خيرالله قاسم المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 08:25
المحور:
الادب والفن
أتذكرين يا شقية…
أتَذْكُرينَ يا شُقْيَةَ؟
لَسْتُ أنا مَنْ غنَّتْ لَهُ فَيْروزُ شَدْوَ البَلابِلِ،
كُنْتُ أنا النَّايَ الَّذي أَطْرَبَ الحَالِمينَ،
وصَوْتُ فَيْروزَ فيَّ يَرْسُمُكِ الصُّبْحَ بَدْراً،
ويُسقِطُ عن نَوافِذِ الحُلْمِ سِتارَ اللَّيْلِ الخَجول.
أتَذْكُرينَ يا صَغيرَتي؟
حينَ كُنَّا نُخفي المَساءَ في جُيوبِنا،
ونَصنَعُ مِنَ العِطْرِ مَدىً لِظِلِّ القُبَل؟
كُنْتِ تَضحَكين،
وكانَ الضَّوْءُ يَنحَدِرُ مِنْ جَبينِكِ نَغَماً،
وأنا أَجْمَعُهُ في قَلْبي،
كأُغنِيَةٍ لَمْ تُكتَبْ بَعدُ.
أتَذْكُرينَ…
حُلْمَ العاشِقينَ؟
بَيْنَ بُعَادٍ وَقُرْبٍ،
دَهْرٌ تَرَاخَى،
وبَيْني وَبَيْنَكِ مَدًى يَتَنفَّسُ بالوَجْدِ وَالوَحْشَةِ.
هُناكَ، عَلى أَطْرافِ الغِناء،
كُنْتُ أُنادِيكِ بِاسمٍ لا يَعرِفُهُ أَحَد،
سِرًّا لا أُطيقُ عَلَيْهِ إِفْشَاءَ سِرٍّ.
يا ابْتِداءَ المَطَر،
يا نِهايَةَ الرَّمْل،
يا صُورَةَ النَّسيانِ في مِرآةِ الوَجدِ،
كَيْفَ أَسْتَدْعِي النُّورَ مِنْ عَيْنَيْكِ
إِذَا كَانَتِ الظِّلالُ هِيَ مَنْ تُضيءُ الآن؟
أتَذْكُرينَ يَوْمَ كانَ النَّايُ يَتَأَوَّهُ لَكِ؟
كُنْتُ أُغَنِّي،
لا لأُطرِبَ المَدَى،
بَل لأُسكِتَ ما فيَّ مِنْ فُرَاغ.
كانَ الحُلْمُ يَجرُّنِي كَطِفْلٍ نائِمٍ إِلى صَوتِكِ،
وأنا أَتَعَثَّرُ بِي،
أَسْقُطُ في حَنينٍ لا يَموت.
يا شُقْيَةَ،
أَنَا الآنَ وَحدي،
أَعْزِفُ للنِّساءِ الغائِباتِ،
وَلِلأَصْوَاتِ الَّتي لَمْ تُولَدْ.
النَّايُ مَكسورٌ،
وَصَوْتُ فَيْروزَ يَأتِي مِنْ بَعِيدٍ
كَتَعْزِيَةٍ سَماوِيَّةٍ لِقَلْبٍ أَعْيَاهُ الحُلْمُ.
أتَذْكُرينَ يا شُقْيَةَ؟
كُنْتِ أنْتِ الوَطَنَ وَالمَنْفى،
كُنْتِ البَدءَ وَالخِتامَ،
وَأَنَا الحَرْفُ الأَخيرُ
الَّذي تَرَكَتْهُ فَيْروزُ صامِتاً
عَلَى شَفَةِ البَلابِلِ.
#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟