طوفان الأقصى 555 – إستضافة المجر للمجرم نتنياهو بين القانون والسياسة – فماذا يقول القانون؟

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 09:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بقلم د. زياد الزبيدي

14 أبريل 2025

عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 مذكرات توقيف ضد نتنياهو وغالانت، لم يتأخر رئيس وزراء المجر بانتقاد قرار المحكمة وعدم الإعتراف به وبها، و على التو أعلن استعداد بلاده لإستقبال نتنياهو دون اعتقاله.
الزيارة كانت رسمية نكاية بكل المعايير، أي أن الحكومة المجرية تتحمل تكاليفها، وتمت في الثالث من نيسان الحالي لإعطاء نتنياهو، وسارة زوجته، فرصة الإحتفال بعيد زواجهما على ضفاف نهر الدانوب، على وقع إستمرار الإبادة الجماعية في غزة التي لا تهدأ منذ 550 يوما.

*أولاً:*
هل إنتهكت المجر القانون الدولي؟*

إذا كان انتقاد المحكمة وعدم الإعتراف بقراراتها تعتبر مخالفة قانونية تستحق المحاسبة، فما بالكم إذا تم إنتهاك قراراتها مع سبق الإصرار والترصد وفي وضح النهار.

إن هذا الوضع ينطوي على إعتبارات قانونية ودبلوماسية معقدة تتعلق *بالتزامات المجر كعضو في المحكمة الجنائية الدولية ICC* واستضافتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي صدرت ضده مذكرة توقيف من المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

*هل تنتهك المجر قوانين المحكمة الجنائية باستضافتها لنتنياهو؟*

1.*مذكرات توقيف المحكمة الجنائية ملزمة للدول الأعضاء*
- أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد نتنياهو ويواف غالانت (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في مايو/أيار 2024 بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
- باعتبار المجر دولة عضوًا في المحكمة (منذ 2001)، فهي ملزمة قانونيًا باعتقال نتنياهو إذا دخل أراضيها وتسليمه إلى لاهاي للمحاكمة.

2. *الحصانة الدبلوماسية واستثناءاتها*
- قد يجادل البعض بأن نتنياهو، باعتباره رئيس حكومة في منصبه، يتمتع بحصانة دبلوماسية بموجب القانون الدولي.
- لكن نظام روما الأساسي (المادة 27) يرفض صراحةً منح الحصانة لرؤساء الدول في قضايا المحكمة الجنائية، مما يعني أن حتى القادة الحاليين يمكن اعتقالهم.

3. *الموقف السياسي للمجر*
- المجر، تحت قيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، تربطها علاقات وثيقة مع إسرائيل وقد انتقدت سابقًا إجراءات المحكمة ضد نتنياهو.
- إذا سمحت المجر عمدًا لنتنياهو بزيارتها دون اعتقاله، فقد تكون منتهكةً لالتزاماتها تجاه المحكمة، مما قد يعرضها لعواقب قانونية (مثل عقوبات من المحكمة أو إحالة الأمر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة).

**الخلاصة: موقف الحكومة المجرية غير قانوني نظريًا، لكنه معقد سياسيًا**

- *من الناحية القانونية*: المجر ملزمة باعتقال نتنياهو وفقًا لقواعد المحكمة.
- *من الناحية السياسية*: حكومة أوربان قد تختار تجاهل المذكرة، مما يعرضها لردود فعل دبلوماسية وقانونية.

*ثانيا:*
*كيف تتعامل المحكمة الجنائية الدولية مع الدول التي لا تمتثل لأوامرها؟*

عندما تتجاهل دولةٌ عضوٌ في المحكمة الجنائية الدولية (مثل المجر) مذكرة اعتقال صادرةً ضد شخص مطلوب (مثل نتنياهو)، فإن المحكمة لديها عدة آليات للتعامل مع هذا الرفض، لكن فعاليتها غالباً ما تصطدم بالسياسة الدولية.

*1. الإحالة إلى جمعية الدول الأعضاء*
- يمكن للمحكمة إبلاغ *جمعية الدول الأطراف* (التي تشرف على عمل المحكمة) بعدم امتثال الدولة المعنية.
- الجمعية قد تفرض
*عقوبات سياسية*، مثل:
- تعليق حق الدولة في التصويت داخل المحكمة.
- إصدار بيانات إدانة علنية.
- مطالبة الدول الأخرى بالضغط على الدولة الممتنعة.

*2. الإحالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة*
- إذا كانت القضية مرتبطة بتحقيق فتحه مجلس الأمن أصلاً (مثل قضية دارفور سابقاً)، يمكن للمحكمة طلب تدخله.
- لكن *الفيتو الأمريكي* (أو غيره) غالباً ما يحمي إسرائيل وحلفاءها من عقوبات فعلية.

*3. إجراءات قضائية داخلية*
- يمكن للمحكمة *إصدار أوامر تلزم الدولة بتقديم تفسيرات* لعدم امتثالها.
- في حالات نادرة، قد تعلن أن الدولة انتهكت *نظام روما الأساسي*، مما يفتح الباب لعقوبات أوسع.

*4. الضغط الدبلوماسي والسمعة الدولية*
- الدول التي تتحدى المحكمة (مثل المجر في هذه الحالة) قد تواجه:
- انتقادات حقوقية ودولية.
- تأثير على سمعتها كدولة تحترم القانون الدولي.
- احتمالية تقييد تعاونها القضائي مع دول أخرى.

إذا كانت المجر ورئيس وزرائها محاصرين تماما بقانون المحكمة وميثاق الأمم المتحدة، فهناك أسئلة مشروعة تجول في خاطر كل كائن حي يستحق أن يسمى *إنسان* ومنها

*لماذا لا يتم تطبيق العقوبات على الدول المخالفة بشكل فعال؟*

- *السياسة تفوق القانون*: دول كبرى (مثل الولايات المتحدة) تدعم إسرائيل علناً، مما يضعف آليات المحاسبة.
- *عدم وجود قوة تنفيذية*: المحكمة لا تملك شرطة أو جيشاً لتنفيذ قراراتها، وتعتمد على تعاون الدول.
- *ازدواجية المعايير*: بعض الدول تتجاهل المحكمة عندما يتعارض قرارها مع مصالحها.


2) *ماذا يعني هذا بالنسبة لقضية نتنياهو؟*
- *المجر قد لا تواجه عقوبات فورية*، لكن سجلها سيتأثر، خاصة إذا تكرر الأمر.
- المحكمة قد تستخدم هذه الحالة *كسابقة لزيادة الضغط* على دول أخرى لاحقاً.
- الناشطون الحقوقيون قد يلجأون إلى *محاكم وطنية* في دول أخرى في لمحاولة ملاحقة نتنياهو عند سفره.


- *أخيراً:* القانون الدولي يُجرّم الإفلات من العقاب، لكن التنفيذ يعتمد على الإرادة السياسية.

*ثالثاً:*
*هل هناك امكانية لاتخاذ خطوات عملية ضد المجر في هذه الحالة؟*

هناك بعض الخطوات العملية لمحاسبة المجر على استضافة نتنياهو في تحدي واضح لمذكرة الاعتقال

1. *التحرك القضائي داخل المحكمة الجنائية الدولية*
- *طلب جلسة طارئة*: يمكن لمكتب المدعي العام للمحكمة تقديم طلب عاجل إلى الدائرة التمهيدية لتحديد:
- هل تشكل زيارة نتنياهو انتهاكاً صريحاً من المجر؟
- هل هناك أدلة على تعمد المجر عدم الامتثال (مثل ترتيب الزيارة علناً)؟

- *إصدار قرار قضائي ملزم*: قد تطلب المحكمة من المجر تقديم تقرير قانوني يشرح موقفها، مع تهديد بتدابير تصعيدية إذا لم ترد.

2. *آليات الضغط السياسي*
- *تحريك الدول العربية والإسلامية*:
- تقديم شكوى جماعية في *جمعية الدول الأطراف* (التي تضم 124 دولة) لعزل المجر دبلوماسياً.
- المطالبة بفرض *عقوبات رمزية* مثل تجميد مشاركتها في لجان المحكمة.
- *إحالة الأمر لمجلس الأمن*:
- رغم الفيتو الأمريكي المتوقع، يمكن لدول مثل الجزائر أو مالطا (كونهم أعضاء حاليين) طلب مناقشة الموضوع كـ"تهديد للسلم الدولي".

3. *المحاكم الوطنية كبديل*
- *رفع دعاوى في دول أوروبية أخرى*:
- إذا سافر نتنياهو إلى دولة أخرى ملتزمة بالمحكمة (مثل ألمانيا)، يمكن لمحاميين دوليين تقديم طلب اعتقال فوري هناك.
- استخدام مبدأ *الاختصاص العالمي* لمحاكمة مجرمي الحرب في أي دولة.

4. *حملات المجتمع المدني*
- *مقاضاة المجر أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان*:
- التركيز على أن عدم اعتقال مجرم حرب ينتهك التزامات المجر بموجب *المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية* (الحق في محاكمة عادلة للضحايا).
- *ضغوط اقتصادية*:
- دعوة صناديق الاستثمار الإسلامية والأوروبية لمراجعة استثماراتها في المجر.

5. *سيناريوهات التصعيد المحتملة*
- *أسوأ إحتمال*: إذا أصرت المجر على التحدي، قد تنسحب من المحكمة، مما سيعرضها لعقوبات أوروبية أوسع.
- *أفضل إحتمال*: قد تتراجع وتصدر بياناً غامضاً (مثل "نتنياهو زار بصفته الرسمية") لتجنب المواجهة المباشرة.

*لماذا قد تنجح هذه الخطوات؟**
- **سابقة عمر البشير**: عندما زار جنوب إفريقيا عام 2015، أجبرته محكمة محلية على المغادرة فوراً رغم حصانته.
- *تزايد الغضب الدولي*: مع استمرار الحرب على غزة، قد تتحول المجر إلى "درع" لنتنياهو، مما يزيد عزلتها.

- *الخلاصة*: المعركة القانونية صعبة لكنها ليست مستحيلة، خاصة مع تحويل القضية إلى *اختبار لشرعية النظام الدولي*.

*رابعا*
وختاما لا بد من التنويه أن رئيس وزراء المجر، وامعانا في تحديه للمحكمة والمجتمع الدولي وإهانته الشعب الفلسطيني الجريح، فقد أعلن انسحاب بلاده من إتفاقية روما والمحكمة الجنائية الدولية.
*والسؤال الأخير: ماذا يغير اعلان أوربان الاحتفالي في حضرة الملك غير المتوج نتنياهو؟*

-انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية وتأثيره على استقبال نتنياهو في بودابست

-أعلنت المجر رسميًا في أبريل 2025* انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وهو قرار يؤثر مباشرةً على التزاماتها القانونية فيما يتعلق بأوامر القبض الصادرة من المحكمة، بما في ذلك الأمر الصادر ضد بنيامين نتنياهو.
*1. انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية: النقاط الرئيسية*
- *تاريخ الإعلان*: أعلنت المجر انسحابها في 3 أبريل 2025، بعد سنوات من التوتر مع المحكمة.
- *السبب*: ذكرت حكومة فيكتور أوربان أن القرار جاء بسبب "انحياز المحكمة سياسيًا" و"تجاوزها صلاحياتها"، خاصة في تحقيقاتها ضد إسرائيل ودول أخرى غير أعضاء.
- *موعد التنفيذ*: عملية الانسحاب تستغرق عادةً *سنة واحدة* (وفقًا لقواعد المحكمة)، مما يعني أن المجر تظل ملتزمة بقرارات المحكمة حتى 2026.
- *لكن*: حتى اكتمال الانسحاب (حوالي 2026)، تظل المجر *من الناحية الفنية* ملتزمة بقرارات المحكمة.

*ب. الموقف السياسي لأوربان*
- تعهدت المجر علنًا برفض أي أمر قبض ضد نتنياهو، واصفةً إياه بـ"غير الشرعي".
- تُعتبر إسرائيل حليفًا أساسيًا للمجر، وقد عرقلت بودابست مرارًا فرض عقوبات أوروبية على إسرائيل.


*2. ماذا لو أصدرت المحكمة أمر قبض قبل اكتمال انسحاب المجر؟*
- *على المدى القصير (2025)*: قد تواجه المجر *ضغوطًا دبلوماسية* من الدول الأعضاء، لكنها ستتجاهل التنفيذ.
- *على المدى الطويل (بعد 2026)*: لا عواقب قانونية—يمكن لبودابست استضافة نتنياهو بحرية.


*3. تداعيات أوسع*

- *توترات مع الاتحاد الأوروبي*: يعزل هذا القرار المجر أكثر داخل الاتحاد، حيث معظم الدول تدعم المحكمة.
- *حرية تنقل نتنياهو*: مع وجود المجر كـ"ملاذ آمن"، يمكنه زيارتها دون خوف من الاعتقال (على عكس ألمانيا أو فرنسا).
- *إضعاف المحكمة*: قد تحذو دول أخرى حذو المجر، مما يقلل من نفوذ المحكمة وهيبتها عالميًا.

*الخلاصة*
انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية يضمن لنتنياهو طريقًا آمنًا إلى بودابست، حتى لو أصدرت المحكمة أمر قبض. حكومة أوربان أوضحت: لن تنفذ أي أوامر اعتقال من المحكمة، الآن أو في المستقبل.
كما لا بد من الإشارة أن قانون المحكمة وميثاق الأمم المتحدة يسمح بفرض عقوبات شخصية على فيكتور أوربان وعائلته وكذلك على كبار المسؤولين المجريين وتشمل تجميد جميع الأصول المالية والعقارية والكشف العلني عن شبكة المصالح المالية ومنعهم من التعامل المالي، وتهدف هذه الاجراءات لشل قدرة أوربان على تمويل حملاته الإنتخابية واثارة انقسامات داخل حزبه بسبب المخاطر المالية على الأعضاء وفي النهاية اجباره على الإختيار بين دعم نتنياهو أو الحفاظ على ثروته الشخصية. وغني عن القول أن هذه العقوبات، لو تم تطبيقها، سوف تضغط على أوربان في نقطة ضعفه الحقيقية – ثروته وشبكة الفساد الضالع فيها.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات