|
|
سرديات متعددة الطبقات
كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 17:06
المحور:
الادب والفن
القراءات المتنوعة قد تعكس طبقاته الخفية... وهي ما رصدها الكاتب محمد العمري في نص قصيدتي ( مشهدان) ،). (( يندرج هذا النص ضمن سرديات متعددة الطبقات، حيث تتقاطع فيه الرؤية الحضرية المنظمة مع مشهد الحرب والفوضى، ليقدّم صورة شاعرية وفلسفية عن الإنسان في مواجهة التحديات اليومية والعنف المفاجئ. النص مقسم إلى مشهدين متوازيين، ما يتيح دراسة التباين بين النظام والفوضى، السلم والخطر، الحذر والشراسة، والانضباط الاجتماعي مقابل الانفجار العنيف. من منظور النقد السردي، يتيح النص دراسة البناء السردي، الزمن المكثف، المكان التفصيلي، ووظائف الشخصيات الرمزية مثل الرجل القصير شبه البدين وفتاة الرشاشة، ودورها في نقل الصراع الداخلي والخارجي. على صعيد الأسلوب واللغة، يوازن النص بين وصف دقيق للحركة والجمال ("غاية الأناقة والرشاقة") ولغة عنيفة ودموية ("برك الدماء")، كما تخلق الجمل القصيرة والمقطعة شعورًا بالضغط والتوتر، فيما تحيل الصور الشعرية مثل "ذيل الحصان"، "رشاشة معلقة على الكتف"، و"البنايات شاهقة" إلى السلطة، الهيمنة، والخطر. من منظور الرمزية والتحليل النفسي، يمكن قراءة النص على أنه استعارة للصراع الإنساني بين السلام والحرب، النظام والفوضى، حيث تمثل حركة الفتاة، الرشاشة، وعناصر الحياة اليومية مثل العصير، رموزًا متعددة الدلالة: القوة، الطفولة، والعنف الكامن، فيما تكشف الانفعالات الداخلية عن القلق، الحذر، والشراسة المحتملة في النفس البشرية. على الصعيد الاجتماعي والسياسي، يعكس النص واقعًا مضطربًا، يعالج تداعيات الفوضى والحرب على المدنيين، النساء، والأطفال، ويبرز التناقض بين السلطة التقليدية (رجل الدين بالطاقية) والقوة الفردية الحديثة (الفتاة بالرشاشة). من منظور البنيوية والتوازي، يعتمد النص على المقابلة بين المشهدين واستخدام التكرار والتضاد لتوصيل شعور محدد حول الحياة والفوضى، ما يسمح للقارئ باكتشاف طبقات متعددة من المعنى. باختصار، يمكن قراءة النص عبر عدة مستويات: السرد والوصف، الأسلوب واللغة، البنية والتوازي، البعد الاجتماعي والسياسي، والبعد النفسي والفلسفي، ما يجعله مادة خصبة لتحليل نقدي شامل ومتعدد الأبعاد، يجمع بين الشعر والسرد والرمزية والفلسفة. في هذا النص، تتقاطع رؤى المدينة والحرب، والهدوء والفوضى، لتقدم رؤية شاعرية وفلسفية عن الإنسان في مواجهة التحديات اليومية والعنف المفاجئ. المشهدان المتوازيان – شارع حضري منظم، وشارع ملتهب بالفزع والدمار – يكشفان عن تناقضات الوجود البشري بين الانضباط الاجتماعي والخطر الداهم، بين الجمال والقوة، بين الحذر والشراسة. من خلال الوصف الدقيق للبيئة، الشخصيات، وحركاتها، يطرح النص أسئلة حول السلطة، المقاومة، والقدرة على الصمود، ويستخدم الرمزية والتباين كأدوات أسلوبية لتقديم تجربة حسية ونفسية متعددة الطبقات. صاحب العربة وسط الزحام يفرق السيل البشري يبرز النص عنصر السرد الواقعي، حيث يتحرك الإنسان كتيار طبيعي، مع إبراز شخصية البائع كرمز للصبر والتحمل. يشبه هذا ما نجده في كافكا (“القلعة”)، حيث يتحرك الأفراد في فضاءات معقدة دون أن يلتفت أحد للآخر. وفي الأدب العربي، نجد مشابهة في نجيب محفوظ (“قصر الشوق”)، حيث تتحرك الشخصيات في فضاءات مزدحمة، صامتة، تعكس الانعزال الجماعي. رمزية الجملة: مقاومة صامتة للنظام الاجتماعي. الهدف: إعداد القارئ للتباين بين المدينة والفوضى القادمة. الرجل القصير شبه البدين يضع طاقية دينية على رأسه الطاقية ترمز للسلطة الدينية، بينما البدناء والقصر يعكس هشاشة القوة الجسدية. يشبه هذا وصف الشخصيات في غسان كنفاني (“رجال في الشمس”)، حيث يتناقض الشكل الجسدي مع الهيمنة الرمزية. في الأدب العالمي، كافكا يظهر الشخصيات الهشة أمام سلطة مفروضة. رمزية الجملة: الانقسام بين السلطة الشكلية والقوة الحقيقية. الهدف: إبراز التناقض بين الهيمنة الرمزية والقدرة الواقعية للشخصية. تخطو الفتاة، شعرها ذيل حصان، بخطى عسكرية، رشاشة معلقة على الكتف الفتاة رمز للجمال والقوة معًا. الشعر يمثل الحيوية والحرية، والرشاشة تمثل القدرة على الدفاع أو الاعتداء. يشبه هذا تصوير البطولة الأنثوية في سوزان كولينز (“ألعاب الجوع”)، وكذلك في أدب مرفت جبريل. رمزية الجملة: القوة والحرية في مواجهة التهديد. الهدف: تقديم صورة معقدة للمرأة القوية، بين العنف والرشاقة، الحذر والشجاعة. غاية الأناقة والرشاقة تصوير الحركة والجمال معًا، كما في الطيب صالح (“موسم الهجرة إلى الشمال”). رمزية الجملة: الجمال أداة تأثير وتوازن داخلي مع القوة المحتملة. الهدف: توضيح التباين بين الرشاقة والشراسة. النساء يحمين الصدور إذ يتخطين الرجال… يدهشك، لا يتصادمون، ولا أحد ينظر للآخر يعكس انضباط المدينة والسلوك الاجتماعي الصامت، مشابه لتصوير جواهري للحياة اليومية المنظمة، وأعمال دانتي روسيتي. رمزية الجملة: الصمت الجماعي والانضباط الخفي كقوة اجتماعية. الهدف: إبراز الانسجام الظاهري في مجتمع مزدحم رغم الاختلافات الفردية. البنايات شاهقة، الإضاءة ناضجة، الهيمنة المدينة هنا شخصية حية تضغط على البشر، مشابه للوصف عند دي شيريكو في الأدب الغربي، ونجيب محفوظ في الأدب العربي. رمزية الجملة: البيئة الحضرية كسلطة محسوسة. الهدف: تكثيف الإحساس بالهيمنة والقوة الخارجية. يتكرر المشهد: يمر مطئطئًا رجل الدين بطاقية (الكيباه) جوار الفتاة التكرار يعكس الاستمرارية والتناقض الرمزي بين الرجل الديني والفتاة المسلحة، مشابه لتكرار الأحداث عند غسان كنفاني لتسليط الضوء على قسوة الواقع الاجتماعي. رمزية الجملة: المواجهة الرمزية بين السلطة التقليدية والقوة الجديدة. الهدف: إبراز التباين بين القديم والحديث. شعرها المتقافز أشد قلقًا من رشاشها، وهي تمسك علبة العصير يمزج النص بين الحياة اليومية والخطر المحتمل، مشابه لهاربر لي (“قتل الطائر المحاكي”). الشعر يمثل القلق والحرية، العصير الحياة اليومية، والرشاشة القوة الكامنة. رمزية الجملة: ثنائية الحياة اليومية والخطر المستمر. الهدف: خلق توتر نفسي وجمالي، وتأكيد التناقض بين السلام الداخلي والمواجهة الخارجية. هدوءها الحذر قد يتحول لشراسة.))
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقد سينمائي لقصيدة مشهدان
-
لسعات متكررة قصيدة
-
مشهدان
-
قراءة في قصيدة شرار في نظرة
-
شرار في نظرة قصيدة
-
كورونا قصيدة
-
مشهد لكبار السن قصيدة
-
خارج مسطرة الشعر كتاب كامل
-
مدرسة الاصرار قصيدة
-
محاضرة في مركز المخطوطات بالبصرة
-
جينات الحكام المتقين قصيدة
-
لعبة النرد قصيدة
-
ليلة مقتل الامين قصيدة
-
ليلة مقتل الامين
-
المشط الخشبي
-
سرقة صانع الاقفال
-
الترحال وحيدا قصيدة
-
قصيدة خارج مسطرة الشعر
-
طالبة الطب قصيدة
-
قراءة نقدية لديوان المرجان
المزيد.....
-
حيّ ابن سكران، حين يتحوّل الوعي إلى وجع
-
التشكيلي يحيى الشيخ يقترح جمع دولار من كل مواطن لنصب تماثيله
...
-
عمر خيرت: المؤلف المتمرد الذي ترك الموسيقى تحكي
-
ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة
...
-
اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس
...
-
قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
-
زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
-
توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية
...
-
جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ
...
-
تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو
...
المزيد.....
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|