|
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -أَتْبَعُ رَفِيفَ الْقَلْبِ-
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8095 - 2024 / 9 / 9 - 13:41
المحور:
الادب والفن
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية :زكية المرموق " أَتْبَعُ رَفِيفَ الْقَلْبِ"
القصيدة هي أن تبحث في أساليب كتابتها؛ وتغير حمولاتها انطلاقا من تغيرات الذات والموضوع، فالتكثيف بمقتضياته الإيحائية والمجازية ،وتجنب تمطيط الفضاء اللغوي بنفس مفرداته ،وتنقية أجواء القصيدة بما تقتضيه الذائقة ؛ومايفرضه الموضوع :موضوع النص، ومراعاتها لإيقاع يُحوِّلهاموسيقى صوتية من خلال مرادفات تتوارى /تظهر / في هندسة هرمونية توقِّع الأذن في إعجاب خفي، يمارس عملية تخمير الصور وتحميضها وفق آلية ذاتية ،تمنح النص نضجه واستثمارَه مخزونَه الداخلي ،وامتلاكَ حدس ذاتي دون إبتذال ، يحقق للمتلقي لحظة دهشة تصل به إلى تحقيق متعة ولذة القراءة... هذه عملية ضرورية تعطي النص توازنا معرفيا /منهجيا/لغويا /أسلوبيا /ودقة المعنى لتيمة مقترح دون أن يتحول إلى هيكل مُفرغ من الدلالة الواعية... تلك ميزة تجعل القارئ ينتعش في تذوقه بمحمولات جمالية لايفتعلها النص... الشعر ترويض المبنى والمعنى في السياق بعلاقته مع الدلالات المرتبطة بالألفاظ... كل عملية خارج هذا الوعي مجرد كتابة أو حبر على ورق. الشعر/ قلْبٌ للغة داخل اللغة باللغة ، لعبة ثلاثية الأبعاد. الشعر لعبة ذكية لكنها خبيثة بالمعنى السيميائي لا القيمي. الشعر فن الرَّكْمجة / فن البَهْلَوَنَة / فن السّيْرك / فن السّحْر / لكن بذكاء لايشذ عن قاعدة التملك لكل مهارات هذه الفنون، فلا يكفي أن يستخرج الساحر من القبعة أرنبا، ولكننا نسأله عن السر الذي جعل القبعة تتمخض فتلد أرنبا أو مجموعة أرانب... تلك اللعبة أبحث عنها في اللعبة الشعرية لدى الشاعرة المغربية زكية المرموق... بما أن اللعبة ذات أبعاد متعددة رغم وحدة الحدث الشعري، تتجلى في البناء الجمالي للنص... هو المرآة تعكس ظلال المقروء... تظهر فلاشات متعددة تجعلك أمام نهر يجري مرات ومرات وأنت تركضين داخله /خارجه مرات /لعلك تسبحين فتغرقين وتتمنين لو لم ينقذك واقعك كأنا قارئة تغوص وراء الصدفات الممتلئة ، وفي كل مرة تمسكين ماءً مختلفا ولامختلفا عن سابقه... تلك اللعبة تثقنها شاعريةزكية بانفلاتاتها المنزاحة.. انطلاقا من اشتغالي وفق تصور يجعل النص سابقا على القراءة ،بل هو الذي يمنح القراءة آليات اشتغالها ،ويمنحها سياقها ثم يقدم تخريجات تقبل تأويلات جِزافية واعتباطية داخل /خارج النص...
النص المشتغَل عليه هو مجموعة بُنَى تنغلق /تنفتح / لكنها تنتهي إلى معنى واحد هو انثيال الذات بانزياح يكشف عن قوة الإحساس الداخلي في علاقته بمركزية ألمٍ يُسقِط تداعياته على الموضوع...
قراءتي للنص : "أتبع رفيف القلب "
يشد النص انتباه كاتبته من خلال توظيف مفهوم (الطائر) توظيف له دلالته المتوالدة، فهو يحيلنا إلى كائن يدل على الحرية من خلال: فعل الطيران / امتلاك الأجنحة / فضاء اشتغاله /الهواء والريش... كعنصرين محوريين دونهما ينتفي فعل الطيران إلا إذا وُجد عائقٌ مثل عطب /كسر في الساق أو نتف الريش أو إذا اعتقله القفص... أدوات دلالية سيميائية تحيل إلى كثافة المدلول الذي يحيل إلى الذات بين فعل الإنطلاق خارج الذات /خارج انغلاق فردي وإجتماعي؛ لكنه خروج غير تام لأنه خروج معاق؛ يعاني انكسارا استدلَّت عليه ب: "عاد مكسور الجناح". في المقطع الثاني تنحو من الإستعارة (الطائر) بكل خصائصه منحى مغايرا؛ وهو عودتها إلى نفي أنها ليست الطائر... لكنها لم تستعمل العصفور أو العصفورة رغم أنهما ينتميان إلى نفس المعنى، لأن الدلالة_ الطيران متضمنة في فاعله الطائر... والجذر الإشتقاقي. طار / طائر / طيران / لذا فدلالة الطائر أكثر كثافة في معناها سياقيا من العٌصْفَرة دون تفكيكها وتحليل معناها (العصْف) إنها ليست الطائر... هي المرأة انزياح دلالي من الكائن الطبيعة/ إلى الكائن المجتمع / لكنها المرأة المستقلة بذاتها، مسؤولة اجتماعيا /اقتصاديا / بين الرغيف والأكل عملية فيزيولوجية عادية... الرغيف يُؤكَل... أما استعارة الرغيف كمأكول وإسقاطه على الحياة من أكل الرغيف والبحث عنه لها ولصغارها، وقد يحيل الرغيف إحالات أخرى: قد يعني رغيف الشعر ورغيف الحب، بين رغيف الشعر كاستحقاق ثقافي واختيار ،ورغيف الحب كاختيار عاطفي وإجتماعي تتآكل المرأة... تتحول المرأة إلى آكلة للحياة تحويلا مجازيا يصف فظاعة الحياة؛ وكيف تعاني المرأة ظروفا اقتصادية... إشارة ذكية لمحمولات الحياة بمعانيها الشمولية.. الحياة كامرأة تعتمد على نفسها لاوصاية إقتصادية ولاولاية إجتماعية عليها. إشارة خفية تجسد مكرا لغويا تشير إلى وضعية المرأة المستقلة "المثقفة" كنموذج لامرأة عصرية تصف معاناتها وإن بشكل خجول... من الفضاء الخارجي / الطائر /رمز الحرية إلى الفضاء الذاتي / المرأة المعاناة إلى الفضاء الخاص /البيت /القفص /السجن /قص الأجنحة... ثلاثة مقاطع / ثلاث انتقالات / ثلاث انزياحات / تعكس وضعية المرأة بين الفضاء الخارجي : العمل /الحياة / متطلبات الواقع / وبين المرأة داخل البيت ومعانانها اليومية فيه، تتآكل شخصية المرأة بفعل تأثير روتين اليومي. هو نوع من التداعي اللاّواعي البيت (السراب) إحالة هامة تصف وضع المرأة داخل البيت... بين السراب والوحدة تناغم شعري ينقل الحدث إلى مستوى تحول خطير ،كونه يصبح "قراصنة "تصف بشكل إيحائي أنها تلك الشجرة، والشجرة تحمل ثمارا وخضرة ،تشير إلى الحياة أكلتها الحياة.. و السراب أكل الشجرة رمز الحياة في ترميز لغوي إلى أنها المرأة شجرة؛ تكدست معاناتها خاصة داخل البيت الذي تحول إلى نوع من القرصنة... لحريتها / لهدوئها / لإستقلالها / لمالِها / وهو يعني عملية استنزاف تتعرض لها المرأة فتفقد كل طاقاتها، استنزاف إقتصادي وإجتماعي وثقافي مرتبط بهما، وينتج عن إستغلال مُبيَّت يؤثر سلبا على ذاتها التعب والمعاناة إستغلال مضاعف يسرق حياتها العامة و الخاصة...
في ارتباط بالمقطع السابق الشجرة /المزارع / فعل الزرع للشجرة نفسها بشكل لاواعٍ تشابه وضعيتيهما، فالحياة التي تأتي من مزارع ما، معرضة للنهب والسلب تصل حد الكارثة... عكسها المقطع الرابع : المزارع /اللوحة/ الإطار / الفرشاة / القضم/ الحياة /الثقب الكبير / متتاليات تؤدي انزياحاتها إلى نتيجة واقعية فاقعة ،الهدر الذي يراكمه العمل المستمر دون جدوى، العطاء دون استفادتها. هي فقط مثل العينة groupe O تنقذ الجميع من مختلف العينات لكنه حين يحتاج لنفس العملية فلاتسعفه إلا عينته... وقد عبرت عن حجم الهدر للطاقة بثقب يتسع الآن وهو الأوزون، وما استعارة الشاعرة ل "ثقب الأوزون الآن" سوى قلب للمعادلة.. هو تصور لحد النكبة تنكيلا بوضع المرأة... نكبة ستصيب الطائر /المرأة /الشجرة /الحياة / حد إحداث ثقب، وماأدراك ماثقب الأوزون...! يعكس مدى انكسارات وانهيارات الذات المعطاء الخصبة كتلك الشجرة التي تستفيد من ثمارهاالكائنات. فهل تستفيد مثلهم من نفسها وعطائها... ؟ سؤال تراجيدي يجعلني أتصور شجرة برتقال تزهر ولكن هل تشرب العصير الذي يطفئ الظمأ وينعش بل ويعوض فيتامين c أو س الذي يتناوله المرضى للوقاية من الزكام...؟ كإشارة لمعاناة داخلية يعكسها تواجدها في فضاءات متعددة : الذات /البيت /الواقع/ الجميع يستفيد بإستثنائها عطاء هو تعب مضاعف... مغربيا يقول مثل شعبي : "يَعْيَا اللِّي يَعْطِي ومَايَعْيَاشْ اللِّي يَشَدّْ" هذه المتوالية تنخرط في فعل انعكاسي شرطي بين المزارع والحياة، والشجرة بالتأنيث لاالشجر المذكر بالجمع والطائر... تلك المرأة مجموع وخلاصة هذه الترميزية، التي أكلتها الحياة تشير إشارة ليست إيجابية إلى نفسها ، حين تصف: الأنا المفكرة / الأنا الشاعرة / الأنا العاملة / الأنا المعانية / تشير إلى سقوط حد تشبيه بالدلو... و( الدلو) في السياق الطبيعي مجرد أداة أو آنية بلاستيكية وقد تكون معدنية، لكنه الدلو حين ننقله من سياق كونه يستجلب به الماء من البئرللارتواء وإطفاء العطش والسقي وري الأرض و نستعمله لمآرب أخرى إلى سياق إجتماعي يوصف به الإنسان...يتحول إلى فاقد لرأسماله وهو حمولته المائية... في الثقافة الشعبية يشار به إلى صفة مذمومة مثلا : نقول في مثل شعبي سيئ السمعة : "حْٰمَاتِي راسْ الدْلُو هِيَ خَايْبَة وولْدْها حْلُو" هي شتيمة ضد أم الزوج، إنه الدلو قمة الألم يعاني وهو يجلب الماء يتحول إلى معادل للعطش... و الأنا (الدلو) سخرية لاذعة لكنها مُرَّةٌ حين ترفق بالمقطع الموالي : ليس كل بئر (شامة) تحويل انزياحي يؤشر على حالة اليأس...
من الوصف الدلالي للذات المنتجة لخطابها والدالة على أنها ذاتٌ ذاتُ خصوصية في الألم، يعكسه واقع المرأة عموما لعدة أسباب ومسببات ذاتية موضوعية، خاصة حين ينظر للمرأة المثقفة في علاقتها بواقع يتعامل معها كموضوع فقط لا كفاعل أساسي في دورة الحياة... في هذا المقطع ينفصل النص عن نفسه ليصير نصا خارجه، نص يتولد منه وينفصل عنه، لعبة لغوية تقيم تقابلا من نوع خاص حين تجعله قادما : " أيها القادم من أقاصي الأغنياتِ" سؤال إسْتعاريٌّ بصيغة المنادى له دلالته في عالم غابوي ،وصف لواقع غير منظم؛ واقع غير متحضر متخلف استدلَّت عليه ب السؤال : "مَنْ مِنَّا القوسُ ومَنْ منَّا الوترُ...؟" لعبة الأسئلة تلعبها زكية كشاعرة حقيقية لها دلالة التَّمْكير باللغة، تحول العلاقة مع الآخر إلى لعبة القوس والوتر، كلاهما ينتميان إلى سياق العنف ،وكأنها تُفنِّد موقف "روسو" بأن الإنسان طيب بالفطرة ضد ذئْبِية الإنسان، كما أعلنها "هُوبْسْ" وغيره... وكأننا في عالم القنْص يفقد الإنسان ماهيته الإنسانية فيتحول إلى غضب يكشف وجها خفيا لعلاقة الأنا بالآخر كعلاقة غير متكافئة لامتوازنة وبالتالي ينجم عنها اللاّأنْسَنة في عالم الرجال عالم البحارة والشعوذة... يتضح التيه والضياع بوصف الريح مستعملة كلمات تدل على وعيها بلعبة الواقع... البيع / الريح / القرصنة / الغرق / الخوف/ أكل الرمال / منطوقات تدل على الوعي بوجودها بين هذه القضبان الأسوار تختم ذلك بأن الخائف تفترسه الرمال كناية على وضع ملغوم في واقع تتجاذبه هذه العينة من الموجودات، والنهاية أن العالم محكوم بقانون الغاب والإستغلال لا بالعلاقات القائمة على الأخذ والعطاء ...
إنزياح ثالث :شكل النص عودة الذات إلى الذات. تعود زكية إلى زكية حين تصف بمرارة وضعهاكمخاطَبَة بضمير الغياب، يعبر عنها فعل تقول والخفي تقول لي أيها القادم من أقاصى الأغنياتِ...! : "كنت وحيدة فآويتك كنت تائهة ولقلبي ولَّيتك" إحساس بالغربة لوضع ماضوي ترك نُدبة ألمسها كلما قرأت شعرها.. "ولكن "هذه اللَّكِنْ في اللغة العربية، تمحو /تكتب / معنى مناقضا للضوء.. (اللَّكِنَّ) وقْف /استدراك /تنبيه /توقُّف /تنبؤ /شك /تأمل /تَوجُّس / إستنفار دلالي وانزياح يتأرجح فيه الحب والعتاب في صورة تجمع المتناقضات : "المسافة محمول على السير" جملة مَنْطَقَتْها بمنطق: لكل حاملٍ محمولٌ يُشتقُّ منه الفعل الملائم للمسافة هو السير تعكسه : "لاتتوقفْ وسط الطريق " "بين النور والعتمة" "الصمت" وتداخله بالاغتراب... الصمت غربة أقسى بل تنتهي إلى وضع الآخر أمام حقيقة بين محاولة التوقف وعدم المجازفة، هناك مساحة صمت تدرك كمَّها، وتؤكدها بناءً على فرضية مبنية على تقابل لاتجانسي : المسافة /نور /التوقف /عتمة / تقابلات متضادة في انزياح نفسي، يدل على إفراط في النبض العاطفي، أكد أن نتيجة آمنت بها هي: "أن الصمت إغتراب"... يعني ذلك إدانتها لعدم إتخاذ قرار حاسم يحل وضعية التعليق... وأحيل إلى أمثالنا الشعبية غنية بفضح هذا الإلتباس في العلاقات الإنسانية المأزومة : "مْرَاتْ الْمَنْحُوسْ ماهيَ مْطَلْقَةْ ماهيَ عْرُوسْ" توصف بها وضعية المرأة العالقة بين أمرين، ولهذا الوضع نتائجه النفسية السلبية...
انزياح رابع :إنه انْفِلات واستلاب وسلْب... في نفس التقاطع بين الأنا والآخر، هذا الآخر بلغة الفيلسوف الفرنسي "سارتر" "الآخر جحيم" الآخر بين الإكراه المكاني هو مجرد شحوب استعملت الشحوب بإسقاطين متعارضين : الأول استعارة الشحوب من الضوء، معناه ذبالة وفتيلة لكنها ربيبة الظلام. وهو انتقال من زمن فيزيائي إلى مكان فيزيائي كلاهما يتميزان بالشحوب. شحوب يستمر انعكاسه على وجود أشمل، لكنه وجود يسيل في اللاشيء. إن القادم في مناجاتها قد يكون الحبيب، إشارة عارية من مَكْيَجة الحب بانتظار مُغلَّف بزيف الكلام.. إشارة تشير إلى علاقتها برفيق الطريق،، لكنها إشارة تطالبه باختزال المسافة الجغرافية بمسافة وجدانية، مُوحيةً له بأن عدم إتخاذ أية مجازفة هو وصول إلى نهاية مأساوية، والسيَلان في الخواء مجاز يؤكد الفراغ والسراب المأمول دون نتيجة ليستمر الإنتظار والعطش إلى إشعار آخر.. النهاية التي صرح بها النص من خلال تيمة، انتقلت من الذات إلى الذات بصيغة جمع المؤنث التكسير لاالسالم، نهاية مقولة في النص بصريح العبارة : "موت النص في الكواليس وحيدا" في هذا التصريح العاطفي ألاحظ انزياحا سيميائيا بدلالة قوية لغويا ورمزيا تتحول الذات /الأنا إلى الذات /اللغة... تحويل جمالي له معناه الخاص في وعي الكتابة والقراءة لبنية النص، تحويل إيحائي من ذات ملموسة إلى ذات رمزية، لكنه يصل إلى شبَحِية في كواليسه، شبحية رأيت فيها "كافْكا " وصراصيرغرفة "فِرْجِينْيا وُولْف" إذ انتهت إلى وسواس قهْري جعل كل شيء يبدو لها مليئا بالحشرات والضجيج لتدخل نهاية الصمت، والأشباحُ صمتٌ كئيب... الإنزياح بين النهر والشارد هواستبطان لواقع مُشَخْصَن؛ مكان وجود مَنْ يعنيها في الضفة الأخرى، وتوصيفه بالشرود كأنه شرود عن : وجوده / وجودها / دلالة الحيرة وهو انزياح في نفس المكان : أيها القادم...! أيها الشارد...! تعنيه ثنائية النداء المقصود... تصل إلى دعوة صريحة: تعالَ إليَّ...! تعالَ عارياً...! نداء إيروتيكي بالمعنى الجنسي الفرويدي لاالمبتذل طبعا بل بمعنى الحياة التي أكلتها لتسترجعها كحق من حقوقها الفردية، الحب /الجنس /الحياة / حق فردي إنساني كوني تضمنه المواثيق الدولية... دعوة صريحة أن الجسد /جسدها /قميصه /العرْي هو / الغطاء هي / بين العُرْي واللاَّعرْي هي/هو /وحدة وتوحد لتنتهي الجراح... جرح المسافة الذي خاط هذا الإغتراب القسري لإكراهات جيوبوليتيكية،هو وصف مؤلم لأنها تضع الأصبع على جرح عربي مازال لم يُطرَح في أجَنْدة السياسة؛ ولا في أجَندَة الحركة النسائية العربية خصوصا، يتعلق النقاش بقضية شائكة الزواج المختلط وارتباكه في العالم العربي باعتباره زواجا أجنببا، يشترط مساطر إدارية وإجراءات قانونية معقدة، ينضاف إليها واقع التوازنات السياسية، التي تُفرَض على بعض الدول العربية، خاصة فلسطين والعراق وسوريا، رغم عروبة الجواز ووحدة اللغة والدين والتاريخ، فتصبح جغرافيا السياسة الحكَم الأول في تحديد الإرتباط داخل مؤسسة رسمية معترف بها... فهل منطقيا يجوز جَمْرَكَةُ العلاقات الإنسانية... ؟ هل يُسمح بعدم تجاوز الحدود والتأشيرات وتقويض التجمع العائلي وتبادل الزيارات...؟ أي منطق سياسي وأخلاقي، يجعل المنع قاعدة رغم شرْعنة العلاقة بين الجنسين...؟ هل هو منْع يشكل مقدمة لإعلان المنع القانوني للزواج بين العرب، والحب لمجرد الجغرافيا أم أن هناك جغرافيا الدين والسياسة، هي التي تفتي بجواز وعدم جواز تفعيل هذه العلاقة... ؟ هل ستغدو جغرافيا المكان /السياسة /الطائفة /مانعا قانونيا ضد هذا النوع من العلاقات... ؟ سؤال يقودني إلى البحث عن ماهو الشكل الأنسب لهذا النوع من السياسات...؟ هل الحب قالب عاطفي كعلاقة إنسانية يخضع قبْلا لقالب سياسي... ؟ وكأنه سرير "بروكست" procrest هل تتشكل القلوب في أبجدياتها بناءً على إملاءات داخلية أم إملاءات سياسية وحسابات لاعلاقة لها بأجندة الحب... ؟ من هذا المنطلق تنتهي الشاعرة المغربيةإلى وصف سوْداوي كانعكاس لمُنزلق سياسي يعيشه العالم العربي؛ يرسم خريطة ضد المواثيق الدولية؛ التي تضمن حرية الإختيار دون تمييز؛ أو عنف بحجج واهية. الدين /السياسة /الطبقة /الجنس /العِرْق /الطائفية / فتقول : "أنا الشكل " إفراغ بفعل مبررات لامنطقية إلى شكل دون إنسانية؛ أو قيمة تاريخية، لايلغيه إلا إلغاء من ذات المنطق السياسوي، عبرت عنه نهاية المقطع : "وهذا العبور كشف" كشف /حسن النوايا /ماعدا هذا فكل كلام : نحن عرب إخوة /مسلمون مجرد هباء... نقْلة مُعبرة حد الوجع تعني أن العلاقات داخل دولنا العربية مقامرة ليست سهلة.... تقرير واقعي يُرفق بحلُم استشراف، لاأعتبره ذاتيا لكنه تعبير عن وضع عام... "تَعالَ...!" لكن (التَّعَالَ) هاته تفترض شروطا سياسية إجتماعية ثقافية، تتجاوز هذا الوضع الميت الذي يحكم بالموت السياسي على أية علاقة حتى القانونية منها.... فهل تقتل السياسة الحب... ؟ صرخة الذات في هذا المقطع مؤذية /مُخزية /إدانة /لواقع عرّتْه بجرأة الشاعرة زكية من هذه التجربة العاطفية من خلال وتيرة التكرار لفعل : "تَعالَ أربع مرات" كدعوة مباشرة تُتوِّجها تَعالَ الأخيرة بتأكيد الضرورة إليه؛ وهو تكرارٌ يثير نوعا من الإمتعاض والتضامن معا حين تنطفئ في قفْلة النص : "تعالَ إقفزْ من شاشة الهاتف قلبي يحتاج إلى الشحن" وتَعَالَ تكررت 7مرات منها أربعة، دعوتها له تترجمها ضرورة تَعَالَ القفْلة. وبينهما: " تعَالَ عاريا كنُطفةأولى وهذا الجسد قميصٌ " انزياح يُحول الجسدَ قميصًا، لايحتاج قميصا بمعنى اللباس الذي يُستعمل لتغطية الجسد،بل تماهٍ يتوحد فيه الجسدان وحدة يغطي كلاهما كِليْهما... وتعالَ السُّباعِية مستمدة من قيمة الرقم 7 الذي جعل عملية الخلق تحدث، وفي واقع المغرب السُّبوع وسبعة أيام للعروس. لهذه السَّبْعة دلالتها الطُّقوسية وظَّفتها كيْ تمنح الموضوع قوة السَّبْع سموات... دعوة التَّعَالَ هاته دعوة إلى تَعَالَ نقطعْ ونتعالَى على شريط الحدود... هذه التَّعَالَ والتَّعَالِي تُنهي الطلب بجواب الأمر في المقطع المُوالي... فبين أتبع مرتين ولاتسألْ مرتين تكرار تَوَتُّرِي وحنين للقاءيقف منتصف الطريق /منتصف المسافة /قد يحدث وقد يستحيل... هذا التعليق أو المنزلة بين المنزلتين يطرح إشكالا تواصليا : هل ستحلُّ وسائلُ التواصل الإجتماعي هذا الإشكال كإشكال عام لا كإشكال خاص... ؟ وهل سينجح القلب في قضْم أظافر السياسة والمسافة والفِيتُو المُصطنع على العلاقات الإنسانية... ؟ هل ستُخْضِع السياسةُ الحبَّ أم يستطيع الحب إخضاع السياسة... ؟ حرب خفية وصوت إنساني ينتظر، هل سيفتح الحبُّ الحدود أم سيبقى كسوط في وجه من يحب خارج بلده...؟ هل سيكون الحب محكوما بنزعة إقليمية شُوفينية... ؟ جوابا في هذا المقطع إرتأيت أن النص استنفذ موضوعه. وباقي المقاطع تكرار لكنه تكرار يفيد التأكيد للتعبير عن شدة الضغط الذي تعانيه علاقة مثقف ومثقفة أمام حدود السياسة.... لكن مقارنة تجربة علاقات بين عرب /لاعرب / غرب هل ستعيش نفس التداعيات رغم الإجراءات المعقدة... ؟ "النهر حينما يخونه المصب يأكل الضفاف " مقطع هو كدعوة للعودة للذات ،تتماشى و"أنا حقل "كإغراق في الذات، حقل ماء /رئة غريق /طاردتني /دلالة على استنفاذ كل سبل اللقاء.. وكأن المفتاح مفتاح قضية العلاقات المختلطة تبدو مُعبَّرا عنها ثقافيا للبحث عن حل لهذا الإشكال فهل نستطيع ثقافيا حل معضلة التداخل بين السياسة والعاطفة...؟ بين العقل السياسي واللاعقل الوجداني... ؟ هذه كانت أول دوافعي لاختيار هذا النص... فشكرا الشاعرة المغربية زكية المرموق على هذا الفيض الأسلوبي بمجازاته واستعاراته ، وزخَم التِّيمة بكل تداعياتها كقضية، ماتزال تحمل راهنِيَّتَها لأن الموضوع لم يُحسم بعد، وكأننا نجعل رِيادةَ الشعرالتزامَه بمثل هذا النوع من هموم المثقفين...
عنوان النص :
أَتْبَعُ رَفِيفَ الْقَلْبِ ...
"الطائر الذي خرج من القفص عاد مكسور الجناح
المرأة التي خرجت تجلب رغيفا للصغار أكلتها الحياة على الطريق من وقتها والبيت ينتظرها حول مائدة فارغة
البيت الذي أكله السراب كلما انتصف الليل عوى باسماء أصحابه حتى تتحول الشجرة وسط الفناء الى سفينة لذا كل صباح يهطل السقف بالقراصنة
المزارع الذي يحرس الحياة داخل اللوحة كل يوم يقضمه الإطار ترى أية فرشاة ستخيط ثقب الأزون الآن؟
أنا الدلو الذي يحكمه العطش والعطش في الجنوب انتساب
ليس كل بئر على خد الحقل شامة الضفادع بثور لكن أحيانا فنار
أيها القادم من أقاصي الأغنيات من منا القوس ومن منا الوتر؟
يقول العراف للبحارة:
من يبيع الريح للمراكب قرصان فاقطع الحبل كي تتعلم الغرق من يخاف العوم تأكله الرمال
تقول:
كنت وحيدة فآويتك
كنت تائهة ولقلبي وليتك لكن
لا تتوقف في المسافة بين النور والعتمة واكنس خطوك من منعرجات الصمت الصمت ياحبيبي أحيانا اغتراب...
المكان شاحب الضوء شاحب والوجود يسيل في الخواء فارفع الستارة عن الكلام كي لايموت النص وحيدا في الكواليس والكواليس بيت للأشباح...
يقول النهر للشارد: تعال إلي تعال عاريا عاريا تماما كنطفة أولى هذا الجسد قميص والمسافة بين الماء والدلاء جراح...
أنا الشكل الذي ذاب في السيل أمشي دون حواس وهذا العبور كشف
تعال تعال وخذني الى النبع حيث يأكل الماء الحجر تعال ولا تتلفت إلى دمي العين أحيانا حجب تعال سيعلو التراب ويأكل الأثر
فماذا أسميك وقد تغبش البصر؟ اتبع رفرفة القلب ولا تسأل كيف تؤكل المسافة؟ اتبع رفرفة القلب ولا تسأل يا صاحبي اين الطريق؟
النهر حينما يخونه المصب يأكل الضفاف
أنا حقل ماء واللغة أسماك اصطادالهواء برئة غريق لكني كلما فتحت كوة في الجدار طاردتني أبواب...
أخفي المفاتيح في قصائدي وأقود عقارب الليل خارج بيتنا
تعال اقفز من شاشة الهاتف قلبي يحتاج إلى الشحن."
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -طِفْلَ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الْكُرَة
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -مَازَالَ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المصرية سمر لاشين -أُدَخِّنُ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري أحمد عبد الحميد -وَلَيْ
...
-
قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمر
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي -م
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -أُرِيدُ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -تَعَلّ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -كُرْسِيٌّ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -مُعَادَلَ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية تورية لغريب -حَرْفٌ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري محمد عكاشة -قَالَ-
-
قراءة فاطمة شاوتي في مقطع من نص الشاعرة السورية فيروز مخول -
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المغربي مصطفى لفطيمي -نُبُوَّ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -بِاس
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -رِسَ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزّاني -تِل
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُ
...
المزيد.....
-
حين يكون الشاعر مراسلا حربيا والقصيدة لوحة إعلانات.. حديث عن
...
-
الروائي السوري خليل النعيمي: أحب وداع الأمكنة لا الناس
-
RT Arabic تنظم ورشة عمل لطلاب عمانيين
-
-الخنجر- يعزز الصداقة الروسية العمانية
-
قصة تاريخ دمشق... مهد الخلافة الأموية
-
حلقة جامـدة Kurulus Osman مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجم
...
-
الفنانة جاهدة وهبة تُحيي حفلاً في معرض العراق الدولي للكتاب
...
-
وفاة فنان مصري بعد صراع مع المرض
-
دعوى قضائية ضد جاي زي و-ديدي- بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر
...
-
مسلسل تل الرياح الحلقة 158 مترجمة قصة عشق بجودة عالية HD
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|