أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم














المزيد.....


إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إبراهيم محمود، الاسم الذي رافق انتفاضة الكرد. انتفاضة 12 آذار 2004 منذ لحظتها الأولى، والقامة الفكرية الأعلى في زمن الرعب، لم يكن مجرد كاتب يسجل الوقائع، في الدفاع عن شعبه الكردي المضطهد، بل كان مفكراً يرى في كل حدث امتداداً لمصير، وفي كل دم مسفوك صفحةً من التاريخ. فمنذ أن سالت أول قطرة دم في "الجمعة الدامية"، كان قلمه هناك، يكتب ليس ليؤرخ فحسب، بل ليضع انتفاضة الكرد في سياقها الفلسفي، الوجودي، والوطني.
لم يكن وحده، لكن قلةً من الكتّاب امتلكوا جرأة الكتابة بأسمائهم الحقيقية، في الداخل والخارج. بعضهم دوّن الشهادة قبل أن يُفك الحصار العسكري عن قامشلي، بينما انتظر آخرون حتى انحسرت الدبابات ليقولوا ما يجب قوله. أما هو، فقد كان سباقاً يكتب قبل الذكرى السنوية في كل مناسبة، يكتب قبل أن يحلّ الموعد بأسابيع، لا ليُذكّر فقط، بل ليؤكد أن القضية ليست مناسبةً عابرة، بل جرح دائم في الجسد الكردي، لا ينبغي أن يلتئم بالصمت أو النسيان.
على مدار عشرين عاماً، لم تمرّ ذكرى دون أن يكون إبراهيم محمود في طليعة الكتّاب. مقالاته باتت مدونةً كاملةً، توثيقاً وتحليلاً وتأملاً في جوهر الانتفاضة. لكنه هذه المرة صمت. لم يكتب. غاب قلمه عن الذكرى للمرة الأولى منذ انطلاقها. هل قال كل شيء؟ هل استنزف الكلمات؟ أم أنه ينتظر أن يتحدث الآخرون؟
لم يكن إبراهيم محمود كاتباً عادياً في زمن الانتفاضة، بل كان أحد الذين اختاروا أن يكونوا في المقدمة، أن يكتبوا بأسمائهم الحقيقية في وقت كانت فيه الكتابة تهمة. في حين اختار كثيرون الصمت، أو انتظروا حتى تراجعت القبضة الأمنية، كان هو هناك منذ اللحظة الأولى. كتب "الجمعة الدامية"، وأتبعها بسلسلة مقالات، لا تكتفي بوصف الحدث، بل تغوص في عمقه، تسأل الأسئلة الكبرى: لماذا انتفض الكرد؟ إلى أين يمكن أن تقود هذه الشرارة؟
في تلك السنوات الأولى، عندما كانت الأجهزة الأمنية تطوق قامشلي بالدبابات، لم يكن من السهل أن تكتب وأنت داخل سوريا. لكن بعض الكتّاب فعلوا ذلك، قلة فقط، وكان إبراهيم محمود في مقدمتهم. وكنتُ شخصياً مع مجموعة من الكتّاب الذين اجتمعوا في بيتي، نناقش، نوثق، ونكتب ما لا يريد النظام أن يُكتب.
كان من الطبيعي أن تُواجه الانتفاضة بالقمع الوحشي، أن تُفتح النيران على الشباب الكردي في الشوارع، أن تسقط الأجساد في الميادين، وأن يحاول النظام محو الحدث من الذاكرة الجماعية. لكن الانتفاضة لم تُنسَ. كانت تلك هي اللحظة التي أسقط فيها الأبطال تمثال الأسد، وأعلنوا، دون كلمات، أن زمن الخضوع قد انتهى.
لقد كانت هذه الشرارة بداية لكل شيء. هي من مهّدت الطريق للثورة، هي من كشفت عن وجه النظام العاري أمام العالم، هي من أوصلت جرح الكرد إلى خارج الجغرافيا المحاصرة. لكنها أيضاً تركت ملفات مفتوحة، لم تُغلق بعد.
هؤلاء الشهداء، الذين كتب إبراهيم محمود عنهم طوال عشرين عاماً، لم ينالوا إنصافهم بعد. العدالة لا تزال غائبة. الذين أعطوا الأوامر بإطلاق النار، الذين اعتقلوا الشباب وعذبوهم حتى الموت، الذين اعتبروا دم الكرد مستباحاً، لا يزالون طلقاء. تعالوا نتذكر أسماء هؤلاء:
الرئيس الفار بشار الأسد
وزيرالداخلية
محافظ الحسكة سليم كبول
رؤساء الفروع الأمنية وعناصرها وأزلامها لاسيما رئيس الفرع العسكري المجرم خليل الخالد
كتبة التقارير وأسماء كثيرين منهم موجودة في المحاضر ويعرف محامونا ذلك
لابد من تذر أسماء هؤلاء جميعاً، لاسيما الجلادون والسجانون وممن عذبوا شبابنا الكردي حتى الموت!
إن العهد الجديد في سوريا، إن كان هناك عهد جديد، لا يمكن أن يبدأ دون مواجهة الحقيقة. لا يمكن بناء مستقبل دون محاسبة الماضي. يجب فتح ملف الانتفاضة، يجب محاكمة محافظ الحسكة سليم كبول، الذي أعطى الأمر بالقتل، يجب تقديم المدعو خليل الخالد، رئيس فرع الأمن العسكري آنذاك، وكل ضباط المحافظة إلى العدالة. وزير الداخلية في ذلك الوقت، كل الجلادين الذين نفذوا الأوامر، كل عنصر أمن ضغط على الزناد، كلهم يجب أن يواجهوا المحاكمة العادلة.
إن دماء الشهداء ليست مجرد ذكرى تُستعاد كل عام، وليست مجرد مقال يُكتب في الذكرى العشرين ثم يُطوى. إنها حقيقة يجب أن تبقى حاضرة في الوعي، في السياسة، في كل خطوة تُتخذ من أجل المستقبل. الانتفاضة لم تكن حدثاً عابراً، كانت لحظة فارقة، وإلى الآن، لا تزال تأثيراتها تتوالى، كأمواج لم تهدأ بعد.
في هذه الذكرى، إبراهيم محمود لم يكتب. ربما لأنه قال كل شيء. ربما لأنه كتب ما يكفي ليكون شاهداً على التاريخ. لكنه أيضاً، بصمته، يترك رسالة أخرى: لا تنتظروني، بل اكتبوا أنتم.
لقد انتهى الخوف، فلماذا لا نقول رأينا؟ لماذا لا نكمل ما بدأه؟
إبراهيم محمود، مفكر الانتفاضة، لم يتوقف عن الكتابة طوال عشرين عاماً، لكنه اليوم يختار الصمت. ربما لأنه يرى أن دوره قد انتهى، وأنه آن الأوان لمن تبقى أن يقولوا كلمتهم. آن الأوان لنعود إلى مدونته ذات الدوي!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاقية- الأمر الواقع- ما لها وما عليها.
- حجر أساس لبناء الجمهورية السورية في انتظار استكمال العمارة ا ...
- الروح الكردية: تسامح لا يندم عليه، وأعداء متجددون!
- -تفليل- العلويين ونفاق الإعلام العربي!
- عين الكروم جارة العاصي المجيد
- ثقافة الثأر في سوريا: تهديد للسلام والمستقبل وضرورة محاكمة ا ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- وباء التحريض: ديناميكية الخسَّة وصناعة الانحطاط
- في العنف والعنف المضاد أو ثقافة العبث وجذور العنصرية القديمة
- من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح
- الالتفاف على القضية الكردية في سوريا الجديدة: إعادة إنتاج ال ...
- تشويه صورة الأقليات في سوريا: وهم الأكثرية وصناعة الإقصاء
- تشويه الصورة المصطنعة ل- الأقليات- في سوريا: وهم الأكثرية وص ...
- الكرد في سوريا بين الإقصاء الممنهج ووعود الخداع
- أول رمضان سوري دون حكم البعث والأسد
- سحر أنقرة ينقلب على رؤوس طباخيها.1
- ضدَّ إعادة تدوير نظام البعث – الأسد
- الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم
- بيان استنكار لماسمي بمؤتمر الحوار الوطني
- ملك العود ملك المقامات: رشيد صوفي ما كان عليك أن تغادرنا الآ ...


المزيد.....




- تصعيد إسرائيلي في غزة ولبنان.. وتحركات دبلوماسية لاحتواء الت ...
- جرحى في 12 غارة أميركية جديدة على صعدة شمال اليمن
- الجزيرة تدين اغتيال الاحتلال حسام شبات مراسل الجزيرة مباشر ب ...
- عاجل | بوليتيكو عن مسؤول أميركي: مساعدان رفيعا المستوى في ال ...
- انتهاء محادثات الرياض بين روسيا وأميركا.. وبيان خلال ساعات
- محكمة فرنسية تنظر في صلاحية مذكرة توقيف بحق الأسد
- أردوغان يصف المحتجين بـ -إرهابيي الشوارع-
- خلافات وسرية غائبة.. ماذا كشفت تسريبات البيت الأبيض؟
- الإمارات تعلن التصدي لهجمات سيبرانية استهدفت مئات الجهات الح ...
- مسؤول أمريكي: نشهد تقدما في محادثات الرياض حول أوكرانيا


المزيد.....

- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم