أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سامح قاسم - ما الذي حل بالكرامة العربية؟














المزيد.....

ما الذي حل بالكرامة العربية؟


سامح قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8117 - 2024 / 10 / 1 - 02:47
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


إن الصمت العربي تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان واغتيال حسن نصر الله، القائد البارز في المقاومة اللبنانية، لا يمكن إلا أن يُفهم على أنه خذلان عميق لقيم العروبة والشرف الإنساني. في وقت تستمر فيه إسرائيل في تكثيف عدوانها العسكري وتوسيع بنك أهدافها لتشمل لبنان بعد غزة، تتخذ العديد من الدول العربية موقفًا صامتًا، مكتفية بمراقبة الأحداث دون أن تحرك ساكنًا.

حسن نصر الله لم يكن مجرد زعيم عسكري أو سياسي، بل كان رمزًا للمقاومة التي تحدت لعقود الاحتلال الإسرائيلي والتدخلات الأجنبية في لبنان والمنطقة. بقتله، لم تستهدف إسرائيل شخصًا، بل استهدفت رمزية الكفاح من أجل التحرر، والصوت الذي طالما مثل نداءً للعزة والكرامة في وجه الظلم.

والأمة العربية، التي يفترض أن تكون حامية لهذه الرموز والداعمة للمقاومة، وقفت مكتوفة الأيدي، صامتة، وكأنها تشاهد سيناريو آخر من سيناريوهات الخذلان التاريخي. هذه الأمة التي يفترض أنها تملك تاريخًا مشتركًا مع لبنان وفلسطين، والتي خاضت معارك عديدة ضد الاحتلال، باتت الآن تلتزم صمتًا مخجلًا، في الوقت الذي يموت فيه أبناؤها تحت القصف الإسرائيلي.

ما الذي حل بالكرامة العربية التي كانت يومًا تفتخر بالنضال من أجل الحق والحرية؟ ما الذي حدث لروح الوحدة التي كانت تجمع العرب في مواجهة التحديات؟ لماذا تحولت أصوات الحكومات العربية إلى مجرد صدى هامس، يتلاشى وسط ضجيج الحروب والمآسي؟

الكرامة العربية اليوم تبدو على المحك، في وقت بات فيه الصمت خيارًا مفضلًا للحكومات العربية، وكأنها تقول للعالم: "لا شأن لنا بما يحدث." هذا الصمت يشكل جريمة بحد ذاته؛ إذ أنه ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تأييد ضمني للعدوان وللاحتلال. الصمت في وجه الظلم هو إقرار به، وهذا الإقرار هو ما يجعل الأمة العربية شريكًا في المسؤولية عن كل قطرة دم تُسفك في لبنان وغزة.

الأمة العربية اليوم تشهد صمتًا مريبًا على العدوان الإسرائيلي المستمر، وما حدث في لبنان واغتيال حسن نصر الله لا يعدو كونه آخر فصل من فصول الخذلان المتكرر. بعض الدول اكتفت ببيانات باهتة تدعو إلى "التهدئة" دون أن تذكر المعتدي أو الظالم، وكأن الجاني والضحية سواسية. هذه المواقف الرمادية لا تعكس إلا افتقارًا للإرادة السياسية، وعدم القدرة أو الرغبة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بشكل جدي.

من جهة أخرى، تعالت بعض الأصوات التي تسعى إلى تبرير هذا الصمت بحجج واهية. البعض يدعي أن المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية هي سبب العدوان، متناسين أن المقاومة هي رد فعل طبيعي على الاحتلال والقمع، وأن الأمة العربية مطالبة بدعمها، وليس بإلقاء اللوم عليها.

إذا كان الصمت العربي الرسمي يعكس فشل الحكومات في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة، فإن الشعوب العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعلاء صوتها. لقد بات واضحًا أن التحرك الشعبي هو الأمل الأخير في كسر هذا الصمت المهين. الشعوب التي ناضلت في الماضي من أجل الحرية والاستقلال، تستطيع اليوم أن توجه رسالة واضحة لحكوماتها: "لا للصمت على الظلم، لا للخذلان المتكرر."

إن ما يحدث في لبنان اليوم ليس مجرد اعتداء على سيادة دولة عربية، بل هو هجوم على كرامة الأمة بأسرها. المقاومة، سواء في لبنان أو غزة، هي ما تبقى لنا من كرامة وعزة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وإن كانت الأمة العربية قد اختارت الصمت، فإن المقاومة ستظل هي الصوت الذي يرفض الخنوع والذل.

لقد بات من الضروري أن تعيد الأمة العربية حساباتها، وأن تستعيد مكانتها في دعم المقاومة والكفاح من أجل الحرية. الصمت لم يكن يومًا حلاً، بل هو موافقة ضمنية على استمرار العدوان. إن أمتنا قادرة على تغيير مجرى التاريخ إن أرادت، لكن عليها أولاً أن تستفيق من غفلتها، وأن تدرك أن كرامتها على المحك، وأن الصمت هو بداية النهاية لكل ما تبقى من عزتها.



#سامح_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسقط إسرائيل.. تحيا المقاومة
- بيروت.. وجه الله في مرآة البحر
- عواقب الخذلان العربي للمقاومة في غزة ولبنان
- المثقف والمقاومة وجهان لعملة واحدة
- الخيانة ليست وجهة نظر
- المقاومة فوق القوة
- المثقفون المرتزقة: من تحريف الحقيقة إلى تشويه الثقافة
- مثقفو الهامش: بين الاستبعاد والخروج عن المألوف
- في وصف الخذلان
- تاريخ الكذب: من الفلسفة إلى الواقع
- مجنون ليلى عند المتصوفة: تجليات العشق وصولا إلى العرفان
- السلطة والجنون: تجليات التأثير والمصير
- فلسفة الجمال عند العرب: تأملات في الوجود والحُسن
- حذاري أن تُحبوا من أعماق قلوبكم
- تاريخ الأفكار: مسيرة العقل في مواجهة السلطة عبر العصور
- الحرية بين الفكر العربي والغربي.. يقول الجسد: أنا مهرجان!


المزيد.....




- ألمانيا: حكم قضائي غير مسبوق يقضي بسجن عنصر سابق في جهاز شتا ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يبلغ نظيره الأمريكي طبيعة الرد على هج ...
- انتشار صورة مضللة لـ-مشاركة الطيران المصري- في حرب السودان.. ...
- سقوط صاروخ على مدينة كرمئيل في شمال إسرائيل
- تفاصيل جديدة عن التحقيق ف استهداف مسيّرة -حزب الله- لقاعدة - ...
- قديروف: نقدر عالي التقدير العلاقة الأخوية التي تربطنا بالممل ...
- مبعوث البابا إلى أوكرانيا الكاردينال دزوبي يصل إلى موسكو
- لبنان.. وصول طائرة تحمل مساعدات إنسانية من الأردن إلى بيروت ...
- صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة كبيرة جدا ...
- إطلاق النار العشوائي يودي بأرواح المدنيين في العراق


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سامح قاسم - ما الذي حل بالكرامة العربية؟