|
تقييمي الجديد للحدث الهام لثورة 14 تموز 1958 العراقية الحلقة ال ( 3 )
صبحي خضر حجو
الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 10:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة الــ ( 3 ) النظام الملكي صحيح ان النظام الملكي ، كان مرتبطا بالمملكة المتحدة ( بريطانيا ) بمعاهدات واتفاقيات ، تجعل منه يدور في فلكها ، وكانت كل محاولات بريطانيا ، او جل ما كانت تهدف اليه ، هو ان تبعد العراق عن " المنظومة الاشتراكية " وعن الافكار الشيوعية .التي كانت بالنسبة لها ولمصالحها ، تعني الحياة او الموت .بالنسبة لمستعمراتها خاصة !! ولكن من جهة اخرى ، كانت بريطانيا مهتمة كثيرا بتحديث العراق ، رغم الميزانية المحدودة وقلة الموارد ، واعتماد العراق انذاك على الموارد الزراعية تقريبا ، اذ لم يكن انتاج النفط وتسويقه بتلك الدرجة انذاك ، وقد نشطت الادارة البريطانية في العراق ومع الادارة العراقية ، في مجال بناء المدارس والجامعات ، وكذلك في المساعدة في بناء القوات المسلحة ( الجيش والشرطة ) وبناء المستشفيات والمستوصفات ، والسكك الحديدية لاول مرة ، اضافة الى وضع اول دستور للعراق في 23 آب / اغسطس عام 1925 ويحضرني ، بمناسبة بناء المدارس وتشجيع الاهالي لارسال ابنائهم لها ، ما ذكره المرحوم الامير تحسين سعيد بك ، في احد لقاءاتنا معه في مدينة هانوفر / المانيا ، قبل بضعة سنوات . قائلا : في الزمن الذي كان فيه المرحوم ( سعيد القزاز ) متصرفا لـ لواء الموصل عام 1950 جاءه المتصرف سعيد يوما الى مقر الامارة في بلدة باعذرة ، طالبا منه مرافقته وزيارة بعض القرى الايزيدية التي كانت تسمى ( بن كندي ) جنوب ناحية القوش التي يمتنع مسؤولي ومختاري تلك القرى ، عن بناء المدارس وارسال ابنائهم اليها ، طبعا هذا الامر كان لخشية الايزيديين من ( اسلمة ) ابنائهم !! فعلا قاما الامير والمتصرف سعيد قزاز ، بزيارة تلك القرى ، ومنها ختارة كبير ، وهي بلدة كبيرة نسبيا ، وسريجكة ودوغات وغيرها من القرى الايزيدية ، وقال لهم المتصرف سعيد ، ومهددا اياهم في نفس الوقت : خاصة كبار القوم ومختاري تلك القرى ، بانهم سيتخذون اجراءات قاسية بحق من يمتنع او من يقف عائقا امام فتح المدارس ، وطبعا طمأنهم من جهة اخرى ، من ان احدا لايمكن ان يؤثر على معتقاداتهم الدينية . فعلا بعد ذلك ، تم بناء المدارس في تلك القرى ، وارسلوا ابنائهم وبناتهم للدراسة فيها. وقصيد القول ، ان الانكليز والسلطات الملكية ، كانوا حريصين على تحديث العراق ونقله الى مرحلة اعلى وفق الامكانيات المتاحة انذاك . وعملت الادارة الانكليزية ، على نقل السلطات تدريجيا الى العراقيين ، واهم ما عملوه هو انهم نصبوا الملك فيصل الاول ، ملكا على العراق وذلك في عام 1921 ، بناءا على طلب العراقيين ، لان ( الملك فيصل الاول ) كان من العائلة الهاشمية وابن الشريف حسين قائد الثورة العربية , كما ان بريطانيا من خلال ضغطها على تركيا انذاك وفي مؤتمر لوزان سنة 1926 ، وبعد اجراء استفتاء في ولاية الموصل ، وقبول ابنائها ، بالبقاء ضمن العراق ، تخلت تركيا عن طلبها الدائم بضم الولاية اليها . وبعد منح الاستقلال للعراق في( 3 تشرين اول عام 1932 )، والتوقيع على بعض المعاهدات والاتفاقيات ، اتفاقيتي 1927 و 1930 التي بموجبها الابقاء على بعض القوات البريطانية في بعض الاماكن المحددة كقاعدتي البصرة والحبانية ، وكان الرأي العام ضد هذه الاتفاقيات . وكما انها ( بريطانيا ) ساعدته على الانضمام لعصبة الامم المتحدة في اكتوبر من عام 1932 ، كدولة مستقلة ذات سيادة ، وكان العراق اول دولة عربية تنظم لعصبة الامم المتحدة آنذاك . هذا من ناحية ، ومن النواحي الاخرى يمكن الحديث عن بعض الظروف التي كانت سائدة انذاك في العراق ونظام الحكم ايضا . من ناحية الحكم ، او لنقل الادارة الحكومية العراقية ، فقد كان فيه تمثيل من جميع القوميات تقريبا ، حيث كانت مشاركة الاكراد ، وعلى اعتبارهم يشكلون القومية الثانية في العراق، لا تقل عن العرب ، في تبوء المناصب وفي جميع مفاصل الدولة ، من الوزارة والى بقية الوظائف الهامة والكبيرة في الجيش والشرطة ، وفي سبيل المثال لا الحصر ، عندما اجتمعوا مجموعة ( 14 ) ضابطا من اجل تشكيل الجيش العراقي كان (7 ) منهم من الاكراد ، وبقية الوظائف الحكومية المدنية . ولم يلاحظ اية حساسية بين مختلف القوميات في تبوأ تلك المناصب ، باستثناء الشيعة ، ولانهم لم يكونوا يودون استلام المسؤوليات حتى الكبيرة منها ، وقد سال احدى الشخصيات المسز بيل التي كانت نائبة الحاكم العام الانكليزي عن السر في عدم اسناد وضائف كبيرى على شخصيات شيعية ؟؟ فاجابته اننا نعرض عليهم ، وهم يرفضون ذلك ، واضافت السيدة بيل ، اذهب انت بشخصك واسالهم ، فعلا ذهبت تلك الشخصية وسال المسؤول الاول للشيعة عن الموضوع واكد له الشخصية الشيعية صحة قول المسز بيل ، وربط الموضوع بحضور المهدي المنتظر !!!! وقد كانت فكرة المواطنة هي السائدة تماما ، وحتى على صعيد المجتمع ، لم يكن هناك شعور بالتفرقة الا ما ندر ، واذا ما وجد في حالات قليلة ، فقد كانت الاسباب في المجتمع نفسه ، بسبب التخلف كالحالة التي ذكرناها مع الايزيديين ، وكانت السلطات تتعامل مع المواطنين بدون تفرقة ، حيث كان النظام والقانون هو السائد في المجتمع انذاك . فقد كانت للدولة انذاك هيبة كبيرة على المجتمع ، وبدون مبالغة فقد كان شرطي واحد يستطيع ان يشرف ويدير مجموعة قرى !! وللدلالة على ذلك ، وفي سبيل المثال وليس للحصر ، فقد كانت منطقة الدوسكي الكردية والتابعة لقضاء دهوك انذاك ، تعاني من مشاكل عشائرية ، وقد اتهمت السلطات انذاك رئيس العشيرة الدوسكية ، المرحوم السيد ( ديوالي أغا ) واعتبرته المسؤول عن تلك المشالكل ، وطلبته للمثول امام المسؤولين في دهوك ، وكانت انذاك قضاءا ، ولكنه لم يمتثل للامر ، فقد قرر متصرف الموصل انذاك المرحوم ( سعيد القزاز) الذهاب بنفسه لالقاء القبض عليه ، وقد حذره ممن حوله من مغبة القيام بهذا الامر ، مذكرينه بقوة عشيرة الدوسكي وتعدادها الكثير ، ولكنه اصر على تنفيذ فكرته ، واخذ معه سيارة شرطة واحدة فقط !! ووصل الى مقر رئيسها في بلدته في وسط منطقة الدوسكي ، ومسكه من " ياخته" كما يسميها العراقييون ، وسحبه الى السيارة واجلسه في مؤخرة البيكاب ، واتى به الى الموصل ! ، وامام ذهول المئات من الحاضرين من مؤيدي السيد رئيس العشيرة ، وقد تجمدوا ، ولم يتحرك اي منهم لنجدة رئيسهم !!! والقصد من هذا المثال ،هو ان الدولة او السلطة كانت ذو هيبة ولها مكانة كبيرة ، ان كان احتراما وباعتقادي كان هو الاغلب ، او خشية من سلطانها . ومن السمات الايجابية ، التي امتاز بها ذلك العهد ، والتي لم تتكرر في جميع العهود التي جاءت بعده ، هو صفة التواضع والبساطة والامانة ، التي امتاز بها مسؤولو ذلك العهد ، سواءا من الملك فيصل الاول ، وينطبق الامر نفسه على الاخرين من الوزراء والمسؤولين الادنى . يتبـــــــــع
#صبحي_خضر_حجو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقييمي الجديد للحدث الهام لثورة 14 تموز 1958 العراقية
-
التحول او الانقلاب الفكري الهام الذي حدث لدي ! في تقييمي - ل
...
-
التحول الفكري الكبيروالهام الذي حدث لدي ! في تقييم احداث كبر
...
-
التبدل او الانقلاب الفكري الهام الذي حدث لدي ! في تقييم الاح
...
-
التحول او الانقلاب الفكري الذي حدث لدي ! في تقييم احداث كبرى
...
-
التحول ، او الانقلاب الفكري الهام والكبير ، الذي حدث لدي !!
...
-
التحول ، او الانقلاب الفكري الهام والكبير الذي حدث لدي !! في
...
-
التبدل ، او بالاحرى الانقلاب الفكري الذي حدث لدي !! في تقييم
...
-
التبدل او بالاحرى الانقلاب الفكري الهام والكبير الذي حدث لدي
...
المزيد.....
-
ضجة فوز ترامب بولاية كارولاينا الشمالية بإحصاء CNN.. محللون
...
-
المعركة تحتدم بين ترامب وهاريس.. ماهي أبرز القضايا التي تهم
...
-
الانتخابات الأمريكية..ما السر وراء اللونين الأحمر للجمهوريين
...
-
ترامب يفوز بمعركة ولاية جورجيا.. إليكم مدى أهميتها
-
الجمهوريون يحصدون الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي بحسب النت
...
-
متى سيتم الإعلان عن الفائز في الانتخابات الأمريكية؟
-
ألمانيا: هل تواجه حكومة المستشار شولتس خطر الانهيار؟
-
البرنامج النووي الإيراني لا يمكن قصفه!
-
كيف غيّر ترامب الحزب الجمهوري؟
-
الحزب الجمهوري يفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ بعد حصوله على 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|