|
انهيار التعليم هو بمثابة انهيار للأمة
ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 15:54
المحور:
قضايا ثقافية
التعليم هو العمود الفقري لأي مجتمع، وهو القوة الأساسية التي تحرك الأمة نحو التقدم والازدهار.
عندما يبدأ الفساد في اختراق نظام التعليم، يكون ذلك بداية لانهيار الأمة.
فما من تدمير أسرع أو أشد أثرًا من تخفيض جودة التعليم والسماح للطلاب بالغش إذ ينتج عن ذلك جيل من الخريجين الذين يفتقرون إلى الكفاءة والمهنية ما يعصف بكل جوانب الحياة ويهدد وجود المجتمع.
أثر انخفاض جودة التعليم وانتشار الغش
الطب والصحة العامة: عندما يسمح للطلاب بالغش وينجح بعضهم بالطرق غير المشروعة يكون هناك خطر كبير عند دخولهم المجالات الحساسة.
مثلاً، الطبيب الذي تخرج بالغش قد يفتقر للمهارات الطبية والمعرفة العميقة في علاج المرضى ما قد يؤدي إلى أخطاء طبية فادحة تؤدي إلى فقدان الأرواح.
تصبح الثقة بين أفراد المجتمع ونظام الرعاية الصحية مهزوزة.
البناء والهندسة: المهندس الذي يتخرج دون اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة يتسبب في خلل كبير عند عمله في مشاريع البناء والبنية التحتية.
إن غياب الكفاءة قد يؤدي إلى تصاميم غير آمنة ومبانٍ غير مستقرة، ما يعرّض حياة الناس للخطر ويكبد الاقتصاد خسائر جسيمة.
الاقتصاد وإدارة الأموال: المحاسب أو الاقتصادي الذي يدخل مهنته دون دراسة جدية وقدرة على التحليل المالي الدقيق قد يخطئ في إدارة الأموال أو يحابي شركات أو جهات على حساب أخرى ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية ومالية كبيرة.
وقد تساهم أخطاؤه في تدمير الشركات وخلق أزمات اقتصادية تؤثر على معيشة الناس واستقرارهم.
الدين والمجتمع: حتى في المجال الديني عندما يتخرج شيخ أو رجل دين بالغش دون تعمق في العلوم الدينية يصبح تفسيره للأمور الدينية قاصراً أو متحيزاً مما قد يؤدي إلى نشر أفكار خاطئة ويؤثر سلباً على الأخلاق والتوازن الروحي في المجتمع ويحرف بالدين عن غايته.
العدل والقضاء: القاضي الذي ينال شهادته بالغش لن يكون متمكنًا من قواعد القانون ومبادئ العدالة.
هذا يشكل تهديدًا للأمن والعدالة في المجتمع إذ قد تصدر عنه أحكام ظالمة ما يفقد الناس ثقتهم في منظومة القضاء ويفتح الأبواب للفساد والجريمة.
التعليم والأجيال القادمة: المعلم الذي لا يمتلك المعرفة الحقيقية والكفاءة اللازمة لن يتمكن من إيصال المعرفة الصادقة لطلاب.
سيخرج جيل جديد من الطلاب لا يعرف قيمة العلم والمعرفة ولا يحترم النزاهة ما يؤدي إلى تفشي الجهل في المجتمع وإضعاف قدرة الأمة على النهوض.
التعليم والتدهور الحضاري
التعليم ليس مجرد مادة علمية تُدَرَّس، بل هو وسيلة لبناء القيم والأخلاق وتنشئة الأجيال على حب العلم والنزاهة.
عندما يسمح المجتمع بالغش في التعليم فهو يسمح ضمناً بأن ينتشر الفساد ويصبح جزءاً من منظومته.
يصبح الغش جزءًا من الثقافة العامة ويتسلل إلى جميع جوانب الحياة.
يبدأ الناس بالنظر إلى النجاح كمفهوم مادي بحت دون تقدير للجهد أو الأخلاق أو الكفاءة. ويصبح ذلك عاملاً رئيسياً في انهيار الأمة على المدى الطويل.
السبيل لبناء أمة قوية من خلال التعليم
تعزيز النزاهة والمصداقية: يجب على المؤسسات التعليمية أن تعمل على زرع قيم النزاهة والصدق في نفوس الطلاب.
عبر تعزيز الرقابة على الامتحانات ووضع آليات واضحة لرصد ومعاقبة الغشاشين وتوفير برامج توعية تُعَرِّف الطلاب بمخاطر الغش وأثره السلبي على مستقبلهم ومستقبل المجتمع.
تحفيز الكفاءة والإبداع: من المهم أن تُشجّع المؤسسات التعليمية الطلاب على التفكير النقدي والابتكار بدلًا من مجرد حفظ المعلومات.
تطوير برامج تعليمية تعتمد على البحث والتجربة والمشاريع التطبيقية يساعد الطلاب على اكتساب مهارات حياتية وعملية مهمة.
تطوير المناهج التعليمية: تحديث المناهج بما يتناسب مع احتياجات المجتمع وسوق العمل مع التركيز على التعليم التطبيقي والمناهج العلمية الحديثة يسهم في بناء جيل يتمتع بالمهارات والمعرفة التي تساهم في بناء الأمة وتحقيق الاستقلال المعرفي.
الاستثمار في المعلمين: تدريب المعلمين وتأهيلهم علمياً وأخلاقياً هو خطوة أساسية لضمان جودة التعليم.
فالمعلم الكفوء والنزيه قادر على أن يكون قدوة للطلاب وأن يسهم في ترسيخ القيم السامية والنزاهة في نفوسهم.
التعاون بين الأسرة والمدرسة: من المهم أن يكون هناك تعاون وثيق بين الأسرة والمؤسسات التعليمية لضمان متابعة الطلاب وتوجيههم.
إذ يقع على عاتق الأسرة جزء كبير في ترسيخ قيم الصدق والاجتهاد وتوضيح أهمية التعليم الحقيقي ودوره في بناء حياة ناجحة ومستقرة.
انهيار التعليم هو بمثابة انهيار للأمة لأنه حينما يفتقد الناس للنزاهة والمهنية في التعليم، يفقدون الثقة في المؤسسات والمجتمع ككل.
لن تنهض أي أمة دون أن تبني أسساً تعليمية قوية تدعمها القيم الأخلاقية والنزاهة العلمية.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحياة أقصر مما نتصور،لكنها فرصة أن نترك بصمة طيبة
-
الصدق في الإسلام
-
فشل إسرائيل وأمريكا وحلفائهما في حرب غزة ولبنان
-
تراجع الإنسانية والأخلاقية في حرب غزة
-
القراءة ليست مجرد هواية بل هي ضرورة حياتية
-
الخيانة السياسية تعدّ أخطر أنواع الخيانة
-
الموت من أجل القيم والمبادئ ليس هزيمة
-
اللغة تُنتزع الفكر
-
الخطأ الثقافي تقتل الامة كما نرى الأخطاء الثقافية في السياسي
...
-
الفشل السياسي سببه الأنانية والاستغلال
-
تهور السياسيين غالباً ما يكون نتيجة لانعدام الوعي السياسي في
...
-
العقل السياسي المريض
-
عصا موسى و عصا السنوار
-
المرض يكشف لك عن حقيقة الناس وأخلاقهم
-
انسانيتنا كلفنا كثير من الالام والمعاناة
-
قلمي الذي يعبر عن ألمي هو في الواقع انعكاس لقوتي الداخلية
-
لماذا تأخرت الأمة الإسلامية عن الأمة الغربية
-
لماذا تظهر بين فترة وفترة خونة في مجتمعاتنا تخدم مصالح الأعد
...
-
التوركمان في العراق وسوريا تفتقد إلى قائد الحقيقي
-
تثقيف النفس و كشف الجهل
المزيد.....
-
-المشي على الماء-.. مسابقة سنوية لطلاب جامعة فلوريدا.. من ال
...
-
ما هي استراتيجية إسرائيل في استهداف الشبكة المدنية لحزب الله
...
-
أنباء عن طلب واشنطن من قطر طرد قادة حماس من أراضيها
-
ماسك يجني ثمار دعم ترامب ويصف شولتس بـ-الأحمق-
-
السيطرة على حريق شارع الحمرا في بيروت بعد تسببه بأضرار كبيرة
...
-
حزب الله يقصف قاعدة عسكرية بحيفا وغارات إسرائيلية عنيفة على
...
-
برنامج -شات جي بي تي- يعود للعمل بعد انقطاع قصير
-
هجمات إسرائيلية مستمرة على مدينة بعلبك ومواقعها التاريخية
-
تداعيات المواجهات بين مشجعين إسرائيليين وداعمين للقضية الفلس
...
-
ريتشارد غرينيل سفير سابق يتطلع لمناصب أكبر في السياسة الأمير
...
المزيد.....
|