أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمال الهنداوي - السيرة.. بين التوثيق والتلفيق














المزيد.....

السيرة.. بين التوثيق والتلفيق


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 8117 - 2024 / 10 / 1 - 00:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كثيرٌ من التساؤلات قد تطرأ على ذهن المراقب لكل ذلك التناقض الواضح -بل قد يكون الفاضح- في تصريحات الشخوص المتصدين لقيادة المشهد السياسي في العراق عن مدى صعوبة الباحث المستقبلي في بناء تصورٍ تاريخيّ أقرب إلى الحقيقة عن مفردات ووقائع الحياة السياسية في هذه المرحلة الصعبة اعتماداً على الملاحظات الشخصية لرموز هذه المرحلة وعناوينها، هذا طبعاً إذا تجاوزنا بعض الشهادات التهريجية التي ظهرت مؤخراً في بعض وسائل الإعلام .. وهي الملاحظات التي تكون عادة ركيزة لأية قراءة تاريخية مستقبلية للأحداث التي نعاصرها مرغمين بناء على ممارسات نفس هذه الرموز..ناهيك عن ألاعيب الحواة الفكرية التي تملأ كتب المذكرات والسير التي أصبحت هواية أو وسيلة للظهور أكثر من كونها شهادة وتوثيق لأحداث قد تدفع المجتمع إلى تحديد مساراته بصورة أكثر عقلانية وواقعية..
فعلى الرغم من تباين المبررات التي يلجأ لها من يندفع لكتابة تاريخه الشخصي، واختلاف الدوافع وراء تلك المبررات، إلا أننا يمكننا أن نضعها جميعها تحت طائل رفع شأن الذات وإعلائها وتلميعها في عيون التاريخ الذي يلتقط ما يقولونه ويسجله في سفر الأيام وذاكرة الشعوب. وهذا ما يجعل العديد من كتب السير -وخاصة المتعلقة بحياة السياسيين منها-أقرب إلى مرافعات دفاع طويلة أمام القارىء -المرتبك من تشوش الصور-لدرء التهم وإزالة الأوحال التي قد تكون لطخت العديد من محطات تنقلهم في مسالك السياسة الشائكة.
وفي الواقع فنحن لا نقوى إلا أن نصدّق على جملة المفكر جان جاك روسو الصارخة في"اعترافاته" والتي قال فيها: "أنا أفعل شيئاً لم يفعله شخص قبلي، ولن يقدر شخص بعدي على تقليده". وبالفعل فقد كان كتابه الأكثر جرأة وصراحةً منذ لحظة صدوره حتى الآن. وتضاءل الأمل في أن نقرأ مثله بعد أن تخلى الأدباء والفلاسفة والفنانون عن احتكارهم لكتابة المذكرات لتمتلىء الساحة بالكثير من السياسيين والملوك والرؤساء والثوّار الذين تعاملوا مع الوقائع بحرفية السياسي، وأمالوها كيف مالوا ولووا عنقها تجاه ما يحقق لهم أهدافهم وأمجادهم الشخصية على حساب الحقائق, مما يضع الكثير من السير الشخصية في خانة الرأي والتبرير المتكلف أكثر مما هي توثيق وبحث علمي رصين يتجاوز الأهواء والميول.
وقد يكون هذا الأمر هو الذي يدفع بمؤرخينا للاعتماد على مذكرات الشخصيات الأجنبية المعاصرة أكثر من ثقتهم بهذا الكم الكبير والمربك مما يمكن أن نطلق عليه اعادة الانتاج الروائي للأحداث المزوقة بانتقائية واضحة للوثائق والشهادات الداعمة, وفي مزيج قلق من الحقيقة والخيال الموظف في كتابات تنتحل التاريخ وتتنكب سيرورته وتصنع واقعها الخاص في ذهن القارئ., إنَّ قارىء السير الشخصية لسياسيينا عليه أن يكون مهيئاً لدخول عوالم قد تلتبس فيها الأحداث وتختلط الوقائع بالأماني وعليه أن يحاول أن يعيش في الجو السياسي الذي كان سائداً، وطبيعة العوامل التي تحكم العلاقات بين العناوين السياسية، ويبتعد عن الأحكام المسبقة والمؤدلجة التي قد تفسد الحقيقة بصرامتها المقننة، وأن يقارن بين العديد من الرؤى والطروحات لكي يستطيع أن يدعي بعدها تحصله على الجزء الأقرب للحقيقة، ولو استعرضنا التناقض والتقلبات التي تسود تصريحات بعض سياسيينا المعاصرين وايحاءاتهم المفخخة وتفسيرهم الملتوي للأحداث نستطيع ان نجزم أنَّ مهمة القارىء- وكذلك الباحث والمؤرخ- المستقبلي لسير أعلامنا الأعلام ستكون أكثر صعوبةً بكثير.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العربية.. والآخر
- فقه التكسب
- ثقافة تلامس الروح
- طيور المنافي
- الإمام الحسين (ع) نبراس الحرية للشعوب
- صناعة الأصنام
- تكوين، تنوير.. أم إعتام
- التكفير كثقافة استئصالية
- مطر وسماء صافية
- -سفرة- تونس
- دراما.. في رمضان
- (بسطية)..لوغوس هوب
- المثقف الطائفي
- مقعد في مهرجان
- ثقافة الكوارث
- جائزة للإبداع.. وللمبدعين
- فلسطين 1- إسرائيل صفر
- السلطان أردوغان
- غزة..تذبح على الهواء
- الامارات.. واللعب بنار- ايفر غرين-


المزيد.....




- ملطخّة بالدماء ومشوّهة.. فساتين -مخيفة- تظهر في أسبوع الأزيا ...
- دعوى 20 مليون دولار كتعويض وما مر به.. الناشط الفلسطيني محمو ...
- محمود خليل يكشف لـCNN تفاصيل ما هددوا به زوجته ليلة اعتقاله. ...
- جديد وثائق الأحوال المدنية في سوريا: دمشق تستبدل صفة -فلسطين ...
- تقرير أممي يعزز موقف ترامب من سوريا: -هيئة تحرير الشام- لم ت ...
- إسرائيل تبدأ في هدم المباني التي تضررت في المواجهة الأخيرة م ...
- “بلارج” !!! وايلي حشومة اسي ابن كيران
- حرائق و كوارث طبيعية غير مسبوقة في شرق البحر المتوسط.. كيف ت ...
- نتنياهو يؤكد على نزع سلاح حماس لوقف الحرب في غزة
- إيران: الفائزة بنوبل للسلام نرجس محمدي تقول إنها مهددة بـ-ال ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمال الهنداوي - السيرة.. بين التوثيق والتلفيق