حسين سليم
(Hussain Saleem)
الحوار المتمدن-العدد: 8143 - 2024 / 10 / 27 - 16:11
المحور:
الادب والفن
(8)
ملفك واصل!
نهضت باكراً على غير عادتي اليومية، حيث الاستيقاض في الساعة الحادية عشرة صباحاً، عازماً الذهاب إلى "واحة المتنبي" من مدينة "يثرب" في يوم غير الجمعة والسبت إذ يكون المتنبي مزدحماً، على أمل الرجوع سريعاً.
لكن ما حدث معي شيء غير متوقع ولا يخطر على البال، ولم يحدث لي سابقاً؛ يعرف الجميع إن بغداد تفتقر إلى "دورات المياه العامة"، تكاد تكون مشكلة صحية ووطنية!
احتجتُ الذهاب إلى دورة مياه، واعرف من زياراتي السابقة للمتنبي، هناك "تواليت" خاص تحت درج سُلّم في عمارة قاعدته غربية، وذلك ما ابحث عنه بسبب آلام الركبة.
وبعد قضاء حاجتي، لم يُفتح باب التواليت!
ظليت أنادي ولا مجيب. اتصلت عبر الهاتف بصديقي، اتى وقال:
- هذا العامل ابو الحمّام دا يصلي!
- شو طول؟! يمعود د شوفه اخاف يصلي تراويح!
العامل المسؤول عن الحمامات لايقبل ان نكسر الباب، مخافة ان يعاقبه المالك، ولا يقبل يعطيني "مفك" كي افتح "البراغي". المهم جلب صاحبي "درنفيس" وفتح الباب، وتنفست الصعداء. قال وهو يهزّ رأسه:
- انت صدگ حياتك عبارة عن محاجر!
أردت ان ادفع اجرة الحمّام لكن صاحبي قال: واصلة! بعد أن نبهنا العامل بضرورة إصلاحه أو كتابة ملاحظة: الباب لايعمل، لا تقفله من الداخل!
عدنا إلى مكتب صاحبي، وقلت له: ليش دفعت!
- عادي.
(الكرم سمة من سمات المجتمع العراقي، تراه يتدافع معك على دفع فاتورة المطعم أو مشروبات المقهى أو غيرها)
- اسمع هذه القصة بهذه المناسبة؛ كان لي صديق سجين معي، ذو "ثقافة ماركسية شعبية أي عراقية"، نلتقي بين الفترة والأخرى، بعد خروجنا من السّجن، ومازلت اتسأل لليوم من أين جاءت تللك الشجاعة للسّجناء أن يلتقوا مع بعضهم البعض بعد عذاب السجن وتبعاته، ومازال النظام قائماً بكل جبروت أجهزته؟! كنّا نتمشى في يوم شتائي، في شارع الرشيد ببغداد، وبعد مرور الوقت صار الذهاب إلى دورة المياه حالة ضرورية. فقال: أنا اعرف واحدة قريبة لمنطقة "الحيدرخانة". كانت بيت للدعارة تم تحويله إلى "دورة مياه" بعد الحملة الايمانية. وحين خرجنا، قال هناك ثلاثة أشياء لا تفعلها مع صاحبك عند دفع "الفاتورة": حين تصبغان احذيتكما عند صباغ الأحذية، لاتقل: حذاك واصلة. وعند دخول التواليت: لا تقل "خري..ت..ك" واصلة، وعند بيت الدعارة ، لا تقل " ني ..ج.. تك" واصلة.
- خوش هذه بالحياة الاجتماعية ولكن ماذا عن الحياة السياسية؟!
- بما أنه نعيش اجواء "الديمقراطية التوافقية" والفساد وملفاته، بعد 2003؟، تگدر تگول؛ ملفك واصل!
#حسين_سليم (هاشتاغ)
Hussain_Saleem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟