أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - إشكالية رؤية الله في الآخرة: بين الإيمان والعقل والفلسفة















المزيد.....

إشكالية رؤية الله في الآخرة: بين الإيمان والعقل والفلسفة


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 15:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ فجر الفكر الإنساني، ظلّت أسئلة الغيب، وما وراء الحسّ، تستثير العقول والقلوب على حدّ سواء، باحثة عن الحقيقة الكبرى التي تتجاوز حدود المادة والتصور. وفي قلب هذه التساؤلات، تأتي قضية رؤية الله تعالى كإحدى أكثر القضايا العقدية عمقًا وتعقيدًا، ليس فقط لأنها ترتبط بمفهوم الألوهية المطلق، بل لأنها تُثير إشكالات فلسفية ولغوية وروحية حول ماهية الإله، وحدود الإدراك الإنساني، وطبيعة العلاقة بين الخالق والمخلوق.

إن هذه المسألة ليست مجرد قضية عقدية عابرة في الفكر الإسلامي، بل تُجسّد صراعًا جوهريًا بين العقل والنقل، وبين ظاهر النصوص وباطنها، وبين التنزيه المطلق والإثبات المشروط. فمنذ انبثاق الفرق الإسلامية الكبرى، أضحت رؤية الله في الآخرة محورًا لخلاف فكري وعقائدي عميق، اختلط فيه التأويل بالنقل، والمنهج الفلسفي بالمنهج النقلي، مما أسفر عن انقسامات حادة بين المدارس العقدية.

من جهة، نجد أهل السنة والجماعة، الذين رأوا في النصوص القرآنية والحديثية دليلًا قاطعًا على إمكانية رؤية الله في الآخرة، مؤكدين أن هذه الرؤية ليست كالرؤية الدنيوية ولا تتطلب جهةً أو إدراكًا ماديًا، بل هي نعمة خاصة يُكرم الله بها عباده المؤمنين. وعلى الجانب الآخر، برزت المعتزلة والشيعة الإمامية والخوارج، ليعلنوا رفضهم التام لهذا المفهوم، متسلحين بالعقل ومبدأ التنزيه المطلق لله، إذ اعتبروا أن إثبات الرؤية يستلزم الجسمية والجهة، وهما مما ينزّه الله عنه.

ولا يمكن تناول هذا الموضوع دون التطرق إلى الأبعاد الفلسفية التي طرحها أعلام الفكر الإسلامي مثل ابن سينا والفارابي، الذين رأوا في الرؤية معنى عقليًا يتجاوز حدود الإدراك الحسي، وإلى البُعد الروحي الذي قدّمه المتصوفة، الذين اعتبروا الرؤية ضربًا من الشهود الباطني والاتصال الروحي مع الله.

هذه القضية، إذن، ليست فقط مسألة نصية أو تأويلية، بل هي امتحان حقيقي للفكر الإسلامي في قدرته على الجمع بين التنزيه والتقريب، وبين القدسية والإدراك، وبين العقل والنص. كما أنها تمثل نافذة لفهم أعمق للعلاقة بين الإنسان والخالق، وما ينتظر المؤمن في حياة ما بعد الموت.

من هنا، تأتي أهمية الخوض في هذه المسألة، لا من باب الترجيح بين الآراء فقط، بل لفهم السياق الأوسع الذي نشأ فيه هذا الخلاف، واستجلاء أبعاده الفلسفية والعقدية والروحية. فما هي حقيقة رؤية الله؟ وهل يُمكن الجمع بين النقل والعقل في هذه القضية؟ وكيف أثرت هذه المسألة على الفكر الإسلامي في تطوره عبر القرون؟ أسئلة سنحاول الإجابة عليها في هذا الطرح الشامل والدقيق.
أولاً: مفهوم الرؤية ودلالتها

رؤية الله في الآخرة تعني تمكين المؤمنين من رؤية ذات الله تعالى في الجنة. هذا المفهوم أثار عدة إشكالات فلسفية وعقدية بسبب تداخل معاني الإدراك الحسي، والعقلي، والإلهيات.

الرؤية البصرية: ترتبط بالعين والمادة، مما يتطلب الجهة والمكان.
الرؤية القلبية أو العقلية: إدراك معنوي أو باطني يُفسَّر بأنه شهود روحاني أو إدراك لكمال الله.

ثانياً: رأي أهل السنة والجماعة
1. الاستدلال من النصوص الشرعية
القرآن الكريم:
قال تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" (القيامة: 22-23).
ظاهر الآية: إثبات النظر إلى الله.
رد المعتزلة: "ناظرة" بمعنى منتظرة لثواب الله، وهو تأويل اعتبروه أكثر اتساقًا مع مفهوم التنزيه.
قال تعالى: "كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ" (المطففين: 15).
استدلالهم: إذا كان الكفار محجوبين عن الله، فالمؤمنون يرونه.

السنة النبوية:
حديث النبي ﷺ: "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته" (البخاري ومسلم).
أهل السنة: الحديث واضح في إثبات الرؤية البصرية.
المعتزلة: تأويل الحديث على معنى الرؤية القلبية أو معرفة الله في الجنة.

2. الاستدلال العقلي

رؤية الله ليست مستحيلة، لأن الله قادر على أن يجعل عباده يرونه بلا كيف أو إدراك تام.
يفرق أهل السنة بين الرؤية والإدراك: الرؤية ممكنة دون الإحاطة بالذات الإلهية.

3. أهم النقاط العقدية:

إثبات الرؤية لا يتنافى مع التنزيه، لأنهم يثبتونها بدون تشبيه أو تكييف.
نفي الرؤية عندهم يعد تعطيلًا لنصوص القرآن والسنة.

ثالثاً: رأي المعتزلة
1. التنزيه المطلق:

المعتزلة يعتبرون إثبات الرؤية تجسيمًا وتشبيهًا لله بالمخلوقات.
قالوا: "كل ما يُتصور فهو مخلوق، والله لا يُشبه المخلوقات."

2. الأدلة العقلية:

الرؤية تتطلب:
جهة ومكان: والله منزّه عن ذلك.
انبعاث صورة: والله ليس بجسم.
رؤية شيء تعني الإحاطة به، والله لا يمكن إدراكه.

3. الأدلة النصية:

"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" (الأنعام: 103).
المعتزلة: الإدراك هنا بمعنى الرؤية، أي أن الله لا يُرى.
"وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" (القيامة: 22-23).
المعتزلة: "ناظرة" بمعنى منتظرة لرحمة الله أو ثوابه.

4. ردهم على السنة:

أحاديث الرؤية حملوها على الرؤية القلبية أو على معنى مجازي.
بعضهم طعن في صحة بعض الأحاديث.

رابعاً: الشيعة الإمامية والخوارج

الشيعة الإمامية:
اتفقوا مع المعتزلة في رفض الرؤية.
قالوا: إثبات الرؤية يعني نسبة الجسمية لله، وهذا مخالف لمبدأ التنزيه.

الخوارج:
تبنوا موقفًا قريبًا من المعتزلة، ورفضوا الرؤية لنفس الأسباب العقلية والنصية.

خامساً: الفلاسفة والمتصوفة
1. الفلاسفة الإسلاميون:

مثل ابن سينا والفارابي:
يرون أن الله يُدرك بالعقل وليس بالحواس.
الرؤية البصرية تتطلب مادة، والله ليس مادة.
إدراك الله يتم عبر التأمل في الكمال المطلق والوجود.

2. المتصوفة:

رؤية الله عندهم ليست بصرية، بل هي شهود روحاني أو ذوقي.
يعتبرون الرؤية حالة من القرب الروحي يبلغها المؤمن في الجنة، حيث يشعر بحضوره دون رؤية مادية.

سادساً: التحليل الفلسفي والمنهجي
1. الخلاف بين العقل والنقل:

المعتزلة: العقل مقدم، وما يخالف العقل يُؤوَّل.
أهل السنة: النقل مقدم، والعقل يُستخدم لفهم النصوص دون تعطيلها.

2. الإشكالات الفلسفية:

هل يمكن أن يُرى ما ليس بجسم؟
هل الرؤية تستلزم الجهة والمكان؟
إذا كانت الرؤية بلا كيفية، فما حقيقتها؟

3. التأويل:

المعتزلة والشيعة لجأوا للتأويل حمايةً لمفهوم التنزيه.
أهل السنة رفضوا التأويل إذا عارض ظاهر النصوص.

سابعاً: موقف القرآن من الرؤية

النصوص التي اعتمدها الفريقان تظهر أن:
إثبات الرؤية يعتمد على ظاهر النصوص.
نفي الرؤية يعتمد على التأويل العقلاني والتنزيه المطلق.

ويستمر الخلاف حول رؤية الله ليعكس جدلية أوسع حول منهج التعامل مع النصوص الإلهية، ومفهوم العقل والنقل، وحدود الصفات الإلهية. لكل فريق أدلته ومنهجه، ويتصل الموضوع ارتباطًا وثيقًا بفلسفات التوحيد والتنزيه في الإسلام.

موقف المعتزلة من مسألة رؤية الله في الآخرة

موقف المعتزلة من مسألة رؤية الله في الآخرة يشكل جزءاً أساسياً من عقيدتهم التي تعتمد على العقل والمنهج الفلسفي في فهم المسائل الدينية. المعتزلة، الذين يُعتبرون من أبرز الفرق الكلامية في تاريخ الإسلام، كانوا يعتمدون على العقلانية والتفسير العقلي للنصوص الدينية. لذا كانت لهم رؤى مغايرة في العديد من القضايا، ومن أبرز هذه القضايا هو موقفهم من "رؤية الله" في الآخرة.

1. الموقف الأساسي للمعتزلة من رؤية الله:

المعتزلة رفضوا فكرة رؤية الله تعالى في الآخرة، سواء كانت رؤية حقيقية أو غير حقيقية. واعتبروا أن فكرة الرؤية تتناقض مع تنزيه الله عن التشبيه والتماثل مع المخلوقات. وعليه، فإن الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يُرى لأنه ليس من جنس المخلوقات، ولا يمكن تصوره أو تمثيله في صورة حِسية يمكن أن تكون مرئية.

2. الأسس الفلسفية لموقف المعتزلة:

أ. تنزيه الله عن التشبيه:

من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها عقيدة المعتزلة هو مبدأ التنزيه، وهو تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات في أي صفة من صفاته، سواء كان ذلك في الذات أو في الأفعال. وقد اعتبروا أن الرؤية هي صفة من صفات المخلوقات، لأنها تتطلب أن يكون هناك شيء مادي قابل للرؤية، وهو أمر لا يتوافق مع حقيقة الله الذي لا يشبه شيء.

بناءً على ذلك، فإن رؤية الله في الآخرة ستكون مستحيلة بحسب هذا المبدأ، لأن الله ليس مثل المخلوقات ولا يمكن أن يتصور في صورة قابلة للرؤية.

ب. العقل والتفسير الرمزي للنصوص:


المعتزلة كانوا يعتمدون على العقل في فهم النصوص الدينية وتفسيرها. لذا، فإنهم في تفسيرهم لآيات الرؤية (مثل آية "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" في سورة القيامة) اعتبروا أن هذه الآية لا تعني رؤية الله بمعنى الرؤية الحسية، بل هي رؤية من نوع آخر، وهي رؤية معرفية أو فكرية.

رأوا أن النصوص التي تتحدث عن "الرؤية" يمكن تأويلها على أنها تشير إلى مشاهدة المؤمنين لآثار الله أو تجليّاته أو معرفتهم بحقيقته، ولكن دون أن تكون رؤية حقيقية بالمعنى الحسي الذي يتطلب وجود جسم مادي.

ج. نقد التقليد:

من خلال رفضهم لرؤية الله في الآخرة، كان المعتزلة يتوجهون أيضاً بنقد شديد لمن يرون أن الرؤية ممكنة، خصوصاً إذا كان هؤلاء يعتمدون على التقليد أو النقل دون تدبر عقلاني في النصوص. فالمعتزلة كانوا يؤكدون على أن فهم العقائد يجب أن يكون مبنياً على أساس العقل والنظر الفلسفي، وليس مجرد تقليد لأقوال السلف أو الفهم الحرفي للنصوص.


3. نقد المعتزلة للأراء المخالفة:

المعتزلة انتقدوا بشدة الآراء التي تقول بوجود رؤية حقيقية لله في الآخرة، سواء كانت هذه الآراء تخص أهل السنة أو غيرهم. من أبرز النقاط التي طرحها المعتزلة في نقد هذه الآراء:

التناقض مع التنزيه: قال المعتزلة إن القول بإمكانية رؤية الله يتعارض مع تنزيه الله عن المخلوقات. فإذا كان الله يُرى كما يُرى المخلوق، فهذا يعني أن الله ليس إلا جسماً أو شيئاً قابلاً للتمثل، وهو ما يتعارض مع الإيمان بأن الله لا يشبه أحداً.

الاحتياج إلى مخلوقات: بحسب المعتزلة، فإن الرؤية تتطلب وجود جسم مادي يُرى، وأنه لا يمكن تصوّر رؤية الله في صورة مادية أو حسّية، لأن الله ليس جسماً له أبعاد مادية، وبالتالي لا يصح أن يُتصور وجوده في شكل مرئي مادي.

تفسير الآيات: على الرغم من وجود نصوص قرآنية تدل على "الرؤية" مثل "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"، فإن المعتزلة يرون أن هذه الآيات يجب أن تُفهم بطريقة رمزية، ولا تعني الرؤية الحسية لله، بل تشير إلى حالة من السعادة أو التمكين الروحي للمؤمنين في الآخرة.

4. تأويل المعتزلة لرؤية الله في الآخرة:

المعتزلة رفضوا التفسير الحرفي للرؤية وقدموا تأويلات أخرى للنصوص القرآنية التي تتحدث عن الرؤية، واعتبروا أن:

الرؤية هي المعرفة بالله: بالنسبة للمعتزلة، فإن الرؤية التي يتم الحديث عنها في الآخرة هي رؤية معرفية وفكرية وليست حسية. أي أن المؤمنين سيرون الله بمعنى أنهم سيتحققون من عظمته وكماله من خلال معرفتهم في الآخرة.

الإدراك الروحي: في تأويلهم، قال المعتزلة إن المؤمنين سيدركون في الآخرة عظمة الله وقربه منهم، ولكن ذلك سيكون إدراكاً روحياً وليس بصرياً، بمعنى أنهم سيشعرون بالقرب من الله ويمتلئون بمعرفته، وليس بمعنى أن عيونهم ستراه.


5. ردود الفعل على موقف المعتزلة:

كان موقف المعتزلة من رؤية الله مثار جدل واسع في التاريخ الإسلامي. فقد اعتبرت بعض الفرق الإسلامية، خاصة أهل السنة والجماعة، أن إنكار المعتزلة للرؤية مخالف للنصوص الصريحة في القرآن الكريم والحديث النبوي، وأدى هذا إلى انقسام فكري بين المعتزلة وبين الفرق الأخرى. ورغم ذلك، حافظ المعتزلة على موقفهم العقلي الذي يتماشى مع تفسيرهم العقلاني للنصوص الدينية.

وباختصار، فإن موقف المعتزلة من رؤية الله في الآخرة هو مثال على تفسيرهم العقلاني والدقيق للنصوص الدينية. رفضهم الرؤية الحسية لله في الآخرة ينبع من مبدأ تنزيه الله عن التشبيه والمبالغة في تجسيم الصفات الإلهية. ومن خلال تأويلاتهم، اعتبروا أن الرؤية في الآخرة هي رؤية معرفية وفكرية، وليست رؤية حسية مادية، مما يعكس جوهر عقيدتهم العقلانية في فهم الدين.

في ختام هذا البحث حول مسألة رؤية الله تعالى في الآخرة، تتجلى أمامنا حقيقة أن هذا الموضوع ليس مجرد نقطة خلاف عقائدي بين الفرق الإسلامية فحسب، بل هو انعكاس لصراع أوسع بين العقل والنقل، وبين التنزيه والإثبات، وبين الظاهرة والباطن. وإن هذا الصراع الفكري قد شهد تطورًا تاريخيًا طالما شكل محكًا حقيقيًا لفهمنا العميق لجوهر العلاقة بين الخالق والمخلوق، وأبعادها في عالم الغيب.

إن اختلاف الآراء حول إمكانية رؤية الله في الآخرة يثبت عظمة هذه المسألة، فهي ليست مجرد موضوع تقليدي يُحل من خلال تأويل النصوص، بل هي قضية تعكس جوهر الإيمان والتوحيد في جوهره. أهل السنة والجماعة بمختلف مدارسهم يرون في الرؤية تكريمًا خاصًا للمؤمنين، وامتدادًا لعلاقة الإيمان التي تتجاوز حدود المادة لتصل إلى أسمى معاني التواصل الروحي. بينما المعتزلة والشيعة وغيرهم من الفرق، الذين تنطلق رؤيتهم من ضرورة التنزيه المطلق لله، جعلوا من إنكار الرؤية معيارًا على رفض التشبيه والتمثيل لله جلَّ شأنه.

ولكن، بعيدا عن هذا الخلاف العقدي الحاد، تظل مسألة رؤية الله تعالى في الآخرة محاطة بأبعاد فلسفية وروحية عميقة تتجاوز الفهم الظاهر للنصوص. فالفلاسفة والمتصوفة طرحوا رؤى بديلة تتجاوز الرؤية البصرية، معتبرين أن العلاقة مع الله هي مسألة شهود باطني واتصال روحي، تفتح أبوابًا لفهم أعمق لطبيعة هذه العلاقة.

ومهما اختلفنا في تفسير هذه المسألة أو تأويلها، فإنها تظل تمثل محورًا حيويًا لفهم مواقف الإنسان في مواجهة عالم الغيب، ولتفسير تطلعاته إلى لقاء الخالق بعد الفناء. هي اختبار حقيقي لنا في التوفيق بين العقل والروح، في توازن بين القداسة والتواضع، وبين التنزيه والإقرار بقدرة الله التي لا تحدّها حدود.

وفي النهاية، تُظهر هذه المسألة بوضوح أن الإيمان ليس مجرد عقيدة ثابتة تتبع النصوص حرفيًا، بل هو رحلة مستمرة في البحث عن الحقيقة الكلية، حيث يظل الإنسان يبحث عن كيفية إشباع التوق الروحي، الذي لا يمكن أن يُرَاعى إلا من خلال التحلي بتفكير مفتوح، وعقل منفتح، وقلب نقي. وحينما تتلاشى هذه الحدود بين العقل والنقل، بين التنزيه والتقريب، يُصبح اللقاء مع الله تعالى في الآخرة – مهما اختلفنا في طبيعته – حلمًا يستحق السعي له بكل جوارحنا.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاعة السياسية في ضوء النصوص الشرعية: بين العدالة الإلهية و ...
- إعادة بناء الهوية الوطنية: مقاربات شاملة لمعالجة أزمة الانتم ...
- العلمانية العسكرية: قراءة نقدية في مشروع التحديث القسري في ا ...
- الحداثة وما بعد الحداثة: تفكيك العقل وإعادة بناء المعنى
- التحولات في العلاقات المصرية الإسرائلية: من السلام إلى التعا ...
- مأزق الواقع العربي المعاصر: الأسباب، التداعيات، آفاق الحل
- مجتمع -ما بعد المعلومات- في السياق العربي: بين استثمار الفرص ...
- اقتصاد الانتباه: تحديات العصر الرقمي في عصر الهيمنة التقنية
- هل انتهى عصر النفوذ الفرنسي في أفريقيا؟ قراءة في التحديات وا ...
- القيادة السامة وأثرها: كيف يمكن للقيادة الإيجابية أن تعيد ال ...
- أزمة الحكم في العالم العربي: موروث الاستبداد وتحديات الشفافي ...
- حرب الرقائق الإلكترونية هل تستعد الدول العربية لدخول ميدان ا ...
- الصوفية السياسية: مسارات التكيف والتحدي بين تركيا والعالم ال ...
- الصهيونية العلمانية: جدلية الحداثة والهوية في المجتمع الإسرا ...
- شراء الصمت في العالم العربي: أداة لطمس الحقيقة وتعزيز الهيمن ...
- العلمانية والديمقراطية في العالم العربي: جدلية الحداثة والخص ...
- العلمانية: بين أفق التنوير وصراع الهوية الدينية
- الله خالق كل شيء: مقاربة فكرية لأحد أهم الإشكاليات الكلامية ...
- السينما النسوية المتطرفة: كسر الصمت وإعادة صياغة السرديات
- الخلود في الفضاء الرقمي: إعادة صياغة مفهوم الموت والذاكرة


المزيد.....




- مئات الضربات الجوية والبحرية الإسرائيلية تدمر غالبية قدرات س ...
- كواليس الضربات الإسرائيلية بسوريا وأسلحة الأسد المستهدفة.. م ...
- زاخاروفا: بعثتنا الدبلوماسية في سوريا تواصل عملها ونتمنى للش ...
- فرنسا تعلن إنهاء وجودها العسكري في تشاد
- البابا فرنسيس يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
- الهند تستعد لإطلاق مهمة فضائية غير مأهولة قبل نهاية العام ال ...
- مقتل صحفية وأطفالها في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة ...
- نتنياهو: نخوض حربا على 7 جبهات ونأمل ألا تفتح جبهات جديدة وس ...
- الخارجية الروسية: التصرفات الإسرائيلية في سوريا تؤدي إلى تفا ...
- -يديعوت أحرونوت-: الجيش السوري تم تدميره (صورة)


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - إشكالية رؤية الله في الآخرة: بين الإيمان والعقل والفلسفة