رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئي مستدام

أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 21:53
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

في إطار مبادرة السعودية الخضراء، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، أعلنت المملكة عن خارطة الطريق لزراعة 10 مليارات شجرة. تأتي هذه المبادرة ضمن التزامات المملكة الوطنية والدولية للتصدي للتحديات البيئية والمناخية، وتحسين جودة حياة المواطنين، وتعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية.

تزامنت هذه المبادرة مع النسخة الثانية من أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي استضافته المملكة لأول مرة في مدينة الرياض خلال الفترة 8 - 12 أكتوبر 2023م. تهدف خارطة الطريق إلى تعزيز الغطاء النباتي في كافة أنحاء المملكة، من الموائل الطبيعية إلى المدن، والطرق السريعة، والمساحات الخضراء، لضمان مساهمة التشجير في تحسين جودة الهواء، وخفض درجات الحرارة، وتحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.

وتُعد هذه المبادرة واحدة من أكبر مشاريع إعادة التشجير في العالم، حيث تشكّل زراعة 10 مليارات شجرة ما يعادل 1% من الهدف العالمي للتشجير، و20% من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي تسعى إلى زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة.

⸻

تشجير المملكة: هدف استراتيجي لاستصلاح الأراضي وتحسين جودة الحياة

يهدف المشروع إلى استصلاح 74.8 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، بعد أن تم رفع الهدف الأولي الذي كان 40 مليون هكتار، وذلك استنادًا إلى دراسات جدوى علمية استراتيجية أجرتها وزارة البيئة والمياه والزراعة، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بمشاركة نخبة من الخبراء المحليين والدوليين.

منذ عام 2017 حتى 2023، تم بالفعل زراعة 41 مليون شجرة في جميع أنحاء المملكة، مما يعكس الالتزام الكبير بهذه الرؤية، وسيساهم استكمال المشروع في تحقيق العديد من الفوائد، منها:
• خفض درجات الحرارة في المدن بمقدار 2.2 درجة مئوية.
• تحسين جودة الهواء من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
• تقليل تأثير الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب، والشرايين، والجهاز التنفسي الناتجة عن تلوث الهواء.
• زيادة الرقعة الخضراء في المدن والمناطق الحضرية، حيث يعيش غالبية السكان.

⸻

التوسع في زراعة النخيل لتحقيق استدامة المياه

إحدى الركائز الأساسية للمشروع هي إعادة توزيع زراعة أشجار النخيل نظرًا لقدرتها على تحمل الجفاف وانخفاض استهلاكها للمياه، مما يجعلها مثالية للبيئة الصحراوية.
• يتم التوسع في زراعة النخيل في المناطق القاحلة باستخدام تقنيات ري حديثة مثل الري بالتنقيط لتقليل استهلاك المياه.
• النخيل لا يُستخدم فقط في زيادة الغطاء النباتي، ولكنه يدعم الاقتصاد الزراعي من خلال إنتاج التمور، أحد أهم المنتجات الزراعية في المملكة.
• يساهم في مكافحة التصحر وتثبيت التربة، مما يعزز من البيئة الزراعية المستدامة.

⸻

دور القهوة السعودية في التنمية الزراعية

شهدت زراعة البن في جازان وعسير والباحة تطورًا ملحوظًا، حيث تم:
• زراعة 500,000 شجرة بن.
• إنتاج أكثر من 2,500 طن سنويًا من القهوة العربية الفاخرة.
• زيادة عدد المزارعين المسجلين إلى أكثر من 2,000 مزارع.
• توسيع الأسواق المحلية والعالمية عبر تصدير القهوة السعودية.

⸻

ثورة زراعة الزيتون في شمال المملكة

تمثل زراعة الزيتون في الجوف وتبوك أحد أنجح المشاريع الزراعية، حيث تضم المملكة:
• 20 مليون شجرة زيتون مزروعة حتى الآن.
• إنتاج 250,000 طن من الزيتون سنويًا.
• إنتاج 30,000 طن من زيت الزيتون السعودي عالي الجودة سنويًا.
• تحقيق موسوعة غينيس كأكبر مزرعة زيتون في العالم.

⸻

غابات المانغروف: حماية السواحل وتعزيز التنوع البيئي

تمتلك المملكة نظمًا بيئية فريدة تدعمها غابات المانغروف المنتشرة على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، والتي تساهم في:
• امتصاص كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، مما يخفف من الاحتباس الحراري.
• حماية السواحل من التآكل والعواصف البحرية.
• توفير بيئة مناسبة للأسماك والكائنات البحرية، مما يعزز الأمن الغذائي.

وقد تم بالفعل زراعة 100 مليون شجرة مانغروف ضمن جهود المملكة في تعزيز التنوع البيئي.

⸻

تقنيات الاستمطار الصناعي لمكافحة الجفاف

لمواجهة تحدي قلة الأمطار، أطلقت المملكة مشروع الاستمطار الصناعي، الذي يستخدم 6 طائرات مخصصة لرش مواد محفزة مثل يوديد الفضة والملح في السحب لزيادة معدل الهطول بنسبة 10-20%.
• يساهم المشروع في تعزيز مصادر المياه لدعم التشجير والزراعة.
• يستهدف المناطق الجافة مثل الرياض، القصيم، وحائل.
• يُعد أحد أهم التقنيات الحديثة لضمان الأمن المائي في المستقبل.

⸻

خارطة الطريق: مراحل التنفيذ حتى 2030 وما بعدها

يتم تنفيذ خارطة الطريق على مرحلتين رئيسيتين:
1. المرحلة الأولى (2024 - 2030):
• إعادة التأهيل البيئي باستخدام نهج قائم على الطبيعة.
• زراعة 600 مليون شجرة بحلول 2030، لاستصلاح 3.8 مليون هكتار من الأراضي.
• تطوير مشاريع الري المستدامة لإدارة الموارد المائية بكفاءة.
2. المرحلة الثانية (2030 - فما بعد):
• استكمال زراعة 10 مليارات شجرة وفق نهج يعتمد على الجهود البشرية في إعادة التشجير.
• زيادة استخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة والري.

⸻

التحديات والحلول المقترحة

تواجه مبادرة السعودية الخضراء تحديات مثل ندرة المياه والتصحر والاحتباس الحراري، ولكن يتم التغلب عليها عبر:
• تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية والرياح باستخدام تقنيات هولندية متطورة.
• إطلاق أقمار صناعية لرصد الأنهار الجافة وإعادة إحيائها.
• تطوير أنظمة ري ذكية تقلل استهلاك المياه بنسبة 50%.

⸻

خاتمة: نحو مستقبل أخضر ومستدام

تمثل مبادرة السعودية الخضراء نموذجًا عالميًا في إعادة التشجير والاستدامة البيئية. من خلال الابتكار، التكنولوجيا، والتعاون الإقليمي، يمكن تحويل الشرق الأوسط إلى واحة خضراء مزدهرة، مما يعزز جودة الحياة للأجيال القادمة.

المصادر
1. وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية.
2. رؤية السعودية 2030 – الموقع الرسمي.
3. المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
4. تقارير الأمم المتحدة عن الاستدامة البيئية.
5. وكالة ناسا – دراسات عن الأنهار القديمة والاستمطار الصناعي.

#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات