|
الملكة فيروز
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 14:01
المحور:
الادب والفن
الملكة فيروز---- عبدالجبارنوري- أبورفاه المقدمة : كنتُ في بغداد الحبيبة زرتُ المكتبة المركزية لكتابة بحث عن الغناء والموسيقى عند العرب لكي أجعلهُ توطئة لمقالتي الجديدة " فيروز الملكة " وكنتُ محظوظاً لسهولة حصولي على مجلد تأريخي قيم وثري – من بين خزانات كتبها التراثية والتأريخية وكُتبْ السيير لقادتها ورموزها – هو " كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني " المتوفي عام 356 هجري وهو من أغنى الموسوعات الأدبية والتي ألفتْ في القرن الرابع الهجري يحوي على 6689 صفحة ، وأستغرق في تأليفه خمسين عاما ، بعد أن أنتهى أهداهُ إلى سيف الدولة الحمداني أعطاهٌ الف دينار ذهب ، ولما سمع ( الحاكم بن عباد أميروخليفة الأندلس أرسل طالبا شراءهُ أيضا بنفس السعرألف دينار ذهب ، وتسمية الكتاب جاءت من أغنية طلبها هارون الرشيد من مغنيه الشهير أبراهيم الموصلي ، يحتوي الكتاب أخبار ومتعة الأغاني ومغنيها وشعرائها من الجاهلية حتى القرن التاسع للميلاد ، اصبح الكتاب مرجعاً لمعرفة الأداب العربية للمجتمع الأسلامي الأول والعهدين العباسي والأموي حيث أعطى المؤلف فصولا ممتعة للعصر الذهبي – كما يعرف – لعهد هارون الرشيد لآن الكتاب حسب قراءتي للأمتاع لا للسرد التأريخي ، وأكد المؤلف الأصفهاني أزدهار الأغاني والموسيقى وتطورهما وذلك لشغف الخليفة لهذا النمط وللحوافز المالية السخية والتنافس في أخراج وتقديم الأفضل وأضيف لهذه الحوافز: إن الفن أصبح سجية عند شعوب العراق والشرق الأوسطي كدولة مصر – مثلا لاحصرا – ، وذكر أشهر المغنيين في العصر العباسي كأسحق الموصلي وزرياب وتيم الشامية وقمر البغدادية ودنانير وربما حصرت فترة الطرب والغناء والموسيقى بين الفترة 789م -857م . وإن جميع الأغاني كانت تبدو على شكل موشحات وأعتقد جازما إنها نُقلتْ من الأندلس وهي من مقامات الرست والبيات والهماوند والكورد ولا غريب أن تكون أغلب (غنيات) فيروزمن نغم البيات والرست والهماوند والتقارب الثاني هو أغاني الأصفهاني منضبطة تخضع لوعي ثقافي بكونترول قيمي أخلاقي أحتراما للدين والتراث واللغة والثقافة العربية الأسلامية وكذا في أغلب أغاني فيروز الملكة ليست للأثارة الغريزية بل لتنمية الذوق الأنساني السليم بملامسة مشاعره الوجدانية . النص : فيروز لا قبلها ولا بعدها هي التي لم يكتب فيها حرف في القدح والذم ولم تتلوث بأي أشاعة ولم تشهد على كسر خاطر احد ، هي الأنثى التي لم تلبس يوماً ألبسة غير محتشمة ، هي النجمة التي لم يطالها الأعلام يوما بفضيحة أو بشيءٍمخجل ، حركت فينا المشاعر الصادقة النقية ، ولم تحرك غرائزنا ، عشنا ذكرياتها وذكرياتنا . فيروز جميلة كيفما تكونين ، أنت لغة الصباح ورائحة الصباح وعبق الياسمين ، فيروز يا قيثارة السماء أنت مثل أسورة العروس مشغولة بالذهب . والذي أخرجني من (الحياد) هوأعلان تمسكي ولعقود من الزمن بعشق هذا اللون الوردي من الغناء الأصيل في تآلف مزج قهوة الصباح وصباحات فيروزية أو ربما طيبت خواطرنا المتعبة ب( غنية ) الحبيبة بغداد بقصيدة تهويمة جميلة بكل المقاييس تسرق القلب شغفا وأنبهارا : بغداد والشعراء والصور وضوعه العطرُ يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس يغسل وجهك القمرُ عيناك يا بغداد أغنية يغني الوجود به ويختصرُ لم يذكرْ الأحرار في وطنٍ إلأ وأهلوك ذُكروا فيروز ربطت الحب والشتي في 7 سبع غنيات الأبرز ( رجعتْ الشتويي) : رجعت الشتويي ---------- رجعتْ الشتويي ضلْ أفتكر فيي ---- ضلْ أفتكر فيي يا حبيبي الهوى مشاوير وقصص الهوى مثل العصافير لا تحزن حبيبي إذا طارت العصافير و---- رجعتْ الشتويي ؟؟؟؟!!! وقالوا في فيروز الملكة : -والذي أبهر الأعلام العالمي زيارة الرئيس الفرنسي لبيت فيروز في 2-9-2020 قبل زيارة الحكومة اللبنانية وهو شيء غيرمألوف ومسبوق يدل على سحر وعظمة هذه الفنانة الأسطورية ، حيث قال "ماكرون" في مؤتمر صحفي في قصر الصنوبرفي بيروت { أنني أشعر برهبة أمام *ديفا ( DIVA) مثل فيروز واعتقد جازما إنها تحمل هموم الوطن والأجيال التي رافقتها ، وإن صوت فيروز لا يزال مهماً الذي هو جزء من الحلم والسر الذي تحيط نفسها به } الرئيس الفرنسي " أيما نوئيل ماكرون " - جاءت السيدة ذات الصوت المائي هجمت ك---مكتوب غرام من كوكب آخر ، هجمت كتفاصيل حب قديم ، ومررنا تحت أقواس صوتها الحضاري فتحضرنا ، وغمرتنا بالنشوة والوجود " نزار قباني. - إنها تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر – محمود درويش - صوت فيروز أجمل صوت سمعتهُ في حياتي وهو نسيج الشرق والغرب – مغنية الأوبرا الهنغارية . تعال لنرشف أشهى الحديث عن " فيروز " جارة القمر، عصفورة الشرق ، قيثارة السماء ، سفيرة الأحلام ، سيدة الصباح ، المعجزة ، صاحبة الصوت الملائكي والنغم الحالم ، وشاعرة الصوت " نهاد رزق وديع حداد " المعروفة بالأسم الفني ( فيروز ) مطربة ومغنية لبنانية الولادة بيروت 1935 ، قدمت مع الأخوين الرحابنة العديد من الأوبريهات والأغاني قد تصل إلى 800 أغنية ، وسرعان ما لمعتْ بالنجومية بعد عام 1952 مع الأخوين في توليف ومزج بين الأنماط الغربية والشرقية مع الألوان اللبنانية في مضمون موسيقاها وأرثها الحضاري ، وفولكلورها التأريخي العريق ، وتمتعنا بمشاهدة (غنية) : يا بياع الخواتم بالموسم اللي جاي جيبلي معاك شي خاتم يابياع الخوتم رح يتركني حبيبي أحبس لي حبيبي أبخاتم --- يابياع الخواتم . وساعدها صوتها العذب الرخيم الذي يمتاز بأنسيابية وشفافية مخملية عذبة تداعب شغاف القلب طواعية ، مع عرض سلايدات للطبيعة اللبنانية الساحرة بخيال فنتازي ممتع حين تحكي ( غنياتها ) القصيرة بلسان حكواتي لبناني متجلبب لحد الطربوش بذلك الحب والعشق الصوفي المؤطر بالأنسنة وبرومانسية قروية فطرية مجردة من العبثية الصبيانية فهي حقاً ثورة في الموسيقى العربية خاصة بعد 1970 بعد الحرب على لبنان ، وذلك لأن أغنياتها بسيطة التعبير مع عمق الفكرة الموسيقية وتنوع المواضيع حيث غنّتْ للحب والقدس – لتمسكها بالقضية الفلسطينية – والأطفال ، وللحزن والفرح والوطن والأم ، وغنّتْ ياجارة الوادي الرائعة من تلحين العبقري المصري محمد عبدالوهاب . ومن بعد الثمانينات أتجهت موهبتها الفنية إلى الألق والسمو الروحي باستثمار الموهبة الموسيقية الخلاقة لدى أبنها ( زياد رحباني) حيث طلعتْ علينا بتوليفةٍ جديدة بين الموسيقى اللبنانية والموسيقى العربية والموسيقى الشرقية والموسيقى العالمية ، وأبدعت في تقديمها للعمل المسرحي ، وأحياناً تأخذ المسرحية نقداً لحاكم الشعب ، وفي تمجيد البطولة ، وهل في الليلة الظلماء يفتقدُ البدرُ في (غنيتها) الرائعة : يا أنا --- يا أنا وياك صرنا القصص الغريبه يا أنا ---ياأنا أنسرقتْ مكاتيبي وعرفوا أنك حبيبي!!! أنها روائع ودرر ما غنّت هذه الشحرورة اللبنانية بمقاربات حسيّة ووترية تبدو وكأنّها مستوحاة من أنغام سمفونية الموسيقار النمساوي المبدع " موزارت 40 أو 41 ذات الأيقاعات الوترية المتماثلة ، رباه كم تحمل هذه الفراشة من فيض الكاريزمية الجمة من بيروت وجميع طوائف لبنان ودول الجوار وتتسع دائرة العشق السماوي إلى العالم وهي صديقة الصباحات وقهوتها بنكهة فيروزية ، وسُئلتْ مرة أي غنية فيروزية تعشقها ؟ قلت ( أغنية أيام الولدنيه) : وهذه بعض كلماتها تذكرني بعنفوان شبابها وزمنها الجميل مع عزائي وأسايه لشتاء العمر الثمانيني أقول لهُ بلسان محمود درويش : { يا أيها العمر السريع خذلتني – ووضعت أحمالاً على أحمالي –خذني ألى عمر الصغار لأنني – لم أنتهي من ضحكة الأطفالِ} بعض كلمات الغنيه : سنه عن سنه- سنه عن سنه تغلى ع قلبي يا عهد الولدنيه يا حلو يا حبيبي أللي ما بيعك بالدنيا وكل سنه بحبك أكثر من سنه أو ما بعرف عطاني يمكن سوسنيه ومن يومها يا إمي مدري شو بنيه نطرتك على بابي بليلة العيد عرفوا كل صحابي ووحدك يلي بعيد شو نسيت المواعيد وهدية العيد
وهكذاالدنيا --- العابرون لا يتكررون والراحلون لا يعودون وربما ربما القادم أجمل!!! *ديفا: مصطلح يعني المغنية الرئيسية في الأوبرا مثل الأيطالية كونتاريس أو ديفا كونتاريس كاتب وناقد أدب عراقي مغترب في مايس 2025
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عالم ديستوفيسكي
-
شهيد الكلمة ------ الدكتور فرج فوده !؟
-
تقييم تجربة مجالس المحافظات!؟
-
تهريب الدولار = أقتصاد على الحافة !؟
-
خواطر مرة في واقع - السينما العراقية - بوابة العالم الثقافي
...
-
مزاد العملة وغسيل الأموال---- ظواهر مصرفية مسرطنة!؟
-
قراءة لكتاب - ربما عليك أن تكلم أحداً - للكاتبة الأمريكية لو
...
-
الفيلسوف الألماني - كانط - --- والخارطة الفلسفية الحديثة للأ
...
-
تدهور الدينار العراقي ----- غثاثة سياسية وأقتصادية !؟
-
دراسة نقدية لرواية - الشيخ والبحر - للروائي آرنست همينغواي ّ
...
-
كوكب اليابان وهموم سوسيولوجية معصرنة في رواية - الصرخة الصام
...
-
تأملات واعدة للفلسفة الأقتصادية السياسية لكارل ماركس !؟
-
السياسة ( حرفة ) والوطن ( رسالة ) !؟
-
مقصلة الفكر الحر
-
تأريخ العراق ----- مئة عام كوابيس لعنة في ذاكرة أجيال !؟
-
ثقافة الأدب الساخر--- عند شعراء وأدباء العراق !؟
-
القرصان الأقتصادي ---- نموذج صندوق النقد الدولي !؟
-
سياسة الأغراق التجاري ---- والأقتصاد العراقي االمأزوم !؟
-
هاجس ثيمة الحارة في رواية - أولاد حارتنا - لنجيب محفوظ
-
دراسة لكتاب ثلاثة عقود من النضال النقابي---- لفيصل الفؤادي
المزيد.....
-
الأميرة للا حسناء تفتتح الدورة الـ 28 لمهرجان فاس للموسيقى ا
...
-
اعتراف من جيهان وصدمة لعاليا في السينما وحقيقة موت بوران.. ا
...
-
فيديو لطفل يخطف الأنظار في مقابلة مع وزير الثقافة السوري
-
على غرار أفلام هوليوود.. هروب 10 أشخاص من سجن أميركي
-
بوليوود يعود إلى روسيا بمشروعين سينمائيين
-
شقيقة سعاد حسني: حليم تزوج -السندريلا- رسميا بوجود الشهود وم
...
-
الفنان جورج وسوف.. حقيقة خبر الوفاة الذي صدم جمهوره!
-
السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتا
...
-
أسرة العندليب تنشر خطابا بخط يد -حبيبته- الشهيرة للرد على شا
...
-
مسئولون عسكريون إسرائيليون: حسمنا المعركة في غزة ويجب ترجمة
...
المزيد.....
-
اقنعة
/ خيرالله قاسم المالكي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
المزيد.....
|