نعتبر مسألة الاختراق الثقافي حقيقة جلية في هذا العصر، عصر الثورة المعلوماتية والاتصال الرهيب، ولكن المواجهة وعدم القبول بكل ما يفد إلينا، ليس والتقوقع والانعزال بل بالفرز والانتقاء والاستعداد والتكيف مع الواقع والدعوة إلى الخصوصية الحضارية والتمايز الثقافي والفكري، مع الانفتاح على الآخر والتفاعل مع الجديد المفيد
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التمزق الفيلي الى متى
-
السرقات والعصابات المنظمة في العراق
-
الثقافة العامة والمؤسسية
-
السلام كما يجب أن يفهم
-
القراءة من أسباب رقي المجتمعات
-
العمالة الاجنبية وبطالة الأيدي العاملة الوطنية
-
نواقيس الخطر والايدي على الزناد
-
غزة بين الخذلان والصمود والتحدي
-
المنظمات في العراق ..الأهداف ..والأدوار
-
لقاءات المخرجات البائسة في القضية الفلسطينية
-
العلاقات العراقية الكويتية واتجاهاتها المختلفة
-
تعليق على تصريح لوزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي
-
الحوار والثقافة والسلوك
-
الكرامة غذاء الفضائل
-
الحب الحقيقي بين الناس
-
تخبطات السفيرة الأمريكية الجديدة قبل اوانها
-
خنجر الخيانة و فشل التحالفات
-
الظواهر السلبية وانتشارها في المجتمع العراقي
-
معضلة المراجعات لدوائر الدولة وفقدان الحلول
-
مشتاكين الج يديار اهلنه
المزيد.....
-
مكاتب متفحمة واستوديوهات مدمّرة.. مشاهد تُظهر الأضرار التي ل
...
-
-أسطول الظل- الروسي تحت المجهر.. كارثة بيئية وشيكة في خليج ع
...
-
ماذا تعرض موسكو لإنهاء المواجهة بين طهران وتل أبيب؟
-
بعد تأجيل الزيارة مرات عدة: هل سيزور العاهل المغربي فرنسا قر
...
-
إسبانيا: الإفراج المشروط عن شرطي إسباني في مدريد تسبب في وفا
...
-
بعد تعثر رحلتها في ليبيا: قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار
...
-
ما مدى اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي؟
-
تفاصيل بشأن مهلة ترامب لإيران وتأثيرها على مسار الحرب
-
قد تستخدم لضرب -فوردو-.. تعرّف على خصائص قنبلة -جي بي يو 57-
...
-
الحرب على إيران تشق القاعدة الموالية لترامب وتزيد معارضيه
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|