محمد هادي لطيف
الحوار المتمدن-العدد: 8189 - 2024 / 12 / 12 - 18:41
المحور:
الادب والفن
تحتسين الحزن،
كما تحتسين الألم في الخلوة،
وفي كل زجاجةٍ فارغة
يُطل عليكِ وجهٌ قديم،
وجهٌ يستنزف الزمن،
وتستنزفين أنتِ في كل مرآةٍ شَخِصَتْ.
هل تعرفين يا امرأةَ الليل؟
أنتِ،
التي تسيرين في ذاكرةٍ باردةٍ،
تتسلقين جدرانًا مهدمّةٍ
وأنتِ تظنين أن الجرحَ يمكن أن يكون وطنًا؟
لكن،
من الذي تركه لكِ هذا الزمان المهدم؟
أليس هو ذاتُه الذي مزقكِ
وأنتِ تتخبّطين في غبار الحلم؟
تحتسين الحزن،
وكأنكِ تعرفين طعمه
كما يعرف الميت رائحةَ قبريه،
وكأنكِ في كل يومٍ جديد
تكتشفين أن الحياة التي عشتِها
ما هي إلا أطلالٌ تصرخُ في الذاكرة.
وفي كل زجاجةٍ فارغة
يُطل عليكِ وجهٌ قديم،
وكُلَّمَا همستِ له،
كُلَّمَا أظلمتِ أكثر،
كما يظلم الليل في قلب القتلة.
هل تعرفين أنكِ تذوبين في صمتٍ لا يرحم؟
أنتِ التي تتحسّسين الجروح،
وكُلَّمَا غسلتِ يديكِ منها
زاد الدم في أصابعكِ.
ما الذي تبقى منكِ؟
ما الذي تبقى من هذا الصمت الطويل
الذي يسكنكِ،
أنتِ التي تبكين في قلبكِ
ولا يدرك أحدٌ
أنكِ تغرقين في الأسئلة التي لا تَسأل.
هل تعرفين يا امرأةً ضاعت في زحمةِ الذاكرة؟
أنتِ التي تتخفّين وراء صورتكِ
وتسيرين على حافةٍ لا تُرى
بين الوجود والموت.
وفي كل مرةٍ،
وفي كل مرةٍ فقط،
تكتشفين أن الحزن
ليس سوى حبلٍ يلتفُّ حول عنقكِ
لكن يظلُّ هو الوحيد
الذي لا ينفكُّ.
#محمد_هادي_لطيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟