أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد جوشن - امتثال من الماضى














المزيد.....

امتثال من الماضى


خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)


الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


لعله اكثر يوم تاريخى فى حياتى على الاطلاق ، كنت بصدد التحضير لكتابة عقد بيع لشقة ورتبت لمقابلة البائعة وزوجها لتجهيز الاوراق ، وتقابلنا ، كانت الزوجة ( البائعة ) تجلس امامى وترتدى نظارة سوداء وكان شيئا غريبا لاننا لم نكن فى الشارع والشمس ساطعة .

ولكنى اعتقدت انها ربما تعانى من الم ما فى عينيها ، تحدثنا انا وهى وزوجها ، قالت لى فجاءة على فكرة انت مش غريب عليا ؟ اعتقد ان انا شوفتك قبل كده ، قلت لها ربما، ولكنى لم استطع تذكرها ، وان كنت بدات اجمع الخيوط نسبيا عنها بعد مقالتها .

لم يمض وقت طويل حتى تذكرتها ولكنى اثرت الا اعلن موقفى الان لا اعلم لما ؟.

غادرنا زوجها الى الحمام ، قلت لها فورا انتى امتثال ، على فكرة انا تذكرتك ، كنتى بتشتغلى عند احمد بك المحامى ، ياه على الزمن ، لم تتغيرى كثيرا ،(كنت غير صادق فى هذه الكلمة ) ، و انتى اخبارك ايه ؟

الحمد لله قالتها ولم اشعر فيها برنه صدق حقيقية ، واردفت وسعيدة مع زوجى ، هذه الكلمة وحدها كانت كفيلة بان اشعر ان الامر ليس كما تشرح تماما او هكذا توهمت .

قلت لها وانا تزوجت وعندى كذا وكذا ، وعروسة من شهرين ، شعرت ان وجها ينطق بالبشر والسعادة لما اقوله ، كان يمكن ان نسترسل فى الحديث ولكن جاء المحاسب المالى بتاع الشركة وقطع الحديث ، وهذا لحظنا الحسن حيث اتى زوجها ايضا وانضم لنا .

مشينا معا انا وهو وهى وعقلى يدور فى الزمن الماضى

امثال ياه ..... لقد كتبت عنها منذ عشرات السنين ، كانت بيضاء كاللبن الحليب ، مثل النسمة ، وكنا نلتقى معا من ان لاخر ، كنت اتعمد اللقاء معها حتى اكلمها ، كانت تعمل فى مكتب محامى شهير بالقرب من مكتبنا .

كتبت عنها منذ ستة وثلاثين عام تقريبا فى مذكراتى ما يلى /
امتثال لقد تذكرتها بالامس ، عفوا ذكرنى بها صديق ، للاسف لقد تحدثت اليه عنها بحديث فاتر للغاية لما ؟

انها ساحرة ، رقيقة كالنسمة ، لقد تجازبنا اطراف الحديث والذى دار فى معظمه حول القانون ومشاكله ـ الا لعنة الله على القانون ، لا تراجع امتثال بغير القانون ، لم تكن بمستطيع ان تلتقى بفتاتك = اه من رقتها

مرة اخرى كتبت عنها فى مذكراتى القديمة :

لقد اتصلت امتثال ، صار لى زمن لم ارها ، حتى اعتقدت اننى لن اسمع صوتها مرة اخرى ، ولكن هاهى تذكرنى وحادثتنى .

مرة اخرى كتبت :

جلسة امتثال فى دار القضاء العالى = نقابة المحامين

اليوم وبعد ستة وثلاثين عاما ، لقد تغيرت صورتها تماما ولكنها مازلت امراة بيضاء وان كانت لم تستمر صافية كاللبن الحليب .

لم استطع اليوم تامل ملامحها ومقارنة صورتها المطبوعة فى زهنى بصورتها الحالية ربما لنظارتها السوداء ، ولكن الغريب ان الصورة القديمة المطبوعة فى ذهنى لا تتطابق مع الواقع تماما ، اشعر اننى فى حاجة ماسة للحديث معها وتذكر الماضى القديم ، هو لم يكن حبا وغراما ولكنه كان ولعا وغراما بفتاة بيضاء رقيقة

، تتكلم بخفوت وصوت هامس ، انها ذكرى قديمة جديدة .

الغريب فى موضوع امتثال ، اننى لا اعرف كيف بدات ، وما هو موقفى منها فى ذلك الزمن القديم ، ايضا لا اعلم كيف انتهت ولما لم تستمر؟ ولو حتى زمالة ، هو امر مثير للغاية ان تتذكرنى ولا اتذكرها الا لاحقا .

اعتقدت ان الموضوع انتهى الى هذا الحد ، حاولت جاهدا العثور عليها من خلال التعرف عليها ضمن اصدقاء زوجها على الفيس بوك اللعين ولم استطع .

تجدد الامر عندما تواصل معى زوجها مجددا بشان شراء عقار لموكلى ، والذى كان سبب لقائنا الاول ، وحدد ميعادا نلتقى فيه جميعا . ذهبت فى الميعاد انا وموكلى ، والتقينا بها وزوجها الذى مالبث ان غادرنا ليحضر شخصا مختصا ما، يكون معنا فى اللقاء ، تجازبت معها اطراف الحديث وعرضت عليها ما حدث لى .

بدت متوترة قليلا / ربما لوجود موكلى معى ، ولكنها نزعت النضارة السوداء هذه المرة ، وحاوت وانا احدثها ان اتأمل ملامحها مليا ، ولكنى عجزت عن العثور على فتاتى القديمة .

اتضم لنا زوجها والشخص الذى كان منوطا حضوره ، ودار الحوار بيننا لعلى اجد مخرجا قانونيا للشراء منها ومن زوجها ، واصبح الطريق مسدودا ، وفجاة قامت منفعلة وقررت انه لن تبيع ، وغادرتنا ، وواصل زوجها الحوار معنا قليلا ، ثم استاذن للحاق زوجته .

طفقت افكر فيما فعلته واناقشه مع ما أفكر فيه من الرغبة فى حل الموضوع المتعلق بهم ، ومحاولتى استمرار الحوار معهم ومعها بالطبع لاطول فترة ممكنة .

ولم تكن هى امتثال القديمة الرقيقة التى اعرفها ، كانت شخصية جديدة تحمل تسعة وخمسون عاما بدلا من ثلاثة وعشرون عاما ، ماتت امتثال القديمة وحلت محلها شخصية اخرى تماما لاتحمل منها سوى اسمها .

ترى كيف تعيش فينا الذكريات القديمة / كيف تظل ذكرياتنا طازجة كما هى لعشرات السنين ، اننا لطزاجتها نشعر اننا لوتقابلنا مع ابطال قصصنا لعاد الماضى كما هو .

وهو وااقعيا امر محال ، لقد عادت الفتاة القديمة امتثال وكان يفترض ان يعود الماضى المحفوظ فى عقلى بذات طراوته ،الى الواقع الانى ولكنه لم يكن هو ابدا لم تكن هى امتثال ، وربما لم اكن انا هو ذلك الشاب القديم .

اتذكر فى واقعة اخرى ، اننى كنت ارى فتاة جميلة الوجه نحيفة القوام ، تسافر معى من بلدتى للقاهرة ، وكنت اتعمد الالتقاء بها عسى ان انال منها ابتسامة ، او يسعدنى الحظ بان يكون مقعدى بجوارها فى الاتوبيس الذى نركبه معا الى القاهرة ، وفرقتنا الايام ، والتقيت بها بعد عشرات السنوات ، لم اعرفها للوهلة الاولى

ولكن ظروف لقائى بها ومكانه واسمها ، اكد لى انها فتاتى السابقة ، ولكنها بالفعل لم تكن هى التى احتفظ بها خيالى القديم .



#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اماديوس
- غادة اوسكار
- الحرب غير الضرورية
- مدام سوسو
- غروب صديق
- العام الخامس والستون وما بعده
- أنا وهو
- زكى مبارك وطه حسين لمن الغلبة ( 1)
- المازق العربى
- فى وقته ( قصة قصيرة )
- من يفك شفرتها ؟
- لا هندية
- لا ساميه
- أنسان الغاب
- رحيل مفاجىء
- المتاهة ( قصة سيريالية )
- الغرق فى الموبيل
- الجمال الأنثوى
- موسم الهجرة الى الرفيق الاعلى
- وفاة صديق


المزيد.....




- بعد سحب جنسيتها .. أنباء عن اعتزال الفنانة نوال الكويتية بعد ...
- الجامعة العربية تستضيف فعاليات إطلاق الرواية الفلسطينية مليو ...
- بدء تصوير أول فيلم سينمائي روسي هندي
- -طفولة بلا مطر-.. سيرة أكاديمي مغربي بين شفافية الوصف ورومان ...
- فنانة مصرية تعلق على اتهامات بقتل زوجها
- هل العنف في الأفلام يجعلنا نعتاد المشاهد الواقعية؟ ريتا تجيب ...
- فيلم -إميليا بيريز- يتصدر ترشيحات -غولدن غلوب- بـ10 جوائز مت ...
- فنانة سورية تثير الجدل بعد إعلان شفائها من مرض السرطان
- فنانة مصرية مشهورة تعلن إصابتها بشلل المعدة
- بابا نويل الروسي يبدأ من روما بجولة أوروبية (فيديو)


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد جوشن - امتثال من الماضى