أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - صعود وسقوط عمريت السورية ، محمد عبد الكريم يوسف














المزيد.....

صعود وسقوط عمريت السورية ، محمد عبد الكريم يوسف


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 20:13
المحور: قضايا ثقافية
    


صعود وسقوط عمريت السورية

تقع مدينة عمريت في طرطوس على الساحل الغربي لسوريا، ولها تاريخ غني يعود إلى أكثر من 3000 عام. استوطن الفينيقيون عمريت في الأصل، وسرعان ما أصبحت مركزا تجاريا رئيسيا في المنطقة، نظرا لموقعها الاستراتيجي على طول البحر الأبيض المتوسط. ازدهرت المدينة لقرون، حيث كانت تتاجر مع الحضارات من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط وخارجه.

خلال الفترة الهلنستية، ازدهرت عمريت كمركز للتعلم والثقافة. اشتهرت المدينة بهندستها المعمارية الرائعة، بما في ذلك المعبد الكبير المخصص للإله ملكارت، والذي كان مزينا بتماثيل ومنحوتات متقنة. أصبحت عمريت أيضا وجهة شهيرة للعلماء والفلاسفة، الذين اجتمعوا لمناقشة الأفكار والفلسفة.

استولى الرومان على عمريت لاحقا، مما أضاف إلى ثروتها وهيبتها. شيد الرومان عددا من المباني الرائعة في المدينة، بما في ذلك المسرح والمنتدى. استمرت عمريت في الازدهار تحت الحكم الروماني، حيث كانت بمثابة موقع متقدم رئيسي للرومان في شرق البحر الأبيض المتوسط. ازداد عدد سكان المدينة، حيث توافد التجار والمتاجرون إلى عمريت للاستفادة من أسواقها المزدحمة وطرق التجارة المربحة.

في القرون الأولى من العصر المسيحي، بدأت ثروات عمريت في الانحدار. واجهت المدينة غزوات من جيوش مختلفة، بما في ذلك الفرس والعرب. أدت هذه الغزوات، إلى جانب الصراع الداخلي وعدم الاستقرار الاقتصادي، إلى إضعاف اقتصاد عمريت وبنيتها التحتية. بدأت المدينة الفخورة ذات يوم في التدهور، حيث انهارت المباني وتعطلت طرق التجارة.

بحلول العصور الوسطى، فقدت عمريت الكثير من مجدها السابق. طغت على المدينة الموانئ القريبة مثل طرابلس وحمص، والتي كانت مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع المطالب المتغيرة للتجارة البحرية. تضاءل عدد سكان عمريت، حيث فر السكان إلى مدن أكثر ازدهارا بحثا عن فرص أفضل. أصبحت أسواق المدينة المزدهرة ذات يوم خاوية، حيث حول التجار انتباههم إلى أماكن أخرى.

في العصر الحديث، استمر انحدار عمريت. أصبحت المدينة منطقة نائية، نسيها العالم الخارجي إلى حد كبير. لقد تحولت معابدها ومسارحها التي كانت مجيدة ذات يوم إلى أنقاض، لتظل بمثابة تذكيرات صامتة بمجد أمريت السابق. كما تضاءل عدد سكان المدينة بشكل أكبر، حيث كافح السكان لكسب لقمة العيش في مشهد مهجور على نحو متزايد. وأصبحت أمريت مدينة أشباح، حيث لم يتبق سوى عدد قليل من السكان لرعاية تراثها المتلاشي.

على الرغم من انحدارها، لا تزال أمريت تحتفظ بسحر وجاذبية معينين. وتستمر أنقاض المدينة القديمة في جذب علماء الآثار والمؤرخين من جميع أنحاء العالم، الحريصين على الكشف عن أسرار ماضيها. يمكن للزوار التجول عبر أنقاض المنتدى الروماني القديم، أو استكشاف بقايا معابد المدينة العظيمة ذات يوم. قد يكون تاريخ أمريت قد نُسي إلى حد كبير، لكن إرثها لا يزال قائما في بقايا مجدها السابق.

اليوم، أصبحت عمريت مجرد ظل لذاتها السابقة. فالمباني العظيمة في المدينة تقع في أنقاض، وتستعيدها الطبيعة ببطء. الشوارع فارغة، والأسواق صامتة. إن انحدار عمريت يشكل قصة تحذيرية، وتذكيراً بمدى هشاشة حتى أعظم المدن. وبينما نتطلع إلى المستقبل، يتعين علينا أن نتذكر صعود عمريت وسقوطها، وأن نسعى إلى التعلم من أخطائها، خشية أن نقع ضحية لنفس المصير.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والمواطنة
- أسلوب الحياة الغربي ، محمد عبد الكريم يوسف
- الفارابي ، المعلم الثاني، ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
- الأسد الملك وحديث النجوم، ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
- معنى المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي، محمد عبد الكريم يوسف
- لماذا عارض الأمويون الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، محمد عبد ال ...
- بين المعرفة والخبرة ، محمد عبد الكريم يوسف
- لماذا حول الحكم الأموي الإسلام من أمة إلى إمبراطورية؟ محمد ع ...
- معنى الدين
- معنى العمل
- ما تعنيه الحياة ، محمد عبد الكريم يوسف
- سياسات الحرية ، بقلم ريك لويس، ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
- الحرية وتدخل الدولة،أودرين لايو ،ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
- قيود الحرية ، أريانا ماركيتي. ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
- صعود وسقوط مدينة بومبي، محمد عبد الكريم يوسف
- أسباب سقوط العرب في الأندلس، محمد عبد الكريم يوسف
- الأمويون وخصومهم السياسيين، محمد عبد الكريم يوسف
- إذا جاء الغد من دوني، محمد عبد الكريم يوسف
- حرية الفكر تحت الحكم الأموي، محمد عبد الكريم يوسف
- العباسيون والانقلاب على الأمويين، محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....




- أسماء الأسد.. ما حقيقة فيديو مقابلتها بعد -الهرب من سوريا-؟ ...
- ثلاثة أسباب رئيسية ساعدت المعارضة المسلحة على الإطاحة بالأسد ...
- ماذا نعرف عن محمد البشير -مهندس- المرحلة الانتقالية في سوريا ...
- هل يتكرر سيناريو الفوضى في سوريا؟
- نتنياهو: نريد علاقات سليمة مع النظام الجديد في سوريا
- رجال الإطفاء في روما يكرّمون العذراء مريم في عيد -الحبل بلا ...
- بشار الأسد: كيف تناول الإعلام المصري سقوط حكمه؟
- البشير يشكل أول حكومة سورية بعد الأسد، وإسرائيل تتوعد المعار ...
- ماذا نعرف عن محمد البشير رئيس الحكومة المكلّف من قبل هيئة تح ...
- بين التأييد والرفض.. مظاهرات حاشدة في تل أبيب أثناء شهادة نت ...


المزيد.....

- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - صعود وسقوط عمريت السورية ، محمد عبد الكريم يوسف