مزوار محمد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 00:44
المحور:
قضايا ثقافية
في أحد صباحات الخريف الهادئة، كان الدكتور **مزوار محمد سعيد**، الفيلسوف البريطاني الجزائري، جالسًا في مكتبه المطلّ على شارع **هاغلِي رود** (Hagley Road) بمدينة **برمنغهام**. كانت أوراقه مبعثرة على المكتب، يتخللها كتاب مفتوح على إحدى صفحات الفيلسوف الإيطالي **أومبرتو إيكو**، وتحديدًا فصله الشهير حول الإعلام الجماهيري وتأثيره على الثقافة الجماعية.
نظر مزوار من نافذته الزجاجية الواسعة، فرأى حركة الناس المتدفقة في الشارع، الوجوه المرهقة من العمل، والمراهقين الذين يحدّقون في شاشات هواتفهم غير مكترثين بالعالم الحقيقي. أخذ نفسًا عميقًا، ثم همس:
*"لقد كان إيكو محقًا... حين قال إن وسائل التواصل منحت الحق في الكلام لجحافل من الحمقى كانوا يتكلمون فقط في الحانات، من دون أن يضرّوا بالمجتمع."*
لكن مزوار، بخلفيته الفلسفية العميقة، لم يكتفِ بنقد إيكو. كان يؤمن أن الفلسفة ليست فقط مرآة للمجتمع، بل أداة لتغييره. بدأ يخطّ في دفتره الجلدي ملاحظات حول كيف أصبحت المنصات الاجتماعية ساحة لتصادم الآراء بدل تلاقحها، وكيف أُفرغت المعاني من مضامينها وسط زحام المنشورات والهاشتاغات.
في نظره، لم تكن المشكلة فقط في "الحمقى" كما أشار إيكو، بل في بنية المنصات ذاتها، في خوارزميات تروّج للانفعال على حساب العمق، وللصخب على حساب التأمل. رأى أن الزمن الحديث يحتاج إلى "فلسفة رقمية" جديدة، تعيد للإنسان وعيه في هذا الضجيج الإلكتروني، وتعلّمه أن يصمت أحيانًا، لا ليخسر صوته، بل ليصغي.
رنّ هاتفه، كانت طالبة دكتوراه من الجزائر تسأله:
*"دكتور، هل تقترح أن ندرس فلسفة إيكو ضمن مقررات الإعلام الرقمي؟"*
ابتسم مزوار وقال:
*"بل أقترح أن ندرّس إيكو، ونفكّكه، وننتقده... ثم نخلق فلسفتنا الخاصة، من هنا، من برمنغهام... أو من الجزائر... أو من أي مكان يتأمل الإنسان فيه شاشة، ويسأل نفسه: ماذا يعني أن أتكلم؟ ومتى يجب أن أصمت؟"*
وأغلق النافذة على مشهد المطر الخفيف، ليكمل تأملاته، وحلمه بفلسفة تصغي، قبل أن تتكلم.
#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟