ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8116 - 2024 / 9 / 30 - 14:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حسن نصر الله، الذي غادرنا قبل أيام، ارتبط اسمه بذاكرة المقاومين منذ أكثر من ثلاثين عاماً. أحببناه، وعشقنا إخلاصه ووطنيته في النضال ضد الكيان الصهيوني وحُماته، كنا ننتظر خطاباته مؤجلين كل ما لدينا لسماعه. حيث كانت تحمل في طياتها رسائل قوية تعزز من عزيمتنا.
حرّر الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي من دون أية شروط عام 2000، وصمد في حرب 2006 موجهاً صفعات مؤلمة للكيان الصهيوني، لم يهادن يوماً فيما يتعلق بقضية الصراع مع الكيان، كان زاهداً صادقاً نزيهاً شريفاً، لم نسمع عنه يوماً ما يعيب شخصيته الفذة. وبنى حزباً قوياً من المقاتلين الأشاوس، مع ترسانة ضخمة من الصواريخ والمعدات العسكرية الأخرى، حتى أنه بات قوة إقليمية عظمى يفوق بقدراته ربما أغلب حركات التحرر الوطني في العالم. ويُحسب له حساباً لا يمكن تجاهله. وخلق حالة من قوة الردع جعلت الكيان يتهيّب من التحرش بلبنان على مدار سنوات عديدة.
شخصياً، لم أبدِ تاريخياً أي تحفظ عليه بسبب تديّنه وإيمانه بمذهب إسلامي معين وبعلاقته الوثيقة مع الفكر الديني الإيراني، فهذه معتقدات شخصية له كامل الحق والحرية في اعتناقها. لكنني كنت أؤاخذه على موقفه الطبقي من الصراع الدائر في لبنان، لجهة وقوفه إلى جانب قوى النهب والفساد. وإحجامه عن الإسهام في المعارك الطبقية في الداخل اللبناني، وهو القادر على تغيير ميزان القوى لصالح قوى اليسار فيما لو تحالف معهم، لكنه فضّل التحالف مع خصوم اليسار لحساباتٍ تعنيه ولا نتفق معه فيها. وحجته في ذلك أنه يخشى من الفتنة ومن جرّه إلى الحرب الطائفية، وأن معركته الأساسية هي مع جيش الاحتلال الصهيوني فقط.
وكأنه لا يمكن التوفيق بين نضاله الوطني مع أعدائه في الكيان الصهيوني، ونضاله الطبقي مع أعداء الداخل، الذين هم في الأصل، أصدقاء الكيان وأعداء المقاومة في آنٍ معاً.
بكل الأحوال، سيبقى الشهيد حسن نصر الله أيقونة المقاومة لأجيالٍ قادمة، فقد ألهم مئات الآلاف، بل الملايين في منطقة الشرق الأوسط، على الفكر المقاوم للظلم والاضطهاد، والمحب للخير والعدالة الإنسانية. لقد كان رمزاً للصمود والتحدي، وشكّلت خطاباته مصدر تحفيز للكثيرين، حيث زرع في قلوبهم الأمل والإيمان بقدرة الشعوب على مقاومة الظلم والطغيان وتحقيق العدالة. إن إرثه سيظل حياً في ذاكرة الأجيال، محفزاً لهم على مواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة.
لقد كان صوتاً للفقراء والمهمشين، وقدّم نموذجاً للتضحية والإخلاص في سبيل القضايا العادلة. ستظل مواقفه محفورة في ذاكرة الأجيال، وستبقى دعوته للعدالة والمساواة نبراساً يضيء الطريق للمقاومين في سعيهم نحو تحقيق أحلامهم في عالم أفضل.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟