تحليل بصري و سياقي لحجر منسوب للأتراك القدماء: بين الحقيقة والتزييف الأثري

مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 05:24
المحور: القضية الكردية
    

ملخص
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورة تُظهر حجرًا منقوشًا كُتب عليه نص يُزعم أنه دليل على وجود الأتراك القدماء في الأناضول منذ عصور سحيقة. يقدّم هذا المقال تحليلًا بصريًا وسياقيًا للصورة، بهدف التحقق من صحة هذا الادعاء ومدى أصالته الأثرية. تشير النتائج إلى أن الصورة حقيقية من حيث التكوين البصري، إلا أن النقش المدوّن عليها أُضيف مؤخرًا، بما يجعلها مثالًا على التزييف الأثري المعاصر.

1. التحليل البصري
1.1 الإضاءة والظل
أظهر التحليل أن الظلال والإضاءة في الصورة متناسقة بين اليد، القلم، والحجر. مصدر الضوء قادم من الأعلى وإلى اليسار، كما يتضح من الإضاءة على السطح العلوي للحجر. لا توجد فروق في شدّة الظلال أو في تباين الألوان بين العناصر، ما يشير إلى أن الصورة لم تُركّب رقميًا، بل هي لقطة فوتوغرافية واحدة.
1.2 خصائص النقش
يظهر النقش باللون الأحمر على سطح الحجر دون عمقٍ يُذكر، كما أن حواف الحروف غير متآكلة كبقية سطح الحجر. هذا يدلّ على أن النقش لم يُحفر بل طُلي مؤخرًا. وضوح اللون الأحمر وتباينه عن الخلفية الباهتة يشيران إلى أن الطلاء حديث نسبيًا، أُضيف لغرض الإيضاح أو التضليل البصري.
1.3 الزخارف والأشكال
يحتوي الحجر في جزئه السفلي على زخرفة دائرية تشبه الرموز البيزنطية أو المسيحية المبكرة، وبالأخص شكل الصليب داخل دائرة. أما الكتابة في القسم العلوي فتشبه الأبجدية الأورخونية (التركية القديمة)، لكنها مرسومة يدويًا بخطّ غير متقن ولا يعكس دقة النقوش الأثرية الأصيلة.
1.4 التناسق الأسلوبي
يُلاحظ اختلاف واضح بين الطراز الزخرفي السفلي ذي الطابع البيزنطي القديم، والنقش العلوي ذي اللون الأحمر الفاقع. هذا التباين الأسلوبي والزمني يوحي بأن النقش العلوي مضاف على سطح أثري قديم لا ينتمي إليه أصلاً.

2. التحليل السياقي
نُشرت الصورة عبر حساب تركي على منصة “إنستغرام” باسم @volkan_giritli، وهو حساب معروف بمشاركة محتوى ذي طابع قومي وأثري. لم تُصدر أي جهة أكاديمية أو متحف رسمي في تركيا إعلانًا حول هذا الاكتشاف المزعوم. كما لم يُسجّل في الدراسات التاريخية أو النقوش الأورخونية أي أثر مشابه يجمع بين الرموز البيزنطية والكتابة التركية القديمة على حجر واحد.
استنادًا إلى مراجعات باحثين في التاريخ التركي، لا توجد دلائل موثوقة على وجود حجر أثري يحمل كلمة “Türk” أو أي نص أورخوني على رموز بيزنطية، ما يعزز فرضية أن النقش أُضيف لاحقًا على قطعة أثرية أصلية من سياق مختلف.

3. الاستنتاج
يتّضح من التحليل أن:
الصورة ليست مفبركة رقميًا، أي أنها تمثل مشهدًا حقيقيًا التُقط كما هو.
الكتابة الحمراء مضافة حديثًا، ولا تنتمي إلى النقش الأصلي.
الحجر ذاته ذو طراز بيزنطي أو مسيحي مبكر، ما يجعل الجمع بينه وبين الكتابة الأورخونية أمرًا غير منطقي أثريًا.
بناءً على ما سبق، يمكن القول إن الحجر يُعد مثالًا على "تزوير أثري" أو "إعادة نقش معاصرة" تهدف إلى إضفاء بُعد قومي أو رمزي على قطعة تاريخية حقيقية.

الكلمات المفتاحية:
تزوير أثري، تحليل بصري، الكتابة الأورخونية، الأناضول، الرموز البيزنطية، تركيا، الأدلة المزيفة.
/

#مروان_فلو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات