أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الكحل - النضال الارتزاقي.














المزيد.....

النضال الارتزاقي.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 18:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تغزو مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "النضال الارتزاقي" التي لجأ إليها أشخاص كل رصيدهم هو العداء المقيت للوطن والحقد المحموم على المؤسسات. فقد اتخذوا من مهاجمة المؤسسات الدستورية والتشهير بالمسؤولين خبزهم اليومي، متجاوزين كل القيم والقوانين التي تؤطر حرية التعبير. غاياتهم من هذا كله: تصريف حقدهم الدفين وعدائهم المقيت للنظام وللدولة ومؤسساتها، وهو الحقد الذي تشرّبوه من الانحرافات الإيديولوجية التي أفرزتها الحرب الباردة في ستينيات القرن الماضي، والتي لا تزال تفعل فعلها في لاوعي بعض الفئات التي اتخذت من التشهير والحقد والعداء أسلوبا "للنضال الارتزاقي".
النضال أخلاق وليس أسلوبا للارتزاق.
النضال لم يكن يوما هواية للتسلية أو نشاطا للارتزاق أو وسيلة للابتزاز. النضال قناعة ومبدأ وأخلاق. فهو، كما قال عمر بنجلون "النضال مسألة أخلاق، وكل من انحطت أخلاقه واستسلم للملذات فلا يحق له إطلاقا أن يكون مناضلا". وهذا ينطبق على هذه الفقاعات من "مناضلي الارتزاق" الذين أفقدهم عداؤهم للوطن ومؤسساته كل شعور بالكرامة، وكل إحساس بالانتماء لهذا الوطن، وكل غيرة عليه. لقد قرروا أن يتحولوا إلى معاول للهدم والتخريب؛ كما اختاروا، عن طواعية، أن ينخرطوا في خدمة أجندات خصوم المغرب وأعداء وحدته الترابية.
إن الاصطفاف إلى جانب أعداء الوطن، والرضا بدور "حمار الناعورة" لتصريف أحقادهم على المغرب، لن يجعل من هذه الكراكيز مناضلين، إنما عملاء وخونة. بل كشف ويكشف عن انحطاطهم الأخلاقي وارتزاقهم المذل. ذلك أن الارتماء في أحضان أعداء الوطن وخصومه هو أحط أنواع العمالة التي سيظل خزيُها يلاحق العملاءَ خونةَ الوطن.
إن المناضلين الشرفاء استرخصوا أرواحهم وحرياتهم من أجل وطن مستقل وشعب حر. لم تغرهم أموال العمالة ولا مكاسب الخيانة. فحب الوطن لا يعادله جاه ولا منصب. وقد صدق بوح الشاعر أحمد شوقي:
"وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ // نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي".
لم يستوعب "مناضلو الارتزاق" أن الشعوب تعزّ مناضليها الشرفاء وتذلّ خونتها العملاء. وأيا كانت طبيعة الظروف السياسية والاجتماعية، فإن التآمر على الوطن والعمالة لأعدائه باسم "مناهضة الاستبداد" أو باسم حقوق الإنسان، جريمة لا تُغتفر. فحتى في سنوات الرصاص لم يغير المناضلون الشرفاء ولاءهم للوطن ودفاعهم عن وحدته الترابية. إذ كان لسان حالهم يقول:
بلادي وإن جارت علي عزيزة // وأهلي وإن ضنّوا علي كِرام.
نضال نقّاري الخشب.
إذا كان المناضلون الحقيقيون أكثر استعدادا للتضحية بكل شيء من أجل الوطن والشعب، فإن مناضلي الارتزاق أكثر إصرارا على التضحية بالوطن والشعب من أجل المال. وهذا حال الذين يقضون كل أوقاتهم خلف الحواسيب نعيقا ونهيقا عساهم يرفعون من نسبة المشاهدين فترتفع مداخيلهم. أما ما يتعلق بالديمقراطية والحرية فهما آخر ما يعنيهم. إذ لا يهمهم استقرار الوطن ولا وحدة نسيجه المجتمعي طالما العائدات مضمونة والمخاطر منعدمة. فباسم حقوق الإنسان وحرية التعبير يتحولون إلى نقّاري الخشب يملؤون مواقع التواصل الاجتماعي ضجيجا ووقْرا.
لا يمكن إذن، بناء الديمقراطية وإشاعة حقوق الإنسان في أي دولة ينهشها الخونة وتنخرها الفتن ويتاجر باستقرارها العملاء. ذلك أن الأساليب الخبيثة لا يمكن أبدا أن تجلب الاستقرار أو تدعم الديمقراطية. ولعل مآلات الدول التي اجتاحها ما سمي زورا "الربيع العربي" خير دليل على أن سماسرة الأوطان وتجار حقوق الإنسان هم أشد خطرا على استقرار الشعوب ووحدة الأوطان. فالغاية هي من جنس الوسيلة، بحيث كما قال مارتن لوثر:"يجب أن تكون الوسيلة التي نستخدمها بنفس نقاء الغاية التي نسعى إليها." إذ لا يمكن بناء الديمقراطية وإرساء دولة القانون باعتماد أساليب التشهير والتضليل والتحريض. ومن يبيع مواقفه وكرامته سيبيع حتما وطنه وشعبه.
وبالنتيجة، لا يمكن أبدا بناء الديمقراطية ودولة القانون بالاعتماد على "مناضلي الارتزاق"، أو بزرع الفُرقة وإثارة الفتنة بين مكونات الشعب. ذلك أن النضال الديمقراطي يقتضي تمثل قيم التعاون والتشارك بين القوى الفاعلة سياسيا ومدنيا في المجتمع. فالجامع بين تلك القوى هو الوطن. ومن يقبل على نفسه الاصطفاف إلى جانب أعداء الوطن أو الانخراط في خدمة أجنداتهم، فهو بالضرورة عدو لوطنه وعميل لأعدائه. وأيا كان العداء الإيديولوجي أو الحقد الطبقي محركا للصراع السياسي، فإن المصلحة العامة تستوجب التشارك بدل الإقصاء. وصدق نيلسون مانديلا بالنصيحة: "إذا كنت تريد أن تصنع السلام مع عدوك، فيتعين أن تعمل معه، وعندئذ سوف يصبح شريكك".



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحافة لا تضمن الحصانة.
- أما آن لملف الصحراء أن يُغلق؟
- فرنسا: من التردد والضبابية إلى الوضوح والاعتراف.
- إلى جماعة العدل والإحسان: المتاجرة بمآسي غزة لم تعد مربحة.
- لا منزلة بين الوطنية والعمالة.
- خالد مشعل في جلباب بن لادن.
- عام على طوفان الأقصى: التكلفة والمآل.
- مسؤولية أوروبا في التصدي لجذور الهجرة غير النظامية.
- أبعاد مؤامرة التحريض على -الحريـﯕ.
- خلفيات الانقلاب المذهبي للفقيه الريسوني.
- الفقيه الريسوني من إدانة جرائم إيران إلى الإشادة بها.
- من صفة الريسونيَيْن اللؤم ونكران الجميل.
- العداء الجزائري مقابل الانتصار الدبلوماسي المغربي.
- عنتريات سماسرة حقوق الإنسان تُفسد فرص العفو الملكي.
- الجزائر صانعة الإرهاب والانفصال والعداء.
- جماعة العدل والإحسان ولُولُوش فوق الهَدْروش.
- نهاية الابتزاز والرقص على الحبلين.
- تجار حقوق الإنسان يتجاهلون انتهاكها في مخيمات تندوف.
- استهداف الأجهزة الأمنية أعلى درجات الخيانة الوطنية.
- أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي(3/3).


المزيد.....




- عهد جديد وحكومة جديدة انتقالية في سوريا.. ماذا نعرف عن رئيسه ...
- ما الموقف الأمريكي من هيئة تحرير الشام ومما يجري في سوريا؟
- غزة: 22 قتيلا على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على بيت لاه ...
- بعد أكثر من 13 عاما.. قطر تُعلن قرب إعادة فتح سفارتها في سور ...
- خامنئي يتهم دولة جارة لسوريا بلعب دور بسقوط نظام الأسد وأن م ...
- الجولاني يعلق على مخاوف دول أجنبية من الحرب مع سوريا بعد سقو ...
- الكرملين: أمن مواطنينا ومواقعنا أولوية ونتواصل مع الجهات الت ...
- مصر.. إعلامية تطلب تعويضا بالملايين بعد اتهامها بالتحرش
- تعفن الدماغ: هل يمكن للمحتوى -التافه- أن يضر بدماغك؟
- غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، ونداء أممي لوقف التصعي ...


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الكحل - النضال الارتزاقي.